“ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه”


قال الله جل ذكره في كتابه الحق في سورة الحجرات: “ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه”

كتب الإمام أبوحامد الغزالي في كتابه مكاشفة القلوب:
نصّ الله سبحانه وتعالى على ذم الغيبة في كتابه, وشبّه صاحبها بآكل لحم الميتة. وقال النبي عليه السلام:”كل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله وعرضه” رواه مسلم. والغيبة تتناول العرض.

وقال رسوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : “إياكم والغيبة, فإن الغيبة أشد من الزنا” قالوا: كيف تكون أشد من الزنا؟. قال:” إن الرجل يزني ويتوب فيتوب الله سبحانه عليه, وإن صاحب الغيبة لا يُغفر له حتى يعفو له صاحبه”

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:” أتدرون من الغيبة”؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:”إذا ذكرت أخاك بما يكره فقد اغتبته” قيل: أرأيت إن كان في أخي ماأقول. قال:”إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته*” رواه مسلم. *يعني قلت فيه بهتانا

وذكر الإمام حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”الغيبة ذكرك أخاك بما يكره” أي سواء ذكرته بنقصان بدنه, أو نسبه أو فعله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه وردائه ودابته, حتى ذكر بعض المتقدمين: لو قلت إن فلانا ثوبه طويل أو قصير يكون ذلك غيبة, فكيف ذكرك ما يكره من نفسه؟ ورُوي أن امرأة قصيرة دخلت على رسول الله في بعض حاجاتها, فلما خرجت قالت عائشة رضي الله عنها: ما أقصرها! فقال رسول الله:”اغتبتها يا عائشة”

لا تكن كالذباب لا يقع إلا على الجرح, فإياك والوقوع في أعراض الناس وذكر مثالبهم والفرح بعثراتهم وطلب زلاتهم

*هذا بعض ما يقول الغزالي في شرحه للغيبة: الغيبة لا تقتصر على اللسان فالتعريض به كالتصريح والفعل فيه كالقول والإشارة والإيماء والغمز واللمز والكتابة والحركة, وكل ما يفهم المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام, والأسباب الباعثة على الغيبة:
يشفي الغيظ, موافقة الأقران ومجاملة الرفقاء ومساعدتهم على الكلام, إرادة التصنع والمباهاة, الحسد, اللعب والهزل وتزجية الوقت بالضحك فيذكر عيوب غيره بما يضحك الناس على سبيل المحاكاة ومنشؤه التكبر, السخرية والإستهزاء استحقارا له, إن نسب إلى شيء فيريد أن يتبرأ منه فيذكر الذي فعله, إن يستشعر من انسان أنه سيقصده ويطول لسانه عليه أو يقبح حاله عند محتشم أو يشهد عليه بشهادة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالاً يرفعه بها درجات, وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم” رواه البخاري

قصة الحكيم
يقال: اتبع رجل رجل حكيم سبعمائة فرسخ في سبع كلمات, فلما قدم عليه, قال: إني جئتك للذي آتاك الله تعالى من العلم أخبرني:
عن السماء وما أثقل منها. وعن الأرض وما أوسع منها. وعن الصخر وما أقسى منه. وعن النار وما أحر منها. وعن الزمهرير وما أبرد منها. وعن البحر وما أغنى منه. وعن اليتيم وما أذل منه.

فقال له الحكيم:
البهتان*على البريء أثقل من السماوات, والحق أوسع من الأرض, والقلب القانع أغنى من البحر, والحسد أحر من النار, والحاجة إلى القريب إذا لم تنجح أبرد من الزمهرير, وقلب الكافر أقسى من الحجر, النمّام إذا بان أمره أذل من اليتيم.
البهتان(هو القذف بالباطل)

جـزاء صـاحب الغـــيبة

قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظافيرهم, فقلت: ياجبريل من هؤلاء؟” قال: هؤلاء الذين يغتابون الناس, ويقعون في أعراضهم. رواه أبوداود

من أراد أن ينجو من عذاب القبر فليحترز من النميمة والغيبة والتحلي بالإيمان الحق

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ليلة أسري به إلى السماء مررت بقوم يقطع اللحم من جنوبهم ثم يلقمونه, ثم يقال لهم كلوا ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم, فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك الهمازون اللمازون” يعني المغتابون
قال عليه السلام:”من اغتاب أخاه المسلم حول الله وجهه إلى دبره يوم القيامة”

قال صلى الله عليه وسلم:”إياكم والغيبة, فإن فيها ثلاث آفات: لا يستجاب لصاحبها دعاء, ولا تقبل له حسنة, وتتراكم عليه السيئات”

