الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد . .
فهذا نقلٌ عزيز يبين فيه شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية _ رحمه الله _ عقيدة أهل السنة والجماعة في أهل البيت والصحابة _ رضي الله عنهم _ والموقف الوسط من يزيد بن معاوية وما يُروى عنه وموقف المسلم من ذلك.
قال _ رحمه الله _ :
( فصلٌ ) : وكذلك يجب الاقتصاد والاعتدال في أمر ” الصحابة ” و ” القرابة ” – رضي الله عنهم –
فإن الله تعالى أثنى على أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم من السابقين والتابعين لهم بإحسان .
وأخبر أنه رضي عنهم ورضوا عنه ؛ وذكرهم في آيات من كتابه ؛ مثل قوله تعالى:
{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما }
وقال تعالى:
{ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } .
وفي الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه } .
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على ما تواتر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أنه قال : ” خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ” رضي الله عنهما.
واتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة عثمان بعد عمر رضي الله عنهما وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:{ خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم تصير ملكا }
وقال صلى الله عليه وسلم { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة } .
وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء الراشدين المهديين . وقد اتفق عامة أهل السنة من العلماء والعباد والأمراء والأجناد على أن يقولوا: أبو بكر ثم عمر ؛ ثم عثمان ؛ ثم علي رضي الله عنهم . ودلائل ذلك وفضائل الصحابة كثير ؛ ليس هذا موضعه.
وكذلك نؤمن ” بالإمساك عما شجر بينهم ” ونعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب . وهم كانوا مجتهدين ؛ إما مصيبين لهم أجران ؛ أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم ؛ وما كان لهم من السيئات – وقد سبق لهم من الله الحسنى – فإن الله يغفرها لهم: إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة ؛ أو غير ذلك. فإنهم خير قرون هذه الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم { خير القرون قرني الذي بعثت فيهم ؛ ثم الذين يلونهم } وهذه خير أمة أخرجت للناس.
ونعلم مع ذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أفضل وأقرب إلى الحق من معاوية وممن قاتله معه لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق }. وفي هذا الحديث دليل على أنه مع كل طائفة حق ؛ وأن عليا رضي الله عنه أقرب إلى الحق.
وأما الذين قعدوا عن القتال في الفتنة ؛ كسعد بن أبي وقاص وابن عمر وغيرهما رضي الله عنهم فاتبعوا النصوص التي سمعوها في ذلك عن القتال في الفتنة وعلى ذلك أكثر أهل الحديث .
وكذلك ” آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لهم من الحقوق ما يجب رعايتها فإن الله جعل لهم حقا في الخمس والفيء وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا : { قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد }. وآل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل ؛ وغيرهما من العلماء – رحمهم الله – فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد }.
وقد قال الله تعالى في كتابه : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } وحرم الله عليهم الصدقة لأنها أوساخ الناس وقد قال بعض السلف : حب أبي بكر وعمر إيمان ؛ وبغضهما نفاق. وفي المسانيد والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس – لما شكا إليه جفوة قوم لهم قال : { والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم من أجلي }.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله اصطفى بني إسماعيل ؛ واصطفى بني كنانة من بني إسماعيل ؛ واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش ؛ واصطفاني من بني هاشم }.
وقد كانت الفتنة لما وقعت بقتل عثمان وافتراق الأمة بعده صار قوم ممن يحب عثمان ويغلو فيه ينحرف عن علي رضي الله عنه مثل كثير من أهل الشام ؛ ممن كان إذ ذاك يسب عليا رضي الله عنه ويبغضه . وقوم ممن يحب عليا رضي الله عنه ويغلو فيه ينحرف عن عثمان رضي الله عنه مثل كثير من أهل العراق ؛ ممن كان يبغض عثمان ويسبه رضي الله عنه . ثم تغلظت بدعتهم بعد ذلك ؛ حتى سبوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وزاد البلاء بهم حينئذ . والسنة محبة عثمان وعلي جميعا وتقديم أبي بكر وعمر عليهما رضي الله عنهم لما خصهما الله به من الفضائل التي سبقا بها عثمان وعليا جميعا.
وقد نهى الله في كتابه عن التفرق والتشتت ؛ وأمر بالاعتصام بحبله . فهذا موضع يجب [ على ] المؤمن أن يتثبت فيه ويعتصم بحبل الله فإن السنة مبناها على العلم والعدل ؛ والاتباع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
يتبع إن شاء الله
همـــ الشوق ــــــس
عبق الورود
عش البلبل
شكر الله لكم مروركم وجزاكم خيراً على دعواتكم.
وشكر خاص للأخ المشرف أبي عائشة لتثبيت الموضوع، ثبتنا الله وإياكم على الحق حتى نلقاه غير مبدلين.
بارك الله فيكِ أختي الفاضلة
بارك الله فيكِ أختي الفاضلة
موضوع يستحق التقدير
جزاك الله كل خير ……..