الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العلم بالله هو أجل العلوم وأعلاها، وأنفعها عند الله وأسماها،
وكيف لا يكون كذلك،
وهو يعرّف العباد بأعظم من عُرف،
ويقربهم إلى أسمى من عُبد،
فهو يجلي للعبد حقيقة ربه،
ويعرفه صفاته وأسماءه،
حتى يعبده على بصيرة،
ويحبه على علم.
وقد حثَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – أمته على تتبع أسمائه – سبحانه – ومعرفتها وحفظها، ووعدهم جزاء ذلك الجنة،
فقال – عليه الصلاة والسلام – :
( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة )
متفق عليه .
ولا يعني الحديث حصر أسماء الله في تسعة وتسعين اسماً،
وإنما المراد أن الجزاء مرتب ومعلق على إحصاء هذا العدد .
أما جملة أسمائه فلا يعلمها إلا هو ،
كما جاء في الحديث، قال – صلى الله عليه وسلم – :
(أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك )
رواه أحمد .
وقد دفع هذا التحفيز النبوي العلماء إلى تتبع أسماء الله – سبحانه – من أدلة الكتاب والسنة،
فاتفقوا على أسماء، واختلفوا في أخرى،
فإن الله وصف أسمائه بالحسنى أي: التي بلغت الغاية في الحسن، كالعليم والقدير،
وألا يكون اسماً جامداً كالدهر والأبد والشيء،
واقتفينا في ذكر الأسماء الحسنى ما قاله العلماء ونصوا عليه في كتبهم كالقرطبي والرازي والبيهقي وغيرهم ممن ألف في هذه العلم الجليل .
أسماء الله الحسنى
وهو أكبر الأسماء وأجمع معانيها،
وبه ابتدأ الله كتابه الكريم، فقال { بسم الله } (الفاتحة:1)،
وابتدأ به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كتبه ورسائله فكان يفتتحها ب ( بسم الله )،
وأضاف سبحانه كل أسماءه إليه فقال: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها }.
وهو علم على الذات، واسم للموجود الحق الجامع لصفات الألوهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوحدانية لا إله إلا هو،
وهو اسم غير مشتق،
وقيل: مشتق من أله الرجل إلى الرجل يأله إليه، إذا فزع إليه من أمر نزل به، وقيل مشتق من غير ذلك .
ولاسم ( الله ) خصائص منها:
أنه أول أسماء الله، وأعظمها،
وأعمها مدلولاً،
وأنه لم يتسم به أحد من البشر،
وأنه الذي يُفتتح به أمور الخير، تبركاً وتيمناً،
وأنه إذا ارتفع من الأرض قامت الساعة .
وهوايضاً مختص بخواص لم توجد فى سائر أسماء الله تعالى .
الخاصية الأولى :
أنه إذاحذفت الألف من قولك (الله) بقى الباقى على صورة (لله وهومختص به سبحانه كما فى قوله ( ولله جنود السموات والأرض) ،
وإن حذفت عن البقية اللام الأولى بقيت على صورة (له) كما فى قوله تعالى ( له مقاليد السموات والأرض) فإن حذفت اللام الباقية كانت البقيةهى قولنا (هو) وهو أيضا يدل عليه سبحانه كما فى قوله ( قل هو الله أحد )
والواوذائدة بدليل سقوطها فى التثنية والجمع ، فإنك تقول : هما ، هم ، فلا تبقى الواوفيهما فهذه الخاصية موجودة فى لفظ الله غير موجودة فى سائر الاسماء .
الخاصية الثانية :
أن كلمة الشهادة _ وهى الكلمة التى بسببها ينتقل الكافرمن الكفر الى الإسلام _ لم يحصل فيها إلا هذا الاسم ، فلو أن الكافر قال : أشهد أنلا اله إلا الرحمن الرحيم ، لم يخرج من الكفر ولم يدخل الاسلام ، وذلك يدل علىاختصاص هذا الاسم بهذه الخاصية الشريفة
ورد فى قوله تعالى { قل هو الله أحد } (الإخلاص 1)
ومعناه :هو الذى لا شبيه له
ولانظير له
فهو المتفرد فى ذاته وصفاته وافعاله
والواحد الوتر
ولا ولد ولا شريك ولا عدل
ولا يطلق هذا اللفظ على احد فى الإثبات إلا على الله عز وجل
لأنه الكامل فى جميع صفاته وافعاله
ورد في قوله تعالى:{ هو الأول }(الحديد:3)
وفي الحديث:( أنت الأول فليس قبلك شيء ) رواه مسلم .
ومعناه: الذي ليس لوجوده بداية، فكل ما سواه كائن بعد أن لم يكن .
والأول لغويا بمعنى الذى يترتب عليه غيره ،
والله الأول بمعنى الذى لم يسبقه فى الوجود شىء ،
هو المستغنى بنفسه ،
وهذه الأولية ليست بالزمان ولا بالمكان ولا بأى شىء فى حدود العقل أو محاط العلم ،
ويقول بعض العلماء أن الله سبحانه ظاهر باطن فى كونه الأول أظهر من كل ظاهر لأن العقول تشهد بأن المحدث لها موجود متقدم عليها ،
وهو الأول أبطن من كل باطن لأن عقلك وعلمك محدود بعقلك وعلمك ، فتكون الأولية خارجة عنه ،
ورد في قوله تعالى: { هو الأول والآخر } (الحديد:3)
وفي الحديث: ( وأنت الآخر فليس بعدك شيء ) رواه مسلم ،
ومعناه: الذي ليس لوجوده نهاية،
بل له الخلود المطلق،
والبقاء الدائم، لا يفنى ولا يبيد .
فهو الباقى سبحانه بعد فناء خلقه ، الدائم بلا نهاية
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت
الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغننا من الفقر))
“أخرجه الإمام مسلم في صحيحه،
ورد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقول في سجوده:
( سبحان ربي الأعلى )
رواه مسلم
ومعناه: الذي علا على كل شيء، فمهما تصور العبد عالياً فالله أعلى منه، فله العلو المطلق في ذاته وصفاته .
و لا رب أعلى منه وأعظم
<
(الأكرم)
ورد في قوله تعالى: { اقرأ وربك الأكرم }(العلق:3)
ومعناه:
الذي لا يوازي كرمه كرم، ولا يعادله في كرمه كريم
ورد في قوله تعالى: { هو الله الخالق البارئ } (الحشر:24)،
وهو في معنى الخالق إلا أنه يدل على مطلق الخلق من غير تقدير .
والبارئ: تقول اللغة البارىء من البرء ،
وهو خلوص الشىء من غيره ، مثل أبرأه الله من مرضه .
البارىء فى اسماء الله تعالى هو الذى خلق الخلق لا عن مثال ، والبرء أخص من الخلق ، فخلق الله السموات والأرض ،
وبرأ الله النسمة ، كبرأ الله آدم من طين
البارىء الذى يبرىء جوهر المخلوقات من الأفات ، وهو موجود الأشياء بريئة من التفاوت وعدم التناسق ، وهو معطى كل مخلوق صفته التى علمها له فى الأزل ،
وبعض العلماء يقول ان اسم البارىء يدعى به للسلامة من الأفات ومن أكثر من ذكره نالالسلامة من المكروه
ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله المسعر القابض الباسط )
رواه الترمذي وصححه
. ومعناه: الذي يوسع رزقه على من يشاء من عباده كما قال تعالى: { والله يقبض ويبسط }(البقرة: 245).
:بسط بالسين أو بالصاد هى نشره ، ومده ، وسره ،
و معناه الموسع للأرزاق لمن شاء من عباده ،
وأيضا هو مبسط النفوس بالسرور والفرح ،
وقيل : الباسط الذى يبسط الرزق للضعفاء ،
ويبسط الرزق للأغنياء حتى لا يبقى فاقة ،
ويقبضه عن الفقراء حتى لا تبقى طاقة .
يذكر اسم القابض والباسط معا ،
لا يوصف الله بالقبض دون البسط ،
يعنى لا يوصف بالحرمان دون العطاء ، ولا بالعطاء دون الحرمان
يتبع ….
سبحانك يا ربيه ^_^
جهد تشكر عليه ..
)ورد في قوله تعالى: { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين }
(الذاريات:58)
ومعناه: المتصف بالشدة والصلابة.
،والله المتين شديد القوة والقدرة
والله متم قدره وبالغ أمره
واللائق بالأنسان أن لا يغتر بقوته ،
بل هو مطالب أن يظهر ضعفه أمام ربه ،
)ورد في قوله تعالى: { إن ربي قريب مجيب }
(هود61)
ومعناه: الذي يجيب دعاء الداعين، وسؤال السائلين.
: المجيب فى اللغة لها معنيان ،
الأول الأجابة ،
والثانى أعطاء السائل مطلوبه ،
وفى حق الله تعالى المجيب هو مقابلة دعاء الداعين بالاستجابة ،
وضرورة المضطرين بالكفاية ، المنعم قبل النداء ،
ربما ضيق الحال على العباد ابتلاء رفعا لدرجاتهم بصبرهم وشكرهم فى السراء والضراء ،
والرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( أدع الله وأنتم موقنون من الأجابة)
)قال تعالى: {ذو العرش المجيد }
(البروج: 15)
ومعنى المجيد أي: الواسع الكريم، وأصل المجد في كلام العرب السعة،
يقال: رجل ماجد إذا كان سخيا واسع العطاء.
: اللغة تقول أن المجد هو الشرف والمروءة والسخاء ،
والله المجيد يدل على كثرة إحسانه وأفضاله ،
الشريف ذاته ،
الجميل افعاله ،
الجزيل عطاؤه ،
البالغ المنتهى فى الكرم ،
وقال تعالى (ق والقرآن المجيد )
أى الشريف والمجيد لكثرة فوائده لكثرة ما تضمنه من العلوم والمكارم والمقاصد العليا ،
واسم المجيد واسم الماجد بمعنى واحد فهو تأكيد لمعنى الغنى ،
وحظ العبد من الاسم أن يكون كريما فى جميع الأحوال مع ملازمة الأدب
)ورد في قوله تعالى: { وأحصى كل شيء عددا }
(الجن: 28)
ومعناه: العالم بمقادير الحوادث مهما كثرت وتعددت ما أحاط به العباد، وما لم يحيطوا به،
كالأنفاس وعدد القطر والرمل والحصا والنبات، وأصناف الحيوان والموات وعامة الموجودات.
