سجل الدرهم الإماراتي خلال الربع الثاني من العام الجاري تعافياً من الهزات التي أصابته على مدار الربع الأول إلا أن هذا لا يشير بالضرورة إلى عدم تعرضه لبعض النكسات وإن كانت قصيرة المدى ولم تتجاوز على أكبر تقدير 48 ساعة في تأثيرها على اختلاف أعدادها.
ويبقى الحدث الأهم على صعيد الأشهر الثلاثة الماضية ارتقاء الدرهم مع الدولار بحكم ارتباطه به إلى مستوياته الأعلى لتعود به إلى ما قبل بداية العام الجاري وصولاً حتى شهر أكتوبر من العام 2004. وجاء ذلك بفعل استمرار المصرف المركزي الأميركي في رفع نسب الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية حتى تمكنت من الوصول إلى النسبة 25. 3% والتي جاءت مصاحبة لاهتزاز أوروبا إثر رفض الفرنسيين مشروع الدستور الأوروبي في الاستفتاء العام الذي تم في أوائل شهر يونيو 2005.
ومع انتهاء الربع الثاني من العام الجاري حقق الدرهم ارتفاعات متميزة مقابل اليورو بنسبة وصلت إلى 17. 6%، وأمام الإسترليني بنسبة 56. 4% وأمام الين الياباني بنسبة بلغت 1. 3%، بالمقارنة مع النتائج التي حققها مع نهاية الربع الأول من العام الجاري. وكان الدرهم افتتح تداولاته في الأول من أبريل عند السعر 735. 4 – 4.675 دراهم وأغلق في الثلاثين من مايو عند 442. 4 دراهم لكل يورو.
في حين كان افتتاحه في الفترة نفسها أمام الإسترليني عند 899. 6 – 6.839 دراهم للجنيه، وأغلق في نهاية مايو عند 583. 6 – 6.523 دراهم أما بالنسبة للين الياباني فقد سجل في بداية الربع الثاني 0356. 0 – 0.0336 دراهم للين وأغلق في نهاية الربع عند السعر 0346. 0 – 0.0326 دراهم للين.
شهر أبريل
وأثرت في شهر أبريل قوة البيانات البريطانية المعلنة عن شهر فبراير وتحرك على إثرها الين الياباني في عكس تيار التوقعات إثر ارتفاع اليوان الصيني لوهلة من الزمن مقابل الدولار الأميركي، مما أثر بشكل ملحوظ على التوقعات والاستنتاجات الاقتصادية التي تأثرت أسواق آسيا بها إثر دخول المضاربين والتجار في آسيا عمليات بيع واسعة للدولار وشراء للين في خطوة قاسية على الدولار الذي كان يحاول تصحيح وضعه من خلال قرار المجلس الاحتياطي الفيدرالي حول موقفه من استمرار رفع الفائدة الأميركية.
وكانت نتائج العجز التجاري الأميركية لشهر فبراير هي الحدث الأهم في الأسبوع الثاني، حيث سجلت 04. 61 مليار دولار، ما يعد أعلى رقم عجز وصلت إليه ميزانية الولايات المتحدة الأميركية في تاريخها بعد العجز الذي كان الأعلى في نوفمبر 2004 عند 4. 59 مليار دولار، فضلا عن بيانات مبيعات التجزئة السيئة في مارس.
وهبط الدرهم بقوة إثر الاجتماع الفاشل الذي عقدته مجموعة السبع الصناعية والذي لم يتقرر فيه شيئا سوى أن على الصين القيام بتقييم عملتها مجددا ورفع قيمتها بسبب تأثيراتها السيئة على اقتصاد أميركا وأوروبا إلا أن تصريحات الصين كانت رافضة للهجة الأميركية. بدوره لم يعلق المجلس الاحتياطي الفيدرالي حينها على أهمية رفع الفائدة في ذلك الوقت مما ساعد على انخفاض الدولار إلى أدنى مستوياته في شهرين مقابل اليورو وخمسة أشهر مقابل الين الياباني.
إلا أنه في نهاية الشهر تمكن من المحافظة على مستواه مقابل اليورو رغم استمراره بالتراجع مقابل الين والإسترليني خاصة في ظل إقبال المستثمرين والمساهمين في آسيا على بيع الدولار والطلب على الين الياباني واليوان الصيني الذي شهد ارتفاعا ملحوظا لعدة ساعات في أسواق طوكيو وهونغ كونغ مما أدى إلى تراجع الدولار إلى مستويات ضحلة .
