>>>>>الوان الصدمة والسحر <<<<<

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا اخواتي الفراشات

حديثنا اليوم عن الصدمة والسحر. . الصدمة سوف تظل معنا من بداية الموضوع إلى نهايته تقريبًا، فنحن بصدد صدمة أذهلت الفيزيائيين الذين لم تعد هناك ظواهر طبيعية قادرة على إثارة دهشتهم، وهذا هو الذي جعل الحديث حول “ظواهر فيزيائية غير متوقعة ومذهلة” نادرًا في أوراق الأبحاث العلمية المحترمة.

لكن لحسن الحظ أن رواد ما أطلق عليه “البلورة الفوتونية ” أحدثوا هذه الصدمة، ولم يخيبوا أمل الكثير من الفيزيائيين في شيء مذهل ينفي الملل ويطرد الرتابة التي اكتست بها معظم مبتكراتهم ومخترعاتهم، برغم أنها كلها تقريبا تذهلنا نحن غير المختصين.

باختصار هذه الصدمة نشأت من اكتشاف طريقة يمكن بواسطتها التحكم في الضوء بفاعلية تقترب من 100%، بحيث يمكن إزاحة تردد أي حزمة ضوئية إلى أي تردد آخر، يعني تحويل الضوء الأحمر إلى ضوء أزرق مثلا، وقد يمكن بذلك الكشف تحويل الحرارة إلى ضوء، وقد، وقد…

http://www.photonics.com/images/products/terahertz.jpg

قد تبدو هذه المسألة غير مذهلة للبعض، لكن الأمر يتطلب شيئًا من الشرح.. لقد سمعنا عن إبطاء الضوء لدرجة إيقاف سرعته التي تتجاوز 300.000 كم في الثانية لتقترب من الصفر تقريبًا، وتمت السيطرة عليه بحيث يتصرف كسائل مضيء يسيل متوهجًا ويظهر في شكل قطرات مشعة، والكثير من مثل هذه الأشياء الرائعة، لكن يظل الضوء هو الضوء بأطيافه، وتردداته، وبرغم كل المبتكرات والمخترعات العجيبة والرائعة التي ارتبطت بالضوء، فإنها أبدًا لم تغير من طبيعة الضوء نفسه.

هنا نحتاج إلى شيء من التفصيل عن طبيعة الضوء، فالكثيرون منا يعرفون أن الضوء الأبيض أو ضوء الشمس الذي أنعم الله به علينا ليس أبيض، والجزء المرئي منه عبارة عن مجموعة من 7 أطياف من الأضواء تتدرج من الأحمر إلى البنفسجي، غير مجموعة من الأشعات الأخرى غير المرئية المصاحبة له شاع في معارفنا منها تحت الحمراء وفوق البنفسجية، وكل منها له طبيعته المختلفة، والذي يكسب كل منها خصائصه الطبيعية المميزة له عن غيره هو التردد الذي تنطلق به موجات هذا الطيف.

ونتيجة الوقوف على كثير من طبائع وخصائص كل طيف أمكن الاستفادة في شتى مجالات ومناحي الحياة مدنية وعسكرية، كل ذلك والثابت عند كل الفيزيائيين الذين أخرجوا لنا الكثير من التطبيقات التي ترتكز على الضوء أن المستحيل بعينه هو تغيير طبيعة الضوء، أو طبيعة أي طيف من أطيافه، ولا يعرفون لتغيير تلك الخصائص الفيزيائية سبيلاً؛ ولذلك لم يطمحوا إلى تلك الطريقة التي حكموا باستحالتها.

لكن صدق الأقدمون عندما قرروا قاعدتين عقليتين ذهبيتين هما أن “عدم العلم بالشيء ليس علمًا بعدمه” ، وكذلك “العجز عن إدراك شيء ليس حكمًا باستحالته” ، هاتان القاعدتان هما اللتان دفعتا فريقًا من علماء الفيزياء بمعهد ماسوتشوتس لمطاردة ما لم يكن يقترب من خيال معظم الفيزيائيين، ووصلوا لطريقة أمكن بها كما سبقت الإشارة إليه من تحويل وتغيير طبيعة طيف ضوئي.