: المحصى لغويا بمعنى الإحاطة بحساب الأشياء وما شأنه التعداد ،
الله المحصى الذى يحصى الأعمال ويعدها يوم القيامة ،
هو العليم بدقائق الأمور ، واسرار المقدور ، هو بالمظاهر بصير ، وبالباطن خبير ،
هو المحصى للطاعات ، والمحيط لجميع الحالات ،
وحظ العبد من الاسم أن يحاسب نفسه ،
وأن يراقب ربه فى أقواله وأفعاله ،
وأن يشعل وقته بذكر أنعام الله عليه ، ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) الآية
المحيط
) ورد في آيات منها قوله تعالى: { إن الله بما يعملون محيط }
(آل عمران: 120)
ومعناه: الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه، ووسعهم علمه،
فهو الذي { أحاط بكل شيء علما }
(الطلاق:12).
)ورد في قوله تعالى: { هو الله الخالق البارئ المصور }
(الحشر:24)
ومعناه: أنه الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ليتعارفوا بها .
: تقول اللغة التصوير هو جعل الشىء على صورة ، والصورة هى الشكل والهيئةالمصور من أسماء الله الحسنى هو مبدع صور المخلوقات ،
ومزينها بحكمته ، ومعطى كل مخلوق صورته على ما أقتضت حكمته الأزلية ،
وكذلك صور الله الناس فى الأرحام أطوارا ، وتشكيل بعد تشكيل ،
، وكما قال الله نعالى ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين )
، وكما يظهر حسن التصوير فى البدن تظهر حقيقة الحسن أتم وأكمل فى باب الأخلاق ،
ولم يمن الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم كما من عليه بحسن الخلق حيث قال ( وإنك لعلى خلق عظيم )
، وكما تتعدد صور الابدان تتعدد صور الأخلاق والطباع
)ورد في قوله – صلى الله عليه وسلم -: ( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين، والله المعطي، وأنا القاسم )
رواه البخاري
.ومعناه: الذي أعطى كل شيء خلقه، وتولى رزقه،
كما قال تعالى: { وما بكم من نعمة فمن الله }
(النحل:53).
)ورد في قوله تعالى: {فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر }
(القمر: 42)،
ومعناه: الكامل القدرة، الذي لا يمتنع عليه شيء.
المقتدر فهو الذى يقدر على إصلاح الخلائق على وحه لا يقدر عليه غيره فضلا منه وإحسانا
“المقتدر” الوسط في كل شيء بالأساس
قال البيهقي : “المقتدر” هو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء
الله “المقتدر” هو الذي يقدر الأشياء بعلمه ، وينفذها بقدرته ، علمه مطلق ، وقدرته مطلقة .
)ورد في قوله تعالى: {وكان الله على كل شيء مقيتا }
(النساء: 85)
ومعناه: الذي دبّر قوت الحيوانات ورزقها، وصرّفه كيف يشاء بحكمته،
كما قال تعالى: { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها }
(هود: 6).
: القوت لغويا هو مايمسك الرمق من الرزق ،
والله المقيت بمعنى هو خالق الأقوات وموصلها للأبدان وهى:الأطعمة والى القلوب وهى :المعرفة ، وبذلك يتطابق مع اسم الرزاق ويزيد عنه أن المقيت بمعنى المسئول عن الشىء بالقدرة والعلم ،
ويقال أن الله سبحانه وتعالى جعل أقوات عباده مختلفة فمنهم من جعل قوته الأطعمة والأشربة وهم:الآدميون والحيوانات ،
ومنهم من جعل قوته الطاعة والتسبيح وهم:الملائكة ،
ومنهم من جعل قوته المعانى والمعارف والعقل وهم الأرواح
وحظ العبد من الاسم ألا تطلب حوائجك كلها إلا من الله تعالى لأن خزائن الأرزاق بيده ،
)قال تعالى: { فتعالى الله الملك الحق }
(طه:114)
وقال: { ملك يوم الدين }
(الفاتحة:4).
وكان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( اللهم أنت الملك، لا إله إلا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )
رواه الترمذي وغيره
. ومعنى الملك أي: الذي ملك خلقه، ونفذ أمره فيهم،
ويتميز ملك الله عن ملك غيره أن ملكه مفتقر إليه في إيجاده وإمداده، وأنه تسمى بالملك قبل خلق الممالك، وأنه مستغنٍ عن الأعوان،
وأن ملكه عام وممتد في الدنيا والآخرة،
وأنه جنده لا يحصون، وأن ملكه لا يبيد، وأنه سبحانه محيط بملكه إحاطة من لا يغيب عنه دقيق ولا جليل.
:الملك هو الظاهر بعز سلطانه ، الغنى بذاته ، المتصرف فى أكوانه بصفاته ، وهو المتصرف بالأمر والنهى ، أو الملك لكل الأشياء ،
الله تعالى الملك المستغنى بذاته وصفاته وأفعاله عن غيرة ، المحتاج اليه كل من عداه ، يملك الحياة والموت والبعث والنشور ،
والملك الحقيقى لا يكون إلا لله وحده ، ومن عرف أن الملك لله وحده أبى أن يذل لمخلوق ، وقد يستغنى العبد عن بعض اشياء ولا يستغنى عن بعض الأشياء فيكون له نصيب من الملك ، وقد يستغنى عن كل شىء سوى الله ، والعبد مملكته الخاصة قلبه .. وجنده شهوته وغضبه وهواه .. ورعيته لسانه وعيناه وباقى أعضائه .. فإذا ملكها ولم تملكه فقد نال درجة الملك فى عالمه ، فإن انضم الى ذلك استغناؤه عن كل الناس فتلك رتبة الأنبياء ، يليهم العلماء وملكهم بقدر قدرتهم على ارشاد العباد ، بهذه الصفات يقرب العبد من الملائكة فى صفاته ويتقرب الى الله
) ورد في قوله تعالى في وصف أهل الجنة:
{ في مقعد صدق عند مليك مقتدر }
(القمر: 55)
وهو صيغة مبالغة يدل على كمال ملك الله سبحانه لخلقه حيث يشمل الملك بمعنى الحكم،
والملك بمعنى التملك والحيازة فالله هو حاكم الخلق ومالكهم
المنّان
ورد في قوله – صلى الله عليه وسلم – في دعائه: (
اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض )
رواه أبو داود
ومعناه: المتفضل بعطاياه على عباده .
)ورد في قوله تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن }
(الحشر:23)،
ومعناه: مأخوذ من الهيمنة، وهي السيطرة على الشيء بقهره،
فالله قاهر لخلقه لا يخرج أحد عن إرادته الكونية،
وسلطانه القدري فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
الهيمنة هى القيام على الشىء والرعاية له ،
والمهيمن هو الرقيب أو الشاهد ، والرقيب اسم من أسماء الله تبارك وتعالى معناه الرقيب الحافظ لكل شىء ، المبالغ فى الرقابة والحفظ ، أو المشاهد العالم بجميع الأشياء ، بالسر والنجوى ، السامع للشكر والشكوى ، الدافع للضر والبلوى ، وهو الشاهد المطلع على افعال مخلوقاته ، الذى يشهد الخواطر ، ويعلم السرائر ، ويبصر الظواهر ، وهو المشرف على أعمال العباد ، القائم على الوجود بالحفظ والأستيلاء
المولى
)ورد في قوله تعالى: { واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير }
(الحج:78)
ومعناه: الذي يركن إليه الموحدون، ويعتمد عليه المؤمنون في الشدة والرخاء،
والسراء والضراء فينصرهم ويغيثهم ويوفقهم .
النصير
ورد في قوله تعالى: { واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير }
(الحج:78)
وفي الحديث: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا غزا قوماً قال: ( اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل )
ومعناه: الناصر لرسله وأولياءه والمؤمنين
)ورد في قوله تعالى: {وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم }
(الحج:54)
وقال صلى الله عليه وسلم: ( من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
)رواه مسلم .
ومعناه الذي يسر لعباده سبل النجاه، وبين لهم طرق الهلاك، ووفق من شاء لاتباع نهجه،
وهو الذي هدى سائر الخلق من الحيوان إلى مصالحها، وألهمها كيف تطلب الرزق، وكيف تتقي المضار والمهالك .
: تقول اللغة أن الهداية هى الإمالة ، ومنه سميت الهدية لأنها تميل قلب المهدى اليه الهدية الى الذى أهداه الهدية ،
والله الهادى سبحانه الذى خص من أراد من عباده بمعرفته وأكرمه بنور توحيده ويهديه الى محاسن الأخلاق والى طاعته ،
ويهدى المذنبين الى التوبة ،
ويهدى جميع المخلوقات الى جلب مصالحها ودفع مضارها والى ما فيه صلاحهم فى معاشهم ،
هو الذى يهدى الطفل الى ثدى أمه .. والفرخ لألتقاط حبه
.. والنحل لبناء بيته على شكل سداسى .. الخ ،
إنه الأعلى الذى خلق فسوى والذى قدر فهدى ، والهادى من العباد هم الأنبياء والعلماء
، وفى الحقيقة أن الله هو الهادى لهم على السنتهم
)ورد في قوله تعالى: { إنما الله إله واحد }
(النساء: 171)
ومعناه: المتفرد الذي لا ثاني ولا شريك ولا مثل ولا نظير له.
: الواحد فى اللغة بمعنى الفرد الذى لم يزل وحده ولم يكن معه أحد ،
والواحد بمعنى الأحد وليس للأحد جمع ،
والله تعالى واحد لم يرضى بالوحدانية لأحد غيره ،
والتوحيد ثلاثة
: توحيد الحق سبحانه وتعالى لنفسه ،
وتوحيد العبد للحق سبحانه ،
وتوحيد الحق للعبد وهو أعطاؤه التوحيد وتوفيقه له ،
والله واحد فى ذاته لا يتجزأ ،
واحد فى صفاته لا يشبهه شىء ، وهو لا يشبه شىء ،
وهو واحد فى أفعاله لا شريك له
)ورد في قوله تعالى: {وكنا نحن الوارثين }
(القصص:58)
ومعناه: الباقي بعد ذهاب غيره، فهو يبقى – سبحانه – بعد ذهاب الخلق وهلاكهم، لأن وجودهم كان به، ووجوده ليس بغيره .
