قد لا يأتي إلى أذهاننا التفكير أو حتى السؤال، من هو أول مخترع لمبدأ عمل الكاميرا؟؟؟ بالرغم من أهميتها البالغة في حفظ صور حياتنا على مر الأيام و السنين من أجل الذكرى…
لقد بدأت القصة في خلال الفترة الجامعية، عندما اجتمعنا في يوم من الأيام و قررنا الذهاب في رحلة عملية لزيارة الطلاب في المدارس و ذلك لإبراز أهمية العلم و التعلم، و قبل قيامنا بتلك الرحلة اجتمع المحاضر فينا من أجل ندوة كان عنوانها “إبن الهيثم”.
بالنسبة لي لم أكن أعرف ذلك الكم الهائل من المعلومات عن إبن الهيثم سوى أنه عالم مسلم له العديد من الإنجازات في البصريات و ما إلى ذلك. قمنا بحضور الندوة أنا و العديد من الزملاء و ذلك قبل ذهابنا إلى الرحلة و لقد كان الهدف من تلك الندوة غيرواضح تماما… قام المحاضر بطرح السؤال التالي علينا: “ما هي باعتقادكم جنسية العالم أول مخترع لمبدأ عمل الكاميرا؟” مع وجود الخيارات التالية:
1. أمريكي
2.ياباني
3.عراقي
التفت حولي فوجدت كثيرا من الأشخاص ممن رفعوا أيديهم لدعم الإجابة الأولى والتي تفيد بأن مخترع مبدأ عمل الكاميرا يحمل الجنسية الأمريكية و أنا كنت واحدة من هؤلاء…أما بالنسبة للإجابة الثانية فأصبح عدد الأيدي التي تدعم تلك الإجابة ينخفض.. حتى بدأت الأيدي تتلاشى عندما وصل الأمر إلى الإجابة الثالثة و التي تفيد بأن مخترع مبدأ عمل الكاميرا يحمل الجنسية العراقية…
لقد كانت الصدمة الكبرى عندما أخبرنا المحاضر بأن أول مخترع لمبدأ عمل الكاميرا هو شخص عربي، يحمل الجنسية العراقية، إنه “ابن الهيثم” !!!
و ما أدراك ما إبن الهيثم؟ و هنا انتابني الفضول فأصبحت أرغب بمعرفة المزيد عن إبن الهيثم و كيف تم الخروج بذلك المبدأ من قبل عالم عربي مثله…
المحاضر: سأقول لكم من هو إبن الهيثم…

المولد والنشأة:
في البصرة كان مولد أبي علي الحسن بن الهيثم سنة (354ه= 965م)، وبها نشأ وتعلم، ولا يعرف شيء عن نشأته الأولى سوى أنه عاش في فترة مزدهرة، ظهر فيها أساطين العلم في الفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات والفلك، فجذبته هذه العلوم فأقبل عليها بهمة لا تعرف الكلل وعزيمة لا يتطرق إليها وهن، فقرأ ما وقع تحت يديه من كتب المتقدمين والمتأخرين، ولم يكتفِ بالاطلاع عليها والقراءة فيها، وإنما عني بتخليصها ووضع مذكرات ورسائل في موضوعات تلك العلوم وظل مشتغلا بهذه العلوم، وبالتصنيف فيها فترة طويلة حتى ذاعت شهرته، وسمع بها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، فتاقت نفسه إلى الاستعانة به، وزاد من رغبته ما نمي إليه ما يقوله ابن الهيثم: “لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملا يحصل به النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقص”، وكان ابن الهيثم في هذه الفترة قد تجاوز الستين من عمره، اشتهر في العالم الإسلامي باعتباره عالمًا في الهندسة له فيها آراء واجتهادات.
رغّب الحاكم إلى ابن الهيثم الحضور إلى مصر والاستقرار فيها، فلما وصل أكرمه، وطلب منه تنفيذ ما قاله بخصوص النيل، فذهب الحسن إلى أسوان ومعه جماعة من الصناع المحترفين في أعمال البناء ليستعين بهم على تنفيذ فكرته التي خطرت له، غير أنه لما عاين الموقع الذي اختاره لتنفيذ مشروعه وجده لا يصلح مع ما فكر فيه، وأن تنفيذه يكاد يكون مستحيلا، فبناء جسم على النيل في ذلك الوقت تفوق إمكانات عصره وفوق طاقة رجاله، فعاد الحسن بن الهيثم خجلا إلى القاهرة، واعتذر للخليفة الحاكم، فتظاهر بقبول عذره، وولاه بعض الدواوين، فتولاها ابن الهيثم رهبة لا رغبة، ولو أنصف الحاكم لجعله في زمرة من جمعهم من العلماء في دار الحكمة ولصرفه عن الوظيفة، فما كان لمثله أن يصلح لهذا العمل، وهو الذي اعتاد حياة البحث والدراسة.
غير أن توليه هذا المنصب لم يكن ليجعله في مأمن من نزوات الحاكم الطائشة، وهو متقلب المزاج، سريع البطش والعقاب، وخشي ابن الهيثم من هذه التقلبات، وفي الوقت نفسه لم يكن قادرًا على التخلي عن عمله والانسحاب منه؛ خوفًا من غدر الحاكم بأمر الله، فلم يجد وسيلة للتخلص مما فيه إلا ادعاء الجنون وإظهار البله والعته، فلما بلغ الحاكم ذلك عزله عن منصبه وصادر أمواله، وأمر بحبسه في منزله، وجعل عليه من يخدمه، وظل العالم النابه على هذه الحالة التعسة حتى تُوفي الحاكم بأمر الله، فعاد إلى الظهور والاشتغال بالعلم، واستوطن دارًا بالقرب من الجامع الأزهر، وأقام بالقاهرة مشتغلا بالعلم والتصنيف ونسخ الكتب القديمة حتى توفي سنة (430ه= 1038م) تقريبًا.

