[]حذر خبراء اقتصاديون أمس من أن تجاهل أساسيات إدارة السيولة النقدية والمخاطر المتعلقة بالسوق قد يعود على الشركات بنتائج كارثية، خاصة في الأسواق التي تعاني من ضائقة مالية وتفتقر إلى التسهيلات الائتمانية.
وأكد اقتصاديون خلال ورشة العمل الاقتصادية الرابعة، التي نظمتها «سلطة مركز دبي المالي العالمي» أهمية أن تركز الحكومات والمؤسسات العالمية والوطنية على تفعيل وتعزيز سياسات إدارة السيولة والمخاطر لديها خلال هذه المرحلة بهدف تجاوز التحديات والمخاطر التي أفرزتها الأزمة المالية ولضمان حدوث انتعاش اقتصادي قوي ومواصلة النمو. ولفت الخبراء إلى انه بالرغم من وجود مؤشرات إيجابية نحو عودة الانتعاش، فإن نهاية الأزمة المالية لم تلح في الأفق بعد، لكنها من المتوقع أن تنقضي في وقت أقصر من الكساد العظيم الذي حل في ثلاثينيات القرن الماضي. وأشار المتحدثون إلى أن الاضطراب في السوق المالية العالمية قد منح السيولة قيمة إضافية، ولضمان حدوث انتعاش اقتصادي قوي ومواصلة النمو وتفعيل آليات الائتمان وعمل الأسواق المالية، ستحتاج الشركات والمؤسسات إلى وضع سياسات سليمة لإدارة السيولة والمخاطر. وتهدف الندوة إلى مراجعة الاستراتيجيات الحالية وتقديم استراتيجيات ورؤى وممارسات جديدة، مع التركيز بصورة خاصة على الأزمة المالية الحالية التي يشهدها العالم. وشدد الدكتور ناصر السعيدي رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي خلال الندوة على الدور المهم الذي تلعبه سياسات إدارة السيولة والمخاطر خلال الفترات الصعبة التي الحكومات والمؤسسات المالية والنقدية. وأشار إلى أن الأزمة المالية العالمية الراهنة أفرزت العديد من التحديات التي يجب على الحكومات وواضعي السياسات النقدية والمالية وكذلك المؤسسات والشركات مواجهتا. وقال إن ابرز هذه التحديات يتمثل في كيفية إدارة السيولة والمخاطر في ظل الظروف الراهنة للأسواق التي تعاني اختلالاً وظيفياً،بالإضافة إلى تحديد الإصلاحات الواجب تطبيقها على مستوى البنية القانونية والتنظيمية والتحتية للسوق لدعم الانتعاش المستدام وتجديد الثقة بالأسواق وجهاتها التنظيمية واللاعبين الرئيسيين فيها، الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلة البنية المالية الحالية ومكوناتها لضمان سلامة وكفاءة الأسواق. وأضاف السعيدي أنه في الوقت الذي يمر فيه العالم حاليا بظروف اقتصادية صعبة وحقبة توصف بأنها الكساد الكبير ومع أن نهاية الأزمة المالية لم تلح في الأفق بعد ،إلا انه لحسن الحظ، فقد بدأت معالم الانتعاش بالظهور ومن المتوقع أن تنقضي في وقت أقصر من الكساد العظيم الذي حل في ثلاثينيات القرن الماضي. وأشار إلى انخفاض مستوى فهم طبيعة ومتطلبات إدارة السيولة والمخاطر في العالم العربي،مؤكدا فهم إدارة السيولة والمخاطر يكتسب أهمية كبرى، إذ يمنح الشركات قدرة أكبر على تجاوز الأزمات والخروج منها قوية إلى حد يؤهلها تحقيق النمو عند حدوث التحول في الوضع الاقتصادي. وفي المقابل، فإن تجاهل أساسيات إدارة السيولة النقدية والمخاطر المتعلقة بالسوق قد يعود على الشركات بنتائج كارثية، خاصة في الأسواق التي تعاني من ضائقة مالية وتفتقر إلى التسهيلات الائتمانية. وحمل السعيدي المسؤولية بشكل أساسي على كاهل المصارف والسلطات النقدية في معالجة وتخفيف مخاطر النظام المرتبطة