يقول نبينا صلى الله عليه وسلم
عندما قال لو علمتم مافاتكم من الرزق
حول أثر الذنوب والمعاصي على الفرد
والمضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه الا الله.
1- فمنها : حرمان العلم , فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ,
والمعصية تطفيء ذلك النور .
ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته ,
وتوقد ذكائه , وكمال فهمه ,
فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية
2- ومنها حرمان الرزق :
وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق فترك التقوى مجلبة للفقر ,
فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي .
3- ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله ,
لاتوازنها ولاتقارنها لذة أصلاً ,
ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تَفِ بتلك الوحشة ,
وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة .
فدعها إذا شئت واستأنسِ .
وليس على القلب أمَرُّ من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان .
4- ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس ,
ولاسيما أهل الخير منهم , فإنه يجد وحشة بينه وبينهم ,
وكلما قويت تلك الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم ,
وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم ,
وقَرُبَ من حزب الشيطان بقدر ما بَعُدَ من حزب الرحمن ,
وتَقْوَى هذه الوحشة حتى تستحكم , فتقع بينه وبين إمرأته وولده وأقاربه ,
وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من نفسه ,
وقال بعض السلف إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُق دابتي وإمرأتي .
5- ومنها تعسير أموره عليه ؛ فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه ,
أو متعسراً عليه ؛ وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا ,
فمن عَطَّلَ التقوى جعل الله له من أمره عسرا . ويالله العجب !
كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أُتيَ .
6- ومنها ظلمةٌ يجدها في قلبه حقيقة :
يُحِسُّ بها كما يُحِسُّ بظلمة الليل البهيم , إذا ادلهم ,
فتصيرُ ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ,
فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة , وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته ,
حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ,
كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده
7- ومنها ان المعاصي توهن القلب والبدن :
أما وهنها للقلب فأمر ظاهر , بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية ,
وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته من قلبه ,
وكلما قوى قلبه قوى بدنه ,
وأما الفاجر فإنه وإن كان قوى البدن فهو أضعف شيء عند الحاجة
فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه .
وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم , أحوج ما كانوا إليها , وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم .
8- ومنها : حرمان الطاعة ؛
فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بَدَلَه ,
ويقطع طريق طاعة أخرى ,
فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة , ثم رابعة وهلم جرا
9- ومنها : أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد ,
فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر .
وقد اختلف الناس في هذا الموضع : فقالت طائفة :
نقصان عمر العاصي هو ذهاب بركة عمره ومحقها عليه .
وهذا حق وهو بعض تأثير المعاصي . وقالت طائفة :
بل ينقص حقيقة , كما ينقص الرزق فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا كثيرة تكثره وتزيده ,
وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده .
قالوا ولا تمنع زيادة العمر بأسباب كما ينقص بأسباب
– فالأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة والصحة والسقم والمرض
والغنى والفقر وإن كانت بقضاء الله عز و جل فهو يقضي ما يشاء
بأسباب جعلها موجبة لمسبباتها مقتضية لها .
وقالت طائفة أخرى : تأثير المعاصي في محق العمر إنما هو بأن تفوته حقيقة الحياة ,
وهي حياة القلب . ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي ,
كما قال تعالى ( أمواتٌ غيرُ أحياء ) النحل 12 –
فالحياة في الحقيقة حياة القلب وعمر الإنسان مدة حياته ,
فليس عمره إلا أوقات حياته بالله , فتلك ساعات عمره ,
فالبر والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة عمره ولا عمر له سواها .
يوم يقول ( يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) الفجر 24 – .
10- منها أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا ؛
حتى يَعٌزُّ على العبد مفارقتها والخروج منها ,
كما قال بعض السلف : أن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ,
وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ,
بارك الله فيك
جزاك الله خير
جزيت الجنة
استفدت وايد من موضوغك في ميزان حسناتك ان شاء الله