جريدة المدينة 10/10/2008
رفعت البنوك المحلية بداية من يوم السبت الماضي سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي بالنسبة للحوالات الخارجية بمقدار 0.3 حيث أصبح سعر صرف 3.78 ريال بعد أن كان ثابتاً منذ سنوات طويلة على 3.75 ريال، وذلك بهدف احتواء ردة الفعل النفسية التي طرأت على العملاء المودعين أموالهم في تلك البنوك مما نجم عنه زيادة في عمليات الحوالات المالية إلى الخارج بنسبة تقدر بحوالى 50 في المائة بعد الأزمة التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي، والتي نجم عنها انهيار رابع أكبر بنك في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة إفلاس العديد من المؤسسات المالية هناك حسب التصريحات الصادرة يوم أمس من هنرتي بولسن وزير الخزانة الأمريكي.

وأكد الخبير المالي الدكتور سامي النويصر صاحب إحدى دور الاستشارات المالية المتخصصة بمتابعة الأسواق الأمريكية والأوروبية في تصريح لـ(المدينة) بأنه أجرى حوالة مالية قبل أربعة أيام عن طريق أحد البنوك المحلية بسعر صرف الريال مقابل الدولار 3.77 ريال.. إلا انه فوجئ يوم أمس الأول عند رغبته إجراء حوالة مصرفية اخرى بزيادة السعر إلى 3.78 ريال مع أن السعر كان قبل حدوث الأزمة التي طرأت على الاقتصاد الأمريكي 3.75 ريال .. مشيراً إلى أن تلك الزيادة جرى تطبيقها بداية من يوم السبت الماضي على مستوى جميع البنوك المحلية لتحقيق مكاسب إضافية مع زيادة الطلب على الحوالات الخارجية بنسبة تقدر بحوالى 50 في المائة.

وذكرت مصادر بنكية تحدثت مع “المدينة” بأن بعض البنوك لجأت بالفعل الى تقليص العمليات الخاصة بالقروض خاصة ما يتعلق بالقروض الشخصية بسبب زيادة إقبال المواطنين والمقيمين خلال الأيام الماضية على إجراء سحوبات لكامل أرصدتهم المودعة في البنوك أو لأجزاء منها.. كما أن هناك زيادة أيضاً على عمليات التحويل إلى الخارج، وهذا سيؤدي بالتأكيد إلى تقليص السيولة النقدية المتوفرة في تلك البنوك مما سيضطرها مستقبلاً إلى وقف القروض الشخصية، وحصرها على كبار العملاء فيها من أصحاب المشروعات الكبيرة نظراً لأنها لا تستطيع التخلي عنهم في مثل تلك الظروف العادية خاصة وأن لديهم من الأصول العقارية والسيولة النقدية والخبرات العملية ما يمكنهم من تعويض ما يلحق بهم من خسائر في الأسواق المحلية والعالمية.

ويعتقد الدكتور النويصر بأن أوضاع الأسواق المالية في المملكة لا زالت تحت السيطرة حتى الآن، ولكن ما أقدمت عليه البنوك المحلية من زيادة صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي بالنسبة للحوالات الخارجية، زاد من مخاوف وقلق المواطنين والمقيمين على مصير أرصدتهم المالية في تلك البنوك خاصة وأنهم يتابعون عن طريق وسائل الإعلام ما يحصل يومياً من تبعات الأزمة الأمريكية في كافة أرجاء العالم حيث إن الأزمة تتسع وتتشعب بطريقة مذهلة للغاية، وبما أن المملكة جزء من هذا العالم المترابط بعلاقات سياسية واقتصادية وتجارية ومالية، فإن هناك احتمالات بأن تمتد هذه الأزمة إلى الأسواق السعودية أو يكون لها انعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على المصارف والمؤسسات المالية.

ويرى النويصر بأنه ليس هناك أية مبررات منطقية وعملية تعطي الحق للبنوك المحلية بزيادة سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي بالنسبة للحوالات الخارجية سوى رغبتها في تحقيق مكاسب سريعة استغلالاً منها لردة الفعل النفسية والمخاوف التي طرأت على عملائها من المواطنين والمقيمين من انعكاسات الأزمة الأمريكية مما تسبب في زيادة عمليات السحوبات والحوالات المصرفية .. مشيراً إلى أن هناك اعتقاد لدى مسؤولي بعض البنوك بأن الزيادة قد تحد من تلك العمليات على الرغم من ضآلتها .. إلا أنها تمثل حوالى 8 آلاف ريال لكل مليون ريال يتم تحويله إلى الخارج.