ولكنه تماسك مقابل اليورو بسبب النتائج السلبية التي أذيعت يوم الجمعة في أوروبا، مظهرة ارتفاعا في مؤشر البطالة في فرنسا إلى أعلى مستوى له في خمس سنوات عند 2. 10%، فضلا عن استقرار معدل التضخم في إيطاليا وارتفاع أسعار الطاقة مما أدى إلى زيادة معدل التضخم الشهري بنسبة 2. 0%، وفي الوقت نفسه بلغ معدل التضخم في إيطاليا وفقا لمؤشر الاتحاد الأوروبي 2. 1% بزيادة قدرها 7. 0% عن مارس.
في الوقت ذاته تحرك اليورو للارتفاع مدعوما من البيانات التي أظهرت أن ميزان المعاملات الجارية لمنطقة اليورو سجل فائضا قدره ثمانية مليارات يورو في فبراير، مقارنة مع عجز قدره 2. 7 مليارات يورو في يناير. كما حاول الدرهم مواجهة قوة الجنيه الإسترليني الذي حاول التقدم ببطء وثبات نحو مستوياته العالية بسبب قوة البيانات البريطانية الأخيرة التي أعلنت عن ارتفاع الأرباح البريطانية إلى 7. 4% في فبراير بمستويات أفضل من تلك التي حققتها في يناير الماضي.
إضافة إلى ظهور البيانات الايجابية للعقارات في لندن بعد ظهور شائعات راجت سابقا عن احتمال هبوطها مع نهاية الشهر الجاري، إضافة الى نمو في نسبة المنتج المحلي البريطاني بنسبة 6. 0% أي ما يعادل 8. 2% سنويا، مما أشار إلى نوع من التوازن باحتمال كبير في محافظة البنك المركزي البريطاني على سعر الفائدة القائمة عند 75. 4%.
شهر مايو
حقق الدرهم الإماراتي في مايو ارتفاعات قياسية في التوقيت والقيمة ليقطع لنفسه رحلة منافسة جديدة في مواجهة العملات العالمية وعلى رأسها اليورو إضافة إلى الجنيه الإسترليني والين الياباني في ظل عدد من الأحداث السياسية في أوروبا والتي تمكنت من لعب دور رئيسي في قلب الموازين وتغيير خط الرسوم البيانية التي لم يتوقعها أحد لصالح الدرهم الإماراتي الذي ارتفع إلى جوار الدولار بحكم ارتباطه به.
وغلب على تلك الفترة رفع الفائدة الأميركية ربع مئوية لتصل إلى 3%، فضلا عن الانتقادات الموجهة يوميا حول وضع التضخم الحاصل وعدم القدرة على احتوائه رغم الرفع المتكرر للفائدة، إضافة إلى عمليات بيع الدولار الواسعة التي اجتاحت أسواق آسيا ونتائج إيجابية حول أداء الاقتصاد الأوروبي دفعت الدولار للاستجابة بشكل عكسي لهذا الرفع.
إضافة إلى البيانات القوية حول تقرير الوظائف الأميركية التي أظهرت ارتفاع أعداد الوظائف إلى 274 ألف وظيفة. كما أظهر ميزان العجز الأميركي 99. 54 مليار دولار نتيجة للعجز، وهو ما جاء بعيدا عن التوقعات التي راجت حول 5. 61 مليار دولار، كما وكانت بيانات التجزئة الأميركية أيضا فوق التوقعات عندما وصلت إلى 4. 1% بدلا من التوقعات التي دارت عند 8 – 7 % ، إضافة إلى ارتفاع فائض السندات الأميركية إلى 26% في أبريل.
كل هذه النتائج جذبت الأضواء وأبعدت الخطورة المتوقعة عن الدرهم المرتبط بالدولار ووضعت الأمر في نصاب تصحيحي حسب ما يرى المراقبون. وكانت منطقة اليورو أسخن الأسواق في العالم خلال الأسبوع الماضي، بسبب الترقب لما يمكن أن ينتج عن الاستفتاء العام في فرنسا لإقرار الدستور الأوروبي الذي تم رفضه سابقا.
وكانت التوقعات تدور في الأصل حول رفض الدستور والتي جاءت بعد التصريحات التي نشرت في موقع التايمز البريطانية بأن زعيم الحزب الحاكم الفرنسي نيكولاس ساركوزي أكد للوزراء الفرنسيين في اجتماع عقد بينهم، بأن التصويت على الدستور الأوروبي لو كان كبيرا أو صغيرا فإنه سيكون بالسلب.