اسمعوا إلى تعبير “إيلي يابلنوفيتش” رائد فيزياء الضوء عندما علم بهذه الثورة العلمية التي تقترب من السحر لمعرفة قدر وجلال هذا الكشف وهو يقول: “إن درجة التحكم في الضوء بهذه الطريقة صادمة ومذهلة للغاية”.

الصدمة صدمت المكتشفين أنفسهم، حتى عقدت ألسنتهم، وأذهلتهم لدرجة لم تطلق العنان لأذهانهم حتى يتصورا ما هي التطبيقات التي سوف نستفيد منها تحديدًا بعد ذلك الكشف.

لكن كل الذي قالوه، بأن تلك الصدمة سوف تمتد موجاتها لتهتز معظم التطبيقات المرتكزة على فيزياء الضوء مع اهتزازاتها، وتترد مع تردداتها لتعيد تشكيل طريقة عمل تلك التطبيقات من جديد لتصبح أكثر فاعلية ويسر، وسوف تبرز للوجود تطبيقات أخرى تعود بكثير من النفع على البشرية.

ومن دون تحديد أو توضيح، قالوا مثلاً سوف يمكن توليد أشعات غير أشعة أكس التي تستخدم في التطبيقات الطبية؛ فأشعة أكس تلحق بالجسم البشري بعض الأضرار والتلفيات عندما يتم تسليطها عليه أثناء العملية التشخيصية، لتصوير مواطن الخلل فيه، بينما باستخدام الكشف الجديد سوف تستخدم في التشخيص أشعات “terahertz” وهو طيف ضوئي غير مرئي يقع بين الموجات القصيرة، والموجات تحت الحمراء، يمكن تركيزه بسهولة ولا يحدث تلفًا بالجسم، لكنه عصي على التوليد، وها نحن بصدد كسر ذلك العصيان.

صالة المرايا.. والصدمة

أعتقد أن الوقت قد حان لتفسير هذا الكشف بشكل أكبر.. لكن –في تقديرنا- ينبغي قبل ذلك الوقوف على الضوء وطبيعته بشيء من التفصيل؛ فالضوء ارتبط تفسير طبيعته بنظريتين فيزيائيتين، الأولى تتحدث عن الجسيمات “particles”، ويتم التعبير عن جسيمات الضوء هنا بما يعرف بالـ “الفوتون” أو جسيم الضوء فائق السرعة فائق الصغر، والنظرية الثانية تفسر الضوء باعتباره موجات “waves”، والحقيقة أن كلتيهما صحيحة، وتفسير طبيعة الضوء في “ضوء” نظرية واحدة منهما يعتبر تبسيطًا مخلاًّ لشيء معقد ومعجزة من معجزات الخالق.

بالطبع هناك تفاصيل أخرى مهمة، لكن لنقل بشيء من التبسيط الذي أرجو ألا يكون مخلا أن جسيمات الضوء “الفوتونات” تتذبذب في شكل “موجات”، وتنتشر هذه الموجات في كل الاتجاهات بسرعات فائقة كما ذكرنا، وطول هذه الموجات يحدد التردد الذي تتذبذب به هذه الفوتونات.

وكلما انخفضت طاقة الفوتون تذبذب بطول موجي طويل نسبيًّا وكان تردده قليلاً ، والعكس صحيح؛ لذلك فإن الضوء غير المرئي يتراوح بين موجات الراديو ذات التردد الضعيف الذي يقل عن مليار هرتز في الثانية، إلى أشعة جاما التي تزيد عن تريليون هرتز في الثانية، وفي الوسط بين هؤلاء تقع أطياف الضوء المرئي التي يعبر عنها بالألوان، حيث الأحمر في البداية، وتتردد موجاته عند حوالي 430 تريليون هرتز، وآخرها البنفسجي وتتردد موجاته عند 750 تريليون هرتز.

