حقائق التوحيد في غزة

من فوق ركام البيوت المدمرة…ومن على أشلاء وجماجم أطفال غزة..تصاعدت حقائق التوحيد والإيمان لتظلل سماء الرأي العام في العالم الإسلامي، تصاعدت وشيجة (الإيمان) وعقيدة الولاء والبراء لتُسمع العالم زمجرة تلك الشعوب الغاضبة، ابتداء من جاكرتا ومروراً بالباكستان وتركيا وبلاد العرب، وانتهاء بالأقليات الإسلامية في أوربا وأمريكا، لقد أضحت ملحمة غزة، ومن ورائها القضية الفلسطينية، إحدى مكونات الشخصية الإسلامية في واقعنا المعاصر، تتحطم على حجرها المخضب بدماء الشهداء، كافة الروابط الترابية والوشائج الجاهلية والعلائق القُطرية، لقد أحبطت غزة برباطها ومصابرة أهلها ذلك المكر العالمي الذي دام لقرنين، سعياً في تقطيع أواصر عالمنا الإسلامي الكبير.

والمتأمل في السيرة النبوية، يجد أنه كلما ألمّت بالأمة محنة، يبرز النفاق، وذلك في أكثر من موطن، كما حدث بعيد هزيمة أحد أو عند تحالف الأحزاب أو عند وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، ولئن كان شأن العديد من القوى والجهات مكشوفاً في انفصامها عن مصالح شعوبها وقضايا أمتها من قبل عامّة المثقفين منذ أمد بعيد، إلا أن معركة الفرقان الغزاوية أسقطت ورقة التوت التي كانت تستر عوراتها، ولقد كان من بركات دماء أطفال غزة التي أريقت على طرقاتها، أنها سلطت الأضواء الكاشفة لتظهر عوار المنافقين، لكل من برأسه قطرة عقل وضمير…فضلاً عن إيمان وغيرة !!

ولئن كشف الشهداء بدمائهم الزكية خيانة الطغاة وخذلان الجبناء، فإن دموع الثكالى والأيامى ستُُغرق حماة الاستبداد والمجادلين عن الخونة من مثقفين وإعلاميين وشيوخ!! وستلقى هذه الحفنة الوضيعة مصيرها المحتوم في مزبلة التاريخ.

إن حديث بعض المفكرين والدعاة الغيورين عن أهمية التركيز على مأساة أهل غزة وتجنب الحديث عن دوائر الخذلان العربي التي وقفت في خندق الصهاينة، لا يمكن قبوله إلا في إطار اللحظة الآنية لتوحيد مواقف النخب والشعوب العربية والإسلامية، لإغاثة الشعب الفلسطيني، بمعنى أننا يمكن أن نتفهم دعوتهم تلك، إن كانت إجراءً مرحلياً (تكتيكياً)، لئلا ينشغل الرأي العام بالتلاوم والاختلاف حول قضايا، تعد على خطورتها، أقل أهمية من إغاثة أهل غزة، وتوحيد الجهود لرفع الظلم الواقع عليهم، وأما تطبيع مثل هذا اللون من الخطاب لدى المثقفين والدعاة وكافة النخب، فهو خطأ إستراتيجي فادح، فالسكوت عن بيان وكشف المواقف الخيانية، يعد خيانة للأمة ولقضاياها المصيرية، وتخديراً للرأي العام عن حقيقة عدوها الداخلي، والمتأمل لصورة الواقع العربي الإسلامي في ظل أحداث معركة الفرقان الغزاوية، يرى أنه ما شوهد المنافحون عن الطغاة أحقر ولا أذل ولا أصغر من هذه الساعة إزاء تواطئ أسيادهم مع الصهاينة.

فتجلية هذه المواقف الخيانية واجب شرعي، ويصب في المدى البعيد في استعادة هذه الأمة المستضعفة لحقوقها المسلوبة، والتغاضي عن مخازي الخونة من قبل فئام من الإسلاميين للحفاظ على مكتسباتهم الدعوية، يبقى في دائرة الاجتهاد ما لم يعمل أولئك الفضلاء على توطين مثل هذه الخلايا السرطانية ومساجد الضرار داخل الجسد الإسلامي الكبير.

إن مرحلة الشعور بالمرض يعد الخطوة الأولى في طريق استعادة الأمة لعافيتها ومحاصرة بؤر العمالة، وكشف حقيقة مواقف روادها إزاء صراع الأمة مع أعدائها، يندرج في هذا الأمر، سيما وأن كشف مسالك القوم أضحى في تقديري أقل كلفة من السابق، فالمواقف الخيانية تجاوزت مرحلة الغرف المغلقة والكواليس المظلمة إلى المواقف المعلنة والعمالة السافرة، ومجرد قراءة الحدث قراءة موضوعية من مصادر إخبارية ومعرفية غربية، لا علاقة لها بالمصادر الشرعية والإسلامية، التي يفزع منها هؤلاء، كافٍ ليظهر للرأي العام الإسلامي حقيقة مواقف أولئك في معركة أمة الإسلام مع أعدائها.

عبدالرحيم التميمي _ مجلة العصر

عن Rogerrush

شاهد أيضاً

•·.·`¯°·.·• ( لا تصدقي عبارة أن الطيب لا يعيش في هذا الزمان) •·.·°¯`·.·•

..السلام عليكم ورحمه اللهـ ..كيفكم صبايا؟..ان شاء بصحه . و عآفيه.. / / / عيشي …