جريدة الأتحاد
الكاتب : محمد الحمادي

مفارقة عجيبة نشهدها هذه الأيام في الإمارات، ففي الوقت الذي تزداد فيه ثروة البلاد وتشهد جميع إمارات الدولة استثمارات وصفقات بمليارات الدولارات، نسمع أصوات مواطنين يطلبون المساعدة، ونرى عدد المحتاجين من المواطنين يزداد. ولو رجعنا بذاكرتنا قليلاً إلى الوراء قبل عشر سنوات أو أقل سنكتشف أن أمور المواطنين كانت أفضل بكثير مما هي عليه اليوم–رغم أن سعر النفط كان أقل، والاستثمارات لم تكن بهذا الحجم- فلم يكن هناك من المواطنين محتاج، أو على الأقل لم نكن نسمع صوتهم في العلن، وذلك إما لأنهم كانوا متعففين، أو أنهم كانوا يجدون من يساعدهم في الخفاء، وفي كلا الحالتين لم تكن المشكلة كبيرة وعددهم كان محدوداً جداً.

مؤخراً بدأنا نرى تزايداً واضحاً في أعداد المواطنين المحتاجين “وهم يظهرون أكثر في شهر رمضان”، فبعد أن كانوا يقفون في طوابير طويلة أمام دواوين الحكام صاروا اليوم يتكلمون في العلن من خلال وسائل الإعلام المختلفة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية ويسمع العالم بأسره صوت المواطن الإماراتي وهو يستجدي “على الهواء مباشرة”!.. وغريب جداً أن يطلب مواطن من الإمارات من يساعده كي يوفر احتياجات أبنائه للمدارس. وكم هو صعب أن نسمع صوت أم إماراتية تطلب من الجمعيات الخيرية من خلال الإذاعة أن تساعدها لكسوة أطفالها في العيد. فهذا يعني أن هناك أسراً لا تمتلك إلا قوت يومها، ولا تملك عدة مئات من الدراهم كي تصرفها على أطفالها في المناسبات!

هذا وضع جديد، وقبل أن نطالب بأي دعم، أو أية حلول يجب أن نكون منصفين، فالدولة قدمت الكثير لأبنائها المواطنين على مدى سنوات طويلة وما تزال. لكن وللأسف إن أغلب هؤلاء هم الذين وضعوا أنفسهم في هذه المواقف بسبب سوء التقدير أحياناً وسوء التصرف أحياناً أخرى. والملفت أن أغلب من يطلبون هم من الشباب ويفترض أن تكون أمورهم جيدة، لكن الديون عند البعض وسوء التصرف عند البعض الآخر أوصلهم إلى هذه النتائج.

دعم دور صندوق الزكاة من قبل الحكومة صار أمرا في غاية الأهمية قبل أن يصل إلينا الفقر ويصبح بين مواطني الإمارات فقراء.

ما أصاب هذه الأسر، يمكن أن يصيب أية أسرة في أي مكان في العالم، ولكن لأننا دولة صغيرة وثرواتنا كبيرة، فإن هذه الحالات تكون واضحة وصارخة، لذا فإننا نفترض أن لا تكون عندنا هذه الظاهرة… لذا يفترض ألا يصل المواطن، بل حتى المقيم على أرض كالإمارات لمد اليد والسؤال للمساعدة، فالخير كثير في هذا البلد لكن عدم وجود نظام للمساعدات والتكافل الاجتماعي جعل هذه المشكلة تطفو، ولا اعتقد أن هناك أفضل من الزكاة ومصارفها المعروفة للقضاء على هذه المشكلات وغيرها. قد يقول البعض إن وجود هذه الطبقة من المواطنين المحتاجين الذين لا يملكون إلا قوت يومهم من النتائج الطبيعية للطفرة والانفتاح العقاري والاستثماري الذي تشهده الدولة. وهذا صحيح لكن ما يجب ألا يجعل هذا الوضع يستمر طويلاً، هو أننا في بلد غني وفي وقت وصل فيه سعر برميل النفط إلى أرقام عالية، وبالتالي، فإن دخل البلد من النفط ازداد كما أن الاستثمارات في تزايد مستمر. ويجب أن نتساءل ما الذي نتوقعه من مواطن يجد كل هذه الأمور من الاستثمارات والنفط تتطاير حوله ومن فوقه وهو جائع، لا يستطيع أن يكسي أطفاله أو يجهزهم للمدارس أو يشتري لهم ملابس جديدة للعيد؟!

منذ أشهر قرأت تقريراً صحفياً مثيراً عن الزكاة في الدول العربية، والذي أكد على أن زكاة مال تجار السعودية ومصر فقط تؤدي إلى عدم وجود أي فقير أو متسول في الوطن العربي بأسره. أما لو أخرج تجار الخليج زكاة أموالهم لما بقي فقير أو متسول من المسلمين.. والمفارقة أن أغلب الفقراء والمتسولين من المسلمين!

