المجتمع العربي بحد ذاته مجتمع رجولي يعزز مفهوم الرجولة وفقا للاعتبارات التي تركز مكانة الرجل في الأسرة والمجتمع، وذلك من خلال السلوك السوي عند الطرفين سواء الرجل أو المرأة.
والقسوة لا تعني الرجولة. فالأب يقسو على أطفاله من منطلق حبه الشديد ليصنع منهم رجالا يعتمد عليهم في المستقبل، وتجنيبهم الانخراط مع أصدقاء السوء، والكثيرون يعتقدون أن القسوة والصلابة والخشونة تعني الرجولة، ويضربون بعرض الحائط كل الصفات الحميدة، وبالتالي تبقى الضحية هي الزوجة تحت شعار عدم إعطائها الفرصة للتمرد على الزوج. حول هذا الموضوع التقينا عددا من أفراد الجمهور لاستطلاع آرائهم حول مفهوم الرجولة.
التفوق الجسدي
اعتبر عبدالرحمن حمزة بندار، بائع، أن الرجولة هي العاطفة والصدق في التعامل واحترام الغير بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى سواء كان الشخص المقابل جيدا في تعامله أو العكس، ويتعاطى مع المواضيع بكل حنكة.
وأشار إلى أن التواضع مع الناس جعل للرجولة طعما آخر كما أوصى به ديننا الحنيف وضرب لنا الأمثلة الكثيرة على ذلك، وأكد على عدم المبالغة في حل الأمور بالضرب، فالمرأة بطبيعتها مخلوق ضعيف والكثير يتعاملون بهذا الأسلوب إذا وصل الحال بهم لطريق مسدود لا مجال فيه للتفاهم، وحينها يتم اللجوء للشدة وإظهار التفوق الجسدي على المرأة وفرض العضلات كحل جزئي، ومعه تصبح الرجولة خصلة نادرة، وهذا مفهوم يتشكل من اختلاف الثقافات وفرض الآراء على الآخرين.
والرجولة المرتبطة بمفاهيم سلبية موروثة عن الجيل السابق تمثل قمة الاستبداد لافتقادها إلى لغة التفاهم والحوار، ومن ثم فرض الجبروت على الطرف الآخر تحت شعار الرجال قوامون على النساء.
القدوة الحسنة
ورأت ليلى عدنان سعيد، طالبة جامعية، أن قول الله تعالى »من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا« صدق الله العظيم، هو المصباح الذي ينير الدروب، فليس كل الذكور رجالا ولكن هو معنى لموقف ثابت لاحترام الطرف الآخر ومساعدة الآخرين، وذلك من خلال فهم وجهات النظر والتروي عند اتخاذ أي قرار مصيري، وهذا يكمن من خلال قدرة الرجل في السيطرة على عقله وتصرفاته.
وقالت إن الرجولة لها معنى آخر في عهد الصحابة، رضوان الله عليهم، كحنان أبو بكر، وقوة عمر بن الخطاب، وحياء عثمان بن عفان، وحكمة وفصاحة علي بن أبي طالب، وشجاعة خالد بن الوليد، والرجولة في الحياة الأسرية هكذا لها معنى متميز، فهي بمثابة أب حنون وأخ قوي يتفهم ما تعانيه الزوجة داخل البيت في تربية الأبناء.
وأضافت أن لرجولة الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لنا في حياته الخاصة مع زوجاته وحياته العامة مع أصحابه، فكان صلى الله عليه وسلم شديدا على من ينتهك حرمة الله، وكان من صفات رجولته التواضع مع أهل بيته وتقديم الطعام لزوجاته.
المرأة الذكية
وقال كريم عادل منصور، مهندس، ان العامل النفسي وإحساس الرجل بالنقص هما نتيجة ضعف الشخصية، بل ان 90% من الرجال الذين يعتمدون الضرب كأسلوب في تعاملهم مع زوجاتهم هم في الأساس ضعيفو الشخصية.
واستعرض النوع الآخر من الرجال الذين هم بطبيعتهم مسالمون لا يقدمون على هذا الأسلوب إلا إذا كان الأمر قد انتهى بهم إلى الخطوط الحمراء، ومثالا على ذلك عدم اكتراث الزوجة بكلام الزوج، مما يعطي انطباعا للطرف الآخر بأن رجولته قد انتقص منها الكثير فيعتمد اسلوب الضرب كوسيلة لردع الزوجة.
وأضاف أن هناك نوعا من الرجال يتسمون بصفات البخل مما يدخل القلق إلى قلب الزوجة خوفا على مصيرها ومصير أبنائها، ومن هنا تبدأ في إطلاق العبارات الاستفزازية، وعدم إعطاء الأهمية لكلام الزوج لاستثارة شعوره تجاه أبنائه، الأمر الذي يخرجه عن طوره ويدفعه للتعامل معه بالعصبية والضرب لإسكات زوجته وإثبات رجولته.
