بقلم – عبدالله الجعيثن صحيفة الرياض

يرد في تحليلات بعض الكتاب الغربيين عن أزمة الاقتصاد العالمي عبارة (كُلُّ شيء تغيّر فجأة) في إشارة إلى انهيار كثير من المصارف والشركات وحدوث أزمة الائتمان وحصول الانكماش الاقتصادي وتسارع أشباح البطالة وصراع المؤسسات الكبيرة قبل الصغيرة من أجل البقاء، وتداعي الأمم لمواجهة الأزمة العنيفة التي حدثت فجأة كما يزعمون.. والواقع أنه لاشيء يتغير بهذا الميل الحاد العنيف فجأة، بين يوم وليلة، فما حصل له جذور بعيدة المدى، وكان كالسوس الذي ينخر أسنان الاقتصاد العالمي منذ سنوات حتى وصل إلى العصب فصرخ العالم من الألم، ربما فوجئ كثيرون من شدة الألم وانتشاره في جميع أسنان الاقتصاد العالمي وأعصابه وشرايينه ولكن مسببات ذلك الألم الحاد كانت موجودة من أكثر من عشرين سنة تنخر في جسد الاقتصاد العالمي ببطء ومثابرة ولا يحس الجسد بالألم الفظيع حتى يصل النخر إلى العصب والقلب..
والسوس الذي كان – ولا يزال مع الأسف – ينخر أسنان الاقتصاد العالمي يتمثل أولاً في زيادة الاستهلاك على الإنتاج بأضعاف، وخاصة في المجتمع الأمريكي الذي اعتاد على البذخ والرفاه معتمداً على القروض والمزيد من القروض وطبع النقود وتدوير العجز التجاري وتقويم المشكلة وتأخيرها ثم ضمان القروض بقروض أخرى كمن يغسل الدم بالدم..

إن المجتمع الغربي – أمريكا أولاً وأوروبا ثانياً – الرواتب فيه عالية، والقروض طاغية والإسراف على حساب المستقبل هو السائد بعكس الصين مثلاً حيث الأجور متدنية بالإنفاق أقل من الاستهلاك..

مجتمعنا الخليجي ونحن السعوديون أشبه ما نكون في سلوكنا المسرف بالأمريكان نصرف بغير حساب ونقترض ونبدل منازلنا وسياراتنا بلا سبب ونسافر ببذخ وقلّ فينا من يدخر ويحسب حساب المستقبل، وقلّ منا الذي ينتج أكثر مما يستهلك، والذي يصرف على قدره، فضلاً عن الذين يقترضون – مجمعين – المليارات لتذهب هباءً منثوراً في تغيير مفروشات واستبدال سيارات صالحة أخرى.. جخ وأسفار مكرورة.. وعشق مموج للمظاهر على حساب المستقبل والجوهر..

ليست المشكلة في تهاوي أسواق الأسهم في العالم وفقدان الثقة وتراجع الاقتصاديات، فهذه أعراض أما المشكلة الحقيقية فهي زيادة الاستهلاك على الإنتاج، وغلبة التبذير على التدبير، وانفتاح الشهية المرضي على القروض والديون، وما لم يتعدل هذا السلوك والمرضي على مستوى الأفراد والمجتمعات والشركات والأعمال فإن أي علاج آخر إنما هو مسكنات مؤقتة لا تنفع ولا تعالج أصل المرض.

ارباب

9 thoughts on “أساس المشكلة الاقتصادية

  1. المشكله عندنا هي مثل ما قال الكاتب…محاوله غسل الدم بالدم…ولا زال هناك تشجيع على التمويل من البنوك والدخول في دوامه الربا ..

