هو سعيد بن راشد بن سعيد بن عتيج الهاملي ، والهوامل من حلف بني ياس ، ولد في بطانة على بعد 20 كلم من ليوا في محضر “حوايا” الذي ذكـره في واحدة من قصائده ، وكانت ولادته عام 1875م على التقريب ، وكانت وفاته عام 1919 م ، فعاش 44 سنة ، وتوفي دون أن يتزوج .

عرف عن هذا الشاعر ، كما برزت من أشعاره صفاته وطباعه ، فقد كان محبا لوطنه ، واكثر من ذكر مرابعه ومحاضره وموارده ومعالمه في أشعاره.

وعرف بن عتيج كذلك بالشجاعة والجرأة والإقدام ، وخاض غزوات كثيرة في حياته ، بل أنه قتل في واحدة من هذه الغزوات.

ويروا أن ابن عتيج كان يعد نفسه وجماعة من أترابه وأصحابه للثـأر من غزاة كانوا هاجموهم من قبل ، ولم يكن لديه سوى قعود اسمه “ابوسولع” ولم يكن هذا القعود يصلح لأن يغزى به.

وفي ليلة رأى ابن عتيج في منامه أنه قض ضرب بالرصاص فأصيب في صدره ، ورأى في منامه أنه يضع يده على جرحه الغائر حتى أصبح يتنفس منه ، وفي الصباح أخبر صديقه أحمد بن بليد المتزوج من الهوامل بما رأى ، وأنه متشائم من ذلك ويشغر بأن منيته قريبة.

وكان لابن عتيج أخت أرملة ولها ابنتان هما موزة بنت مبارك وفرير بنت مبارك ، وكان هو المسؤول عنهن ، فأوصى صديقه أحمد بن بليد بالبنتين وأمهما.

وفي الصفرى توجه بن عتيج إلى ليوا ، وهناك صادف بعض الغزاة وكان أحدهم يركب ناقة معروفة باسم “الصفيرة” التي يملكها بن كنيش من الهوامل ، وكان الرجل قد استعارها منه ليغزوا عليها ، وقد جهزها بكل ما يلزم الغازي من زاد وعتاد.

وكان ابن عتيج قد غزا من قبل على هذه الناقة ، التي كانت نذير شؤم لأن آخرين قد غزوا عليها ، وكان مصيرهم الهلاك ، ولكن لم يكن لدى الرجل سوى تلك الناقة ، فطلبها بن عتيج منه ليغزوا عليها لأن قعوده لا يتحمل السفر والغزو والمشقة ، فقدمها قماش لابن عتيج بما عليها جاهزة للغزو ، بينما قعد قماش ولم يذهب مع الغزاة.

وقد حدث ما توقعه بن عتيج ، فقد قتل في هذه الغزوة التي وقعت على الأغلب في الأراضي العمانية.

عمل بن عتيج في أعمال عديدة في حياته ، فقد عمل في البحر والغوص فترة من الزمن أمدته بكثير من الصور البحرية ، ومشاعر الغاصة ومعاناتهم.

كما عمل برعي الإبل في المراعي المحيطة بمنطقته فعشق طبيعتها وارتبطت نفسه بها وانطبعت تضاريسها وتقلباتها السنوي عقله وقلبه وظهرت في أشعاره ، كأرضية رائعة لقصص العشق والغرام والهجر واللقاء ، ورحلات البدو التي تجمع المحبين وتفرقهم .

كذلك عمل بن عتيج جمالا “يمال” ينقل الناس المسافرين الذين لا يملكون المطايا من المحاضر إلى المرافئ في طريقهم إلى الجزر ، ومن المرافئ إلى المحاضر ، بما يتناسب مع رحلة الغوص والقيظ وفصول السنة بحرارتها أو برودتها.

وقد أعطته هذه المهنة فرصة الاحتكاك بالمسافرين وأسرهم وبناتهم ، فتعلق قلبه بكثيرات من صاحبات الجمال الفطري الصارخ ، الذي لا يلبث أن يختفي من أمامه برحيل عند انتهاء مهمة النقل والوصول إلي الغاية.

