أحلام متقاعد …!
(أبو صالح) أحد زملاء العمل ، أعرفه منذ سنوات طويلة ، زارني فيمكتبي قبل بضعة أشهر ليخبرني عن مشاريعه الجبارة و خططه العظيمة بعد حصوله على (التقاعد المبكر) من إحدى كبرى الشركات في المنطقة ، و ليسئلني عن مستحقاته من علاجو مكافئة نهاية الخدمة والتأمينات و و و و … ألخ …. بحكم عملي و خبرتي في إدارةالرواتب و شئون الموظفين ، و بعد الحسابات البسيطة …..
قال : أذاً ستكونتعويضات التقاعد من الشركة ( 1,895,675 ) ريال تقريباً ً !!!
قلت : يا أبوصالح هذا المبلغ ليس تقريباً كما تقول و إنما هو تماماً و بالضبط !!! أسأل اللهيعطيك خيره و يكفيك شره ..
قال : لقد قررت القيام بعدة مشاريع بعد سدادالديون و حقوق الناس علينا .
قلت : خير … عطنا من هالعلوم الزينة لعلنانستفيد أذا جاء يومنا …!
قال : بعد سداد الديون للناس سيبقى معي ( 1,655,075 ) ريال ، أبعطي سواقنا الهندي (75) ريال صدقة … و بأشتري سيارة العمر ( VXR ) موديل السنة ، و بشارك في مشروع صغير مع صاحبنا (أبو محمد) بـ ( نصف مليونريال ) ، (أبو محمد) بيفتح لنا مطعم راقي في حي راقي و بنقدم فيه أكل راقي ، يعنيكله راقي في راقي .
قلت : و بعدين و شتسوي في الزايد …؟؟؟قال : مافي زايد … أبسافر بهالدنيا من بلد الى بلد … و يمكن أعرس و أخذ العروس معي …. تعرف (أم صالح) صارت كبيرة و ما تقوى على السفر الطويل … حدها (مكة) شرفهاالله .
قلت : خوش علوم … يمكن نخاويك في السفر …!!!
قال : صبركعلي … و بأشتري بيت (دوبلكس) صغير للعروس الجديدة ، و يمكن أفتح لي مكتب عقاريجنب الدوبلكس حتى أصير قريب منها .
قلت : وش خليت للعيال ….؟قال : عندي راتبين بعد التقاعد ، واحد من الشركة و الثاني من التأمينات ، مجموعهم أكثرمن راتبي اليوم بـ (1500) ريال ، هذا كله تاركه لـ ( أم صالح ) و العيال ، يكفيهم ويزيد .
قلت : ما دام الأمور ماشية كذا … خلني أجهز لك شيك التقاعد ، وللعلم الشيك يكون جاهز بعد أسبوعين تقريباً … على كل حال … أول ما يجهز بأتصلعلى جوالك و تجي تستلم الشيك و تصرفه من البنك .
و غادر صاحبنا (أبو صالح) المكتب ، و ترك لي أحلامه أفكر فيها ، و أخطط لأحلامي أنا فراتبي و مستحقات تقاعديأكبر من راتب ( أبو صالح ) ، لكن أحلامي و خططي صغيرة لم تتجاوز سداد الديون و أخذعمرة كل عام أذا يسر الله لي ذلك .
بعد اسبوعين جهز شيك ( ابو صالح ) و صارأمامي على طاولة المكتب ، تذكرت أحلام صاحبنا … صاحب التقاعد المبكر … (أبوصالح) … و تذكرت و عدي له بالإتصال ليستلم الشيك ، إتصلت به مرة و بعدها مرات ولكن الجوال مغلق ، قلت في خاطري … سواها أبو صالح و ما صبر … تلقاه مسافر معالعروس الجديدة في هالبلدان الجميلة .
بعد عدة أيام حاولت الإتصال مرة أخرىو لكن الجوال لايزال مغلق …
بعد إيام و أنا في مكتبي … زارني ( عبدالله ) الأبن الأوسط لـ (ابو صالح) ليسأل عن شيك التقاعد …
قلت : خير وينالوالد الله يحفظه … أنا ما أقدر أصرف الشيك لك الا بعد موافقة الوالد … و لوشفهياً بالتلفون …!
قال : الوالد (الله يرحمه) و يرحم المسلمين (ماتقاعد) من أسبوعين …!!!
قلت و كلي تعجب : (مات قاعد) شلون ؟ كان عندي وكان … الله يرحمك يا (ابو صالح) .
قال : الوالد بعد ما رجع من العمل هذاكاليوم … قعد مع الوالده يشرب الشاهي و القهوة على العادة قبل صلاة المغرب … وبعد ثاني بيالة … توفاه الله و هو قاعد … و صلينا عليه من ثاني يوم بعد صلاةالظهر … الله يرحمه و يدخله الجنة .
أعطيت شيك التقاعد بعد إنهاء إجراءاتتعديل أسم المستفيد الى ( ورثة أبو صالح) .
قلت في نفسي ….
هذيأخرتها … موت !!! وين الأحلام و المشاريع … وين الدوبلكس … و ين العروس … وين … ( VXR ) …
الله يرحم (ابو صالح) و يرحمنا و يرحم أموات المسلمين …
ما طال من التقاعد و ملايين التقاعد غير (75) ريال صدقة السائق الهندي …!!!!
منقوووووووول
شكر على مرورك الجميل اخو اياد
مشكوره على القصه . الموت نهاية كل انسان يولد وهذا لايمنع من التخطيط ورسم طريق لك في هذا الحياة . كما قيل(اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كأنك تموت غدا)
شكرا على المرور الكريم والحساس الطيب