    اسلم اخوي ارباب على النقل

  2. بقلم – حسين شبكشي صحيفة الشرق الأوسط

    الأزمة المالية تتجه لمزيد من التصعيد على الصعيد العالمي، وخصوصا بالنسبة للوضع الاقتصادي بالولايات المتحدة الأمريكية، فهناك حالة مقلقة فيما يخص معدلات البطالة المستمرة في الارتفاع مع استمرار حركات فصل الموظفين الذي تقوم به الشركات هناك لأجل تقليص النفقات وخفض المصاريف بأي وسيلة كانت حتى ولو كانت على حساب التكلفة الاجتماعية الباهظة الثمن. بالرغم من تصاعد المؤشرات الخاصة ببورصات أسواق الأسهم في أكثر من دولة حول العالم إلا أن هناك قناعة كبيرة بأن الضرر المالي كبير جدا، وأن ما يحدث ما هو إلا مسألة مؤقتة جدا لأن الأساسيات الاقتصادية تعاني من خلل بالغ بحاجة إلى علاج جذري وطويل الأجل. هناك حديث متجدد وشديد الحساسية متعلق بوضع الدولار الأمريكي، الذي يؤكد الكثيرون أن أوان إعادة تقييمه وإعادة النظر في سعر صرفه قد أزف، وأن تخفيض قيمته هي مجرد مسألة وقت ليس إلا. وحدث كهذا من شأنه أن يغير في الكثير من الفرضيات وقواعد اللعبة المالية اليوم. الكثيرون يعتقدون أنه لا خيار حقيقيا أمام أمريكا سوى تخفيض قيمة عملتها لتحفيز الصادرات منها وإعادة الأمل في إمكانية تعديل وضع ميزانها التجاري السلبي مع دول كثيرة لعل أهما الصين. ولكن هل هذه الخطوة العنيفة والقوية ستكون كافية لإعادة الأمور إلى نصابها؟ هناك مطالبة عالية الصوت بالعودة إلى العقلانية الاقتصادية والبديهيات، بمعنى عدم صرف ما لا تملك، بدلا من التوسع الإقراضي بالشكل الهستيري الذي كانت عليه الأمور. إذن المسألة معنية أساسا بالقدرة على الصرف وتقنينه هكذا ببساطة.
    كنت في سهرة جميلة جمعتني مع بعض الأصدقاء، وكنا نتجاذب أطراف الحديث في شؤون شتى من ضمنها الشأن الاقتصادي العالمي وتداعياته وآثاره المتوقعة على الأسواق العربية تحديدا. فما كان من أحد الأصدقاء سوى القول وبصوت هادئ: «أنا لدي الحل الكبير لهذه المعضلة»، فالتفتنا إليه بدهشة وفضول وقلنا: «تفضل وأبلغنا بما لديك»، فابتسم وقال: «أعطوا العيش لخبازه»، فعلق أحدنا «ما المقصود بذلك؟»، فقال: «أنا أقترح إنشاء مجلس أعلى عالمي أو فلنقل مجلس أعلى عربي للتوفير، ويضم في عضويته ممثلين من دمشق ودمياط وبريدة وحضرموت»، فنظرنا إليه متعجبين من هذا الجواب الغريب، فأضاف «أعلم أنكم مندهشون ومستغربون مما قلت، ولكننا الآن مقبلون على فترة اقتصادية عصيبة جدا وأن المعيار فيها سيكون على من يقدر التحكم في الصرف وليس التوسع فيه وإغراق نفسه بالقروض والديون كما حدث، وهذه المدن لديها إرث كبير من المعرفة في كيفية التوفير وتقنين وسائل الصرف». ما بين الجد والهزل وما بين الضحك والصرامة، انتقل الحديث إلى تفاصيل أكبر وأعمق، ولكن حتما هناك فكرة تبلورت، وهي أن الفترة القادمة هي فترة توفير بامتياز، ومن ينجح في الحفاظ على «قيمة» أمواله لأطول فترة سينجح في العبور من خندق هذه الأزمة الخانقة بأقل الأضرار المادية الممكنة. القرارات الصعبة قادمة ولا شك ما بين فصل موظفين أو تخفيض رواتب ونفقات وإلغاء مشاريع وإعادة تقييم عملات، ولكن يبقى المجال دائما لطرح الأفكار المنطقية والبسيطة ذات المغزى الكبير، وعليه فإن التوفير بمفهومه المبسط يبدو منطقيا جدا ويبقى التحدي في كيفية تطبيقه وبسرعة.

    بو حضرم معروفين في التوفير عاد الحينه ما بيصدقون في ازمة الفلس ما بيظهر الى بلعافية

Comments are closed.