إخلاء مسؤوليات الأسواق عن الارتفاعات غير المبررة

في الأسواق الناشئة وغير الناضجة تتخذ كل الإجراءات والاحتياطات وتوضع التعليمات من قبل الجهات الرقابية لحماية حقوق المستثمرين ويأتي في مقدمتها وضع سقف أعلى لارتفاع سعر أسهم أية شركة خلال جلسات التداول وأيضاً وضع حد أدنى لانخفاض سعر أسهم أية شركة خلال جلسات التداول.

وفي أسواق الإمارات فإن النسبة المسموح بها لارتفاع سعر أسهم أية شركة في سوق أبوظبي للأوراق المالية خلال يوم واحد من التداول 10 في المئة وفي سوق دبي المالي 15 في المئة والهدف من وضع هذه النسبة تأكد السوق من عدم وجود معلومات جوهرية أو معلومات مهمة تؤثر على المركز المالي للشركات وغير مفصح عنها للعموم وبالتالي عدم استفادة المطلعين أو أي جهة من معلومات داخلية على حساب باقي المتعاملين وهذا بالطبع يعزز عدالة التعامل في الأسواق المالية.

وبالتالي يفترض بإدارة الأسواق المالية ومن أجل إخلاء مسؤولياتها الاتصال بإدارة الشركات التي يحدث تداول غير طبيعي على أسهمها، أو طلب كبير ومفاجئ يؤدي الى ارتفاع سعر أسهمها الى النسبة المسموح بها للارتفاع باعتبار ان ارتفاع سعر أسهم أية شركة 10 في المئة أو 15 في المئة خلال يوم واحد يجب أن يقابله تغير في المركز المالي لهذه الشركة سواء آنيا أو مستقبليا أدى الى هذا الارتفاع في السعر وبحيث يرتبط تطور سعر أسهم أية شركة بتطور مستوى أدائها، والملاحظ في أسواقنا المالية العديد من الحالات التي ترتفع فيها الأسعار الى المستويات العليا المسموح بها ولا نسمع من الشركات أو من الأسواق أي توضيح.

وآخر هذه الحالات ما حدث على أسهم شركة أركان لمواد البناء خلال الأسبوع الماضي وحيث ارتفع سعر أسهم الشركة لمدة ثلاثة أيام متتالية الى النسبة العليا المسموح بها في سوق أبوظبي وهي 10 في المئة يومياً بالرغم من أن الشركة أفصحت عن نتائج أعمالها عن فترة التسعة شهور الأولى من هذا العام قبل حوالي شهرين وتفاعل السوق مع هذه النتائج حيث ارتفعت قيمة أرباحها الصافية من 129,10 مليون درهم خلال التسعة شهور الأولى من عام 2006 إلى 143,67 مليون درهم خلال نفس الفترة من هذا العام ونسبة نمو أرباح الشركة بلغت 11,28 في المئة وهي نسبة متواضعة مقارنة بمتوسط نسب نمو ربحية شركات قطاع مواد البناء والتي بلغت 43,4 في المئة واستناداً الى ربحية الشركة خلال التسعة شهور الأولى من هذا العام فإن التوقعات أن تبلغ ربحيتها خلال هذا العام حوالي 200 مليون درهم وهذا الربح يعادل ما نسبته 11,4 في المئة من رأس مال الشركة والذي تبلغ قيمته 1750 مليون درهم أي أن ربحية السهم الواحد 11,4 فلس فقط خلال هذا العام.

