أرباح أسهم شركات النفط الأميركية تساوي إيرادات أوبك… أسعار النفط تخلط الأوراق في الأسواق المالية
نيويورك – محمد خالد الحياة – 07/09/05//
كشف مؤشر «ستاندرد أند بورز»، في بداية الشهر الأخير للربع الثالث من العام الجاري صورة لأسواق نيويورك المالية، كان يمكن ان تكون شديدة القتامة، لولا المكاسب الضخمة التي حققتها أسهم شركات النفط والغاز الأميركية، معوضة الخسائر التي لحقت بأسهم الغالبية العظمى من شركات القطاعات الاقتصادية العريقة، بما فيها عمالقة الصناعات التحويلية، والمصارف ومؤسسات الخدمات المالية والاتصالات، علاوة على تقنية المعلومات.
انهيار عام 2000 وآثاره
وستحتفل أسواق المال الأميركية في نهاية الربع الثالث من العام الجاري، بالذكرى السنوية الثالثة لانتهاء مسلسل الانهيارات، الذي بدأ بانفجار فقاعة أسهم التكنولوجيا، في ربيع العام 2000، وانتهى بالقضاء على 7.4 تريليون دولار من ثروات المستثمرين الأميركيين والدوليين من حملة الأسهم الأميركية. وتمثل هذه المناسبة العالمية بالطبع بداية سنة وفرصة جديدتين، ليس لتحقيق الأرباح، وانما فقط للاستمرار بتعويض خسائر الأمس.
بيد أن مؤشر «ستاندرد أند بورز 500»، الذي ينفرد بنحو 72 في المئة من القيمة السوقية الإجمالية لحي المال الأميركي، كشف أن الفرصة الحالية لتعويض الخسائر كانت، أقله منذ بداية العام الجاري وحتى بدء التداول أمس (الاثنين)، خيبة أمل كبيرة، وأكد في الوقت نفسه، بأن أسعار النفط وقناعة المستثمرين بقوة آفاقها، أعادت خلط الأوراق في الأسواق المالية الأميركية، بعدما دفعت بشركات صناعة النفط والغاز إلى القمة، على رغم تواضع حصتها من الأرباح التي تلعب الدور الأهم في تحديد اتجاهات الأسهم.
وخرجت أسهم المصارف ومؤسسات الخدمات المالية، صاحبة أكبر ثقل في مؤشر ستاندرد أند بورز، وقيمتها السوقية 2.2 تريليون دولار، بأفدح الخسائر، إذ انخفض مؤشرها الفرعي بنسبة 5 في المئة، ولحقت بشركات تقنية المعلومات (1.7 تريليون دولار)، خسائر تزيد على 2 في المئة، وبلغت خسائر أسهم الشركات الصناعية الكبرى (1.2 تريليون دولار) أكثر من 5.5 في المئة. أما خسائر أسهم شركات خدمات الاتصالات (345 بليون دولار)، والصناعات التحويلية (320 بليون دولار)، فشارفت على أو تعدت نسبة 8 في المئة.
مكاسب أسهم شركات النفط
ولتلطيف قتامة أداء أسواق المال الأميركية، في الفترة منذ بداية العام الجاري، وجدت خسائر أسهم شركات القطاعات الاقتصادية العملاقة، تعويضاً وافراً في مكاسب ضخمة حققتها أسهم شركات النفط، التي ارتفع مؤشرها الفرعي بنحو 26 في المئة، وكذلك في الأرباح القوية (14.5 في المئة) التي حققتها أسهم شركات الغاز الطبيعي المدرجة في المؤشر الفرعي لشركات المرافق. ويشكل هذان المؤشران الفرعيان عنصرين أساسيين في مؤشر ستاندرد أند بورز 500، وتصل قيمتهما السوقية إلى 1.4 تريليون دولار.
وفي المحصلة، رفع مؤشر أسهم شركات النفط مكاسبه السنة الماضية إلى 47 في المئة، وعزز مؤشر أسهم شركات المرافق أرباحه إلى 30 في المئة. وفي مقياس القيمة السوقية، بلغت أرباح أسهم شركات النفط في هذه الفترة 340 بليون دولار، ولم تقل أرباح أسهم شركات المرافق كثيراً عن 90 بليون دولار، ما يعني أن المكاسب المحققة لحملة أسهم شركات صناعة النفط الأميركية في 12 شهراً، ستساوي القيمة الإجمالية المقدرة لإيرادات منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في عام 2005.
وضربت أسهم صناعة النفط الأميركية ببعض قوانين الاستثمار، ولا سيما عامل الأرباح، عرض الحائط، إذ أن متوسط أرباح الصناعة بلغ، بحسب تقرير لمعهد النفط الأميركي عن الربع الثاني من العام الجاري، 7.6 في المئة (7.6 سنت لكل دولار مبيعات)، بينما بلغ متوسط المصارف 19.6 في المئة، وتقنية المعلومات 17في المئة، والخدمات المالية 12.2 في المئة، وخدمات الاتصالات 9.6 في المئة، والصناعات التحويلية 8.3 في المئة.
ويجمع المحللون، على أن تملك أسهم شركات النفط يعتبر أفضل وسيلة للتحوط إزاء أسعار النفط، ما يفسر ظاهرة ارتفاع أسعار أسهم هذه الشركات والنفط بنسبتين متقاربتين خلال فترة الأشهر الـ 12 الماضية. الا أن كبير محللي الاقتــصــاد وأسواق المال الأميركية في مؤسسة الخدمات المالية العملاقة «مورغان ستانلي» ديك بيرنر لفت إلى أن تحمس المستثمرين يعود إلى قناعتهم بأن أسعار النفط لا تعرض الاقتصاد الأميركي لمخاطر تحول دون الاحتفاظ بمستوياتها الحالية، أو الاستمرار بالارتفاع.
وأوضح بيرنر أن مجموعة من العوامل تجعل الارتفاع الحالي لأسعار النفط مختلفاً في تبعاته الاقتصادية كل الاختلاف عن الصدمات النفطية الناجمة عن حدوث انقطاع مفاجئ في الإمدادات، مشدداً على التحذيرات التي أطلقت عندما بلغ سعر الخام الأميركي الخفيف 50 دولاراً للبرميل، ومن ثم 60 دولاراً، ثبت الآن أنها كانت «شديدة التشاؤم»، معتبراً ذلك سبباً في أن المستثمرين وصناع القرار لا يرون أن المستويات الحالية للأسعار، أو حتى مستويات أعلى قليلاً، تشكل تهديداً للاقتصاد.