ودعت محكمة جنايات القاهرة أمس «السبت» حيثيات حكمها بإعدام النائب هشام طلعت مصطفى رجل الأعمال، القيادي البارز بالحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، ومحسن السكري ضابط الشرطة السابق المدانين بقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في دبي، وذلك في اليوم الأخير المحدد للمحكمة بذلك. وقالت المحكمة في حيثيات الحكم، التي قدمتها في 203 صفحات إنها ردت على كل أوجه الدفاع والدفوع التي أبداها المحامون، واستخلصت من أوراق الدعوى 16 دليلا بنت عليها عقيدتها في إدانتها لـ«مصطفى» و«السكري».
وأشارت المحكمة إلى أنها بعد أن أحاطت بوقائع الدعوى وأوراقها من أمر إحالة المتهمين وشهادة الشهود ومرافعات النيابة العامة ودفاع المتهمين، وبعد الاطلاع على وقائع الدعوى، فقد استقر في يقين المحكمة بشأن الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها من إجراءات، أن المتهمين ارتكبا ما أسند إليهما من اتهامات.
وقالت المحكمة إنه ما إن تيقن السكري من إزهاق روح المجني عليها سوزان تميم، تبين له تلوث يديه وملابسه الخارجية بدمها، فتوجه إلى المطبخ وغسل يديه وخلع ملابسه الملوثة بالدماء وهي «تي شيرت» داكن مخطط بقلم رفيع، وبنطال ماركة «نايك»، ولبس بدلا منهما «تي شيرت» أسود بنقوش وبنطالا رياضيا قصيرا، مشيرة إلى أن السكري كان يرتدي هذه الملابس أسفل ملابسه الخارجية المدممة، تحينا لتغيير هيئته للهروب من مكان الجريمة حسب خطته المرسومة مسبقا، وقد ترك حذاءه الذي كان ينتعله آثارا مدممة على أرضية الشقة، وخرج مسرعا من الشقة من دون أن يتأكد من إحكام غلقها وهبط على درج السلم إلى الطابق 21، حيث أخفى ملابسه المدممة المذكورة داخل صندوق أجهزة إطفاء الحريق بالطابق ذاته، ثم استعمل المصعد في النزول إلى الدور فوق الأرضي الذي كانت به المحال التجارية، ثم هبط إلى الشارع حيث تخلص من المطواة المستخدمة في الجريمة بإلقائها في مياه الخليج، وعاد إلى فندق الواحة، حيث كانت الساعة 9.09 صباحا، فقام بتغيير هيئته للمرة الثانية، وهبط إلى استقبال الفندق مغادرا في تمام 9.32 صباحا مستقلا سيارة أجرة إلى مطار دبي حيث حجز على الطائرة المتجهة إلى القاهرة يوم 28 يوليو (تموز) من العام الماضي، والمتجهة في تمام السادسة والنصف إلى القاهرة، وما إن وصل إلى القاهرة حتى اتصل بهشام الذي كان يتابعه هاتفيا طوال مراحل تنفيذ الجريمة.
وأشارت المحكمة أن السكري أبلغ هشام بتمام التنفيذ، حيث تواعدا على الالتقاء في أول أغسطس (آب) التالي بفندق الفورسيزونز حيث سلمه مبلغ مليوني دولار كأجر قتلها.
وأكدت المحكمة توافر الأدلة قبل المتهمين حسبما استخلصتها ونسبتها إلى المتهمين، وذلك بشهادة الشهود وما عرض عليها من مقاطع فيديو وصور مستخلصة من كاميرات المراقبة، وما شهد به المقدم سامح سليم وما تم عرضه من صور ومقاطع فيديو من كاميرات المراقبة بفندقي الواحة والهيلتون وبرج الرمال السكني بتواريخ 24 و25 و28 يوليو (تموز) من عام 2008، وتقرير المقدم أيمن شوكت وما شهد به حول الرسائل النصية المرسلة من محسن السكري إلى هشام طلعت مصطفى، وشهادة خالد الجمل بشأن فحص جهاز «اللاب توب» الخاص بمحسن السكري، وما شهدت به كلارا إلياس الرميلي، وما ورد من مذكرات مكتوبة موقعة من والدي سوزان تميم وشقيقيها. وأضافت المحكمة أيضا فيما يتعلق بالرسائل النصية المتبادلة بين هشام والسكري والشهادات الموقعة من شركات الهاتف المحمول بشأنها، وما جاء من المختبر الجنائي بدبي حول الظرف الموجود بمكان الحادث والبرواز، بمعرفة إدارة الأدلة الجنائية المصرية، مشيرة إلى أن الأدلة قطعت بوقوف المتهمين وراء الجريمة.
وانتهت المحكمة في حكمها إلى أنه ثبت لديها مما سبق أن المتهمين قد ارتكبا وقائع قتل المجني عليها سوزان تميم، فقد تآمرا على قتل امرأة ضعيفة بكل خسة ونذالة وسلكا في سبيل ذلك كل الطرق غير المشروعة، بدءا من محاولة استقدامها حيلة، إلى اختطافها، إلى محاولة قتلها، على غرار ما حدث لأشرف مروان وسعاد حسني، إذ خالف كلا المتهمين ما أمر الله وتحريمه قتل النفس إلا بالحق، وإذ ثبت من الأوراق أن الله منح محسن السكري قوة في البدن وذكاء في العقل استغلهما في الشر وخطط لجريمة قتل سوزان تميم، وظن نفسه قادرا على القيام بها، وصال وجال في سبيل القيام بجريمته إشباعا لشهوة جمع المال، مستغلا ثراء هشام طلعت مصطفى الذي حباه الله بالثراء والنفوذ والسلطان، فاغتر بماله وسلطانه وظن أن الدنيا قد دانت له. وأكدت المحكمة أنها تضع موازين القسط بعد أن أحاطت بالدعوى وظروفها وملابساتها، وبعد أن قامت باستطلاع رأي مفتي الديار المصرية الذي جاء تقريره مؤيدا للقصاص منهما جزاء وفاقا، فإن المحكمة لم تجد سبيلا للرأفة أو الرحمة، بل تعين القصاص منهما حقا وعدلا، والحكم عليهما بالإعدام بإجماع آراء قضاتها.
وكانت المحكمة قد استهلت حيثيات الحكم باستعراض القضية منذ بداية معرفة هشام طلعت مصطفى بسوزان تميم ومراحل علاقتهما التي انتهت بقتل «تميم» العام الماضي.