واستناداً الى ربحية الشركة وإغلاق يوم الخميس الماضي والذي بلغ 4,11 درهم فإن مضاعف سعر أسهمها يبلغ 37,3 مرة وهو سعر مرتفع إذا لاحظنا ان متوسط مضاعف السوق يوم الخميس الماضي بلغ 16,20 مرة ومتوسط مضاعف سعر أسهم شركات الخدمات 15,4 مرة وبالتالي فإن ما يحدث على أسهم الشركة استناداً الى مؤشرات أدائها ومؤشرات تقييم أسعارها هو من باب المضاربة وبالتالي أعتقد أن من واجب إدارة سوق أبوظبي والمعروف عنها حرصها على حقوق المساهمين في الشركات المدرجة فيها الاتصال بإدارة الشركة والتأكد من عدم وجود معلومات وإبلاغ المستثمرين من خلال موقعها الإلكتروني، ومن خلال وسائل الإعلام بعدم وجود أية معلومات مهمة أدت الى هذه المضاربة، حيث إن عدم الافصاح عن هذا الموضوع أدى الى خلق بيئة مناسبة للاشاعات المختلفة وآخر هذه الاشاعات التي سمعتها يوم الاربعاء من أحد المستثمرين نية الشركة زيادة رأسمالها مع العلم ان نسبة 70 في المئة من رأس مال الشركة ما زال مودعا لدى البنوك ولم يدخل في رأس مال الشركة العامل وبالتالي ما تزال أرباحها متواضعة ومبيعاتها أيضاً متواضعة.

أما الموضوع الآخر الذي أود الاشارة إليه ونؤكد على مراقبته والتأكد من مصداقيته فهو تقييم الأسعار العادلة لأسهم بعض الشركات من حيث المبالغة في تقييم أسعار أسهم بعض الشركات والتحفظ على أسعار أسهم شركات أخرى وآخر هذه التقييمات السعر المستهدف لشركة دبي للاستثمار حيث حددت المجموعة المالية هيرميس السعر المستهدف لسهم شركة دبي للاستثمار عند مستوى 3,95 درهم بما يقل بنسبة 26 في المئة عن سعره السوقي عند مستوى 5,35 درهم.

ونصحت المجموعة بتقليل الاستثمار في أسهم الشركة في المدى القصير مقابل توصية محايد في المدى البعيد والواقع أنني تلقيت عدد ضخم من المكالمات للاستفسار عن حقيقة هذا الموضوع خاصة وان الشركة حققت نموا متميزا في صافي أرباحها بلغت نسبته 44,3 في المئة خلال التسعة شهور الأولى من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ويتوقع ان تصل قيمة أرباحها الاجمالية خلال هذا العام الى حوالي 1,5 مليار درهم ومضاعف سعر أسهم الشركة إغلاق يوم الخميس الماضي بلغ 9,10 مرة استناداً الى تقارير بنك أبوظبي الوطني وهو من الأسهم الرخيصة حسب مضاعف سعره عن مستوى 5,54 درهم إغلاق يوم الخميس، حيث ارتفع سعر أسهم الشركة الأسبوع الماضي بنسبة 3 في المئة متجاهلاً تقييم المجموع لأسهم الشركة وهذا التجاهل تعود أسبابه الى عدم وجود مبررات منطقية معلنة لهذا التقييم سواء من حيث توقعات الأداء في المستقبل أو سجلها في الماضي أو طبيعة مصادر دخلها أو مخاطر عملها تؤدي الى انخفاض سعرها السوقي عن سعرها الحالي، وإدارة شركة دبي للاستثمار يفترض بها الإفصاح حفاظاً على حقوق مساهميها عن أية ملاحظات على تقييم المجموعة لأسهمها وما اذا كانت هيرمس قد حصلت على معلومات من الشركة لاحتساب سعرها العادل.

ومراقبة التقارير التي تصدرها بعض الجهات أصبحت ضرورة للتأكد أولاً من عدم وجود تضارب في المصالح وثانياً من مصداقيتها وتوقيت نشرها وعدم استغلالها في ظل ضعف الاستثمار المؤسسي في أسواقنا المحلية وضعف الوعي الاستثماري وسيطرة سيولة المضاربين على حركة الأسواق وبالتالي نشر التقارير والبحوث المستقلة تحدياً لأسواق الخليج المال

الدباس