أزمة غاز بين الإمارات وإيران
تاج الدين عبد الحق من ابوظبي
قالت مصادر إماراتية إن اتفاقًا لبيع الغاز الإيراني لشركة دانه للغاز الإماراتية التي تتخذ من الشارقة مقرًا لها، مهدد بالإلغاء بعد خلافات بين الطرفين على الأسعار. وقالت المصادر إن الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة، بحث هذا الأمر يوم الخميس الماضي مع السفير الإيراني بالإمارات حسين آصفي، لكن لم يصدر أي إشارة على أن الجانب الإيراني غير موقفه المتمثل في الإصرار على زيادة الأسعار بشكل كبير قبل المضي قدمًا في تنفيذ الاتفاق الذي يمتد لخمس وعشرين عامًا.
وقالت مصادر بترولية إماراتية إن إيران ترفض تنفيذ اتفاقها مع شركة دانه للغاز، ما لم توافق الشركة على تعديل الأسعار التي تم الاتفاق عليها من قبل بحجة أن الأسعار العالمية زادت بشكل كبير مما تصبح معه الأسعار المتفق عليها غير مناسبة للجانب الإيراني. وتضيف هذه المصادر أن الشركة وافقت على زيادة معتدلة لكنها ترفض دفع النسبة التي تطلبها إيران .
وترى المصادر الإماراتية أن نقض إيران لاتفاقها مع الشركة الإماراتية وضع مصداقية إيران على المحك خاصة وان الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد كان قد عرض في أثناء حضوره للقمة الخليجية التي عقدت بالدوحة تزويد دول الخليج بالغاز. وتبدي أوساط إماراتية تحفظات على فكرة استيراد الغاز من إيران، وترى أن إيران يمكن أن تستخدم الغاز كورقة سياسية في علاقاتها مع الإمارات التي تنازعها السيادة على ثلاث جزر احتلتها إيران عشية قيام دولة الإمارات في العام 1971. وكانت دبي قد فكرت في استيراد الغاز من إيران إلا أن ابوظبي التي تملك اكبر احتياطات من النفط والغاز بين الإمارات المكونة للاتحاد بادرت إلى تقديم الغاز لدبي لقطع الطريق أمام اتفاق قد يكون فيه ملمح سياسي. وبالنسبة إلى الشارقة فإن مصادر إماراتية تقول انه مختلف باعتبار انه علاقة بين شركات ولا تتدخل به الحكومة بشكل مباشر.
وتقول إيران إن كميات الغاز التي تعهدت بها لشركة دانة غاز ستحول للسوق الداخلي في إيران إذا لم يتم الاتفاق على سعر مناسب. وقد أشار وزير النفط الإيراني مؤخرًا إلى أن شركة النفط الوطنية الإيرانية أكملت مؤخرًا دراسات بشأن إنشاء خط غاز بديل للخط الذي كانت تعتزم استخدامه في نقل الغاز الإيراني إلى الشارقة. وسيعمل الخط البديل المشار إليه في حال تنفيذه على إيصال الغاز من مكامنها إلى ميناء اسالويم الإيراني لتسخدمه في حقن أبار النفط الإيرانية وهي عملية ضرورية من عمليات الإنتاج البترولي .
وكانت إيران قد وقعت قبل سنوات مع الشارقة اتفاقا لتزويدها بالغاز بسعر تفضيلي، وهو ما أعطى شركة دانه للغاز ميزة نسبية انعكست على أسعار أسهمها، إلا أن تعثر الاتفاق فيما بعد أدى إلى تراجع الأسعار إلى مستوى قريب من سعر الاكتتاب بعد أن كانت قد وصلت عند طرحها للتداول إلى أكثر من خمسة أضعاف.
وكان الاتفاق الأصلي بين إيران وشركة الدانة قد وقع عام 2001 ووقعه عن دانه التي لم تكن قد أسست بعد، شركة الهلال المملوكة لحكومة الشارقة والتي تملك حصة رئيسة في شركة الدانة. وبموجب الاتفاق سيتم استيراد الغاز من حقل سلمان الإيراني بأسعار قيل إنها اقل من الأسعار العالمية . وقد أدى ارتفاع الأسعار مؤخرًا إلى جعل الأسعار المتفق عليها متدنية جدًا قياسًا للأسعار العالمية. ويقول الإيرانيون إن تطوير بعض المكامن في حقل سلمان لتصدير إنتاجها إلى الشارقة سيأخذ بعض الوقت، وإن الإمدادات من الحقل لن تصل إلا في منتصف العام الحالي في حال تم الاتفاق على مراجعة الأسعار. ويقولون إن الأسعار في حينها يمكن أن تكون أكبر بكثير من الأسعار الحالية الأمر الذي يجعل مراجعة الأسعار أمرًا لا بد منه .
وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق بين إيران وشركة الدانة يقضي بتزويد الأخيرة بحوالى 116 مليار متر مكعب من الغز موزعه على مدى 25 عامًا بمعدل يومي يصل إلى ما بين 330 و660 مليون متر مكعب .
ومنذ التوقيع على الاتفاق قامت شركة دانه غاز التي تعد أول شركة غاز طبيعي خاصة في الشرق الأوسط باستكمال البنية التحتية اللازمة لاستيراد الغاز الطبيعي وقد تكلفت المنشئات الخاصة بذلك عدة مليارات وشملت بالإضافة إلى شبكة الأنابيب محطات الاستيراد والتوزيع. وقد تأسست الشركة عام 2005 برأسمال بلغ حوالى 6 مليارات درهم أي ما يقرب من 1.6 مليار دولار. وتمتلك الشارقة ما نسبته 32 في المئة من الأسهم موزعة على عدد من المؤسسات المملوكة لها مثل شركة الهلال للنفط وبنك الشارقة، إضافة إلى 300 مساهم مؤسس وتم طرح باقي الأسهم للاكتتاب في شارك فيه آلاف المستثمرين بمن فيهم مستثمرين من دول التعاون .
وسيتم استخدام الغاز المستورد من إيران لتوليد الطاقة في الشارقة وبعض المناطق في دبي. وتمتلك الإمارات خامس اكبر احتياط للغاز في العالم بعد روسيا وإيران وقطر والسعودية إلا أن الغاز الإماراتي في معظمه غاز مصاحب للنفط الأمر الذي يجعل عملية فصله عملية مكلفة للغاية، فضلاً عن أن زيادة إنتاج الغاز يقتضي منها زيادة إنتاجها النفطي وهو إنتاج تحكمه الأوضاع العالمية للسوق النفطية وكذلك التزامات الإمارات تجاه الاوبيك التي تعد عضوًا مؤسسًا فيها .
وقد لجأت دولة الإمارات إلى خيارات أخرى للحصول على احتياجاتها المستقبلية من الغاز منها مشروع الدولفين العملاق لنقل غاز الشمال القطري إلى الإمارات والذي وظفت فيه استثمارات مباشرة زادت عن 3 مليارات دولار فيما يتوقع أن يساهم المشروع في تحفيز استثمارات مكملة تزيد عن 10 مليارات دولا وتغطي مشروعات صناعية وخدمية مختلفة .
ويتوقع أن يصل الطلب على الغاز في الإمارات بحلول عام 2010 إلى أكثر من42 مليارًا متر مكعب ثم إلى أكثر من 51 مليارًا عام 2015 والى 63.2 مليارًا في عام 2020 . كما أن دولة الإمارات في إطار سعيها إلى تأمين بيئة نظيفة تبحث خيار استخدام الطاقة النووية وتبحث هذا الأمر مع شركات عالمية.
الله يوفق الجميع