الوارث سبحانه هو الباقى بعد فناء الخلق ،
وقيل الوارث لجميع الأشياء بعد فناء أهلها ،
روى أنه ينادى يوم القيامة : لمن الملك اليوم ؟ فيقال : لله الواحد القهار. وهذا النداء عبارة عن حقيقة ما ينكشف للأكثرين فى ذلك اليوم إذ يظنون لأنفسهم ملكا ، أما أرباب البصائر فإنهم أبدا مشاهدون لمعنى هذا النداء ، يؤمنون بأن الملك لله الواحد القهار أزلا وابدا .
ويقول الرازى ( أعلم أن ملك جميع الممكنات هو الله سبحانه وتعالى ، ولكنه بفضله جعل بعض الأشياء ملكا لبعض عباده ، فالعباد أنما ماتوا وبقى الحق سبحانه وتعالى ، فالمراد يكون وارثا هو هذا
)ورد في قوله تعالى: { والله واسع عليم }
(البقرة:247)
ومعناه: الغني الذي وسع غناه فقر عباده، ووسع رزقه جميع خلقه.
الواسع مشتق من السعة ، تضاف مرة الى العلم اذا اتسع ، وتضاف مرة أخرى الى الإحسان وبسط النعم ، الواسع المطلق هو الله تبارك وتعالى اذا نظرنا الى علمه فلا ساحل لبحر معلوماته ، واذا نظرنا الى إحسانه ونعمه فلا نهاية لمقدوراته ،
وفى القرآن الكريم اقترن اسم الواسع بصفة العليم ،
ونعمة الله الوتسع نوعان : نعمة نفع وهى التى نراها من نعمته علينا ،
ونعمة دفع وهى ما دفعه الله عنا من انواع البلاء ،
وهى نعمة مجهولة وهى أتم من نعمة النفع ، وحظ العبد من الاسم أن يتسع خلقك ورحمتك عباد الله فى جميع الأحوال
)ورد في قوله تعالى: {وهو الغفور الودود }
(البروج:14)
ومعناه: الذي يُحِب رسله والمؤمنين، ويحبه رسله والمؤمنون.
: الود .. والوداد بمعنى الحب والصداقة ،
والله تعالى ودود..أى يحب عباده ويحبونه ، والودود بثلاث معان
الأول : أن الله مودود فى قلوب اوليائه ،
الثانى : بمعنى الوادّ وبهذا يكون قريب من الرحمة ، والفرق بينهما أن الرحمة تستدعى مرحوم محتاج ضعيف ،
الثالث: أن يحب الله اوليائه ويرضى عنهم . وحظ العبد من الاسم أن يحب الخير لجميع الخلق ، فيحب للعاصى التوبة وللصالح الثبات ، ويكون ودودا لعباد الله فيعفو عمن أساء اليه ويكون لين الجانب لجميع الناس وخاصة اهله وعشيرته وكما حدث لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كسرت رباغيته وأدمى وحهه فقال ( اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون ) فلم يمنعه سوء صنيعهم عن أرادته الخير لهم
)ورد في قوله تعالى: {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل }
(آل عمران: 173)
ومعناه: الذي توكل بأمر الخلائق فحفظها، وتكفل بأرزاقها، وقام بأمورها.
تقول اللغة أن الوكيل هو الموكول اليه أمور ومصالح غيره ،
فهو الكافى لكل من توكل عليه ، القائم بشئون عباده ، فمن توكل عليه تولاه وكفاه ، ومن استغنى به أغناه وأرضاه .
والدين كله على أمرين ، أن يكون العبد على الحق فى قوله وعمله ونيته ، وأن يكون متوكلا على الله واثقا به ، فالدين كله فى هذين المقامين ، فالعبد آفته إما بسبب عدم الهداية وإما من عدم التوكل ، فإذا جمع الهداية الى التوكل فقد جمع الإيمان كله
)ورد في قوله تعالى: {وهو الولي الحميد }
(الشورى:28)
ومعناه: القائم على أمور خلقه بالرعاية والحفظ والتدبير وهذه الولاية العامة لجميع خلقه، وهناك الولاية الخاصة والتي تقتضي مزيداً من الرعاية والحفظ والتدبير.
الولى فى اللغة هو الحليف والقيم بالأمر ،
والقريب و الناصر والمحب ،
والولى أولا : بمعنى المتولى للأمر كولى اليتيم ،
وثانيا : بمعنى الناصر ،
والناصر للخلق فى الحقيقة هو الله تبارك وتعالى ،
ثالثا : بمعنى المحب وقال تعالى ( الله ولى الذين آمنوا ) أى يحبهم ،
رابعا : بمعنى الوالى أى المجالس ، وموالاة الله للعبد محبته له ،
والله هو المتولى أمر عباده بالحفظ والتدبير ، ينصر أولياءه ، ويقهر أعدائه ، يتخذه المؤمن وليا فيتولاه بعنايته ، ويحفظه برعايته ، ويختصه برحمته
وحظ العبد من اسم الولى أن يجتهد فى تحقيق الولاية من جانبه ،
وذلك لا يتم إلا بلإعراض عن غير الله تعالى ،
والأقبال كلية على نور الحق سبحانه وتعالى
) ورد في قوله تعالى: {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب }
(ص:9)
ومعناه: المتفضل على خلقه بجزيل العطايا وعظيم المنن .
: الهبة أن تجعل ملكك لغيرك دون عوض ، ولها ركننان أحدهما التمليك ،
والأخر بغير عوض ،
والواهب هو المعطى ، والوهاب مبالغة من الوهب ،
والوهاب والواهب من أسماء الله الحسنى ، يعطى الحاجة بدون سؤال ، ويبدأ بالعطية ،
والله كثير النعم
تم نقله من النت …
ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله المسعر القابض الباسط )
رواه الترمذي وصححه .
ومعناه: الذي يضيّق الرزق على من يشاء ويقترّه كما
قال تعالى: { والله يقبض ويبسط }
(البقرة: 245) .
القبض هو الأخذ ، وجمع الكف على شىء ، و قبضه ضد بسطه،
الله القابض معناه الذى يقبض النفوس بقهره والأرواح بعدله ،
والأرزاق بحكمته ،
والقلوب بتخويفها من جلاله .
والقبض نعمة من الله تعالى على عباده ،
فإذا قبض الأرزاق عن انسان توجه بكليته لله يستعطفه ،
وإذا قبض القلوب فرت داعية فى تفريج ما عندها ، فهو القابض الباسط
وهناك أنواع من القبض
الأول : القبض فى الرزق ،
والثانى : القبض فى السحاب
كما قال تعالى ( الله الذى يرسل السحاب فيبسطه فى السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فاذا أصاب به من يشاء من عباده اذا هم يستبشرون ) ،
الثالث : فى الظلال والأنوار
والله يقول ( ألم ترى الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا ) ،
الرابع : قبض الأرواح ،
الخامس : قبض الأرض
قال تعالى ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) ،
السادس قبض الصدقات ،
السابع: قبض القلوب
ورد في قوله تعالى: { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم }
(الأنعام:65)
ومعناه: المتصف بالقدرة المطلقة فلا يعجزه شيء، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد سبحانه .
والله القادر الذى يقدر على أيجاد المعدوم وإعدام الموجود
ورد في قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }
(الأنعام: 18)
ومعناه: أنه الذي قهر عباده بما خلقهم عليه من المرض والموت والفقر والذل، فلا يستطيع أحد رد تدبيره والخروج من تقديره.
القهر فى اللغة هو الغلبة والتذليل معا ، وهو الإستيلاء على الشىء فىالظاهر والباطن ..
والقاهر والقهار من صفات الله تعالى وأسمائه ،
والقهار مبالغة فى القاهر فالله هو الذى يقهر خلقه بسلطانه وقدرته ، هو الغالب جميع خلقه رضوا أم كرهوا ، قهر الانسان على النوم واذا أراد المؤمن التخلق بخلق القهار فعليه أن يقهر نفسه حتى تطيع أوامر ربها و يقهر الشيطان و الشهوة و الغضب .
روى أن أحد العارفين دخل على سلطان فرآه يذب ذبابة عن وجهه ، كلما طردها عادت ،
فسال العارف : لم خلق الله الذباب ؟ فأجابه العارف : ليذل به الجبابرة
)وقد ورد في قوله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس }
(الحشر: 23)،
وفي قوله: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم }
(الجمعة:1).
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول عقب فراغه من صلاة الوتر: ( سبحان الملك القدوس )
رواه النسائي
. والقدوس مأخوذ من الطهارة، وهو اسم يتضمن جميع صفات الكمال، ونفي كل نقيصة لا تليق بجلاله، فالتقديس هو إثبات الفضائل، ونفي الرذائل، فهو – سبحانه – طاهر في نفسه، مطهّر لغيره، وهو المنـزَّه والمنـزِّه.
: تقول اللغة أن القدس هو الطهارة ،
والأرض المقدسة هى المطهرة ، والبيت المقدس :الذى يتطهر فيه من الذنوب ،
وجبريل عليه السلام يسمى الروح القدس لطهارته من العيوب فى تبليغ الوحى الى الرسل أو لأنه خلق من الطهارة ،
ولا يكفى فى تفسير القدوس بالنسبة الى الله تعالى أن يقال أنه منزه عن العيوب والنقائص فإن ذلك يكاد يقرب من ترك الأدب مع الله ، فهو سبحانه منزه عن أوصاف كمال الناس المحدودة كما أنه منزه عن أوصاف نقصهم ، بل كل صفة نتصورها للخلق هو منزه عنها وعما يشبهها أو يماثلها
القدير
ورد في قوله تعالى: {وهو العليم القدير }
(الروم:54)
ومعناه الكامل القدرة لا يلابس قدرته عجز بوجه من الوجوه فلا يعجزه شيء .