ورأى أن تلفظ الزوجة بكلمات سيئة في مخاطبة زوجها يشعر الزوج بنقص رجولته ويدفعه لأسلوب الضرب لإثبات العكس.
وأشار إلى أن المرأة المتعلمة التي تتعاطى مع الأمر بكل هدوء حين يغضب زوجها، هي المرأة الذكية المتفهمة، فتتصرف كمخلوق ثلجي تستطيع من خلاله امتصاص غضب الزوج، وتتعامل بحنكة وليونة فلا تتلفظ بعبارات مستفزة حتى وان كانت على حق، وعلى الأغلب استخدام سياسة الحكمة يعطي نتيجة ايجابية على الرجل مما يساعده على كبح جماح الغضب، ودائماً يتكلل هذا الأسلوب بالنجاح.
وترى منيرة إيهاب يوسف، أن الرجال يبحثون عن امرأة مطيعة لا تقاسمهم القوامة على الأسرة، ولا تأمرهم بغسل الصحون والملابس حتى لا يقلل ذلك من شأنهم وهيبتهم أمام الأبناء، ويقول الله تعالى: »الرجال قوامون على النساء« صدق الله العظيم.
فهي ترفض تماما أسلوب النساء المتسلطات والمسترجلات على أزواجهن الذين من حقهم أن يأمرون وينهون والعصمة بيدهم.
واعتبرت أن الطبيعة التي أوجدها الله للمرأة لا تسمح لها بممارسة الدورين معا كمسترجلة وامرأة ناعمة في الوقت نفسه، لتثبت بذلك ذاتها وتعاليها على زوجها وتخرج عن حدود العرف الأخلاقي والاجتماعي ودورها كامرأة، فهي بذلك سوف تحبط الزوج الذي سوف يبحث عن وسيلة لإثبات رجولته وبنفس الطرق العدوانية التي افتعلتها الزوجة في تصرفاتها.
وقد يصل إلى حد الضرب وقهر الزوجة، وتصبح غير مرغوب فيها بدلا من أن تكون الزوجة الحبيبة، وهذا جراء ما حدث من تراكمات نفسية سببتها الزوجة لسوء تصرفها، وقد يلجأ الزوج إلى علاقات مشبوهة كوسيلة للهروب من واقعه المرير وإثبات رجولته المفقودة التي يبحث عنها مع أشخاص آخرين.
فالمرأة هي القادرة على منع حدوث المشاكل بينها وبين زوجها من خلال تبسيط الأمور وإصباغ الجو اللطيف لتفادي أي لحظة غضب من الزوج وبذلك تحترم رجولته داخل البيت وخارجه.
لغة الحوار
ويرى حمد ناصر الحبابي، أن الصفات والملامح الخارجية للرجل قد تكون هي الأهم لإثبات الرجولة والتي تعكس للناس ماهية هذا الرجل، كخشونة الصوت مثلا، مما يعطي الانطباع الأول عنه كرجل، فهناك بعض من الرجال لا تستطيع أن نميزهم عن النساء.
وأشار إلى أن لغة الحوار بين الزوجين هي الطريقة الصحيحة في التعامل، وقد يلجأ الرجل في بعض الأحيان إلى الشدة والحزم لحسم بعض الأمور المهمة، ولكن يجب عليه أن يكون منصفا، وعدم المبالغة، وان لا يعتمد الضرب وسيلة وعادة في حياته الزوجية. فالصراخ والضرب لا يوصلان الرجل للحلول السليمة لما لهما من آثار سلبية في علاقة الزوجة بزوجها مستقبلاً.
وأوضح أن صفات المرأة الرقة والنعومة، وبالتالي فهي لا تقوى على الضرب المبرح، الذي يجعلها تنظر لزوجها نظرة ناقصة، من نتائجها الوصول إلى حد الطلاق. فالتفاهم مهم بين الزوجين، والنقاش من أهم الأساليب التي تجعل من الحياة الزوجية معنا وللرجولة طعما آخر.
وأسلوب الأخذ برأي الآخر من أهم الأساليب التي أثبتت صحتها ونتائجها الرائعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين جاءته أم سلمة رضي الله عنها، وأشارت عليه في أمر مهم للمؤمنين بعد الانتهاء من مناسك الحج فأخذ برأيها صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل على ان المرأة لها دور فعال ولا تنقص الرجولة في شيء، وهذا يعود لتفهم الزوج لغة الحوار وبالتالي تجمعهما حياة زوجية طويلة تملؤها السعادة والاستقرار.
منقول