وقد ظهرت آثار هذه المهنة وما أنتجته من علاقات عاطفية، واضحة في قصائد بن عتيج وأنتجت جميل القصائد ، ومنها رائعته “صاح ابزقر لمنادي” التي بدأ الشاعر فيها يقف على الشاطئ يراقب فتاته وهي بين جمع المحتشدين على صدر السفينة التي ستقلع بها إلى الجزر ، بعد أن كانت منذ قليل تركب معه ليوصلها وأهلها إلى هنا ، لقد كاد قلب الشاعر أن يفقر من صدره وراء تلك الفتاة ، وكادت نفسه تتفرق حسرة عندما سمع نداء ربان السفينة هو يأمر بالإقلاع وإجراءاته غير عابئ بذلك الذي يقف شبه مقتول على الشاطئ دون أن يحس أحد بما في صدره من عواطف.

اشتهر بن عتيج بأنه من شعراء الإمارات المرموقين ، ووجدت أشعاره صدى طيبا في نفوس أبناء مجتمع قديما وحديثا، واعترف له الشعراء بعلو مرتبته الشعرية وكفاءته العالية.

ويروى أن والده لم يكن محبا للشعر ولا يرغب في أن يكـون انته شاعرا ، ولكن موهبة الولد كانت تزاحمه ، وكانت تتدفق بالشعر أمام الناس، فوصل خبر ذلك إلى والده وتواترت الأخبار عن شاعرية ولده.

وكان الوالد يعمل في صناعة “البدود” والبدو هو حشبة من ليف النخل تصنع لتوضع على ظهر المطية تلامسه مباشرة ، تحت ما يليها من العدة والشداد والساحة ، ذلك لأن الليف بارد ، فتحتمله الناقة في شهور الحر ، ولا يسبب لها المضايقة كما يفعل النسيج “السدو” الذي تقوم على أعماله النساء لأزواجهن ورجالهن.

وأمام خبر شاعرية الولد لم يخف الوالد ابتهاجه بنبوغ ولده الشعري ، غير أنه لا يردي أن يسلم بذلك ويقره إلا بعد أن يختبر ابنه ويلمس بنفسه مقدرته.

وفي يوم كان الوالد مشغولا بمهنته يصنع البدود ، وكان ولده سعيد من حوله ، فقال له الوالد ، سمعت أنك تقول الشعر ، فابتسم الولد غير منكر للخبر ، وهو يعلم أن ذلك لن يسر والده ، فقال الوالد يا سعين إذا كنت شاعرا فات لي شعرا تذكر في البد، وان فعلت فلك أن تكون شاعرا وسأكون سعيدا بذلك ، ففكر ابن عتيج قليلا ثم قال :

كــوس مهـبـه بـــدي = غبـا وطــي وارمــال
من كل عـدب أو نـدي = شـــل إريـــعٍ يـفــال
وأصبح هواه إمـردي = عنـده شـراحـت بــال
وانا اجسـدي مغتـدي = حانـي شــري لـهـلال
عـن وصلـهـم لا بــدي = في اسعود إمن الليال
علـى ابكـرات ضــدي = ومــن الـربـح ذبـــال
نيـط الـغـوارب مــدي = حــول مـهـب اهــزال
كم أو ردن مـن عـدي = فـيـه الـرمـل مهـتـال
مأخـذ شهـر ومـعـدي = قـفــر مـــن الـحــوال
ىالعنكبـوت امسـدي = بـيـن المـيـم والـيــال
لـو بنعـطـا مــن ودي = جـان أتـنـاول غــزال

وفور انتهاء سعيد من قصيدته قال له والده ، إنك شاعر يا بني ..ولن أقف في سبيل شاعريتك ، ولكن عليك باحترام كلمتك ، ولا يخرج منك إلا الكلام الطيب ، فإن الكلمة إذا خرجت من الفم فإنه لا يمكن ردها.