كما تعنى السيطرة والتمكن والهيمنه كما تعني التقسيم والتنظيم والتخطيط
فيرىابن جرير انه قدير بمعنى القوة قدير قدرة قادر مقتدر.
ويستدل بقوله سبحانه “ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير”
فهو قدير بالاحاطة بالمكان والزمان والعاجل والاجل .
اما الحليمي فيرى أن معنى القدير هو التام القدرة لا يلابس قدرته عجز.
وقال ابن القيم لايعجزه شيء رامه .
القريب
ورد في قوله تعالى: {إن ربي قريب مجيب }
(هود:61)
قال – صلى الله عليه وسلم– : ( لستم تدعون أصمَّ ولا غائباً ولكن إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم
)رواه مسلم. ومعناه: أنه سبحانه وإن علا على خلقه واستوى على عرشه إلا أن قريب منهم بعلمه وقدرته، لا يخفى عليه شيء، ولا يعجزه شيء
إن ربي سميع لما أقول لكم حافظ له وهو المجازي لى على صدقي في ذلك ,وذلك مني غير بعيد فيتعذر عليه سماع مااقول لكم وما تقولون وما يقوله غيرنا ,
ولكنه قريب من كل متكلم ,يسمع كل ماينطق به ,أقرب إليه من حبل الوريد
وقال الزجاجي (القريب) في اللغة على اوجه :
القريب الذى ليس ببعيد ,فالله عزوجل قريب ليس ببعيد
وقال الخطابي القريب)معناه :أنه قريب بعلمه من خلقه ,قريب ممن يدعوه بالإجابة
كاقوله تعالى:} وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.
قال ابن القيم :
وهو القريب وقربه المختص*** بالداعي وعابده على الإيمان
)ورد في قوله تعالى: { قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار }
(الرعد:16)
ومعناه: الذي قهر الجبابرة من عتاة خلقه بالعقوبة، وقهر الخلق كلهم بالموت.
والذي قهر جميع الكائنات،
وذلَّت له جميع المخلوقات،
ودانت لقدرته ومشيئته موادوعناصر العالم العلوي والسفلي،
فلا يحدث حادث ولا يسكن ساكن إلا بإذنه،
وما شاءكان، وما لم يشأ لم يكن،
وجميع الخلق فقراء إلى الله عاجزون،
لا يملكون لأنفسهمنفعًا ولا ضرًا ولا خيرًا ولا شرًا،
وكونه تبارك وتعالى قهَّارًا مستلزمٌ لكمالحياته، وكمال عزته، وكمال قدرته.
)ورد في قوله تعالى: { إن ربك هو القوي العزيز }
(هود:66)
ومعناه: ذو القوة التامة الذي لا يلحقه العجز في حال من الأحوال.
القوة تدل على القدرة التامة ،
والمتانة تدل على شدة القوة والله القوى صاحب القدرة التامة البالغة الكمال
يثبت لله كمال القدرة على الشيء فلا يستولى عليه العجز فى حال من الأحوال،
وهو إحدى صفات العظمة والكمال الدالة على القوة والجبروت.
)ورد في قوله تعالى: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }
(البقرة: 255)
، ومعناه: أنه قائم على كل شيء بالحفظ والرعاية والتدبير.
اللغة تقول أن القيوم و السيد ،
والله القيوم بمعنى القائم بنفسه مطلقا لا بغيره ، ومع ذلك يقوم به كل موجود ،
ولا وجود أو دوام وجود لشىء إلا به ، المدبر المتولى لجميع الأمور التى تجرى فى الكون ،
هو القيوم لأنه قوامه بذاته وقوام كل شىء به ،
والقيوم تأكيد لاسم الحى واقتران الإسمين فى الآيات ،
ومن أدب المؤمن مع اسم القيوم أن من علم أن الله هو القيوم بالأمور أستراح من كد التعبير وتعب الاشتغال بغيره ولم يكن للدنيا عنده قيمة ،
وقيل أن اسم الله الأعظم هو الحى القيوم
الكافي
)ورد في قوله تعالى: {أليس الله بكاف عبده }
(الزمر: 36)ومعناه:الذي كفا خلقه شؤونهم، فهو الذي خلقهم، ورزقهم،
وهو الذي يحييهم ويميتهم،
فلا كافي على الإطلاق في جميع الأمور إلا هو سبحانه .
)ورد في قوله تعالى: { عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال}
(الرعد:9)
، ومعناه:أنه أكبر من كل شيء، وكل شيء دونه، وأنه أعظم من كل شيء، وكل عظيم دونه .
: الكبير هو العظيم ،
والله تعالى هو الكبير فى كل شىء على الإطلاق
وهوالذى مبر وعلا فى “ذاته” و “صفاته” و”افعاله” عن مشابهة مخلوقاته ،
وهو صاحب كمال الذات الذى يرجع الى شيئين
الأول : دوامه أزلا وأبدا ،
والثانى :أن وجوده يصدر عنه وجود كل موجود ،
وجاء اسم الكبير فى القرآن خمسة مرات .أربع منهم جاء مقترنا باسم (العلى )
. والكبير من العباد هو التقى المرشد للخلق ، الصالح ليكون قدوة للناس ،
)ورد في قوله تعالى: {يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم }
(الانفطار:6)،
ومعناه: ذو النفع العظيم لعباده فهو الذي خلقهم ورزقهم، وهو الذي يعفو عن مسيئهم، ويتجاوز عن مذنبهم .
: الكريم فى اللغة هو الشىء الحسن النفيس ، وهو أيضا السخى النفاح ،
والفرق بين الكريم والسخى
أن الكريم هو كثير الإحسان بدون طلب ،
والسخى هو المعطى عند السؤال ،
والله سمى الكريم وليس السخى فهو الذى لا يحوجك الى سؤال ،
ولا يبالى من أعطى ، وقيل هو الذى يعطى ما يشاء لمن يشاء وكيف يشاء بغير سؤال ، ويعفو عن السيئات ويخفى العيوب ويكافىء بالثواب الجزيل العمل القليل
وكرم الله واسع
)ورد في قوله تعالى: { وهو اللطيف الخبير }
(الأنعام:103)
، ومعناه الذي يتلطف بعباده فييسر لهم سبل الخير واليسر، وأسباب الصلاح والبر.
اللطيف فى اللغة لها ثلاث معانى
الأول : أن يكون عالما بدقائق الأمور ،
الثانى : هو الشىء الصغير الدقيق ،
الثالث : أطيف إذا رفق به وأوصل اليه منافعه التى لا يقدر على الوصول اليها بنفسه .
واللطيف بالمعنى الثانى فى حق الله مستحيل ،
وقوله تعالى ( الله لطيف بعباده ) يحتمل المعنين الأول والثالث ،
وإن حملت الآية على صفة ذات الله كانت تخويفا لأنه العالم بخفايا المخالفات
بمعنى قوله تعالى (يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور )
. والله هو اللطيف الذى اجتمع له الرفق فى العقل ،
والعلم بدقائق الأمور وإيصالها لمن قدرها له من خلقه ، فى القرآن فى أغلب الأحيان
يقترن اسم اللطيف باسم الخبير فهما يتلاقيان فى المعنى
)ورد في قوله تعالى: { إنه هو يبدئ ويعيد }
(البروج:13)
ومعناهما الذي أبدأ الخلق فأوجدهم عن عدم، والمعيد الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلى الحياة، كقوله عز وجل: { وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون}
(البقرة:28).
المبدىءلغويا بمعنى بدأ وابتدأ ،والأيات القرآنية التى فيها ذكر لاسم المبدىء والمعيد قد جمعت بينهما ، والله المبدىءهو المظهر الأكوان على غير مثال ،
الخالق للعوالم على نسق الكمال ،
وأدب الأنسان مع الله المبدىء يجعله يفهم أمرين
أولهما أن جسمه من طين وبداية هذا الهيكل من الماء المهين ،
ثانيهما أن روحه من النور ويتذكر بدايته الترابية ليذهب عنه الغرور
المعيدلغويا هو الرجوع الى الشىء بعد الانصراف عنه ،
وفى سورة القصص ( ان الذى فرض عليك القرآن لرادك الى معاد ) ، أى يردك الى وطنك وبلدك ، والميعاد هو الآخرة ،
والله المعيد الذى يعيد الخلق بعد الحياة الى الممات ، ثم يعيدهم بعد الموت الى الحياة ،
ومن يتذكر العودة الى مولاه صفا قلبه ، ونال مناه ،
والله بدأ خلق الناس ، ثم هو يعيدهم أى يحشرهم ، والأشياء كلها منه بدأت واليه تعود
)وهما اسمان لم يردا في القرآن،
ولكن وردا في حديث النبي حيث قال – عليه الصلاة والسلام – :
( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت )
متفق عليه
.ومعناه:ما أن الله هو المُنزل للأشياء منازلها، يقدّم ما شاء منها،
ويؤخر ما شاء، قدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده، وأخر من شاء بذنوبهم وأوزارهم،
لا مقدم لما أخر، ولا مؤخر لما قدم .
)ورد في قوله تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن }
(الحشر:23)،
ومعناه:أنه الذي صدّق المؤمنين في إيمانهم، وصَدَقَ في وعده لهم، وآمنهم من عذابه .
الإيمان فى اللغة هو التصديق ، ويقال آمنه من الأمان ضد الخوف ،
والله يعطى الأمان لمن استجار به واستعان ،
الله المؤمنالذى وحد نفسه بقوله( شهد الله أنه لا اله إلا هو )،
وهو الذى يؤمن أولياءه من عذابه ،
ويؤمن عباده من ظلمه ، هو خالق الطمأنينة فى القلوب ،
أن الله خالق أسباب الخوف وأسباب الأمان جميعا وكونه تعالى مخوفا لا يمنع كونه مؤمنا ،
كما أن كونه مذلا لا يمنع كونه معزا ،
فكذلك هو المؤمن المخوف ،
المبين
ورد في قوله تعالى: { ويعلمون أن الله هو الحق المبين }
(النور:25)،
ومعناه: الذي لا يخفى، لظهور دلائل وجوده وآثار صنعه .