بالسيولة، وتفشي الذعر، والعلاقات المالية، وتأثير الشبكات المصرفية، مؤكدا أن إدارة مخاطر السيولة تعتبر ذات أهمية ضئيلة على مستوى الشركات، ولكنها بالغة الأهمية على مستوى المشرعين والمصارف المركزية التي تحتاج لضمان سلامة وفاعلية الأسواق. وبالتالي، فإننا نحتاج إلى وضع إطار عام لإدارة مخاطر السيولة، مما سيشكل تحدياً لمنطقتنا ويتطلب تطوير أسواق المال والدين». بدوره أشار ستايروولت، مدير مسؤول قسم الرقابة في «سلطة دبي للخدمات المالية» إلى أن الأزمة المالية العالمية قد سلطت الضوء على الحاجة إلى إدارة السيولة بالشكل الملائم لدى جميع الشركات، المالية منها وغير المالية. وقال «لقد عانى العديد من الشركات التي تعرضت للمشكلات مؤخراً من افتقارها إلى إطار عمل قوي لإدارة وتخطيط احتياجاتها من السيولة. وتعتبر إدارة مخاطر السيولة عنصراً مهماً في إدارة المخاطر الكلية، حيث يؤدي النقص في السيولة لدى مؤسسة معينة إلى تبعات خطيرة تطال نظام هذه المؤسسة بأكمله، ويمكن أن تمتد أيضاً إلى أبعد من ذلك». وأضاف ستايروولت: «قدمت العولمة الكثير من الفوائد للاقتصاد العالمي، ولكنها تنطوي أيضاً على تعقيدات بالغة بالنسبة لعملية إدارة المخاطر. وتتطلب هذه المراحل الانتقالية استجابة سريعة على صعيد الأنظمة والحوكمة والرقابة. ومن جانبنا، ستواصل سلطة دبي للخدمات المالية التركيز على العلاقة المتبادلة بين السيولة والتشريعات وكفاية رأس المال وما إلى ذلك من إجراءات احترازية أخرى، بما يضمن وجود نظام رقابي عالي الكفاءة والفاعلية والأداء حقاً في مركز دبي المالي العالمي، ويدعم الاستقرار ويتيح النمو المدروس». فيما أكد ماتز المدير العالمي لاستشارات مخاطر السيولة وسعر الفائدة لدى شركة من «صن جارد»، أهمية البوادر المبكرة في ملاحظة التطورات التي لا تحمد عقباها سريعاً والاستجابة بشكل فوري في ظروف السوق المتغيرة حالياً. وأوضح كيفية الاستفادة من مؤشرات المخاطر الأساسية واختبارات الملاءة المالية وخطط الطوارئ بما يتماشى مع الظروف الراهنة للسوق والتشريعات والمستلزمات المستقبلية. من جهته، اكد الدكتور سونيل كومار مدير إدارة المخاطر في منطقة الشرق الأوسط بشركة «إف آر إس جلوبال» أهمية أن تصبح إدارة مخاطر السيولة جزءاً أساسياً من إدارة المخاطر الكلية، حيث إن آليات السوق قد تغيرت بشكل كبير، لافتا إلى أن إدارة مخاطر السيولة مهمة بسيطة تنطوي على الإدارة اليومية للتدفقات النقدية. وقد اكتسبت المخاطرة أبعاداً جديدة في ظل الاعتماد المتزايد على السوق كمصدر للتمويل، في الوقت الذي يسفر فيه التفاعل المتزايد بين مخاطر السيولة وأنواع المخاطر الأخرى عن ظهور تحديات غير مسبوقة». وأكد الدكتور سونيل أنه على المؤسسات أن تكلف عن التعامل مع النسب البسيطة وتركز بجدية أكبر على إدارة مخاطرة السيولة كعملية قائمة بحد ذاتها. وأضاف: «تعتبر النسب أداة تحليلية لما بعد الحدث وتتمتع بقدرة محدودة على التنبؤ بالمستقبل. وتعد سيناريوهات اختبارات الملاءة المالية، المرتبطة إلى درجة كبيرة باستراتيجية وسياسات المؤسسات، عاملاً أساسياً في إدارة السيولة، إذ إن التعامل مع مخاطر السيولة على أنها أمر هامشي يبخسها قدرها إلى حدٍ كبير. وتعد التحليلات المالية الموحدة مع ممارسات إدارة المخاطر المتكاملة الأسلوب الأمثل الواجب اتباعه».