الدرهم والدولار.. الفك أم الربط؟ … سعيد بن سويد النصيبي
كثر في الآونة الأخيرة الجدل والحديث عن علاقة الدرهم الإماراتي بالدولار الأمريكي. وتعالت أصوات من هنا وهناك، منها من يطالب بفك ارتباط الدرهم عن الدولار وربطه بعملة أخرى أو سلة من العملات، ومنها من يطالب بعدم فك الارتباط مع الدولار وضرورة تعديل قيمة الدرهم وإعادة تقييمه مقابل الدولار، وكثير من المتكلمين يرون أن ربط الدرهم بالدولار أمر حتمي بسبب أن جميع المعاملات التجارية للدول مع العالم الخارجي تتم بالدولار وأن أسعار النفط تسعر بالدولار، بينما يرى الكثير أن من أسباب التضخم في الدولة هو ارتباط الدرهم بالدولار والتأثر بالاقتصاد الأمريكي من خفض للفائدة أو رفعها.
إن فك الارتباط بين الدرهم والدولار أو استمرار الربط يحتاج إلى دراسة دقيقة تتناول جميع الجوانب الاقتصادية حتى يكون القرار في مصلحة الاقتصاد الوطني. فإن فك الارتباط مع الدولار ليس بالقرار الذي يمكن اتخاذه بسهولة، حيث يتطلب ذلك وضع سياسة نقدية بديلة، كما يجب ألا نقارن الاقتصاد الوطني والظروف الاقتصادية للدولة بالوضع الأمريكي، فهناك اختلاف كبير بين الاقتصادين، فالاقتصاد الأمريكي يمر بظروف غير مستقرة ويواجه ركوداً اقتصادياً وعجزاً في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وهذه المشكلات لا يواجهها اقتصادنا الوطني بل يعتبر من أكثر الاقتصاديات استقراراً على المستوى العالمي فهو لا يعاني من عجز في ميزان المدفوعات ولا دين خارجي فهو اقتصاد صحيح البنية وتتصاعد فيه معدلات النمو وتتسع فيه الاستثمارات المحلية والأجنبية.
والكل يعرف إن سعر الدولار يؤثر في الاستيراد فانخفاض قيمة الدولار ترفع من تكاليف الاستيراد وارتفاع أسعار السلع وزيادة التضخم وهو ما يخلق أعباء إضافية على المستهلكين من مواطنين ومقيمين ويؤدي إلى مزيد من الاستنكار لهذه الظاهرة وتداعياتها السلبية على الاقتصاد، فمع استمرار تذبذب الدولار وتقلب أسعار الصرف وانخفاض قيمته يعتبر مصدر قلق وله تداعيات وتأثيرات سلبية في ظل أن الصادرات تتم بالدولار ولكن الواردات ليست كلها بالدولار، وإنما يتم الاستيراد من أسواق الين والاسترليني واليورو، وبالتالي ارتفاع أسعار هذه العملات مقابل الدولار ينعكس على أسعار المستهلكين، ولكن البعض يرى من الواقع العملي صعوبة فك ارتباط الدرهم بالدولار خاصة في ظل تسعير النفط بالدولار والاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، لذلك ينادي بضرورة إعادة النظر في تقييم الدرهم مقابل الدولار وإعطائه نوعاً من التحرر والمرونة.
إن قرار الفك أو الربط أخذ الكثير من الجدل والتأويلات ولكن من جانب التجارة الخارجية، فإن عملية الربط تؤثر بشكل مباشر في تجارة الدولة مع العالم الخارجي فليس ربط الدرهم بالدولار معناه أن تجارة الدولة الخارجية سوف تزدهر وتنمو فالأمر يحتاج إلى تغيير العديد من السياسات والمتطلبات الاقتصادية والقانونية، فالظروف تتغير في المرحلة الحالية، فالظروف التي تبرر ربط الدرهم بالدولار أصبحت تتغير بوتيرة متسارعة وأصبح الدولار يتصف بالضعف والتذبذب، كما أن هذه العملية أثرت بشكل مباشر في مشروع العملة الخليجية الموحدة، فبعض دول الخليج قررت فك الربط بين عملتها مع الدولار مثل الكويت وربما تقوم بعض دول الخليج الأخرى باتخاذ القرار نفسه، ونرى أن قرار فك الدرهم بالدولار أو استمرار الربط يجب أن يكون بقرار جماعي خليجي وتنسيق بين دول المجلس.