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء الأسلمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فشهد على نفسه بالزنا أربع شهادات يقول: أتيت امرأة حراما وفي كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فذكرت الحديث إلى أن قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني, فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجم, فرجم, فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من الأنصار يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم يدع نفسه حتى رجم رجم الكلب. قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم سار ساعة, فمر بجيفة حمار شائل برجله, فقال: أين فلان وفلان؟ قالوا: نحن ذا يارسول الله, فقال لهما: كلا من جيفة هذا الحمار, فقالا: يارسول الله غفر الله لك, من يأكل من هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نلتما من عرض هذا الرجل آنفا أشد من أكل هذه الجيفة, فوالذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنة ينغمس فيها”(*يتمتع بنعيم الجنة ويستحم في مائها العذب الحلو, هو رجل وقع في حمأة الفاحشة وانغمس في أدرانها فتاب إلى الله, وذهب إلى سيدي رسول الله وأخذ قسطه من حدود الله فرضي الله عنه وأرضاه فانتقد عليه رجلان واغتاباه, ولو أكلا من حمار نتن قذر لكان أيسر وأسهل من الغيبة) رواه ابن حبان في صحيحه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من أكل لحم أخيه في الدنيا قدم إليه لحمه يوم القيامة, ويقال :كله ميتا فإنك أكلته حيا فيأكله” رواه الطبراني
ثم تلا قوله تعالى: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)

رُوي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليؤتى كتابا منشورا فيقول: يارب فأين حسنات كذا وكذا عملتها ليست في صحيفتي؟ فيقول:”محيت باغتيابك الناس”

قال تعالى: (ويل لكل همزة لمزة) أي أشد العذاب للهمزة الذي يعيبك في العيب, واللمزة الذي يعيبك في وجهك.
والآية نزلت في الوليد بن المغيرة, وكان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في وجوههم ويجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ً.

ورُوي عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه أن ريح الغيبة كانت تبين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لِقِلتِها

وأما في هذه الأزمان فقد كثرت الغيبة, وامتلأت الأنوف منها, فلا تتميز رائحتها, ومثل ذلك كمثل رجل دخل دار الدبّاغين, فلم يقدر على القرار فيها من شدة الرائحة ونتنها, وأهلها المقيمون فيها يأكلون الطعام ويشربون فيها ولا تتبين لهم تلك الرائحة المنتنة لأنها ملأت أنوفهم, فكذلك أمر الغيبة في أيامنا هذه.

وقال البراء : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق في بيوتهن. فقال:”يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تغتابوا المسلمين, ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته, ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته”

رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقالوا: يارسول الله ما أعجز فلانا! أو قالوا: ما أضعف فلانا, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اغتبتم صاحبكم وأكلتم لحمه” (أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم اغتابوه وذكروا ما يكره فكأنهم طعموا قطعة من لحمه) رواه الطبراني

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا. قال بعض الرواة: تعني قصيرة. فقال عليه السلام:”لقد قلت كلمة لو مزجت* بماء البحر لمزجته. قالت: وحكيت له إنسانا, فقال: ما أحب أن حكيت لي إنسانا وأن لي كذا وكذا” (*أي لخلطته وكدرته, لأنها على سبيل الذم فارتكبت بذكرها ذنبا والله تعالى حرم الغيبة)

نمـاذج من عــذاب القــبر
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيع الغرقد, فوقف على قبرين ثريين فقال: أدفنتم فلانا وفلانة أو قال: فلانا وفلانا؟ قالوا: نعم يارسول الله, قال: قد أقعد الآن, فضرب, ثم قال: والذي نفسي بيده لقد ضرب ضربة ما بقي منه عضو إلا انقطع, ولقد تطاير قبره ناراً, ولقد صرخ صرخة سمعها الخلائق إلا الثقلين: الإنس والجن, ولولا تمريج قلوبكم وتزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع. ثم قالوا: يارسول الله وما ذنبهما؟ قال: “أما فلان, فإنه كان لا يسبرئ من البول وأما فلان أوفلانه فإنه كان يأكل لحوم الناس” وزاد فيه: قالوا: يانبي الله: حتى متى هما يعذبان؟ قال: “غيب لا يعلمه إلا الله” رواه ابن جرير الطبري

عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو آخذ بيدي, ورجل على يساره, فإذا نحن بقبرين أمامنا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير وبَلَى*, فأيكم يأتيني بجريدة, فاستبقا فسبقته, فأتيته بجريدة, فكسرها نصفين, فألقى على ذا القبر قطعة , وعلى ذا القبر قطعة. قال: إنه يهون عليهما ما كانتا رطبتين, وما يعذبان إلا بالغيبة والبول” رواه أحمد (*أي بَلَى هو كبير عند الله وصغير عند بعض الناس)

