مع بداية طفرة سوق الأسهم، تطورت استراتيجيات بعض صنّاع السوق، وذلك في محاولة لرفع معدل الأرباح خلال أقصر مدة ممكنة، وكان من ضمن ذلك ما يطلق عليها مصطلح “التدوير”.
ما هو التدوير؟
“التدوير” هو إيجاد إيحاء لحالة معينة من النشاط غير الطبيعية على تداولات سهم شركة ما، بواسطه عمليات بيع وشراء وانتقال غير حقيقي للكميات ما بين محافظ محدودة ذات وعاء استثماري واحد وبكميات ضخمة خلال فترات محددة، مما يساعد على اجتذاب الكثير من المتداولين إلى تلك الدائرة بسبب ذلك النشاط الوهمي.
أهداف التدوير
تختلف أهداف التدوير ولكن أشهرها “التصريف، والتجميع، والتثبيت “، كذلك منها أن تكون عملية تدوير من أجل تعديل أسعار إجمالي الكميات المتوافرة لدى المضارب من خلال الصعود بالسهم إلى مستوى سعري معيّن ومن ثم الهبوط بالسعر من خلال تلبية الطلبات، ومن ثم دعم السهم والقيام بعمليات تدوير تساعد على التعديل السعري للمضارب. كذلك تضمن تخفيف الحمولة غير الضرورية من الأسهم لدى المضارب استعداداً لقفزة إلى أعلى بسهم الشركة قد تكون في الأغلب تصريفاً مباشراً بعد الانطلاقة المنتظرة. كذلك قد تكون عملية التدوير نفسها عبارة عن تصريف بطريقة احترافية، حيث يتم حصر السهم ما بين نطاق سعرين لتكون عند ذلك دائرة ما بين العرض والطلب في حالة الدخول فيها من الصعب الخروج منها إلا من خلال البيع بخسارة، بمعنى أنه يتم تحقيق أرباح حتى من عمليات التدوير بخلاف الأرباح المحققة من ارتفاع السهم.
أنواع التدوير
يختلف مستوى الأداء ما بين المضاربين، حيث نرى بعض المضاربين المحترفين يستمر في عمليات التدوير لفترات طويلة (حتى بعد خروجه من السهم)، بل أحياناً يقوم بدعم محدود للسهم في الفترة التي تعقب خروجه المباشر من السهم، أيضاً يتميز أداء هذه النوعية من المضاربين عند الخروج من السهم أنه يتم ذلك بشكل تدريجي غير محسوس في الأغلب، حيث تتم عمليات التصريف بكميات صغيرة وعلى فترات طويلة، كذلك يكون هناك حرص أن يتم توزيع كميات الأسهم ما بين أكبر شريحة من المتداولين لأن ذلك سيكون أكبر دعم لسعر السهم من الانهيار بعد الخروج التام منه.
بعكس ذلك تماما، حيث انتهت عملية الخروج من السهم لبعض المضاربين فاقدي الخبرة في تلك العمليات إلى انهيار كامل لسعر السهم حتى قبل اكتمال خروجهم منها، وذلك طبيعي جداً حيث إن الخروج القاسي السريع من السهم بكميات كبيرة يتبعه بشكل مباشر موجة بيع جماعية من معظم مالكي السهم، وتلك الموجة في الأغلب لا تجد أي طلبات شراء ولا يستطيع ذلك المضارب الذي زرع الخوف أن يقدم أي دعم للسهم أثناء عملية الانهيار الذي يستمر حتى يصبح سعر السهم مغرياً لمضارب آخر يتقدم لتقديم الدعم للسهم أو أن يكون سعر السهم أصبح مغرياً بالنسبة لفئة كبيرة من المتداولين.
أساليب التدوير
تختلف أساليب التدوير من شركة إلى أخرى حسب القيمة السوقية لسهم الشركة والعدد الإجمالي لأسهم الشركة والمتاح منها في التداول، وملكية الدولة أو أحد صناديقه فيها وكذلك مدى وجود ملكية آخرين في السهم بكميات كبيرة، والأهم من ذلك كله أن يكون السهم ذا اتجاه شعبي بمعنى أن يكون هناك قدرة على اجتذاب المضاربات له.
نطاقات التدوير
لعل أشهر أنواع التدوير هو أن يتم ذلك بين نطاقين سعريين لفترة زمنية معينة ويعتبر ذلك هو الأسلوب التقليدي للتدوير والمطبق فى معظم الحالات، ولكن من أكثر طرق التدوير احترفية وصعوبة وربحية كذلك أن يتم ذلك التدوير بين أكثر من نطاق سعري في الوقت نفسه بمعنى أن يكون هناك أكثر من دائرة سعرية متداخلة مع تحديد مناطق الشراء والبيع داخل هذه الدوئر وتحديد نسب البيع والشراء بين تلك المناطق من أجل ضمان تحقيق أكبر ربح من عملية التدوير وكذلك صعوبة تتبع تلك النطاقات السعرية من باقي المضاربين نظراً للتنقل السريع بين تلك النطاقات والدوئر بشكل سريع حيث لا يستطيع المضارب الأخر الحكم على مدى الاتجاه الآخر في عملية التدوير طالما أنه لايملك أهم معطيات عملية التدوير وهي الكميات المتوفرة لدي المضارب خاصة في حالة قدرة من يقوم بعملية التدوير بعمليات تضليل في رتم الشراء والبيع لا تساعد على رسم اتجاه معين أو تحديد نطاق التدوير، ولكن يظل التحكم فى تلك العملية يحتاج الى خبرة قوية ومراقبة دقيقة للكميات ووضع السوق والأهم من ذلك سيطرة قوية على السهم موضوع التدوير.
