يكمن التهديد الأكبر في عالم الاقتصاد والأعمال عندما تأتي الأحداث في واقع الأمر معاكسة لما توقعه غالبية المحللين، ولهذا قد يكون من المفيد تسليط الضوء على ما هو غير متوقع أو مفاجئ وتقدير أثر ذلك على اقتصادات دول المنطقة .
من المتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي العالمي إلى أقل من 5 .3% هذا العام، مقارنة مع 9 .4% في العام ،2007 مع احتمال أن لا يتعدى نمو الاقتصاد الأمريكي 5 .0% مقارنة مع 2 .2% في العام 2007 . وهذا سيضعف معدلات نمو الطلب العالمي على النفط لتبقى الأسعار أقرب إلى 70 دولاراً للبرميل، مقارنة مع المستويات المرتفعة المتحققة العام الماضي، والتي وصلت إلى حوالي 100 دولار للبرميل . غير أن السياسات المالية التوسعية التي أعلنت عنها أخيراً معظم دول المنطقة وتراجع أسعار الفائدة المحلية تماشياً مع تلك التي على الدولار ستؤدي إلى بقاء النمو الاقتصادي عند معدلات مرتفعة وستجعل من التضخم ظاهرة متأصلة .
وسنسلط الضوء هنا على بعض الأحداث غير المتوقعة والتي قد يكون لها تأثير بالغ الأهمية على مجريات الأمور بطريقة معاكسة لما يتوقعه معظم المراقبين . وتأتي أهمية هذه المفاجآت في كونها مرتبطة مع بعضها البعض، وحدوث أي منها سينعكس على الأوضاع الاقتصادية سواء على الساحة المحلية، أو الإقليمية أو العالمية، ومن هذه المفاجآت:
1- تراجع معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بأكثر مما هو متوقع . فالمصارف الأمريكية الكبرى والتي تعرضت إلى خسائر جسيمة بسبب أزمة الرهن العقاري باتت أكثر حذراً في إقراضها إلى الأفراد والشركات مما يجبر المستهلكين الأمريكيين على خفض الإنفاق الاستهلاكي والذي يشكل 70% من إجمالي الناتج المحلي، كذلك ستتقلص استثمارات الشركات وترتفع معدلات البطالة . وإذا ما حصل كساد في الاقتصاد الأمريكي فإن هذا سينعكس سلباً على كل من كندا والمكسيك والصين وغيرها من الدول التي تشكل صادراتها إلى الولايات المتحدة نسبة مرتفعة من إجمالي ناتجها المحلي . وسينعكس تراجع نمو الاقتصاد سلباً على أسعار النفط والتي قد تنخفض عندها إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل . ومثل هذا الهبوط في الأسعار إذا ما تحقق سيكون له تأثيره الواضح على الأداء الاقتصادي لدول المنطقة والذي قد يشمل تراجع أسعار الأصول من أسهم وعقارات وإنخفاض ثروة المستهلك مع ما لهذا من إنعكاس سلبي على الطلب الداخلي ومعدلات النمو الاقتصادي وأرباح الشركات المتوقعة لهذا العام .
2- تكمن المعضلة الأخرى في زيادة حدة التضخم لتصبح بالتالي ذات طبيعة هيكلية أكثر منها دورية مما يحد من قدرة حكومات دول المنطقة السيطرة عليها . وهناك عوامل خارجية وداخلية أدت أخيراً إلى زيادة معدلات التضخم، أهمها ارتفاع أسعار السلع والمواد الخام ومدخلات البناء والمواد الغذائية وغيرها من السلع والخدمات المستوردة بسبب ضعف سعر صرف الدولار، وارتفاع الطلب العالمي عليها بالإضافة إلى عوامل داخلية أدت هي الأخرى إلى غلاء الأسعار منها السياسات المالية التوسعية، وفائض السيولة المتوفرة وارتفاع أجور السكن وتكلفة اليد العاملة . وهذا قد يتطلب من المجتمعات العربية أن تتأقلم من الآن فصاعداً على العيش مع نسب تضخم أعلى مما أعتادت عليه سابقاً . وللتضخم آثار سلبية أهمها تآكل القوة الشرائية للرواتب والأجور، وتفاقم الاختلال في توزيع الدخل، وتراجع القدرة التنافسية للسلع والخدمات المنتجة محلياً، وغيرها من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية .
3- الحدث الآخر غير المتوقع هو حدوث صدمة للأسواق المالية العالمية ناجمة عن تحولات قد تطرأ على إدارة الفوائض المالية الهائلة المتراكمة للصين والدول المصدرة للنفط . ويقدر فائض الحساب الجاري لدول أوبك في العام 2007 في حدود 300 مليار دولار، أي انه سيتجاوز فائض الحساب الجاري لجميع دول آسيا النامية، بما فيها الهند والصين . ومن جهة أخرى أدى العجز المتواصل في الحساب الجاري للولايات المتحدة إلى تراكم ديونها للدول الأخرى لتصل إلى ما يزيد على 3000 مليار دولار مما جعل أمريكا أكثر عرضة لهزات مالية . والشرارة للاختلالات المالية قد تنشأ إذا ما قامت الحكومات في الدول المتقدمة مثل أمريكا وأوروبا بوضع المزيد من القوانين والمعوقات التي تحد من حرية تدفق استثمارات صناديق الثروات السيادية، وقد يجد القائمون على هذه الصناديق نفسهم مضطرين للتصرف بشكل دفاعي واتباع إجراءات غير متوقعة تهدف إلى حماية مصالحهم، مما قد يؤدي إلى حدوث صدمات في الأسواق المالية العالمية .