وكان المصرف المركزي الأوروبي أكد عند انتهاء تداولات الأسبوع أن كمية من الاستثمارات تدفقت خارج منطقة اليورو في مارس الماضي بالتزامن مع إقبال المستثمرين على شراء السندات الأجنبية وزيادة الشركات قروضها لوحداتها في الخارج. وأكد على أن التدفقات الصافية قدرت بـ 5. 11 مليار يورو والتي خرجت على شكل أوراق مالية واستثمارات مباشرة بالمقارنة مع التدفقات التي بلغت 8. 16 مليار يورو في فبراير الماضي.
كما اتسمت تلك الاستثمارات بالضعف بشكل خاص بتسجيلها تدفقات خارجة وصلت إلى 8,8 مليارات دولار مدفوعة أساسا بزيادة قدرها 6. 8 مليارات في الإقراض من جانب شركات منطقة اليورو لوحداتها في الخارج. وأشار المصرف أن سكان منطقة اليورو قاموا بشراء السندات والأوراق المالية الأجنبية بقيمة 5. 23 مليار يورو، وتم تعويضه جزئيا بتدفقات داخلية صافية استثمارات الأوراق المالية.
أما بالنسبة للجنيه الإسترليني فقد أظهر مستواه تشاؤما كبيرا بعد التوقعات السيئة حول الاقتصاد البريطاني على أنه نما بشكل أضعف من معدله منذ ما يقرب عامين في الربع الأول من العام الجاري كما وانخفض الناتج الصناعي بشدة واستمر تباطؤ إنفاق المستهلكين.
شهر يونيو
كان الارتفاع حليفا للدرهم تبعا للنتائج الأميركية فيما يخص ميزان العجز التجاري الذي سجلته الولايات المتحدة الأميركية بارتفاع بلغت نسبته 3. 6% وبقيمة بلغت 96. 56 مليار دولار في شهر أبريل، ليصل العجز الأميركي إلى نسبة 12%، ويعد مستواه أقل من التوقعات التي سادت في أروقة الاقتصاديين والمحللين حول إمكانية ارتفاعه فوق 58 مليار دولار بعد موجة الانخفاض القوي التي شهدها الميزان في شهر مارس عند 6. 53 مليار دولار.
مما أدى بالتالي إلى ارتفاع الدولار في وجه الجميع العملات مخيبا للآمال في إمكانية عودته للتراجع وفي ظل البلبلة الحاصلة في أوروبا خصوصا بعد إبقاء المصرف المركزي الأوروبي على سعر الفائدة الأدنى والتي لم تتحرك منذ 24 شهرا، كما وجاء هذا الارتفاع بالرغم من أرقامِ الوظائف الأميركية المخيبة جدا والأسوأ في 21 شهرا.
وفي الأسبوع الثاني من الشهر تمكن الجنيه الإسترليني من تحقيق ارتفاعات ملموسة مقابل الدرهم والدولار من خلال رد فعله السريع تجاه تصريحات «كينج» حاكم البنك البريطاني المركزي، والتي أدلى بها يوم الاثنين، الذي أفاد باحتمالية استمرار ثبات أسعار الفائدة بدون تغيير لبعض من الوقت، وكان الارتفاع الحاد الذي وصل إليه الجنيه نتيجة لضعف بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية والتي انخفضت بنسبة 5. 0% ومؤشر أسعار المنتجين الذي انخفض بنسبة 6. 0%.
وعلى أي حال، حمل هذا الارتفاع للإسترليني على خروج المضاربين من صفقات شراء اليورو، والتي كانت تثقل بعبئها على الإسترليني. أما الأسبوع الثالث فقد حقق الدرهم فيه ارتفاعات ملموسة ليتمكن من المحافظة على مكاسبه السابقة واستغلالها لتحقيق الارتفاع نحو المستويات الصعبة والاستقرار عندها، والتي لم يكن متصورا أن يقترب الدولار منها أو حتى الارتقاء إليها بشكل عام نظرا لضعف البيانات والتصريحات المتعلقة بالاقتصاد الأميركي مقارنة بالاقتصاد الأوروبي.
إلا أنه مني بانخفاض بسيط في نهاية تداولاته يوم 24/6/2005 نظرا لإعلان وزارة التجارة الأميركية عن بيانات السلع المعمرة الأميركية والتي أشارت إلى أنه باستبعاد قطاع وسائل النقل تراجع الطلب على السلع المعمرة بشكل غير متوقع وصل إلى النسبة 2. 0% وبشكل عام ارتفع الطلب على السلع المعمرة الجديدة بنسبة أكبر من المتوقع بلغت 5. 5% بفضل نمو الطلب على الطائرات المدنية.