تصدق بعرضك على فقراء الأخلاق, واجعلهم في حلٍّ إن شتموك أو سبوك أو آذوك فعند الله العوض و اعلم أن من اغتابك فقد أهدى لك حسناته وحط من سيئاتك وجعلك مشهورا, وهذه نعمة

تحريـم سمـاع الغـــيبة
قال تعالى:”وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه”, وقال:”والذين هم عن اللغو معرضون”, وقال:”وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره, وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين”

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة” رواه الترمذي وقال حديث حسن

وقال عليه السلام:”ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته, وما من امرئ مسلم ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته” رواه أبوداود وابن أبي الدنيا

نتائـج ما تجــره الغـــيبة
يرتكب حرام, استطعم لحم أخيه, لم ينفع صومه, كأنه آكل ما هو أنتن من الجيفة, ينال عقاب الله في قبره, لا يغفر الله له حتى يعفو عنه المغتاب (تناول شرحه سابقا), يقابل الله بلا حسنات ويحمل الخطايا, يشرب شراب عرق أهل جهنم, حبس على قنطرة جهنم مدة طويلة, لا ينصره الله ولا يساعده دنيا وأخرى

ذكر عن بعض الحكماء أنه قال:
الغيبة فاكهة القراء, وضيافة الفساق, ومراتع النساء, وإدام كلاب الناس, ومزابل الأتقياء

كيف يُغـــفر لصاحـب الغـــيبة

قال عليه السلام:” إن الرجل يزني ويتوب فيتوب الله سبحانه عليه, وإن صاحب الغيبة لا يُغفر له حتى يعفو له صاحبه”

فالواجب على المغتاب أن يندم ويتوب ليخرج من حق الله, ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج من مظلمته

سؤال
يقول أحدهم هل يجب إذا أردت التوبة من الغيبة أن أخبر الشخص الذي اغتبته أني قلت كذا وكذا عنه؟

ينبغي لصاحب الغيبة أن يستغفر الله تعالى قبل القيام من المجلس, وقبل أن تصل إلى المغتاب لأنه إذا تاب صاحب الغيبة قبل وصولها المغتاب تقبل توبته, أما إذا بلغته فلا يرتفع عنه الإثم بالتوبة مالم يجعله في حِلّ

يقول أحد الدعاة:
إذا اغتبت أحدهم ثم أخبرته أنك قلت ما قلته عنه فإن ذلك الشخص سيكرهك وسيحقد عليك, وبالتالي فإنك سوف تخلق جوّا من العداء بينك وبين إخوانك المسلمين, ولكن ما يجب عمله لكي تتحلل من ذنب الغيبة, أولا أن تتوب إلى الله توبة نصوحا من كل قلبك, تعرف أنك نادم وأن الغيبة طريق من طرق غضب الله عليك ثم تحاول قدر الإمكان أن تبتعد عن الغيبة بقناعة منك أنها طريق مجلبة للسيئات. ثم تحاول أن تخلق جوا من الصداقة بينك وبين من اغتبته . أو تستغفر له. شرط أن تفعل كل ذلك وأنت عازم على عدم العودة إلى الغيبة, فإن عزمت فبعون الله سوف يغفر الله لك فيمن اغتبته. والله أعلم

قال الفقيه رضي الله عنه: قد تكلم الناس في توبة المغتاب, هل يجوز من غير أن يستحل من صاحبه, قال بعضهم يجوز وقال بعضهم لا يجوز مالم يستحل من صاحبه. وهو عندنا على وجهين: إن كان ذلك القول قد بلغ إلى الذي اغتابته فتوبته أن يستحل منه, وإن لم يبلغ فليستغفر الله تعالى ويضمن أن لا يعود إلى مثله.

وروي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: إني اغتبتك فاجعلني في حل, فقال: وكيف أحل ما حرم الله فكأنه أشار إليه بالإستغفار والتوبة ويتوب إليه ولا يخبر صاحبه فهو أحسن يشتغل قلبه به. ولو أنه قال بهتانا لم يكن ذلك فيه فإنه يحتاج إلى التوبة في ثلاثة مواضع: أحدهما أن يرجع إلى القوم الذين تكلم بالبهتان عندهم ويقول: إني قد ذكرت عندكم فلانا بكذا وكذا فاعلموا أني كاذب في ذلك, (يبين أن ما قاله لم يكن صدقا). والثاني: يذهب إلى الذي قال عليه البهتان ويطلب منه أن يجعله في حله, والثالث: أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه, فليس شيئ من الذنوب أعظم من البهتان, فإن سائر الذنوب تحتاج إلى توبة واحدة والبهتان يحتاج إلى التوبة في ثلاثة مواضع, وقد قرن الله تعالى البهتان بالكفر فقال تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور)

قال تعالى:”قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إن الله هو الغفور الرحيم”