في الإمارات قرابة 150 ألف شركة محلية وأجنبية، وهي تجني أرباحاً سنوية بمئات الملايين من الدرهم، ولن يضرها كثيراً لو اقتطعت 2.5% من أرباحها، كي تساهم في دعم استقرار المجتمع… بعض التجار والشركات سيقولون إنهم يتصرفون بأموال الزكاة بطريقتهم الخاصة. فاعتقد أن ذلك يجب أن لا يستمر لأن من الواضح أن طريقتهم غير صحيحة، وإلا لما ظهرت على السطح تلك الحالات الصارخة لمواطنين يمدون أيديهم لطلب المساعدة!

البعض الآخر من التجار سيقولون لماذا ندفع والحكومات مسؤولة عن مواطنيها وجميع الحكومات العربية تستطيع أن تساعد مواطنيها وحكومات دول الخليج ثرية وليست بحاجة إلى صدقات التجار كي يحلوا مشكلات المواطنين المالية؟ وغير ذلك من الردود الجاهزة لدى تجارنا الكبار! ويجب أن نؤكد أننا نتكلم عن الزكاة التي هي فرض على كل مسلم، وفي الوقت نفسه نتكلم عن المسؤولية الاجتماعية للتجار وللشركات، حيث يفترض أن تساهم في استقرار المجتمع وجزء من الاستقرار أن لا يكون هناك عدد كبير من المحتاجين.

إننا نعيش في بلد ثري ولله الحمد، ولدينا قيادة حكيمة ورحيمة تتابع شؤون المواطنين أولاً بأول، وتحاول أن تساعدهم وبالطبع هذه مسؤولية الحكومة، لكن الجانب الآخر المهم هو دور القطاع الخاص والتجار، فيجب ألا يتوقف دورهم في جمع المال وزيادة أرباحهم دون القيام بواجباتهم الاجتماعية تجاه مجتمعهم.

الشركات الأجنبية التي تعمل في الدولة، والتي لا تنطبق عليها فريضة الزكاة هي أيضاً مطالبة بأن يكون لها دور اجتماعي في البلد وأن تشارك في خدمة المجتمع، فهي في دول أخرى تساهم وتخصص ميزانيات لخدمة المجتمع، لكنها عندما تأتي إلينا تكتفي بجمع الأموال وزيادة الأرباح، وهذا قد لا يكون عيبا فيها وإنما لقصور في قوانيننا وأنظمتنا المحلية.

أما دور الحكومة في هذا المجال، فيجب أن يكون واضحاً وصارماً في وضع القوانين التي تنظم دفع الشركات والتجار لزكاة أموالهم، وإذا ما كان الذي ذكره التقرير السابق صحيحاً فهذا يعني أن هناك مليارات من الدراهم يمكن أن يحتويها صندوق الزكاة ومن خلالها تتم مساعدة المحتاجين وستفيض تلك الأموال ليستفيد منها آخرون في دول أخرى. وبالطبع لا يكفي أن نجمع الأموال فالأهم أن نعرف كيف وأين نصرفها.

النقطة الرئيسية في المشاركة الاجتماعية للتجار والشركات والمسؤولية الأولى في هذه المسألة تقع على الحكومة التي يفترض أن تضع القوانين والأنظمة التي تنظم عملية تحصيل أموال الزكاة وتحصيل المساهمات المالية من الشركات كما يجب عليها أن تطبق العقوبات على الشركات والتجار المتخلفين والمتخاذلين في دفع الزكاة من خلال صندوق الزكاة وليس من أي جهة أخرى وذلك حتى تنظم العملية وتكون واضحة.

وعلى الحكومة أن تدعم صندوق الزكاة الذي أنشئ في الإمارات منذ العام 2003 وما يزال يعاني الكثير للقيام بدوره في المجتمع وما تزال الأموال التي يتلقاها محدودة جداً، بل لا تكاد تذكر إذا ما قارناها بحجم الأعمال والأرباح التي تشهدها سوقنا المحلية سنوياً، وبالتالي فإن دعم دور الصندوق من قبل الحكومة أمر صار في غاية الأهمية قبل أن يصل إلينا الفقر ويصبح بين مواطني الإمارات فقراء..

19 thoughts on “إماراتيون محتاجون “على الهواء مباشرة”!

  1. سوء التقدير . و الديون .

    هالنقطتين اللي خلتنا متلتهين .

    الحكومه ماقصرت . يبقى دور المواطن بكيفيه التصرف .