كما أنه المبين لعباده سبل الرشاد، والموضح لهم طرق الغواية
)ورد في قوله تعالى: {عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال }
(الرعد:9)
ومعناه: الذي ترفّع عما نسبه إليه أهل الكفر والإلحاد من النظراء والأنداد
. واستعلى على كل شيء بقدرته.
تقول اللغة يتعالى أى يترفع على ،
الله المتعالى هو المتناهى فى علو ذاته عن جميع مخلوقاته ، المستغنى بوجوده عن جميع كائناته ، لم يخلق إلا بمحض الجود ، وتجلى أسمه الودود ، هو الغنى عن عبادة العابدين ، الذى يوصل خيره لجميع العاملين ،
)ورد في قوله تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر }
(الحشر:23)،
ومعناه: مأخوذ من الكبرياء الذي هو عظمة الله تعالى،
وتعاليه عن صفات الخلق، لا من الكبر الذي هو مذموم عند الخلق والذي يعني احتقار الناس وغمطهم حقوقهم .
المتكبر ذو الكبرياء ، هو كمال الذات وكمال الوجود ،
والكبرياء والعظمة بمعنى واحد ، فلا كبرياء لسواه ،
وهو المتفرد بالعظمة والكبرياء ، المتعالى عن صفات الخلق ، الذى تكبر عما يوجب نقصا أو حاجة ، أو المتعالى عن صفات المخلوقات بصفاته وذاتهكل من رأى العظمة والكبرياء لنفسه على الخصوص دون غيره حيث يرى نفسه أفضل الخلق مع أن الناس فى الحقوق سواء ، كانت رؤيته كاذبة وباطلة ، إلا لله تعالى
يتبع …
ورد في قوله تعالى: { تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام }
(الرحمن: 78)
وكان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله: ( اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام )
رواه أحمد .
ومعناه: أنه صاحب العظمة والكبرياء والشرف، وأهل الكرم والسعة والجود.
و هو الذى لا جلال ولا كمال إلا وهو له ،
ولا كرامة ولا مكرومة إلا وهى صادرة منه ،
فالجلال له فى ذاته ةالكرامة فائضة منه على خلقه، وفى تقديم لفظ الجلال على لفظ الإكرام سر ، وهو ان الجلال إشارة الى التنزيه ،
وأما الإكرام فإضافة ولابد فيها من المضافين ،
والإكرام قريب من معنى الإنعام إلا أنه أحص منه ،
لأنه ينعم على من لا يكرم ، ولا يكرم غلا من ينعم عليه ،
ومتى أكثر العبد من ذكره صار جليل القدر بين العوالم ،
ومن عرف جلال الله تواضع له وتذلل
ورد في قوله تعالى: { إن الله بالناس لرءوف رحيم }
(البقرة: 143)
ومعناه: مريد التخفيف عن عباده.
و الرؤوف فى اللغة هى الشديد الرحمة ،
والرأفة هى هى نهاية الرحمة ،
و الروؤف فى أسماء الله تعالى هو المتعطف على المذنبين بالتوبة ، وعلى أوليائه بالعصمة ،
ومن رحمته بعباده أن يصونهم عن موجبات عقوبته ،
وإن عصمته عن الزلة أبلغ فى باب الرحمن من غفرانه المعصية ، وكم من عبد يرثى له الخلق بما به من الضر والفاقة وسوء الحال وهو فى الحقيقة فى نعمة تغبطه عليها الملائكة
. ومن رحمته تعالى أن يصون العبد عن ملاحظة الأغيار فلا يرفع العبد حوائجه إلا إليه ،
وقد قال رجل لبعض الصالحين ألك حاجة ؟
فقال : لا حاجة بى الى من لا يعلم حاجتى .
والفرق بين اسم الروؤف والرحيم أنه تعالى قدم الرؤوف على الرحيم والرأفة على الرحمة .
وحظ العبد من اسم الروؤف أن يكثر من ذكره حتى يصير عطوفا على الخاص والعام
و من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة فلن يلج الجنة
ورد في قوله تعالى: { وإن الله لهو خير الرازقين }
(الحج:58)
ومعناه: المتفضل على عباده بما يحتاجون إليه لقوام حياتهم.
و الرزاق من الرزق ، وهو معطى الرزق ، ولا تقال إلا لله تعالى .
والأرزاق نوعان، ” ظاهرة ” للأبدان ” كالأكل ،
و ” باطنة ” للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم ،
والله اذا أراد بعبده خيرا رزقه علما هاديا ، ويدا منفقة متصدقة ،
وإذا أحب عبدا أكثر حوائج الخلق اليه ، وإذا جعله واسطة بينه وبين عباده فى وصول الأرزاق اليهم نال حظا من اسم الرزاق
وأن من اسباب سعة الرزق المحافظة على الصلاة والصبر عليها
( الرب )
ورد في قوله تعالى:{ الحمد لله رب العالمين }
(الفاتحة: 2 )
ومعناه:أنه الذي خلق الخلق، ونشّأهم، ويسر لهم أسباب الرزق والحياة.
الرب تأتي بمعنى التربية فرب الفرس يعتني بها و يصلحها ،
و الله عز و جل رب العباد و اعتنى بهم و اصلحهم .
نطق به الكتاب، فقال تعالى:{ الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم }
وقال تعالى: { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم }
(البقرة:163)،
وهو اسم اختص به سبحانه فلا يجوز أن يتسمى به غيره،
وهو مشتق من الرحمة على صيغة المبالغة،
ومعناه: ذو الرحمة التي لا نظير له فيها،
فرحمته { وسعت كل شيء } (الأعراف: 156)
من كافر، ومؤمن، وحجر، وشجر، وجميع خلقه .
ولا يطلق الرحمن إلا على الله تعالى ،
إذ هو الذى وسع كل شىء رحمة ،
، وقيل أن الله رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ،
وذلك أن إحسانه فى الدنيا يعم المؤمنين والكافرين ، ومن الآخرة يختص بالمؤمنين ،
واسم الرحمن أخص من اسم الرحيم
قال تعالى: { الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم }
(الفاتحة:2-3)،
وقال تعالى:{ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم }
(البقرة: 163)،
و”الرحيم”في اللغة من صيغ المبالغة، فعيل بمعنى فاعلٍ كسَمِيعٌ بمعنى سامِع، وهو يدلَّ على صفة الرحمة الخاصة التي ينالها المؤمنون،
قال تعالى:{ وكان بالمؤمنين رحيماً }
(الأحزاب: 43)،
والرحمة الخاصة التي دلّ عليها اسمه الرحيم شملت عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة فقد هداهم إلى توحيده وعبوديته في الدنيا، وأكرمهم في الآخرة بجنته، ومنَّ عليهم في النعيم برؤيته.
والرحمة فى الأصل رقة فى القلب تستلزم التفضل والإحسان ،
وهذا جائز فى حق العباد ، ولكنه محال فى حق الله سبحانه وتعالى،
والرحمة تستدعى مرحوما .. ولا مرحوم إلا محتاج ، والرحمة منطوية على معنين الرقة .. والإحسان ، فركز تعالى فى طباع الناس الرقة وتفرد بالإحسان
ورد في قوله تعالى: { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين }
(الذاريات:58)
ومعناه: المتكفل بالرزق،
والقائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها .
والفرق بين اسم ( الرازق ) و ( الرزاق )
أن الثاني على صيغة المبالغة التي تقتضي تكرار الرزق وكثرته ودوامه.
قال ابن جرير : هو الرزاق خلقه المتكفل بأقواتهم
وقال الخطابي : هو المتكفل بالرزق والقائم علي كل نفس بما يقيمهامن قوتها وسع الخلق كلهم رزقه ورحمته ,
فلم يختص بذلك مؤمنا دون كافر , ولا وليا دون عدو ,
ورد في قوله تعالى: { فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم }
(المائدة: 117)،
ومعناه: الذي لا يغفل عما خلق بل يحفظ خلقه ولا يغيب عنه منهم شيء.
و الرقيب فى اللغة هو المنتظر والراصد، والرقيب هو الله الحافظ الذى لا يغيب عنه شىء ،
ويقال للملك الذى يكتب أعمال العباد ( رقيب ) ،
وقال تعالى ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ،
الله الرقيب الذى يرى أحوال العباد ويعلم أقوالهم ،
ويحصى أعمالهم ، يحيط بمكنونات سرائرهم ، وحظ العبد من الاسم أن يراقب نفسه وحسه ، وأن يجعل عمله خالص لربه بنية طاهرة
(السبوح)
ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول في ركوعه :
( سبوح قدوس رب الملائكة والروح )
رواه مسلم ،
ومعناه: تنزيه الله عن كل ما لا يليق به من العيوب والنقائص
ورد في قوله تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام }(الحشر:23)
وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا سلّم من صلاته يقول:
( اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام )
رواه الترمذي .
واسم السلام يحمل معنيين:
الأول: أنه ذو السلامة أي: البراءة من العيوب والنقائص.
والثاني: أن العباد سلموا من ظلمه فهو – سبحانه – الحكم العدل الذي حرّم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرماً .
تقول اللغة هو الأمان والاطئنان ، والحصانة والسلامة ،
ومادة السلام تدل على الخلاص والنجاة ، وأن القلب السليم هو الخالص من العيوب ،
والسلم (بفتح السين أو كسرها ) هو المسالمة وعدم الحرب ،
الله السلام لأنه ناشر السلام بين الأنام ،
وهو مانح السلامة فى الدنيا والآخرة ،
وهو المنزه ذو السلامة من جميع العيوب والنقائص لكماله فى ذاته وصفاته وأفعاله ،
فكل سلامة معزوة اليه صادرة منه ،
وهوالذى سلم الخلق من ظلمه ،
وهوالمسلم على عباده فى الجنة ،
وهو فى رأى بعض العلماء بمعنى القدوس
. والأسلام هو عنوان دين الله الخاتم وهومشتق من مادة السلام الذى هو اسلام المرء نفسه لخالقها ، وعهد منه أن يكون فى حياته سلما ومسالما لمن يسالمه ،
وتحية المسلمين بينهم هى ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته )
اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، واليك يعود السلام ،فحينا ربنا بالسلام
ورد في قوله تعالى: { إن الله هو السميع البصير }
(غافر:20)
ومعناه: الذي يسمع كل الأصوات صغيرها وكبيرها، سرّها وجهرها،
فيسمع دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
: الله هو السميع ، أى المتصف بالسمع لجميع الموجودات دون حاسة أو آلة ،
هو السميع لنداء المضطرين ، وحمد الحامدين ،
وخطرات القلوب وهواجس النفوس ،و مناجاة الضمائر ، ويسمع كل نجوى ،ولا يخفى عليه شىء فى الأرض أو فى السماء ، لا يشغله نداء عن نداء، ولا يمنعه دعاء عن دعاء
وقد يكون السمع بمعنى القبول
أو يكون بمعنى الإدراك كقوله تعالى ( قد سمع اللهقول التى تجادلك فى زوجها ) .