صـاح بزقـر لمنـادي
بخطوفه
يوم السفن بتشتل

غمس علـى لفـوادي
بالكوفه

ولا وادعه بالحل

وين اقمري لمجـادي

ماشوفه

لي نوره معتزل

لــي مسقـنـي ودادي
بكفوفه

عله عقب النهل

الـلـي قـبـل متـبـادي
لا حوفه

إن ميحن لقذل

هـو جاعـد الأنهـادي
لي شوفه

ينماز أو يعتزل
لولي وجف لمعـادي
بسيوفه

عن الوصل بوصل

بـو خمـص جــلادي
مسفوفه

عينه هدبها امظل

تلحـج حالـك نـفـادي
ماصوفه

العين من تشهل

عيني وسط السوادي
ماغوفه

ماغوفه واتهمل

ما خص ابها هبـادي
مشحوفه

انبس منها ويل

غش البصير العـادي
عن شوفه

والعاجل ما يجهل

يـامـن بـلـي بيـهـادي
في يوفه

عوق ماهب سهل

شابـك علـى لفـوادي
بطروفه

ما خلا لي مهل

فـي ظنـي واحتيـادي
ما طوفه

هذا الشهر لي هل

قـــم دن يـاقـصــادي
مكفوفه

ما عرضت للجمل

قـبـا نفـيـا عـضــادي
بالطوفه

هات ابها واعتيل

وان ييت في لبلاددي
بشوفه

دعج العيان إتل

هـو منتهـي لمـرادي
للوفه
فرض أو غيره نفل

ياهل النوق الخبايب]

ياهل النوق الخبايـب = روفـوا عـن لاغـتـلاب
عوجوا روس الكايـب = مـقـدار خــط اكـتـاب
بكـتـب ســلام وايــب = صـوب اعربـي لنيـاب
أخـنـامـن الـهـبـايـب = والـــذا مـمــا طـــاب
عسى سحب السجايب = يسجـن وطـن لحـبـاب
ليـن اتبيـن الركـايـب = مـن كـل حـزم شــاب
يوم انوى لي صوايـب = نـش أو حسـر يلبـاب
واتبسـم عـن شنـايـب = ذبـل مهـوب أو شـاب

ماطاب الهم منام]

مـا طـاب إلْهـا مـنـام = عين امطـوّل سهرهـا
لا وصـل او لا سـلام = يـوم الـدهـر حيـرهـا
ومـفـارقـة لـحـشــام = على الهير ما صبرها
مرّ الشهـر عـن عـام = كلمـا هـلّـت شهـرهـا
مــا ينقـطـع لــه زام = شِفْ دمعٍ مـن نظرهـا
واتـوقـفـت لـسـقــام = لـي غرقهـا حشـرهـا
و زويت إمور اعْظام = عكَّـس حـتـى ثمـرهـا
ويـزوره فـي الـمـدام = ليمـا يَـزْبـن ظهـرهـا
جـنـه طـرايـر خــام = لـي مسحـونِ وبـرهـا
تحـتـث إبــلا كـــلام = الراكـب مـا زقـرهـا
نفـيـا لعـظـا لـيـسـام = قم يا النديـب اقهرهـا
مــا قطّـعـت لــرزام = لي مبْطي فـي دهرهـا
ذيـك العـرب بهـمـام = سَلـمْ وارجـع خبرهـا
واصعيبـيـن الـمـرام = نسل اعربٍ ما سترها

اصبحت يا شقراية]

أصبحـت يـا شقرايـه = عيـل علـى المسـراح
وايلاج هب عالغايـه = مامن اعظام اصحاح
صابـج وزا شـروايـه = من بـو هـدب نشـاح
لونـا بعـطـي هـوايـه = مـابــا مـقـامــة راح
ورايــه إمــا ورايـــه = لــو ماكـسـر ليـنـاح
طلـبـت مــن مـولايــه = لا يـرويـنـي قـمــاح
فيج أو في منتوايـه = كان البخـت ماطـاح
يامستجيـب ادعـايـه = ارجو منك الـسـمـاح
لافـرحـت ابغـضـايـه = واللي علـي اشحـاح
ما روم أشـل انعايـه = يــام الـنـيـت لـلــواح
لوتعلميـن أقصـا يــه = القـلـب فـيـه أيـــراح
وانتي زدتي حشايـه = ضيج أو قل انشراح
فيمـا فعـل ..مـولايـه = مانـاب أنــا طـمـاح
تاحـوا عليـج اقفايـه = لـي يزرقـون ارمـاح
إنجان أهـل العنايـه = بـا يفعلـون أصــلاح
ياعـوق فـي حشايـه = كلـمـا جتمـتـه بــاح
لـو حطـوا لــه قـرايـه = مالجيـوا لــه مـطـاح
ومـن كثـرة الهـذايـه = أهل الحجـي لقبـاح
لي في الورا سعايـه = والوجـه فيـه أفـراح
لـك بالـعـذر مشـايـه = يـابـو هــدب نـشـاح
أريــد منـكـم شـايـه = الـعـفــو مــمـــا راح
.

2 thoughts on “الشاعر سعيد بن عتيج الهاملي

Comments are closed.