فسارع أيها المؤمن بالتوبة النصوح التي تؤكد فيها عزمك على عدم فعل الغيبة مرة أخرى. فلا تدري أنت متى تموت وبأي أرض هي قبرك. لا تمت على الغيبة فهي سبب من عذاب القبر

. تاب أبوك آدم من الذنب فاجتباه ربه واصطفاه وهداه وأخرج من صلبه أنبياء وشهداء وعلماء وأولياء فصار أعلى بعد الذنب منه قبل أن يذنب

رُوِي عن كعب الأحبار رضي الله عنه أنه قال: “إن لله تعالى داراً من زمردة أو من لؤلؤة فيها سبعون ألف دار, وفي كل دار سبعون ألف بيت لا ينزلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عادل أو رجل محكم في نفسه” قيل: وماالمحكم في نفسه؟؟ قال: “الذي يعرض له الحرام فيتركه مخافة الله عزوجل

عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من يضمن لي مابين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة” (لسانه وفرجه)

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” رواه البخاري ومسلم

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ” تدرون* أربى الربا عند الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال :”فإن أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا” رواه أبويعلى ورواته رواة الصحيح. (*يريد صلى الله عليه وسلم عدم غيبة المسلم وذكره بما يكره)

قصــة
وقال أنس رضي الله عنه:”أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بصوم يوم. فقال:”لا يُفطرنَّ أحد حتى آذن له” فصام الناس حتى إذا أمسوا, جعل الرجل يجيء فيقول: يارسول الله ظللت صائما, فأذن لي لأفطر, فيأذن له, والرجل والرجل
حتى جاء رجل فقال: يارسول الله فتاتان من أهلي ظلتا صائمتين, وإنهما يستحيان أن يأتياك, فأذن لهما أن يفطرا. فأعرض عنه صلى الله عليه وسلم ثم عاوده, فأعرض عنه ثم عاوده, فقال :”إنهما لم تصوما وكيف يصوم من ظل نهاره يأكل لحوم الناس, اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن تستقيئا” فرجع إليهما فأخبرهما فاستقاءتا, فقاءت كل واحدة منهما علقة من دم. فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:”والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار” رواه أحمد وأبوداود وابن أبي الدنيا والبيهقي

وفي رواية: أنه لما أعرض عنه جاء بعد ذلك, فقال: يارسول الله إنهما قد ماتتا أو كادتا أن تموتا. فقال عليه السلام:”ائتوني بهما” فجاءتا فدعا رسول الله بقدح. فقال لإحداهما:”قيئي” فقاءت من قيح ودم وصديد حتى ملأت القدح. وقال للأخرى:”قيئي” فقاءت كذلك. فقال:”إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما, وأفطرتا على ما حرم الله عليهما, جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس” رواه أحمد

* هنيئا لمن بات والناس يدعون له وويل لمن نام والناس يدعون عليه وبشرى لمن أحبته القلوب وخسارة لمن لعنته الألسن.

* “الكلمة الطيبة صدقة” لأنها تفتح النفس وتسعد القلب وتدمل الجراح وتذهب الغيظ وتعلن السلام.

بعض ما رُوي عن الغـــيبة

رُوِي عن الحسن البصري أن رجلا قال: إن فلانا قد اغتابك. فبعث إليه طبقا من الرطب وقال: بلغني أنك أهديت إلي حسناتك, فأردت أن أكافئك عليها فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام.

وذكر عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال: إن العبد ليعطى كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكن عملها فيقول: يارب من أين لي هذا؟ فيقول:”هذا بما اغتابك الناس وأنت لا تشعر.

قال كعب الأحبار: قرأت في كتب الأنبياء عليهم السلام, أن من مات تائبا عن الغيبة كان آخر من يدخل الجنة ومن مات مصرا عليها كان أول من يدخل النار.

ذكر عن مجاهد أنه قال: إن لابن آدم جلساء من الملائكة فإذا ذكر أحدهم أخاه قالت الملائكة له: ولك مثله, وإذا ذكر أحدهم بسوء قالت الملائكة: ياابن آدم كشفت المستور عليه عورته, ارجع إلى نفسك وأحمد الله الذي ستر عليك عورتك.

دعاء: اللهم اغفر لي ذنبي, وطيّب لي كسبي, ووسع لي في خُلقي, ولا تمنعني مما قضيت لي ولا تذهب نفسي إلى شيء صرفته عني.
وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه . وجزى الله عنا سيدنا محمد بما هو أهله.

المصادر:
رياض الصالحين(الإمام النووي), مكاشفة القلوب(أبوحامد الغزالي), الترغيب والترهيب(المنذري), تنبيه الغافلين(السمرقندي), حتى تكون أسعد الناس (القرني)



عن 111_Nona

شاهد أيضاً

للتفاؤل طــاقه عجيبه وغـــداً مشرق…!