أو بمعنى فهم وعقل مثل قوله تعالى ( لا تقولوا راعناقولوا نظرنا واسمعوا ) ،
أو بمعنى الانقياد كقوله تعالى ( سماعون للكذب)
وينبغى للعبد أن يعلم أن الله لم يخلق له السمع إلا ليسمع كلام الله الذى أنزله على نبيه فيستفيد به الهداية ، إن العبد إذا تقرب الى ربه بالنوافل أحبه الله فأفاض على سمعه نورا تنفذ به بصيرته الى ما وراء المادة
الشافي
ورد في قوله صلى الله عليه وسلم – : (اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي )
متفق عليه .
وفي القرآن {وإذا مرضت فهو يشفين }
ومعناه: المبريء من الأمراض كلها،
وأن كل ما يقع من الدواء والتداوي هو من قبيل التسبب، وأن الشافي على الحقيقة هو الله.
ورد في قوله تعالى: { إنه غفور شكور }
( فاطر: 30)
ومعناه: الذي يشكر على يسير الطاعة، ويثيب عليها بأضعافها.
الشكر فى اللغة هى الزيادة ،
يقال شكر فى الأرض إذا كثر النبات فيها ،
والشكور هو كثير الشكر ،
والله الشكور الذى ينمو عنده القليل من أعمال العبد فيضاعف له الجزاء ،
وشكره لعبده هى مغفرته له ، يجازى على يسير الطاعات بكثير الخيرات ،
ومن دلائل قبول الشكر من العبد الزيادة فى النعمة ،
وقال تعالى ( لئن شكرتملأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد )
والشكر من الله معناه أنه تعالى قادرا على إثابة المحسنين وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا
ورد في قوله تعالى: { وكفى بالله شهيدا }
(النساء:79)
ومعناه: المطلع على ما لا يعلمه المخلوقون إلا بالحضور.
: شهد فى اللغة بمعنى حضر وعلم وأعلم ،
و الشهيد اسم من أسماء الله تعالى بمعنى الذى لا يغيب عنه شىء فى ملكه فى الأمور الظاهرة المشاهدة ،
إذا اعتبر العلم مطلقا فالله هو العليم ،
وإذا أضيف الى الأمور الباطنة فهو الخبير ،
وإذا أضيف الى الأمور الظاهرة فهو الشهيد ،
والشهيد فى حق العبد هى صفة لمن باع نفسه لربه ،فالرسول صلى الله عليه وسلم شهيد ، ومن مات فى سبيل الله شهيد
اللهم امنحنا الشهادة فى سبيل جهاد النفس والهوى فهو الجهاد الأكبر
،واقتل أنفسنا بسيف المحبة حتى نرضى بالقدر ،
واجعلنا شهداء لأنوارك فى سائر اللحظات
ورد في قوله تعالى: { الله الصمد }
(الإخلاص: 2)
، ومعناه: الذي بلغ الغاية في سؤدده وشرفه، وهو الذي تقبل إليه الخلائق لقضاء حاجاتها.
:الصمد فى اللغة بمعنى القصد وأيضا بمعنى الذى لا جوف له ،
والصمد فى وصف الله تعالى هو الذى صمدت اليه الأمور ، فلم يقض فيها غيره ،
وهو صاحب الأغاثات عند الملمات ، وهو الذى يصمد اليه الحوائج ( أى يقصد ) .
ومن اختاره الله ليكون مقصد عباده فى مهمات دينهم ودنياهم ،
فقد أجرى على لسانه ويده حوائج خلقه ،
فقد أنعم عليه بحظ من وصف هذا الاسم ،
ومن أراد أن يتحلى بأخلاق الصمد فليقلل من الأكل والشرب ويترك فضول الكلام ،
ويداوم على ذكر الصمد وهو فى الصيام فيصفو من الأكدار البشرية
ورد في قوله تعالى: { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم }(الحديد:3)
وورد في الحديث: ( وأنت الظاهر فليس فوقك شيء )
رواه مسلم
، ومعناه: الذي استعلى على خلقه بذاته، واستعلى عليهم بحججه وآياته، وقهرهم بقوته وسلطانه .
الظاهر لغويا بمعنى ظهور الشىء الخفى وبمعنى الغالب ،
والله الظاهر لكثرة البراهين الظاهرة والدلائل على وجود إلهيته وثبوت ربوبيته وصحة وحدانيته ، هو الظاهر بنعمته
الظاهر بالقدرة على كل شىء
ورد في آيات منها قوله تعالى: { وهو العزيز الحكيم }
(إبراهيم:4)
ومعناه: مأخوذ من المنعة والقوة والشرف فهو سبحانه المنيع الذي لا يغلب، والقوي الذي لا يقهر، والشريف الذي لا يُذَل .
: العز فى اللغة هو القوة والشدة والغلبة والرفعة و الأمتناع ، والتعزيز هو التقوية ،
والعزيز ،( الذى يقل وجود مثله . وتشتد الحاجة اليه . ويصعب الوصول اليه )
وإذا لم تجتمع هذه المعانى الثلاث لم يطلق عليه اسم العزيز ،
كالشمس : لا نظير لها .. والنفع منها عظيم والحاجة شديدة اليها ولكن لا توصف بالعزة لأنه لا يصعب الوصول الي مشاهدتها .
وفى قوله تعالى ( ولله العزةولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون )
فالعزة هنا لله تحقيقا ،
ولرسوله فضلا ،
وللمؤمنين ببركة إيمانهم برسول الله عليه الصلاة والسلام
ورد في قوله تعالى: { له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم }
(الشورى:4)
ومعناه: ذو العظمة في ذاته وصفاته، فذاته أعظم من كل ذات، وصفاته أعلى من كل الصفات.
العظيم لغويا بمعنى الضخامة والعز والمجد والكبرياء ،
والله العظيم أعظم من كل عظيم لأن العقول لا يصل الى كنة صمديته ،
والأبصار لا تحيط بسرادقات عزته ، وكل ما سوى الله فهو حقير بل كالعدم المحض ،
وقال تعالى ( فسبح باسم ربك العظيم )
. قال تعالى : ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )
وحظ العبد من هذا الاسم أن من يعظم حرمات الله ويحترم شعائر الدين ،
ويوقر كل ما نسب الى الله فهو عظيم عند الله وعند عباده
ورد في قوله تعالى: { إن الله كان عفوا غفوراً }
(النساء:43)
وفي قوله – صلى الله عليه وسلم -: ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ) رواه أحمد ،
ومعناه: الذي يتجاوز عن الذنوب ويصفح عن فاعليها.
العفو له معنيان
الأول : هو المحو والإزالة ،
و العفو فى حق الله تعالى عبارة عن إزالة أثار الذنوب كلية فيمحوها من ديوان الكرام الكاتبين ،
ولا يطالبه بها يوم القيامة وينسيها من قلوبهم كيلا يخجلوا عند تذكرها ويثبت مكان كل سيئة حسنة
المعنى الثانى : هو الفضل ، أى هو الذى يعطى الكثير ،
وفى الحديث : ( سلوا الله العفو و العافية )
والعافية هنا دفاع الله عن العبد ،
والمعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك ،
أى يغنيك عنهم ويغنيهم عنك ،
وبذلك صرف أذاك عنهم وأذاهم عن
وحظ العبد من الاسم أن يعفو عمن أساء إليه أو ظلمه وأن يحسن الى من أساء اليه
ورد في قوله تعالى: { له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم }
(الشورى:4)
ومعناه: الذي ليس فوقه أحد فله العلو المطلق في ذاته وصفاته، لا يشاركه فيه أحد .
:العلو هو ارتفاع المنزلة ،
والعلى من أسماء التنزيه ، فلا تدرك ذاته ولا تتصور صفاته أو ادراك كماله ،
والفرق بين العلى .. والمتعالى
أن العلى هو ليس فوقه شىء فى المرتبة أو الحكم ،
والمتعالى هو الذى جل عن إفك المفترين ، والله سبحانه هو الكامل على الإطلاق فكان أعلى من الكل
وحظ العبد من الاسم هو ألا يتصور أن له علوا مطلقا ،
حيث أن أعلى درجات العلو هى للأنبياء ، والملائكة ،
وعلى العبد أن يتذلل بين يدى الله تعالى فيرفع شأنه ويتعالى عن صغائر الأمور
ورد في قوله تعالى: { قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم }
(البقرة:32)
ومعنى العليم أي العالم بكل شيء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء،
{ وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين }
(الأنعام:59) .
: العليم لفظ مشتق من العلم ، وهوأدراك الشىء بحقيقته ،
وسبحانه العليم هو المبالغ فى العلم ،
فعلمه شامل لجميع المعلومات محيط بها ،
سابق على وجودها ، لا تخفى عليه خافية ، ظاهرة وباطنة ، دقيقة وجليلة ، أوله وآخره ،
عنده علم الغيب وعلم الساعة ، يعلم ما فى الأرحام ، ويعلم ما تكسب كل نفس ، ويعلم بأى أرض تموت .
والعبد إذا أراد الله له الخير وهبه هبة العلم ،
والعلم له طغيان أشد من طغيان المال ويلزم الأنسان الا يغتر بعلمه ،
ومن علم أنه سبحانه وتعالى العليم أن يستحى من الله ويكف عن معاصيه ومن عرف أن الله عليم بحاله صبر على بليته وشكر عطيته وأعتذر عن قبح خطيئته
ورد في قوله تعالى: { رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار }
(ص: 66)،
ومعناه: مأخوذ من الغَفْرِ وهو التغطية فهو سبحانه كثير الستر والتجاوز عن ذنوب عباده وزلاتهم .