شروط نجاح عمليات التدوير
هناك عاملان يحددان نجاح عملية التدوير، الأول خاص بالشركة نفسها، حيث إنه كلما قلّ عدد الأسهم المتاحة للشركة في التداول وانخفضت أسعارها، أصبحت بيئة مناسبة لعمليات التدوير لسهولة فرض السيطرة عليها. ولعل ذلك يفسر انتعاش التداولات على بعض أسهم الشركات الصغيرة من حيث عدد الأسهم والقيمة السوقية بغض النظر عن النتائج المالية للشركة.
العامل الآخر يتعلق بالمضارب نفسه، حيث يجب ألا يسمح النطاق السعري للتدوير بسهولة الخروج لمن يقوم بعملية الشراء أثناء استمرار عملية التدوير إلا في أضيق نطاق ولفترات قصيرة جداً، كذلك ألا تستمر عملية التدوير لفترة زمنية طويلة قد تؤدي إلى ارتفاع نسبة المتداولين الذين يفضلون الخروج حتى بخسارة أحياناً وعدم وجود كميات كبيرة لدى مضاربين آخرين قد تفسد عمليات التدوير من خلال عمليات بيع بشكل مفاجئ وضخم، لأن من أهم شروط التدوير الناجح وجود عملية دعم للسهم أثناء عملية التدوير وهو وضع طلبات وأحياناً بكميات ضخمة من أجل تشجيع المتداولين على الدخول في الدائرة وذلك للاطمئنان لوجود طلبات ضخمة. إن تلبية هذه الطلبات بشكل مفاجئ وبكميات ضخمة من الأسهم سيكون سببا رئيسيا في انهيار كامل لعملية التدوير.
إذن كلما صغر حجم الشركة كانت أسهل للقيام بعمليات تدوير ودعم لها، والعكس صحيح في ازدياد حجم الشركة، ولعل في تجربة محاولة السيطرة على سهم شركة الكهرباء أكبر دليل على ذلك، خاصة كل ما طال وقت السيطرة، كذلك من الصعب التحكم في سهم شركات مثل “سابك” أو “الراجحي” و “الاتصالات” كمثال إلا لفترات قصيرة جداً وتكون في الأغلب محفوفة بالمخاطر بالنسبة للمضاربة نظراً لحجز مبالغ ضخمة من السيولة في شركة واحدة.
عوامل الفشل فى عمليات التدوير
لعل أكبر تلك العوامل هو تحريك السهم مع القيام بعمليات تدوير بمعنى أوضح رفع سعر السهم بشكل مستمر من خلال عمليات تدوير حيث يؤدي ذلك إلى فقد المضارب القدرة على السيطرة على السهم بشكل تدريجي مع كل ارتفاع وذلك بسبب ارتفاع شريحة من يدخل فى السهم مع المضارب، خاصة أن البعض منهم ربما يدخل من خلال كميات كبيرة أو متوسطة والانتقال إلى نطاقات سعرية أعلى يعطى لهم الخيار الأخر وهو البيع وتحقيق الأرباح والخروج من السهم ذلك الخروج إن تم بكميات كبيرة قد يؤدي وبشكل فوري إلى التحول إلى عمليات بيع جماعي يفقد فيها المضارب التحكم بالسهم مباشرة ولفترات طويلة.
التطور على عمليات التدوير
بعد أن كان التدوير غالبا يتم عبر محافظ محدودة وبواسطة المضارب بشكل مباشر استناداً إلى مجموعة وكالات، فجاء نظام الوكالات الجديد لكي يحد من هذه الظاهرة ويضعفه، وإن كان لم يقض عليها، حيث ونتيجة للتشديد في مراقبة عملية حركة الأسهم ما بين مجموعة محافظ، اضطر بعض المضاربين إلى تكوين مجموعات داعمة، وبذلك ينقسم عدة أقسام وكمثال لذلك من يقوم “بالتجميع” على السهم غير من يقوم بعملية الصعود الأخيرة على السهم ليأتي صاحب الدور الأول بعد ذلك لكي يبدأ عملية التصريف بدعم من المضارب الثاني وهكذا، وإن كانت تلك الطرق فشلت في إعطاء فعالية ناجحة بسبب صعوبة التنسيق بين المضاربين في ذلك في ضوء أنه لا يوجد أي اتفاقية يمكن أن تبرم فيما بينهما، وإنما يعتمد ذلك فقط على الثقة والتي ثبت من خلال بضع عمليات للبعض منها أنها غير متوافرة، ولعل ذلك يفسر انفصام الكثير من التحالفات ما بين الكثير من المضاربين ولكن لا يعني ذلك بالتأكيد أن التنسيق غير موجود.
