
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العلم بالله هو أجل العلوم وأعلاها، وأنفعها عند الله وأسماها،
وكيف لا يكون كذلك،
وهو يعرّف العباد بأعظم من عُرف،
ويقربهم إلى أسمى من عُبد،
فهو يجلي للعبد حقيقة ربه،
ويعرفه صفاته وأسماءه،
حتى يعبده على بصيرة،
ويحبه على علم.
وقد حثَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – أمته على تتبع أسمائه – سبحانه – ومعرفتها وحفظها، ووعدهم جزاء ذلك الجنة،
فقال – عليه الصلاة والسلام – :
( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة )
متفق عليه .
ولا يعني الحديث حصر أسماء الله في تسعة وتسعين اسماً،
وإنما المراد أن الجزاء مرتب ومعلق على إحصاء هذا العدد .
أما جملة أسمائه فلا يعلمها إلا هو ،
كما جاء في الحديث، قال – صلى الله عليه وسلم – :
(أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك )
رواه أحمد .
وقد دفع هذا التحفيز النبوي العلماء إلى تتبع أسماء الله – سبحانه – من أدلة الكتاب والسنة،
فاتفقوا على أسماء، واختلفوا في أخرى،
فإن الله وصف أسمائه بالحسنى أي: التي بلغت الغاية في الحسن، كالعليم والقدير،
وألا يكون اسماً جامداً كالدهر والأبد والشيء،
واقتفينا في ذكر الأسماء الحسنى ما قاله العلماء ونصوا عليه في كتبهم كالقرطبي والرازي والبيهقي وغيرهم ممن ألف في هذه العلم الجليل .
أسماء الله الحسنى
وهو أكبر الأسماء وأجمع معانيها،
وبه ابتدأ الله كتابه الكريم، فقال { بسم الله } (الفاتحة:1)،
وابتدأ به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كتبه ورسائله فكان يفتتحها ب ( بسم الله )،
وأضاف سبحانه كل أسماءه إليه فقال: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها }.
وهو علم على الذات، واسم للموجود الحق الجامع لصفات الألوهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوحدانية لا إله إلا هو،
وهو اسم غير مشتق،
وقيل: مشتق من أله الرجل إلى الرجل يأله إليه، إذا فزع إليه من أمر نزل به، وقيل مشتق من غير ذلك .
ولاسم ( الله ) خصائص منها:
أنه أول أسماء الله، وأعظمها،
وأعمها مدلولاً،
وأنه لم يتسم به أحد من البشر،
وأنه الذي يُفتتح به أمور الخير، تبركاً وتيمناً،
وأنه إذا ارتفع من الأرض قامت الساعة .
وهوايضاً مختص بخواص لم توجد فى سائر أسماء الله تعالى .
الخاصية الأولى :
أنه إذاحذفت الألف من قولك (الله) بقى الباقى على صورة (لله وهومختص به سبحانه كما فى قوله ( ولله جنود السموات والأرض) ،
وإن حذفت عن البقية اللام الأولى بقيت على صورة (له) كما فى قوله تعالى ( له مقاليد السموات والأرض) فإن حذفت اللام الباقية كانت البقيةهى قولنا (هو) وهو أيضا يدل عليه سبحانه كما فى قوله ( قل هو الله أحد )
والواوذائدة بدليل سقوطها فى التثنية والجمع ، فإنك تقول : هما ، هم ، فلا تبقى الواوفيهما فهذه الخاصية موجودة فى لفظ الله غير موجودة فى سائر الاسماء .
الخاصية الثانية :
أن كلمة الشهادة _ وهى الكلمة التى بسببها ينتقل الكافرمن الكفر الى الإسلام _ لم يحصل فيها إلا هذا الاسم ، فلو أن الكافر قال : أشهد أنلا اله إلا الرحمن الرحيم ، لم يخرج من الكفر ولم يدخل الاسلام ، وذلك يدل علىاختصاص هذا الاسم بهذه الخاصية الشريفة
ورد فى قوله تعالى { قل هو الله أحد } (الإخلاص 1)
ومعناه :هو الذى لا شبيه له
ولانظير له
فهو المتفرد فى ذاته وصفاته وافعاله
والواحد الوتر
ولا ولد ولا شريك ولا عدل
ولا يطلق هذا اللفظ على احد فى الإثبات إلا على الله عز وجل
لأنه الكامل فى جميع صفاته وافعاله
ورد في قوله تعالى:{ هو الأول }(الحديد:3)
وفي الحديث:( أنت الأول فليس قبلك شيء ) رواه مسلم .
