لا اعرف لما هذا الإحساس العميق الذي يجرفني نحو الكتابة اليوم
احساس بالخواء ولربما لو صرخ احد ما في قلبي لعاد الصدى قويا مدويا انه الفراق فراق من نوع مختلف ..لا استطيع وصفه لأني اشعر بالخوف لوصفه..
انا مغتربة بعيدة عن ارض الوطن الاف الكيلوا مترات ..ذهبت وانا احمل في قلبي روعة حب المغامرة ..روعة تغيير الأماكن والأشياء والأهم البعد عن كل ماسبب لي الما في الماضي جئت هنا ..الى كندا لتبهرني الطبيعة والنهر والهواء الطلق قبل الناس والحيوانات والمباني الشاهقة ..ولكن ما لبث ان اعتاد بصري على كل هذا ..انه الإنسان
الذي يمل وبسرعة من كل شيء فماكان رائعا بالأمس القريب بات مملا اليوم ..اكثر ما تعلمت هنا حبي لوطني ..فالإنسان لا يدرك قيمة وطنه ودينه الا اذا كان بعيدا..اشتاق للصحراء واللجمل ونخيل الإحساء بأسعافها المرتفعه المسبحة لرب السماء
وبعطرها الفواح كالبخور..آه كم اشعر بالدفء فقط حينما اتذكر هذه الأشياء
اجمل مافي الغربة اتساع رؤيتك للناس والديانات ..فاللمسحيين اخلاق لا يمكن لنا تجاهلها وبعضهم متمسك بدينه بطريقة جميلة تجبرك على احترامهم..فكما في ارض المسلمين من يشرب الخمر ويمارس العلاقات المحرمة ..هناك من المسيحين
من يرفض لأبنته ان تلبس ما يلفت النظر..ويمنعونهن من السهر..
ويتزوجن صغارا في عمر الثامنة عشر!!
انها الحقيقة..كانت لي زميلة من كازكستان مسيحية تزوجت عذراء
من زوجها ..كانت تحرص على الجلوس صباحا لتشاهد شروق الشمس
وحينما سألتها عن السبب..قالت :لأن الله يبارك للأنسان في وقت الأبكار فتوزع الأرزاق..!! انه بالضبط ما قاله نبينا الكريم ..
عرفت هنا ان المسيحين لا يعرفون شيئا عن الإسلام..انهم يعيشون حياتهم كالأنعام يأكلون ويشربون ويعملون ولا يلقون بالا لقضايا العالم ..اما نحن فقد شيّخت قلوبنا الإعلام..من كل ما يمسنا و مالا يمسنا حتى اعياد الحب
وصلت الينا تعزي وسائل الإعلام احدى عشر سبتمر سنويا ببرامج مكثفة..ويمر يوم موت نبينا ولا نجد حتى برنامج واحد يتحدث عن هذا اليوم لأنه من المنكر فعل ذلك.. ان المسيحيين يثيرهم الحجاب فيسألون عنه بلطف جم :حجابك جميل لقد اعجبني لونه هل هو جزء من تقاليد بلادك ام دينك؟ واحيانا عن النقاب :انه من المفيد ان تغطي انفك
وفمك في هذا الجو القارس ولكن كما اعلم ان بلادكم حارة جدا فماذا تفعلين؟ اما زميلاتي في الصف فدائما كانوا يقلن لي ان المرأة العربية نتصورها امرأة حزينة مكبوتة عينيها على الأرض ومن الحرام ان تنظر الى احد بهن وايضا مسلوبة الحقوق ولكن انت مختلفة جدا لقد اذهلتنا لما انت دائما مبتسمة راضية محبة انت رائعة..
لولا هذا الحجاب لفكرنا جديا بالإسلام..
ما اعظم ان تكون مسلما مجاهر بدينه ..تحرقك النظرات في كل مكان
وعليك ان تتصرف بمسؤلية حينما تجيب عن كل سؤال ..عليك ان ترسل احساسك بصدق للسائل اللذي امامك ..