فى اللغة الغفر والغفران : الستر ، وكل شىء سترته فقد غفرته ،
والغفار من أسماء الله الحسنى هى ستره للذنوب ،
وعفوه عنها بفضله ورحمنه ، لا بتوبة العباد وطاعتهم ،
وهو الذى اسبل الستر على الذنوب فى الدنيا وتجاوز عن عقوبتها فى الآخرة ،
وهو الغافر والغفور والغفار ، والغفور أبلغ من الغافر ،
والغفار أبلغ من الغفور ،
وأن أول ستر الله على العبد أم جعل مقابح بدنه مستورة فى باطنه ،
وجعل خواطره وارادته القبيحة فى أعماق قلبه وإلا مقته الناس ، فستر الله عوراته .
وينبغى للعبد التأدب بأدب الإسم العظيم فيستر عيوب اخوانه ويغفو عنهم ،
ورد في قوله تعالى: { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم }
(الحجر:49)،
ومعناه: الذي يستر ذنوب خلقه ويتجاوز عنها، فلا يؤاخذ بها، ولا يعاقب عليها.
:الغفور من الغفر وهو الستر ،
والله هو الغفور بغفر فضلا وإحسانا منه ،
هو الذى إن تكررت منك الإساءة وأقبلت عليه فهو غفارك وساترك ،
لتطمئن قلوب العصاة ، وتسكن نفوس المجرمين ،
ولا يقنط مجرم من روح الله فهو غافر الذنب وقابل التوبة
والغفور .. هو من يغفر الذنوب العظام ، والغفار .. هو من يغفر الذنوب الكثيرة .
ورد في قوله تعالى: { والله هو الغني الحميد }
(لقمان:26)،
ومن دعاء النبي: ( اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين )
رواه أبو داود .
و( الغني ): هو الكامل الذي لا يحتاج إلى غيره، بل غيره محتاج إليه:
{ والله الغني وأنتم الفقراء }
(محمد:38).
: تقول اللغة أن الغنى ضد الفقر ،
والغنى عدم الحاجة وليس ذلك إلا لله تعالى ،
هو المستغنى عن كل ما سواه ، المفتقر اليه كل ما عداه ،
هو الغنى بذاته عن العالمين ، المتعالى عن جميع الخلائق فى كل زمن وحين ،
الغنى عن العباد ، والمتفضل على الكل بمحض الوداد
( الفاطر )
ورد في قوله تعالى: { قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض }
(الأنعام:14)
ومعناه: الخالق الذي ابتدع خلق الأشياء وابتدأها وأنشأها وأبتدعها من غير شيء ولا مثال سابق .
ورد في قوله تعالى: { قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم }
(سبأ:26)،
ومعناه: الذي يفتح أبواب رحمته على عباده، ويحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون.
: الفتح ضد الغلق ، وهو أيضا النصر ،
والاستفتاح هو الاستنصار ،
والفتاح مباغة فى الفتح وكلها من أسماء الله تعالى ،
الفتاح هو الذى بعنايته ينفتح كل مغلق ، وبهدايته ينكشف كل مشكل ، فتارة يفتح الممالك لأنبيائه ،
وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه ويفتح لهم الأبواب الى ملكوت سمائها ،
ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق ،
وسبحانه يفتح للعاصين أبواب مغفرته ، و يفتح أبواب الرزق للعباد
يتبع ….
ورد في قوله تعالى: { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } (الحديد:3)،
وورد في قوله – صلى الله عليه وسلم -: ( وأنت الباطن فليس دونك شيء )
رواه مسلم
ومعناه: المحتجب عن خلقه فلا يرى في الدنيا، وإنما يُعلم وجوده بدلائل خلقه وآثار صنعه.
والباطن سبحانه بمعنىالمحتجب عن عيون خلقه ،
وأن كنه حقيقته غير معلومة للخلق ،
ورد في قوله تعالى: { بديع السموات والأرض }(البقرة: 117 )
ومعناه: الذي خلق الخلق على غير مثال سابق .
اتقول اللغة إن الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء أو اقتداء ،
والإبداع فى حق الله تعالى هو إيجاد الشىء بغير ألة ولا مادة ولا زمان ولا مكان ،
وليس ذلك إلا لله تعالى ،
والله البديع الذى لا نظير له فى معنيان
الأول : الذى لا نظير له فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله ولا فى مصنوعاته فهو البديع المطلق ، ويمتنع أن يكون له مثيل أزلا وابدا ،
والمعنى الثانى : أنه المبدع الذى ابدع الخلق من غير مثال سابقوحظ العبد من الاسم الأكثار من ذكره وفهم معناه فيتجلى له نوره ويدخله الحق تبارك وتعالى فى دائرة الإبداع ، ومن أدب ذكر هذا الاسم أن يتجنب البدعة ويلازم السنة
والبصير هو الله تعالى ،
يبصر خائنة الأعين وما تخفى الصدور ،
الذى يشاهد الأشياء كلها ، ظاهرها وخافيها ،
البصير لجميع الموجدات دون حاسة أو آلة
وعلى العبد أن يعلم أن الله خلق له البصر لينظر به الى الآيات وعجائبالملكوت ويعلم أن الله يراه ويسمعه
ورد في قوله تعالى: { إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم } (الطور: 28)
ومعناه: العطوف على عباده المحسن إليهم، الذي عم بره وإحسانه جميع خلقه.
البر فى اللغة بفتح الباء هو فاعل الخير والمحسن ،
وبكسر الباء هو الإحسان والتقوى البر فى حقه تعالى هو فاعل البر والإحسان ،
هو الذى يحسن على السائلين بحسن عطائه،وينفضل على العابدين بجزيل جزائه ،
لا يقطع تإحسان بسبب العصيان ،
وهو الذى لا يصدر عنه القبيح ،
وكل فعله مليح ،
وهذا البر إما فى الدنيا أو فى الدين ،فى الدين بالإيمان والطاعة أو بإعطاء الثواب على كل ذلك ،
وأما فى الدنيا فما قسم من الصحة والقوة والجاه والأولاد والأنصار وما هو خارج عن الحصر
ورد في قوله تعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم } (البقرة: 37)،
ومعناه: الذي يقبل توبة عباده، وكلما تكررت التوبة تكرر القبول
التوبة لغويا بمعنى الرجوع ،
ويقال تاب وأناب وآب ،
فمن تاب لخوف العقوبة فهو صاحب توبة ،
ومن تاب طمعا فى الثواب فهو صاحب إنابة ،
ومن تاب مراعاة للأمر لا خوفا ولا طمعا فهو صاحب أوبة
والتواب فى حق الله تعالى هو الذى يتوب على عبده ويوفقه اليها وييسرها له ،
ومالم يتب الله على العبد لا يتوب العبد ،
فابتداء التوبة من الله تعالى بالحق ،وتمامها على العبد بالقبول ،
فإن وقع العبد فى ذنب وعاد وتاب الى الله رحب به ،
ومن زل بعد ذلك وأعتذر عفى عنه وغفر ، ،
ولا يزال العبد توابا ، ولا يزال الرب غفارا
وحظ العبد من هذا الاسم أن يقبل أعذار المخطئين أو المذنبين من رعاياه وأصدقائه مرة بعد أخرى
ورد في قوله تعالى: { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار }(الحشر:23)
ومعناه: مأخوذ من الجبر والقهر والتعالي فهو سبحانه: المستعلي المتعاظم الذي لا يخرج أحد عن أمره الكوني وسلطانه القدري،
فهو الذي يحيي ويميت، ويرزق ويفقر، ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء في خلقه لا راد لأمره، ولا ناقض لقضائه .
واللغة تقول : الجبرضد الكسر ،
واصلاح الشىء بنوع من القهر ،
يقال جبر العظم من الكسر ،
وجبرت الفقير أى أغنيته ،
كما أن الجبار فى اللغة هو العالى العظيموالجبار فى حق الله تعالى هو الذى تنفذ مشيئته على سبيل الإجبار فى كل أحد ،
ولا تنفذ قيه مشيئة أحد ،
ويظهر أحكامه قهرا ،
ولا يخرج أحد عن قبضة تقديره ،
وليس ذلك إلا لله ،
وقد تطلق كلمة الجبار على العبد مدحا له وذلك هو العبد المحبوب لله ، الذى يكون جبارا على نفسه ..جبارا على الشيطان .. محترسا من العصيانوالجبار هو المتكبر ،
والتكبر فى حق الله وصف محمود ، وفى حق العباد وصف مذموم
أخذ من قوله تعالى: { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } (الرحمن: 27 )
ومعناه: العظيم القدر الرفيع الشأن،
الذي يصغر كل جليل دون جلاله وعظمته،
ويتضع كل عظيم دون شرفه ومنزلته .
والجليل هو الله ، بمعنى الغنى والملك والتقدس والعلم والقدرة والعزة والنزاهة ،
إن صفات الحق أقسامصفات جلال :
وهى العظمة والعزة والكبرياء والتقديس وكلها ترجع الى الجليل ،
وصفاتجمال :
وهى اللطف والكرم والحنان والعفو والإحسان وكلها ترجع الى الجميل ،
وصفاتكمال :
وهى الأوصاف التى لا تصل اليها العقول والأرواح مثل القدوس ،
وصفات ظاهرهاجمال وباطنها جلال
مثل المعطى ،
وصفات ظاهرها جلال وباطنها جمال
مثل الضار ،والجليل من العباد هو من حسنت صفاته الباطنة
أما جمال الظاهر فأقل قدرا
ورد في قوله تعالى: { وكفى بالله حسيباً } (النساء: 6)
ومعناه: أنه الشريف الذي فاق شرفه كل شرف، والعالم الذي يعلم مقادير الأشياء وأعدادها، والكافي الذي يحفظ ويرزق.
: الحسيب فى اللغة هو المكافىء
.والاكتفاء .والمحاسب . والشريف الذى له صفات الكمال ،
والله الحسيب بمعنى الذى يحاسب عباده على أعمالهم ،
والذى منه كفاية العباده وعليه الاعتماد ،
وهو الشرف الذى له صفات الكمال والجلال والجمال .
