.:: ابوظبي قديما ::.

جزيرة ابوظبي قديما كما كانت تبدو عند اكتشافها

تقع أبو ظبي على الساحل الجنوبي للخليج العربي وتبلغ مساحتها 67 ألف كم مربع ، وهي عبارة عن جزيرة تتكون من خورين اثنين يصل بينهما من جهة الخلف بحيرة ، وهذا الموقع الاستراتيجي أسهم في عزلتها وجعلها في مأمن من أي هجوم من الخارج. كما كانت إضافة إلى ذلك تتمتع بنظام أمن طبيعي يتمثل في الحماية التي يوفرها الحيد البحري المرجاني من جهة الأمام والصحراء الشاسعة الممتدة من جهة الخلف. وإضافة إلى اكتشاف الماء فيها، فلم يكن من الصعب على أفراد القبائل من بني ياس أن يلاحظوا أن مدخل الجزيرة جهة البحر يشكل أهمية، إضافة إلى فائدته للدفاع الطبيعي من الهجمات البرية ، التي كان حدوثها ممكنا خلال فترة الجزر عبر الموضع الذي يسهل خوضه عند رأس الجزيرة الجنوبي.

مركز مدينة ابوظبي سنة 1962م

وقد تأكدت الأهمية الإستراتيجية لجزيرة أبو ظبي في وقت مبكر، فقد قال عنها هـ هـ. وايتلوك لدى قيامه في 1824م باستطلاع عن الساحل الغربي ، أن الجزيرة رغم فقرها آنذاك وعدم أهميتها سوف تكون لها أهمية كبرى بسبب المرسى الذي تتمتع به قرب الشاطئ والاخوار الواقعة حول الجانبين

ساحل ابوظبي قبل النفط

سيف أبوظبي سنة 1948 الكورنيش حاليا

شاطئ ابوظبي سنة 1961م

ولم يكن من غير الطبيعي وفق هذه الظروف أن يقرر احد البدو المقيمين في الداخل –والذين لم يمتلكوا أي مقر على الساحل بسبب قلة المياه- الالتفات إلى البحر بحثا عن سبل أفضل للعيش . لقد أقام بدو قبيلة بني ياس المزارعون فترة طويلة في الأراضي المحيطة بجزيرة أبو ظبي التي كانت من أكثر المناطق القاحلة والمعزولة في العالم باستثناء واحتي ليوا والبريمي. وكان على هؤلاء العربي المحليين القتال لقرون عدة ضد من يحرمهم من ارض قلما وفرت لهم وسائل العيش ، كما أن حياتهم كانت تتعلق بوجود المياه أو عدم وجودها.

شاطئ أبوظبي

وضمت أول مستوطنة سكنية في أبو ظبي عشرين كوخا من سعف النخيل تم بناؤها حوالي عام 1761م، عندما قام الشيخ ذياب بن عيسى –بعد اكتشاف الماء في الجزيرة – بقيادة شعبه من مقر إقامتهم في ليوا إلى أبو ظبي التي كانت في رأيه المكان المثالي لرجال قبيلته، بسبب موقعها الاستراتيجي ومواقع الدفاع الطبيعية فيها .

منازل البراستي التقليدية في ابوظبي 1962

وقد انتشرت بسرعة أنباء اكتشاف المياه ، وما لبث أن اتسع المكان قبل مرور عامين على ذلك ، وأصبح يضم أربعمائة منزل . وزادت عملية البناء وزاد عدد السكان والمساحة التي يقيمون عليها . وإذ يعود الفضل إلى الشيخ ذياب في تأسيس المستوطنة السكنية الساحلية، فقد حصل تدريجيا على قيادة وزعامة قبيلة بني ياس.وقد استمر شيوخ آل بوفلاح في العيش والإقامة في الداخل لسنوات عدة، رغم أنهم كانوا يمضون الصيف في أبو ظبي خلال موسم الغوص ، ويقومون بزيارات إلى الجزيرة بين حين وأخر .

سوق ابوظبي1962

وكانت مدينة أبو ظبي في هذه الفترة تضم مجموعة من أشجار النخيل موزعة على طول الساحل ، ومجموعة من الأكواخ المبنية من سعف النخيل . وتم تشييد أول معقل لزعماء آل بو فلاح في أبو ظبي بين أشجار النخيل والجزء الخلفي من المدينة . كان هذا المعقل يستخدم مقرا سكنيا للحاكم وحصنا للدفاع ، ويبدوا ببنائه الحجري مميزا بين الأكواخ التي يسكنها القرويون والمبنية من سعف النخيل ، وقد سيطر الحصن على مدخل جزيرة أبو ظبي بموقعه المشرف والبارز من جهة البحر ، وحمى المقر بأكمله ، بل واتخذ لفترة طويلة بمثابة علامة معهودة للسفن المسافرة عبر الساحل.

وكان سكان أبو ظبي يعتمدون في حياتهم على رعي الإبل ، وجني ثمار التمور وصيد الأسماك واللؤلؤ ، ويرتحلون بمواشيهم دائما إلى حيث يتوفر الماء والكلأ.

وفي مطلع الثلاثينات كان الوصول إلى مدينة أبو ظبي يتم عن طريق غير مباشر ، عبر دبي أو الشارقة ، وكانت المياه الضحلة قبالة سواحل المدينة تحول دون اقتراب السفن من الشاطئ . أما اليابسة فكان التنقل فيها يتم ظهور الجمال وأحيانا بالسيارات ، ولذلك كانت إمدادات الغذاء والماء تمثل مشكلة بالنسبة للسكان لعدم توفرها ، وكانت تصل من رأس الخيمة.

حصن المقطع

قافلة تعبر المياه الضحلة امام المقطع خلال الجزر

واستمر هذا الحال إلى أن ظهرت كنوز “الذهب الأسود ” لتبدأ أبو ظبي مرحلة تاريخية جديدة ، قادها بحنكة وحكمة وإصرار وعزيمة لا تلين حاكم تفهم المعنى الحقيقي لهبات الله وسط الصحراء وقدر له أن يبني الواحة الغناء انه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وادخله فسيح جناته وأكمل البناء من بعده الشيخ خليفة بن زايد حفظه الله ورعاه.

…………….
وانتظروو المزيد