سبقت الإشارة إلى عدم وجود طريقة لإزاحة أطياف الضوء من تردد إلى آخر، لكن في الحقيقة هناك طريقة واحدة وهي تسليط شعاع قوي مركّز في شكل “صدمات” على الضوء لإجباره على ترك المدى الذي يتردد عنده لمدى آخر صعودًا أو هبوطًا، يعني يتحول مثلاً من أحمر لبرتقالي أو من بنفسجي لنيلي، لكن هذه الطريقة تحتاج لطاقة تبدأ من عدة ميجاوات من الكهرباء وتصل أحيانًا لجيجاوات.

البلورة الفوتونية

http://science.uniserve.edu.au/school/curric/stage6/phys/communicates/indxPics2/photonic_crystal.jpeg

وهي طريقة مكلفة جدًّا؛ نظرًا لأنها تتطلب مصدر طاقة قويًّا، فضلاً عن كونها غير فعّالة، لكن باستخدام الطريقة الجديدة المعتمدة على البلورة الفوتونية “photonic crystal ” أصبح ذلك سهلاً ورخيصًا.

تتكون البلورة الفوتونية من طبقات متداخلة من مواد لها القدرة على ليّ الشعاع الضوئي، وقد يمكن تغيير هذا التداخل بعدة طرق، يمكن عند تمرير شعاع من الضوء داخلها أن يتم تدويره بطريقة تقترب من الطريقة التي تتجول بها الإلكترونات داخل الدوائر الإلكترونية.

وبالضغط على هذه البلورة أو تعريضها لـ “صدمات” قد تكون عبارة عن موجات صوتية، أو طرقات خفيفة، أو حتى رصاصات، يصبح الضوء داخل البلورة كما لو كان في صالة من المرايا، وينعكس ما يقترب من 10 آلاف مرة في جزء من النانو ثانية يقاس بحوالي 0.1 منها، والنانوثانية يساوي جزءًا من مليار جزء من الثانية.

في تلك الفترة يتحول الشعاع من تردد إلى تردد يعني من فئة أو مدى إلى فئة أو مدى آخر كما تبدو في الصورة المرفقة، يعني مثلاً من أحمر إلى أزرق، أو ضوء مرئي إلى أشعة تحت حمراء غير المرئية.

الطلقة.. الصدمة

قد يبدو هذا التفسير غير شافٍ، والحقيقة أنه كذلك، لكن الطريقة ناجعة وناجحة، وتعمل بكفاءة؛ لذا دعونا من التفسير غير الكاف حاليًا، ولنعد لمسألة الصدمة اللازمة لحدوث هذا التحول الدراماتيكي، ففي معرض الحديث قلنا بأن الصدمة قد تكون بطلقة، وبالطبع سوف تتحول البلورة لجذاذات، لكن نظرًا للسرعة فوق الفائقة التي يتم بها التحول قبل تدمير البلورة.

ويقول القائمون على هذه التقنية بأن الموجات الصوتية قد تحدث الصدمة نفسها، بل لعلها أفضل، وقبل توجيه السؤال إليهم لماذا الطلقة إذن، قالوا إنها التجارب.

إن بعض المرشحات الضوئية تسمح بمرور اللون أو الضوء الأحمر ولا تسمح بمرور الضوء الأخضر، وباستخدام البلورة الفوتونية يمكن بضغطها ضغطة واحدة أن يتحول المرشح للعكس، مثل ذلك الاستخدام يبدو سحرًا صادمًا، ويسيل له لعاب الكثير من الشركات التي تنتج المناظير الليلية مثلاً، أو النظارات الشخصية.

وقبل أن يصبح البحث قيد التطبيق في مجال الأجهزة التي تستخدم الأطياف الضوئية المختلفة في التحليل الضوئي تبدو لهفة الشركات المنتجة لها عظيمة.

حتى شركات إنتاج المصابيح الكهربية التي تتدلى من الأسقف والخلايا الشمسية والضوئية ترى أنها بصدد ثورة تتمخض عن الأجود والأكثر فاعلية، سوف تصدم المستخدم العادي وتسحره!.

دمتن بخير

عن amirat elwady

شاهد أيضاً

عُدت اليكم من جديد -={ جـديـدي الزئبق }=-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوحشتووووووووني كثير يابنات العلوم نظراً لضرووفي ماقدرت اتواصل معاكم لاكن الحمدلله …