  2. قالت صحيفة الجارديان البريطانية ان مجموعة ابو ظبي المتحدة للاستثمار، والتي تمتلك حاليا نادي مانشستر سيتي الانجليزي، تعتزم عرض مبلغ 240 مليون دولار لشراء لاعب كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو.
    ويلعب رونالدو، الذي يبلغ من العمر 23 عاما، في الوقت الحالي لنادي مانشستر يونايتد الانجليزي.
    ونقلت “الجارديان” عن سليمان الفهيم، الذي يمثل المجموعة في نادي مانشستر سيتي، انه يعتزم بحث امكانية ضم مجموعة اخرى من اشهر اللاعبين للنادي، من بينهم الاسباني فرناندو توريز لاعب ليفربول الانجليزي، واسباني آخر هو شيسك فابريجاس لاعب الارسنال.
    ومضى الفهيم يقول ان النادي يبحث ايضا ضم لاعبين اصحاب خبرة مثل تيري هنري لاعب برشلونة لتكوين “فريق الاحلام” الذي سيكون بمقدوره المنافسة على بطولة الدوري خلال موسمين او ثلاثة.
    واضاف الفهيم ان رونالدو يمثل تحديا كبيرا للنادي، و”ان نادي ريال مدريد، الذي يرغب رونالدو في الانتقال اليه، قدر قيمته بنحو 160 مليون دولار، “لكن بالنسبة للاعب مثل رونالدو اعتقد انه سيكلف اكثر من ذلك.. ربما 240 مليون دولار“.
    واضاف الفهيم ان نادي مانشستر سيتي يعتزم ان يكون اكبر نادي في العالم، متفوقا على ريال مدريد ومانشستر يونايتد.
    واوضح الفهيم ان النادي لن ينفق على اي لاعب، ولكن على افضل لاعبي العالم طالما ان مدرب الفريق يرى انه بحاجة اليهم
    وكانت مجموعة ابو ظبي قامت بشراء النادي من مالكه ثاكسين شيناوترا، رجل الاعمال ورئيس وزراء تايلاند السابق، بمبلغ 200 مليون جنيه استرليني.
    وبعد ساعات من اعلان الصفقة نجح مالكو النادي الجدد في ضم نجم الكرة البرازيلي روبينيو، الذي كان يلعب لنادي ريال مدريد الاسباني، بمبلغ 32.5 مليون جنيه استرليني على الرغم من انه اوشك على التوقيع لنادي تشيلسي.
    كما حاولت مجموعة ابو ظبي شراء الهداف البلغاري ديمتري برباتوف، وعرضت مبلغ 30 مليون جنيه استرليني مقابل انتقاله من توتنهام الانجليزي، الا ان مانشستر يونايد نجح في اقتناصه.

    200 مليون جنيه استرليني + 240 مليون دولار + 30 مليون جنيه استرليني + ا60 مليون دولار = ما أعرف كم بالضبط بيطلع الناتج لكن أتوقع رقم خيالي ، لو إستغلوا المبلغ هذا في بناء بيوت اللمواطنين و مساعدة الشباب على الزواج …………!!!!!


  3. من الاسباب الرئيسية التي ادت الى تدني المستوى المعيشي لكثير من المواطنين هي:

    1- عدم مواكبة رواتب المواطنين للتضخم المعيشي لفترة طويلة

    2-عدم تخصيص ولو جزء بسيط من المشاريع التنموية الهائلة للمواطنين ولو حدث ذلك متأخرا لفئات وظيفية معينة.

    3- سيطرة الاسيويين على معظم الاسواق وتحكمهم بالاسعار.

    4- الزيادات المطردة في الاسعار بحيث وصلت بعضها الى فوق 500% خلال بضع سنوات.

    5- ارتفاع اسعار النفظ والديزل من 70 دولار الى ان لامست 140 دولار في اقل من سنة (بالرغم من ان هذا لصالح الدولة) مما ساهم في التضخم عالميا وبالاخص الامارات، استغلو التجار هذا الارتفاع برفع اسعارهم بشكل عشوائي.

    6- وزارة الاقتصاد في واد والمواطنين في واد اخر.

    7- حماية المستهلك..حبر على ورق.

    8- استمرار ارتفاع اسعار العقارات وبشكل جنوني وعدم قدرة المواطن على بناء منزل واضطراره الى استقطاع جزء كبير من راتبه للايجار.

    9- ازالة الامتيازات تدريجيا عن المواطنين وبمحاربة من الاجانب.

    10- جشع المواطنين التجار وتضخم اموالهم ، وبعضهم وصلت حساباتهم الى مليارات في فترة زمنية قصيرة على حساب الفقراء، والكثير منهم يجهل اهمية اخراج الزكاة والصدقات.

    11- تفاوت ما بين رواتب المواطنين والاجانب سواء في القطاع الحكومي او الخاص، حيث الاجنبي يدفع عنه السكن والكهرباء والاتصالات وسيارة ويحصل على اشتراكات ترفيهية في ارقى النوادي وتذاكر سفر له ولعائلته على درجة رجال اعمال، بينما المواطن كل بدلاته على بعض لا تكفي لايجار فيلا.

    وهناك الكثير…لكن سأكتفي الى هنا.

    .
    .
    .
    .
    .

    سلمت يداك فعلا هذا الواقع وللاسف الطامة الكبرى تلقى السلع الغذائية مرتفعه مرات ومرات لكن للاسف الناس ما تبحث عن البدائل ويكتفون بكلمة آففففففف ويحط السلعه في السله أو العربانه لانه ماحد ياخذ الحين في سله ((( ده كان زمان )))

  4. نتمنى لو الدولة تفرض ضريبه على الشركات على الارباح فقط ، للعلم فقط الضرائب هي العمود الفقري للاقتصاديات في بلدان العالم المختلفة.

Comments are closed.