ومن كان له الله حسيبا كفاه الله ،
ومن عرف أن الله تعالى يحاسبه فإن نفسه تحاسبه قبل أن يحاسب
ورد في قوله تعالى: { فالله خير حافظا } (يوسف:64)
ومعناه الصائن عبده عن أسباب الهلكة في أمور دينه ودنياه .
وهو الذي يحفظ عبده من المهالك والمعاطب ويقيه مصارع السوء
ويحفظ على الخلق أعمالهم ,
ويحصي عليهم أقوالهم ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم ,
ولا تغيب عنه غائبة , ولا تخفى عليه خافية .
ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب ,
ويحرسهم عن مكايدة الشيطان , ليسلموا من شره وفتنته
ورد في قوله تعالى: { إن ربي على كل شيء حفيظ } (هود:57)
ومعناه: الحافظ، فهو الذي يحفظ السماء أن تقع على الأرض، ويحفظ الأرض أن تهوي، ويحفظ الكواكب أن تصطدم ببعضها، ويحفظ للحياة نظامها، ويحفظ على عباده ما عملوه من خير وشر وطاعة ومعصية .
الحفيظ فى اللغة هى صون الشىء من الزوال ،
والله تعالى حفيظ للأشياء بمعنى
أولا :أنه يعلم جملها وتفصيلها علما لا يتبدل بالزوال ،
وثانيا :هو حراسة ذات الشىء وجميع صفاته وكمالاته عن العدم ،
وحظ العبد من الاسم أن يحافظ على جوارحه من المعاصى ،
وعلى قلبه من الخطرات وأن يتوسط الأمور كالكرم بين الاسراف والبخل
ورد في قوله تعالى: { ويعلمون أن الله هو الحق المبين } (النور:25)
ومعناه: الذي لا يسع أحد إنكاره، بل يجب إثباته والاعتراف به، لتظاهر الأدلة على وجوده سبحانه .
الحق هو الله ، هو الموجود حقيقة ،
موجود على وجه لا يقبل العدم ولا يتغير ،
والكل منه واليه ،
فالعبد إن كان موجودا فهو موجود بالله ، لا بذات العبد ،
فالعبد وإن كان حقا ليس بنفسه بل هو حق بالله ،
وهو بذاته باطل لولا إيجاد الله له ،
ولا وجود للوجود إلا به ،
وكل شىء هالك إلا وجه الله الكريم ،
الله الثابت الذى لا يزول ،
المتحقق وجوده أزلا وأبدا
وتطلق كلمة الحق أيضا على القرآن ..والعدل ..والأسلام .. والصدق ،
ووصف الحق لا يتحلى به أحد من الخلق إلا على سبيل الصفة المؤقتة ،
وسيزول كل ملك ظاهر وباطن بزوال الدنيا ويبقى ملك المولى الحق وحده
ورد في قوله تعالى: { حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين }
(الأعراف:78)،
وقال – صلى الله عليه وسلم -: ( إن الله هو الحكم وإليه الحكم )
رواه أبو داود ،
ومعناه: الذي يفصل بين المتخاصمين بالعدل، ويقضي بين المختلفين بالقسط، ويشرّع الشرائع، ويضع الأحكام .
و الحكم لغويا بمعنى المنع ،
هو صاحب الفصل بين الحق والباطل ، والبار والفاجر ،
والمجازى كل نفس بما عملت ،
والذى يفصل بين مخلوقاته بما شاء ،
المميز بين الشقى والسعيد بالعقاب والثواب .
والله الحكم لا راد لقضائه ، ولا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، لا يقع فى وعده ريب ، ولا فى فعله غيب ،
وحظ العبد من هذا الاسم الشريف أن تكون حاكما على غضبك فلا تغضب على من أساء اليك ،
وأن تحكم على شهوتك إلا ما يسره الله لك ،
ولا تحزن على ما تعسر ، وتجعل العقل تحت سلطان الشرع ،
ولا تحكم حكما حتى تأخذ الأذن من الله تعالى الحكم العدل
ورد في قوله تعالى: { قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم }
(البقرة: 32)،
ومعناه: الذي يضع الأمور مواضعها، ولا يفعل إلا الصواب، ولا يقول إلا الحق، وأفعاله سديدة، وصنعه متقن .
الحكيم صيغة تعظيم لصاحب الحكمة ،
والحكيم فى حق الله تعالى بمعنى العليم بالأشياء وإيجادها على غاية الإحكام والأتقان والكمال الذى يضع الأشياء فى مواضعها،ويعلم خواصها ومنافعها ،
الخبير بحقائق الأمور ومعرفة أفضل المعلومات بأفضل العلوم ،
والحكمة فى حق العباد هى الصواب فى القول والعمل بقدر طاقة البشر
ورد في قوله تعالى: { والله غفور حليم }
(البقرة:225)
ومعناه: الذي لا يحبس إنعامه وأفضاله عن عباده لأجل ذنوبهم، بل يرزقهم ويحفظهم ويرشدهم حتى يعودوا إليه ويتوبوا .
الحليم لغويا : الأناة والتعقل ،
والحليم هو الذى لا يسارع بالعقوبة ، بل يتجاوز الزلات ويعفو عن السيئات ،
الحليم من أسماء الله الحسنى بمعنى تأخيره العقوبة عن بعض المستحقين ثم يعذبهم ،
وقد يتجاوز عنهم ، وقد يعجل العقوبة لبعض منهم
وقال تعالى ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ) .
وقال تعالى عن سيدنا إبراهيم ( إن ابراهيم لحليم آواه منيب ) ،
وعن إسماعيل ( فبشرناه بغلام حليم ) .
ورد في قوله تعالى: { وإن الله لهو الغني الحميد }
(الحج:64)
ومعناه: المحمود الذي استحق الحمد بفعاله،
فهو الذي يحمد في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء،
وأفعاله لا تخرج عن مقتضى الحكمة والرحمة والعدل .
الحميد لغويا هو المستحق للحمد والثناء ،
والله تعالى هو الحميد ،بحمده نفسه أزلا ، وبحمده عباده له أبدا ،
الذى يوفقك بالخيرات ويحمدك عليها ،
ويمحو عنك السيئات ، ولا يخجلك لذكرها ،
وان الناس منازل فى حمد الله تعالى ،
فالعامة يحمدونه على إيصال اللذات الجسمانية ،
والخواص يحمدونه على إيصال اللذات الروحانية ، والمقربون يحمدونه لأنه هو لا شىء غيره ،
والحميد من العباد هو من حسنت عقيدته وأخلاقه وأعماله وأقواله ، ولم تظهر أنوار اسمه الحميد جلية فى الوجود إلا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورد في قوله تعالى: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }
(البقرة: 255)،
ومعناه: أنه ذو الحياة التامة الكاملة – سبحانه –
فحياته ذاتية أزلية، لم يسبقها موت ولا عدم، على خلاف سائر الأحياء .
واسم الحي يتضمن جميع الصفات الذاتية كالعلم والقدرة والإرادة وغيرها.
الحياة فى اللغة هى نقيض الموت ،
والحى فى صفة الله تعالى هو الباقى حيا بذاته أزلا وأبدا ،
والأزل هو دوام الوجود فى الماضى ،
والأبد هو دوام الوجود فى المستقبل ، والأنس والجن يموتون ،
وكل شىء هالك إلا وجهه الكريم ، وكل حى سواه ليس حيا بذاته إنما هو حى بمدد الحى ،
وقيل إن اسم الحى هو اسم الله الأعظم
ورد في قوله تعالى: { هو الله الخالق البارئ المصور }
(الحشر:24)
ومعناه: مأخوذ من الخلق وهو الإيجاد والتقدير فالله سبحانه هو الذي قدّر الأشياء قبل وجودها، وأخرجها من العدم إلى الوجود .
الخلق فى اللغة بمعنى الإنشاء ..أو النصيب لوافر من الخير والصلاح .
والخالق فى صفات الله تعالى هو الموجد للأشياء ، المبدع المخترع لها على غير مثال سبق ،
وهو الذى قدر الأشياء وهى فى طوايا لعدم ، وكملها بمحض الجود والكرم ، وأظهرها وفق إرادته ومشيئته وحكمته .
والله الخالق من حيث التقدير أولا ،
والبارىء للإيجاد وفق التقدير ،
والمصور لترتيب الصور بعد الأيجاد ، ومثال ذلك الإنسان .. فهو أولا يقدر ما منه موجود ..فيقيم الجسد ..ثم يمده بما يعطيه الحركة والصفات التى تجعله إنسانا عاقلا
ورد في قوله تعالى: { وهو الحكيم الخبير }
(الأنعام:18)
ومعناه: الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها .
الله هو الخبير ، الذى لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء ،
ولا تتحرك حركة إلا يعلم مستقرها ومستودعها .
والفرق بين العليم والخبير ،
أن الخبير بفيد العلم ،
ولكن العليم إذا كان للخفايا سمى خبيرا .
ومن علم أن الله خبير بأحواله كان محترزا فى أقواله وأفعاله واثقا أن ما قسم له يدركه ،
وما لم يقسم له لا يدركه فيرى جميع الحوادث من الله فتهون عليه الأمور ، ويكتفى بأستحضار حاجته فى قلبه من غير أن ينطق لسانه
( الخلاّق )
ورد في قوله تعالى: { إن ربك هو الخلاق العليم }
(الحجر: 86)
وهو في معنى الخالق ويزيد عليه في دلالته على كثرة خلق الله واتساعه.
وهو المبدع كَمًّا وكيفاً
( الديّان )
ورد في قوله – صلى الله عليه وسلم – أن الله ينادي يوم القيامة: ( أنا الملك، أنا الديان )
رواه أحمد
ومعناه: الذي يحاسب عباده ويجازيهم، ولا يضيع عمل عامل منهم.
قال الخطابي: الديان: وهو المجازي والدين: الجزاء , ومنه المثل : (كما تدين تدان)
والديان ايضا الحاكم, يقال : من ديان أرضكم , اي من الحاكم بها.
وقال ابن الاثير: في اسماء الله تعالى (الديان) قيل: هو القهار وقيل: هو الحاكم القاضي.
يتبع ….