كلمات في البدع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلمات في البدع , للشيخ صالح الفوزان , حفظه الله
باختصار وقليل من التصرف .

البدعة تنقسم إلى لغوية , وشرعية:

فاللغوية:

هو الشيء الذي لم يسبق، قال تعالى:

{ بديع السموات والأرض}، أي مخترعهما على غير مثال سابق.

والشرعية:

هو كل أمر محدث في الدين , يضاهي الشرعية، يقصد فاعله التقرب إلى الله تعالى.

ويعتمد البعض في تحليل البدع ,(كبدعة المولد مثلا )

على قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه , لما جمع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد:

“نعم البدعة هذه”…

ولكن أهل العلم , دليلهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

فالنبي يصف البدعة بأنها ضلالة، وليس في الدين ثمة بدعة حسنة، وقوله:

“كل بدعة” نكرة في سياق العموم، يعم كل شيء، فكل محدثة في الدين فهي بدعة..

و عمر رضي الله عنه , في الحقيقة ,لم يبتدع شيئا في الدين،

بل صلاة التراويح مشروعة، وقد صلاها النبي صلى الله وسلم ,

وأم فيها الناس , ثلاث ليال، ثم ترك ذلك خشية أن تفرض،

فلما مات وانقطع الوحي, سنها عمر, وأحياها، فهو في ذلك لم

يأت بجديد، بل فعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم،

فأين البدعة هنا؟..

أما الجواب عن قوله: ” نعم البدعة هذه”..

فلها تخريجات عدة:


منها: –أنه قصد البدعة اللغوية، أي أنها بدعة باعتبار إحيائها وإعادة العمل بها بعد أن توقف.

ومنها –أن هذا منه على سبيل الرد والمناظرة، ومعناه:

إذا كان هذا الفعل بدعة، فنعم البدعة هذه، كأنه كان جوابا على معترض، وهذا مثل قوله تعالى:

{ قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين}.

1- وقد جادل , أهل البدع بالرد على العلماء عندما قيل لهم بإن المولد بدعة ,فقالوا :

– إذا قلتم المولد بدعة , لأنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , فذلك يعني أن الفرش , وإنارة المساجد بدعة، وكذا استخدام كل جديد..

فيقال لهؤلاء:

السبب في وقوعكم في مثل هذه البدعة،

قلة العلم والتفقه في الدين، وعدم التفريق بين المتمايزات بسبب ذلك، فكل من له أدنى فهم في الكتاب والسنة يعرف الفرق بين الشيء المحدث في الدين , الذي هو البدعة،
وبين الشيء المحدث , في الدنيا..

فالمولد من المحدثات في الدين ذاته، فهو عبادة يقصد صاحبها التقرب بها إلى الله تعالى بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم في يوم يعتقد أنه ولد فيه..

أما الفرش والإنارة ونحوها فهذه ليست من المحدثات في الدين، بل هي من المحدثات في الدنيا،
فهي أمور دنيوية محضة، ويمكن تسخيرها في خدمة الدين،

كأي شيء آخر.

ثم إذا قيل لمن ابتدعوا الإحتفال بالمولد , أن الصحابة لم يفعلوه

2قالوا :
بأن الصحابة لم يكونوا بحاجة إلى ذلك , لكمال إيمانهم، وأن الناس بحاجة إلى ذلك اليوم.. (أي الإحتفال بالمولد )

و قولهم الخطير هذا, يفتح الباب لكل بدعة ويصبغها بالمشروعية،

إذ يمكن لكل صاحب بدعة أن يحتج لبدعته –

ويمكنه أن يقول ذلك , في بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج, والنصف من شعبان ,وشهر رجب , وغير ذلك.

ثم , ألم يكن الصحابة مدركون لذلك، فلماذا لم يفعلوه..؟

لقد بلغ من سخط الصحابة على الناس , ما لم يسعهم السكوت معه،
روى البخاري في صحيحه عن أم الدرداء قالت:

” دخل علي أبو الدرداء مغضبا فقلت له: ما لك؟، قال:

والله ما أعرف فيهم شيئا من أمر محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنهم يصلون جميعا”..

وقال الحسن البصري:

سأل رجل أبا الدرداء فقال: رحمك الله، لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، هل كان ينكر شيئا مما نحن عليه؟،

فغضب منه، واشتد غضبه، وقال:

وهل كان يعرف شيئا مما أنتم عليه؟.


وروى البخاري عن الزهري قال:

“دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلت له:

ما يبكيك؟، فقال: ما أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت”.


ثم ما زال الناس في رقة من الدين, قرنا بعد قرنا،

قولهم أن الترك لا يقتضي التحريم.

هذه الحجة , يدندن حولها كثير من المبتدعة، ويتخذونها غرضا

لتثبيت بدعهم، فكلما قيل لهم:

إنه النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، والصحابة من بعده،

قالوا لك: الترك لا يقتضي التحريم..

وينسبون مثل هذا الكلام إلى الأصوليين، بل ويبالغ بعضهم ويغلو عندما يزعم أنه إجماع..

ويقال في رد هذه الشبهة:

نعم، الأصوليون لم يجعلوا الترك من أنواع التحريم، فالتحريم

يكون بالنص ونحوه مما يدل على التحريم، لكن ههنا فرق لابد من التنبه له، هو سبب هذا الإشكال:

كلام الأصوليين إنما هو في العادات لا في العبادات..

فالأصل في العادات الإباحة، في الترك في باب العادات لا يدل على

التحريم، فمثلا النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الضب هل هذا يدل على تحريمه؟.. لا،

لأن الترك لا يدل على التحريم، هذا في باب العادات،

والنبي صلى الله عليه وسلم لم لم يأكل لحم الغزال؟..

لكن تركه لا يدل على التحريم، وهكذا كل شيء من المنافع

الدنيوية الأصل فيها الإباحة، إلا إذا ورد ما يمنع، وهذا من التوسيع والرحمة.

وأما العبادات الأصل فيها التحريم إلا إذا ورد الإذن،

وعلى ذلك فما تركه الشارع فهو محرم، إذ لو كان مشروعا لفعل،

فالترك دل على عدم المشروعية، فكل ما نوقعه من عبادات، من

صلاة وصيام وحج وزكاة كلها لم يكن لنا القيام بها لولا إذن

الشارع، وهذا هو مقتضى التسليم وعدم التقدم بين يدي الله
ورسوله..

ولو كان لكل إنسان الحق أن يخترع عبادة كيفما شاء، لم يكن من

داع لإرسال الرسول لتبليغ رسالة الرب إلى الخلق، بل يترك لكل

قوم وكل إنسان أن يخترع ما شاء من العبادات، وهذا باطل.

والدليل على أن الأصل في العبادات المنع قوله عليه السلام:

( وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة).

والله أعلم.

عن ahmedsa1993

شاهد أيضاً

(_.·´¯`·«¤° الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية (_.·´¯`·«¤°

بسم الله والصلاة والسلام على خير الآنام السلام عليكم سؤال: ما رأيكم في أمر التميمة …