[
هذا السؤال مطروح الآن، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار جميع الظروف الاقتصادية وعلاقة اقتصاد الدولة بالعالم الخارجي والشركاء التجاريين، وتشير العديد من الدراسات إلى أن ربط الدرهم بالدولار له العديد من الآثار السلبية فخفض سعر الدولار مثلاً أدى إلى زيادة معدلات التضخم وهذا ما يسمى التضخم المستورد نتيجة لارتباط الدرهم بالدولار وإن قرار خفض سعر الفائدة على الدرهم أدى إلى ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة.
إذا أخذنا قضية التجارة الخارجية في الحسبان فالمؤشرات تشير إلى أن قضية ربط الدرهم بالدولار أصبحت تحتاج إلى قرار عملي وواقعي فإحصاءات التجارة الخارجية تشير إلى أن واردات الدولة من الاتحاد الأوروبي تعادل أربعة أضعاف وارداتها من الولايات المتحدة الأمريكية وهذا معناه أن هناك تزايداً في التعامل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي وهي دول لها عملتها الموحدة وهي اليورو الذي أصبحت قيمته تفوق قيمة الدولار، كما ان العديد من الدول التي تعتبر من شركاء الدولة التجاريين لديها علاقات تجارية مع منطقة اليورو أكبر من علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا يدفعنا إلى جدية التفكير في دراسة هذه القضية بصورة سريعة والتوصل إلى القرار المناسب، ومن الملاحظ أن الدولة في الفترة الحالية تواجه ضغوطاً كبيرة داخلياً للتخلي عن ربط الدرهم بالدولار الآخذ بالتراجع والمطالبة بربطه بسلة عملات، ويأتي هذا الضغط من المواطنين وكثير من رجال الأعمال ومجموعات وشركات في الدولة بسبب ارتفاع التضخم الذي يغذيه تراجع الدولار، فقد أظهر أحد المسوح أن 39% من المسؤولين في هذه الشركات يعتقدون أن إلغاء ربط العملات بالدولار سيكون له أثر مفيد في أعمالهم، في حين قال 18% إنه سيترك تأثيراً سلبياً.
وتنادي الكثير من الأصوات بفك ارتباط الدرهم بالدولار الأمريكي؟ لأن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض المحلية ويضر بالاقتصاد الوطني، كما يحد ربط الدرهم بالدولار من القدرة على احتواء التضخم الذي بلغ هذا العام أعلى مستوياته. ومع ظهور هذه الأصوات والمطالبة المستمرة بفك الارتباط ظهرت عدد من الاقتراحات منها اقتراح بأن يتم ربط الدرهم بسلة من العملات تشمل الدولار واليورو ويشكل الدولار فيها النسبة الكبرى، وأشار بعض المسؤولين ومن بينهم محافظ المصرف المركزي في أحد تصريحاته “إلى أن تراجع الدولار سوف يدفعنا لمراجعة ربط الدرهم بالدولار” وهذا قد يكون تلميح للمرة الأولى إلى احتمال فك ارتباط الدرهم بالدولار في المستقبل القريب.
إذاً يتعين على الدولة إعادة النظر الآن في ربط الدرهم بالدولار. وحان الوقت لمراجعة ما إذا كان من المجدي الاستمرار في الربط أو فك الارتباط، وكما قلنا فإن هذا القرار يتطلب دراسة وتنسيقاً مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي.
* خبير في التجارة الدولية
والله يا جماعه نحن رحنا وطي ويا هذا الدولار
الدرهم مقابل اليورو اليوم وصل 5.44
مادري شو اقول هل اليورو ذبحنا والا الدولار ذبحنا
موضوع رائع جداا ….. شكراااا ارباب
ألف ألف شكر أرباب
شكرا …..
ألف شكر على نفل الخبر أخوي أرباب