ومعناه: الذي ليس لوجوده بداية، فكل ما سواه كائن بعد أن لم يكن .
والأول لغويا بمعنى الذى يترتب عليه غيره ،
والله الأول بمعنى الذى لم يسبقه فى الوجود شىء ،
هو المستغنى بنفسه ،
وهذه الأولية ليست بالزمان ولا بالمكان ولا بأى شىء فى حدود العقل أو محاط العلم ،
ويقول بعض العلماء أن الله سبحانه ظاهر باطن فى كونه الأول أظهر من كل ظاهر لأن العقول تشهد بأن المحدث لها موجود متقدم عليها ،
وهو الأول أبطن من كل باطن لأن عقلك وعلمك محدود بعقلك وعلمك ، فتكون الأولية خارجة عنه ،
ورد في قوله تعالى: { هو الأول والآخر } (الحديد:3)
وفي الحديث: ( وأنت الآخر فليس بعدك شيء ) رواه مسلم ،
ومعناه: الذي ليس لوجوده نهاية،
بل له الخلود المطلق،
والبقاء الدائم، لا يفنى ولا يبيد .
فهو الباقى سبحانه بعد فناء خلقه ، الدائم بلا نهاية
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت
الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغننا من الفقر))
“أخرجه الإمام مسلم في صحيحه،
ورد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقول في سجوده:
( سبحان ربي الأعلى )
رواه مسلم
ومعناه: الذي علا على كل شيء، فمهما تصور العبد عالياً فالله أعلى منه، فله العلو المطلق في ذاته وصفاته .
و لا رب أعلى منه وأعظم
<
(الأكرم)
ورد في قوله تعالى: { اقرأ وربك الأكرم }(العلق:3)
ومعناه:
الذي لا يوازي كرمه كرم، ولا يعادله في كرمه كريم
ورد في قوله تعالى: { هو الله الخالق البارئ } (الحشر:24)،
وهو في معنى الخالق إلا أنه يدل على مطلق الخلق من غير تقدير .
والبارئ: تقول اللغة البارىء من البرء ،
وهو خلوص الشىء من غيره ، مثل أبرأه الله من مرضه .
البارىء فى اسماء الله تعالى هو الذى خلق الخلق لا عن مثال ، والبرء أخص من الخلق ، فخلق الله السموات والأرض ،
وبرأ الله النسمة ، كبرأ الله آدم من طين
البارىء الذى يبرىء جوهر المخلوقات من الأفات ، وهو موجود الأشياء بريئة من التفاوت وعدم التناسق ، وهو معطى كل مخلوق صفته التى علمها له فى الأزل ،
وبعض العلماء يقول ان اسم البارىء يدعى به للسلامة من الأفات ومن أكثر من ذكره نالالسلامة من المكروه
ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله المسعر القابض الباسط )
رواه الترمذي وصححه
. ومعناه: الذي يوسع رزقه على من يشاء من عباده كما قال تعالى: { والله يقبض ويبسط }(البقرة: 245).
:بسط بالسين أو بالصاد هى نشره ، ومده ، وسره ،
و معناه الموسع للأرزاق لمن شاء من عباده ،
وأيضا هو مبسط النفوس بالسرور والفرح ،
وقيل : الباسط الذى يبسط الرزق للضعفاء ،
ويبسط الرزق للأغنياء حتى لا يبقى فاقة ،
ويقبضه عن الفقراء حتى لا تبقى طاقة .
يذكر اسم القابض والباسط معا ،
لا يوصف الله بالقبض دون البسط ،
يعنى لا يوصف بالحرمان دون العطاء ، ولا بالعطاء دون الحرمان
يتبع ….
معلومات قيمة جزيت خيرا يا خوي