لكن قضيتي الكبرى مع شاب فنزويلي في الثلاثين من العمر انه زميل في صفي الذي احضره يومين في الأسبوع..انه مسيحي كاثلوكي ..متشدد بدينه
ملامحه عربية بعض الشيء لغته الأم الأسبانية..منذ يومنا الأول ظننت انه عربي ولقد كان الشاب الأول الذي اراه دائما في حاله من الرضى والسكينه
متزوج يبلغ الثلاثين من العمر.. كنت انتظر زوجي في الفناء ليقلني الى المنزل فقترب بأدب جم وقال:هل دينك هو من يتزوج الرجل كثير من النساء..قلت :نعم..قال: لما؟ فأجبته ..ان الإسلام يرفض العلاقات المحرمة
ويرفض ان يقع الظلم على النساء فمن المؤلم ان يطلق رجلا زوجته لأنها لا تنجب ويستبدلها بأخرى!!لذا سن الإسلام الزواج بإمرأة اخرى مع احتفاظه بزوجته الأولى مراعيا جميع حقوقها..كذلك لو كانت مريضة وغير ذلك من الأسباب..كان يستمع بإنصات ثم سألته :قد قالت لي زميله من كوريا انها مسيحية وان المسيحيين مختلفين عن الكاثلوكيين فما الفرق
فأجاب الفرق كبير:المسيحين لا يقدسون مريم المقدسة هم يقولون وماذا لو انها ام عيسى ليس لها فضل في ذلك لنقدسها ونتقرب اليها بالدعاء اما نحن فننظر لها انها مقدسة ونلجأ اليها عندما تصيبنا الكرب كما ان المسيحيين
يرفضون رسم تصاوير في كنائسهم لعيسى او لمريم او للرب اما نحن فكنائسنا زاخرة بأروع الرسوم لمريم القديسة وابنها ..هم لا يهتمون بزيارة
الكنيسة اما نحن فرواد للكنائس فما ان تري صليب جسّد عليه عيسى
فاعلمي ان من يحمله كاثلوكي اما ان رأيت الصليب خاليا فهو لمسيحي
فقلت:لما تقدسون الصليب ولقد صلب فيه احب الناس اليكم لو كنت مكانكم
لكرهته اشد الكره فقال :لأن بصلب عيسى تطهرنا من ذنوبنا ثم احياه الله بعد ثلاث ايام ورفع للسماء..فقلت له:عيسى في السماء كما نؤمن نحن لم يصلب يوما وسيعود ليملئ المكان بالخير..فقال:ما اسم دينك..قلت :الإسلام
انقطع حديثنا وعدت ادراجي الى المنزل التقيته في الصف وحاولت تجنب الحديث معه لا لشيء سوى خجلي من المارة ان يروني احدث رجلا وانا امرأة منقبة..الى يوم عاشوراء كنت صائمة وفطرت في الصف وسألني
لما الصيام ..قلت :لقد نجى الله نبينا موسى اليوم فقد اغرق الله اعداؤه في البحر..فقال أتعرفين موسى انه لأمر مثير..وايضا من تعرفين؟قلت سيدنا ابراهيم نحتفل بالعيد لأن الله نجى ابنه من الذبح العظيم..وبدأت معه نذكر عدد من الأنبياء وجاء زوجي لأصطحابي وانا خارجة قال لدي سؤال يحيرني من اين عرفت قصص الأنبياء قلت:من كتابنا المقدس
قال:الإنجيل ..قلت :لا القرآن.
في إجازة الأسبوع ذهبت واشتريت قرآن مترجم باللغة الأسبانية..وفي الصف كنت بشوق لأرى ردة فعله وعند الخروج ناديته (راندوا) لقد احضرت لك القرآن ولقد وضعت منديلا لقصة مريم وقصة سيدنا يوسف
كان سعيدا جدا :شكرا. زوجتي تقسم بأنك عرفت تلك المعلومات من الإنجيل قلت :انه امامك انا اثق بك يا راندوا واتمنى ان لا تمس القرآن بسوء فقال:
اعدك بأن اعامله كالإنجيل تماما..
ثم نظر بتأمل انه بالأسبانية يالا الروعة أجبته:قلت في نفسي سيكون اسهل عليك في قراءة الترجمة ثم قلب صفحاته اين اسم الكاتب ..قلت :اي كاتب ..قال :لكل كتاب كاتب قلت :انه كلام الله قال :لا يوجد مؤلف!! قلت لا كيف كتب :قلت عن طريق محمد..من محمد انه آخر الأنبياء جاء بعد عيسى ..قال وكيف وصل اليه كلام الله..قلت عن طريق الملك جبريل..
يا الهي انت تعرفين حتى جبريل قلت انه جزء من عقيدتنا ..الى اللقاء..
كم انا بشوق ليوم الأربعاء لا اعرف كيف ستكون ردة فعله .. ولكن اتمنى
ان يهديه الله الى طريق الحق.. آمين(قصة حقيقية حدثت لي شخصيا)