حيث إن المحللين توقعوا أن ترتفع طلبات السلع المعمرة بنسبة 1% مع ارتفاعها دون وسائل النقل بنسبة 5. 0%، وكانت وزارة التجارة الأميركية قد عدلت نسبة نمو الطلبات في أبريل بالخفض إلى 4. 1%في المقابل ارتفع الطلب على وسائل النقل بنسبة 2. 21% ليسجل أكبر نمو في مايو منذ يوليو 2002 الأمر الذي يعود إلى نمو الطلب على الطائرات المدنية وأجزائها بنسبة 8. 164%.
وتمكن الدرهم الإماراتي مع انتهاء تداولات العملات في نهاية الشهر الماضي من تحقيق أعلى مستوياته على الإطلاق خلال عام تقريبا، ليسجل مستويات قياسية تجاوزت التوقعات في فترة زمنية قصيرة مقارنة مع عمر الانخفاض الذي مني به خلال الأشهر السبعة الماضية تبعا لارتباطه بالدولار الأميركي الذي حقق بدوره نتائج إيجابية على صعيد الارتقاء نحو مستويات مرتفعة بعد رفع الفائدة الأميركية الأسبوع الماضي.
ضمن البرنامج أو الجدول الزمني الذي وضعته إدارة المجلس الاحتياطي الفيدرالي بداية العام الجاري ضمن خطة تخفيض العجز التجاري والحاصل على الميزانية والحساب الجاري الأميركيين لتصل الفائدة الأميركية إلى النسبة 25. 3% والتي مازالت حسب التصريحات المسؤولة في طريقها لتحقيق النسبة 75. 4% مما سيعود بنتائج إيجابية على دولة الدولار والدول التي يرتبط اقتصادها بها.
وكان تحرك اليورو مقابل الدولار تحكمت به عدة عوامل ومؤثرات نتجت عن ارتفاع وتيرة الطلب على اليورو/ ين في لندن وهدوء وتيرة التلويح بخفض الفائدة الأوربية مما ساعد على استمرار اليورو على الانخفاض بثبات مقابل الدولار الذي تمكن من اختراق أغلب التعاملات التجارية على مستوى الأسواق العالمية والحصول على جاذبية المستثمرين الذين أبدوا اهتمامهم الكبير بالتحضير لرفع الفائدة الأميركية.
وكانت التوقعات تدور في الوقت ذاته حول إمكانية انحسار موجة المطالبات الأوروبية بتخفيض الفائدة على اليورو تحت تأثير ارتفاع أسعار النفط ، فقد تأكد ذلك اليوم أن السوق لم يصله تصريحا واحدا من تلك التي دأب على ترديدها السياسيون الأوروبيون في الأسبوعين الماضيين.
كما وتزايد الضغط على السياسة النقدية البريطانية لقطع أسعار الفائدة بعد أن كشف تقرير CBI للاتجاهات الصناعية انخفاض مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من التوقعات لتسجل -19 وهو ما يعد السعر الأدنى منذ العام 1983، وقد كان المتوقع انخفاضه إلى -4 من -7 في مايو.
كما ومن المنتظر اجتماع لجنة السياسة النقدية البريطانية الأسبوع الجاري في 7يوليو، وإعلان الفائدة من البنك المركزي الأوروبي في اليوم ذاته. أما من حيث البيانات الأساسية، فقد أظهر الناتج الإجمالي المحلي البريطاني انخفاضا مفاجئا أدى بالتالي إلى وقوع الإسترليني تحت خطوط الدعم والمقاومة التي كانت متوقعة في أسوء الأحوال.
العملات العربية
لم تطرأ تغيرات جوهرية تذكر على العملات العربية في أسواق الدولة باستثناء الليرة السورية التي شهدت نوعا من الشد والجذب تبعا لعروض الطلب والشراء بسبب الإجازة الصيفية إلا أنها إجمالا بقيت في مستوياتها الدنيا حيث سجلت الليرة السورية مقابل الدرهم سعر 700. 14 – 14.500 ليرة لكل درهم.
في حين سجل الجنيه المصري سعر 062. 0 – 0.068 دراهم، والريال العماني 5. 9 – 9.55 دراهم، والريال السعودي 973. 0 – 0.98 درهم، والدينار البحريني 7. 9 – 9.75 دراهم، والدينار الكويتي 52. 12 – 12.58 درهم، والريال القطري 005. 1 – 1.010 درهم، والدينار الأردني 17. 5 – 5.22درهم، والدينار العرقي 2520 – 2640 درهم للمليون دينار.
كتب سمير حماد
منقول من صحيفة البيان
يا الحبيب هذا قسم الأسهم الأمارتيه مب العملات