4- الحدث الآخر غير المتوقع هو حدوث تراجع في أسعار العقارات في العديد من دول المنطقة بعد الارتفاع المتواصل في هذه الأسعار والذي سجل خلال الأعوام القليلة الماضية . وإذا ما شعر المضاربون بأن أسعار العقارات قاربت الوصول إلى أعلى مستوى لها للدورة الاقتصادية الحالية، تماماً كما حدث في أسواق أخرى من العالم وخصوصا في سوق العقار الأمريكي، فسيقومون بعرض ما لديهم من عقارات اشتروها بهدف المضاربة قبل أن تبدأ الأسعار في الأسواق المحلية بالانخفاض . وزيادة العرض هذا سينعكس أولاً على تكدس أعداد الشقق والأراضي المعروضة للبيع وسيتبعه لاحقاً تراجع الأسعار . والمعروف أن مثل هذا التراجع في أسعار العقارات سيكون له إنعكاس سلبي على ثروة المستهلك وحجم استهلاكه وبالتالي على معدلات النمو الاقتصادي في البلاد . وبالطبع سيختلف الوضع من مدينة عربية لأخرى وسيظهر تأثير تراجع أسعار العقارات بشكل واضح في الدول التي شهدت تضخماً في أسعار العقارات أكثر من غيرها .
5- وقد يكون انخفاض أسعار السلع والمواد خلال هذا العام من الأحداث غير المتوقعة، غير أنه إذا ما حدث كساد اقتصادي في أمريكا وضعف الطلب العالمي على السلع وتحسن سعر صرف الدولار الأمريكي فإن هذا سيزيد من احتمالية حدوث تراجع في الأسعار . فالصين والهند، اللتان شكلتا مجتمعتين نسبة 70% من معدلات الزيادة في الطلب على المعادن والسلع خلال العام الماضي، لا تستطيعان الحفاظ على معدلات النمو القياسية والتي تفوق 10% سنوياً إذا ما حدث تباطؤ اقتصادي في كل من أوروبا والولايات المتحدة . فالدورة الاقتصادية الحالية تشير إلى أن الانخفاض في أسعار السلع لابد منه بعد الصعود التاريخي في مؤشر هذه الأسعار والذي سجل زيادة فاقت 100% منذ كساد العام 2001 والذي قد يساعد من إمكانية حدوث مثل هذا السيناريو عودة سعر صرف الدولار، وهي العملة التي تسعر بها السلع إلى الارتفاع . وهذا لم يعد مستبعداً بعد قيام الحكومة الأمريكية بوضع موضع التنفيذ سياسة مالية ونقدية توسعية قد تساعد الاقتصاد الأمريكي على تسجيل معدلات نمو تفوق مثيلاتها في الاقتصادات الرئيسية الأخرى . ويشار إلى أن صناديق التحوط العالمية زادت من توجهها نحو الاستثمارات البديلة، بما فيها السلع والمواد الخام والنفط لترتفع هذه الاستثمارات من 3 مليارات دولار في العام 2003 إلى حوالي 120 ملياراً العام الماضي . وإذا ما قامت هذه الصناديق بتقليص استثماراتها وبيع عقود السلع في الأسواق الآجلة فإن هذا بدوره سيؤدي إلى تسريع التراجع في الأسعار وسينعكس إيجاباً على معدلات التضخم في المنطقة .
ومع أن العام 2008 سيكون جيداً لدول المنطقة من ناحية النمو الاقتصادي، إلا أنه وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية هذه يجب أن لا ننسى بأن أموراً غير متوقعة قد تحدث ولا بد من أن نكون مستعدين لها لكي لا تفاجئنا .
الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – دويتشه بنك .
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
منقول للفائده
تحياتي
ان حصل اي تصحيح للعقارات في دول الخليج
فاسواق الاسهم هي البديل
مع استبعاد ذلك على المدى القريب ,,,,
لان للعقارات صناع سوق كبار وكبار جدا
لا للشراء الان انى ارى اسعار 2004 تلوح فى الافق ……. الانتظار ثم الضرب من تحت ……
جزاك الله خير اخويه ….بما ان اقتصادنا مربوط بالدولار الامريكي والاقتصاد الامريكي اتمنا ان يتعافا …
صدق هنري
بس شو الحل
والمصيبة العظمى ستعرفها بعد قرائتك لهذا الرابط للآخر Climate change will make Arabland wet عودة أرض العرب مروجا وأنهارا – بحث علمي جديد حول تغيرالمناخ والتجمد المرتقب
كل ماقيل لاشئ امام التقلب المناخي واثره الكبير على امريكا واوربا .