نشاطه العلمي واكتشافاته:

إسهاماته في البصريات:
يعترف المؤرخون الغربيون بأهمية ابن الهيثم في تطوير علم البصريات، فأرنولد في كتاب ” تراث الإسلام”، قال >إن علم البصريات وصل إلى الأوج بظهور ابن الهيثم<، أما سارطون فقال : >إن ابن الهيثم أعظم عالم ظهر عند المسلمين في علم الطبيعة، بل أعظم علماء الطبيعة في القرون الوسطى، ومن أعظم علماء البصريات القليلين المشهورين في كل زمن، وأنه كان أيضاً فلكياً، ورياضياً، وطبيباً. أما دائرة المعارف البريطانية، فقد وصفته بأنه رائد علم البصريات بعد بطليموس.
وابن الهيثم هو أول من قال بأن العدسة المحدبة ترى الأشياء أكبر مما هي عليه. وأول من شرح تركيب العين ووضح أجزاءها بالرسوم وأعطاها أسماء أخذها عنه الغربيون وترجموها إلى لغاتهم، ما زالت مستعملة حتى الآن. كما أنه ترك بحوثاً في تكبير العدسات مهدت لاستعمال العدسات في إصلاح عيوب العين.
وتوصل ابن الهيثم إلى أن الرؤية تنشأ من انبعاث الأشعة من الجسم إلى العين التي تخترقها الأشعة، فترسم على الشبكية وينتقل الأثر من الشبكية إلى الدماغ بواسطة عصب الرؤية، فتتكون الصورة المرئية للجسم. وبذلك أبطل ابن الهيثم النظرية اليونانية لكل من أقليدس وبطليموس، التي كانت تقول بأن الرؤية تحصل من انبعاث شعاع ضوئي من العين إلى الجسم المرئي. كما بحث في الضوء والألوان والانعكاسات الضوئية على بعض التجارب في قياس الزوايا المحدثة والانعكاسية. ويعدّه بعض الباحثين رائد علم الضوء.

إسهاماته في الرياضيات:
كان ابن الهيثم رياضياً بارعاً، فقد طبق الهندسة والمعادلات والأرقام في حل المسائل الفلكية. كما حل معادلات تكعيبية وأعطى قوانين صحيحة لمساحات الكرة، والهرم، والأسطوانة المائلة، والقطاع الدائر، والقطعة الدائرية.

إسهاماته في الفلك:
اهتم ابن الهيثم بالفلك، وكتب فيه عدداً من الكتب وقام بعدد من الأرصاد. ومن أهم إسهاماته في علم الفلك : توصله إلى طريقة جديدة لتحديد ارتفاع القطب، فقد وضع نظرية عن تحركات الكواكب ؛ ولايزال أثر هذه النظرية قائماً حتى الآن، حيث توجد في ضواحي فينا بالنمسا طاولة صنعت بألمانيا سنة 1428 وعليها رسم لحركات كواكب سيارة حسب نظرية ابن الهيثم. واكتشف ابن الهيثم أن كل الأجسام السماوية، بما فيها النجوم الثابتة، لها أشعة خاصة ترسلها، ما عدا القمر الذي يأخذ نوره من الشمس.

