الشيخ أحمد بن دلموك (شخصيات إماراتية)
كان محباً للعلم والعلماء، بيته قبلة الوافدين ومأوى الفقراء، وكان من تجار اللؤلؤ، ويعمل في التجارة ببضائع أخرى.
كان مشهوراً بكرمه، وله عدة مجالس يستقبل فيها ضيوفه الذين لا ينقطعون، بنى له مسجداً ومدرسة، أما المسجد فهو معروف حتى اليوم باسم مسجد أحمد بن دلموك في منطقة الراس قرب سوق الصخام القديم.
وأما المدرسة فهي المدرسة الأحمدية في منطقة الراس أيضاً، أنشأها على نفقته الخاصة، أنشأها من السعف أولاً، وعندما بدأ في بنائها توفي إلى رحمة الله، فأكمله من بعده ابنه الذائع الصيت الشيخ محمد بن أحمد بن دلموك.
ولد الشيخ محمد بن دلموك في دبي، ونشأ في ظل والده البر العطوف، وكان ممن درس في الكتاتيب وأثرى ثقافته بالقراءة والسفر، ومجالسة العلماء، وكانت له خمسة مجالس، حيث يستقبل فيها ضيوفه وزواره.
ولو أردنا أن نصنفه ضمن التجار فهو من كبار تجار اللؤلؤ البارزين في الخليج، ومن ممولي سفن الغوص.
ويذكر عن كرمه الحاتمي أنه إذا ركب الباخرة استضاف كل من على ظهر الباخرة طول مدة الرحلة.
وفي بيته يقري الطعام كل يوم ثلاث وجبات حتى أن حيتان البحر، ووحوش الصحراء نالهم من كرمه.
ويذكر الأستاذ بوملحة على لسان أحمد بن عبدالرحمن الجرمن ان قدور ابن دلموك كانت مثبتة بالمسامير، لا تحرك قاعدتها لأنها كانت كبيرة وثقيلة فتغسل وهي في مكانها.
أما زكاته فكانت للمحتاجين في الداخل والخارج، وكان توزيع زكاة بن دلموك يستمر لشهرين أو أكثر في دبي والإمارات الأخرى، وكان رحمه الله عندما يوزع المال يدخل يده في الكيس أو الصندوق، فيأخذ ملء يده، ويناول المحتاج. دون أن يعد أو يحسب، وهذه هي عادة المحسنين الصادقين.
نعم.. وكان إذا مشى في السوق مشى خلفه أكثر من خمسين رجلاً، وإذا مرّ بدكان اشترى كل ما عنده من الغتر والشالات والأزر، ووزعها على الناس، مما جعل أهل السوق كلهم يتمنون أن يمر بهم الشيخ محمد بن دلموك لينالوا من كرمه واحسانه.
ومن نوادر كرمه أن راشد بن سيف الحمراني من أهل عجمان أهدى اليه ناقة سبوقاً، وكانت قيمتها في تلك الأيام لا تتعدى 200 روبية، وكان هو اشتراها بـ 300 روبية فقبل ابن دلموك الهدية، وأمر وكيل أعماله بأن يعطيه 700 روبية، فكأن الوكيل استكثر ذلك، فهمس في أذن ابن دلموك بأن قيمتها 200 روبية لا أكثر، فغضب ابن دلموك منه، وكان ردّ فعله أن أمر باعطائه 1000 روبية، واستشهد ببيت شعر فقال:
وكن مع الدهر معوانا لذي أمل
يرجو نداك فإن الحر عوّان
أما عن حبه للعلم والعلماء فإنه قد أتم بناء المدرسة الأحمدية بمنطقة الراس، واستقدم لها المدرسين، وتحمل مصاريف التعليم كلها واهتم بطبع الكتب أيضاً، ومن هذه الكتب «تحفة السالك لمذهب الإمام مالك»، كتاب فقهي.
ويذكر محمد سعيد النيار بأنه كان يهتم بالجانب الصحي أيضاً، إذ أنه أحضر طبيباً من البحرين على نفقته للتطعيم ضد المرض وعلاجه، ولم يكن لأهل دبي خاصة، بل لكل الإمارات.
ويذكر عن الشيخ محمد بن دلموك بأنه كان متواضعاً رغم ثرائه ومكانته في المجتمع، كان يعطي وهو يبتسم، وإذا سمع ان أحدهم ممن استدان منه مبلغاً، لا يستطيع الآن أن يفي بدينه أرسل له مبلغاً مثل ذلك المبلغ، إضافة الى إبراء ذمته ممن استدان منه.
أما تديّنه فلم تفته صلاة الجماعة أبداً، ولم يأكل حراماً قط، وإذا مشى في السكك لم يرفع عينه خشية أن تقع على امرأة.
ظل على هذه الدرجة من الزهد وسخاء النفس حتى الآونة الأخيرة يوم أن كسدت سوق اللؤلؤ وانكسرت التجارة، مما أثر على صحته فمرض، وتدهورت حالته إلى أن توفي عام 1940م وهو لا يملك شيئاً من الدنيا بعد أن كان ملك اللؤلؤ، بل مات مديناً.
نعم.. وكم كان يوم وفاته يوماً حزيناً على البلاد والعباد.
— منقول —
تسلمون على المرور
الله يرحمه
الله يرحمه ويسكن مثواه الجنه
الله يرحمه ويسكن مثواه الجنه …
قوم بن دلموج آل بوفلاسة أشهر من النار على العلم
نعم.. وكم كان يوم وفاته يوماً حزيناً على البلاد والعباد