من الأساليب الأخرى الدخول الجماعي لمجموعة من المضاربين أو ما اصطلح على إطلاق أسم ( المجموعات ) عليه إلى سهم شركة معينة (في الأغلب صغيرة) ورفع سعر هذه الشركة إلى أرقام جديدة، لكي تأتي بعد ذلك المهمة الصعبة وهي تنظيم عملية الخروج من السهم بين مجموعة كبيرة من المضاربين غير المتضاربي المصالح وهو بالتأكيد أمر صعب إلا في حالة وحدة وهو أن تكون تلك المحافظ بإدارة وحدة مركزية.
كيف نحدد أن السهم يتعرض لعملية تدوير؟
لا يمكن أن يتم ذلك خلال دقائق، بل من خلال مراقبة مكثفة لتداولات السهم ويتم من خلالها قياس القوة بين العرض والطلب على مدى فترات التداول وقياس المدى السعري التذبذب السهم لتحديد نقطة الارتكاز للمضارب، وكذلك قياس معدل الكميات لمعرفة أي تغيرات عليها قبل فترة اتخاذ قرار الشراء أو البيع لاكتشاف أي تغيرات جذرية على تلك المعدلات. هنا تجدر الإشارة إلى أن عمليات التدوير لا ترتبط بشكل جذري بصعود السهم أو هبوطه، حيث إنها تطبق في كلتا الحالتين.
التدوير والأنظمة
من الواضح أن تلك العمليات هي محاولة مباشرة للقيام بعمليات تضليل بإعطاء إيحاءات غير حقيقية وكاذبة من خلال عمليات بيع وشراء غير واقعية، وفى الأغلب تتم للمضارب نفسه حتى لو كانت أسماء المحافظ تختلف، من هنا لا خلاف على أن تلك عملية تضليل واضحة والهدف هنا هو المضارب الصغير الذي يعتقد أن ذلك النشاط دلالة واضحة على حركة إيجابية للسهم خلال تلك الفترة الزمنية.
وقد تنبهت هيئة سوق المال لتلك العمليات، حيث نجد نصا صريحا في لوائح وأنظمة السوق عن محاربة أي تصرفات أو عمليات تعطي إيحاءات غير حقيقة للمتداولين، ولكن كما تنبهت الهيئة إلى ذلك مبكراً، وفعلاً قامت بعمليات ساعدت على تخفيف عمليات التدوير المباشر الواضح بشكل شبه كامل بعد سلسلة من القضايا ضد بعض المضاربين، ليحصل من قبل بعض المضاربين محاولة تطوير لعمليات التدوير لتكون أكثر ملائمة لحالة التشديد والمراقبة الحادة لتلك التصرفات.
بالنسبة للسوق تعتبر عملية التدوير كذلك غير صحية، لأنها تعطي انطباعات غير صحيحة عن حالة نشاط في السوق على مستوى الكميات والسيولة، وهي لا تمثل بالتأكيد الواقع الحقيقي للتداولات.
القضاء على ظاهرة التدوير
لعل أبسط تلك المحاولات من أجل تخفيف الآثار السلبية لظاهرة التدوير هو إلغاء نسبة الخصم التي كانت بعض البنوك تقدمه إلى كبار العملاء والتي كانت تتيح القيام بعمليات تدوير واسعة دون الاضطرار إلى دفع ثمن كبير لذلك. ولكن لم تختف الظاهرة، رغم ذلك فما زال من الممكن رصد عمليات تدوير واضحة وبشكل أقل من الأول بالتأكيد وإن اختلفت الأساليب في ذلك، ولعل تفعيل نظام تداول الآلي ليكون لديه القدرة على مراقبة ورصد أي انتقال غير طبيعي بالكميات بين محافظ معينة سيكون عاملا حاسما لتحجيم تلك الظاهرة.
وربما يكون تفعيل مراقبة عمليات وضع الطلبات الوهمية وخاصة قبل فترات الافتتاح عاملا آخر مساعدا في الحد من تلك الظاهرة، إضافة إلى وضع ضوابط لعمليات الدعم غير المنطقي لبعض الأسهم والذي يكون نوعا من استعراض العضلات أمام صغار المساهمين أكثر منه لدعم لسهم شركة ما.
منقول
كل أساليب النصب والاحتيال موجوده في سوقنا ومنها التدوير بين الأشخاص والمحافظ !
العفو يا أخوانى، بل أنا أشكر لكم المرور
والله يا اخي انا اللي دار راسي من التدوير والبحلقة في شاشات التداول.
جزاك الله كل خير على هالمعلومات القيمه