مؤلفاته:
1. كتاب المناظر.
2. حل شكوك أقليدس
3. مقالة الشكوك على بطليموس
4. كتاب شرح أصول إقليدس في الهندسة والعدد
5. كتاب الجامع في أصول الحساب
6. كتاب في تحليل المسائل الهندسية

انتقال أعماله إلى أوربا:
وقد عني كمال الدين الفارسي ببحوث ابن الهيثم في البصريات ودرسها دراسة وافية وألف في ذلك كتابه المعروف “تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر”، وعن طريق هذا الكتاب عرفت أوروبا الكثير عن ابن الهيثم وأعماله وجهوده في علم الضوء، حيث نشر هذا الكتاب مترجمًا في مدينة بال بسويسرا سنة (980ه= 1572)، وإن كان قد سبق نشره قبل اختراع الطباعة من قبل “جيرار دي كريمونا” أشهر المترجمين في إسبانيا، الذي اهتم بإنشاء أضخم مجموعة فلكية سنة (676ه= 1277م) عن العلماء العرب، وهذه الكتب استفادت منها إسبانيا والبرتغال في رحلاتهما البحرية في المحيط الأطلنطي بفضل الأزياج الفلكية (الجداول الفلكية) والمعلومات الرياضية التي خلفها العلماء العرب.
وعن طريق هذه الترجمات لأعمال ابن الهيثم تأثر روجر بيكون وجون بيكام وفيتلو في بحوثهم، فكتاب جون بكان الموسوم بالمنظور ليس إلا اقتباسًا ناقصًا من كتاب ابن الهيثم في البصريات، وأما كتاب فيتلو الذي ألفه سنة (669ه= 1270م) فمأخوذ في قسم كبير منه عن ابن الهيثم، ولا يتجاوز النتائج التي وصل إليها.

قصة مبدأ عمل الكاميرا:
حين تم سجنه في عهد الخليفة العباسي المتوكل على الله، لم يثنه هذا السجن عن مواصلة بحثه العلمي في الضوء والبصريات، والاستمرار في تسجيل ملاحظاته في سلوك الضوء وانعكاساته، فما كان منه إلا أن سجل ملاحظته لدخول الضوء من خلال ثقب في جدار السجن وسقوطه على الجدار المقابل حاملا معه صورة غير حادة الملامح ومقلوبة لشجرة موجودة في خارج الزنزانة.سجل ابن الهيثم ملاحظاته هذه حول انتقال صورة الشجرة مقلوبة مع الضوء من خلال الثقب، فوضع العديد من الملاحظات في هذا الموضوع، ووصف الأمر وصفا دقيقا، موضحا قوانين الضوء في هذه الحالة. دون ابن الهيثم اكتشافه هذا ووصفه في كتاب المناظر ، وحين تمت ترجمة كتاب ابن الهيثم إلى اللاتينية ظهرت كلمة كاميرا في اللاتينية للمرة الأولى نتيجة لترجمة الكلمة العربية قمرة ، وهو المصطلح الذي خرج به ابن الهيثم لاحقا لوصف ما دونه في كتابه، و القمرة هي الحجرة المعتمة ذات الثقب الواحد أو النافذة الواحدة.

بعد حضوري لتلك الندوة الرائعة أصبحت أشعر بالفخر لمعرفتي بأن أول مخترع للكاميرا و مبدأ عملها هو عالم عربي مسلم و بعد أن أخبرنا المحاضر بأن الهدف من تلك الندوة هو معرفة إنجازات واحد من أهم العلماء العرب المسلمين و ذلك لأن العديد من العلماء ينسبون الإختراع لأنفسهم منذ القدم و بالتالي يجب على كل شخص معرفة مثل هذه المعلومات القيمة حتى يتم نشرها… بعد ذلك قمنا بتحديد موعد الرحلة العلمية و قمنا بزيارة الطلاب في بعض المدارس و تم تثقيف الطلاب فيما يخص إبن الهيثم من خلال عمل مسابقة بهدف التعلم.

النهاية

أتمنى أن ينال البحث العلمي إعجابكم

عن Pandodo

شاهد أيضاً

عُدت اليكم من جديد -={ جـديـدي الزئبق }=-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوحشتووووووووني كثير يابنات العلوم نظراً لضرووفي ماقدرت اتواصل معاكم لاكن الحمدلله …