كما لكل شيء في الحياة بداية ووقت ومكان، أيضا له نهاية، لا شيء يبقى سرمدي ونهائي كما نشعر ونتصور.

هناك مواجهة وتحديات يمر بها المرء مع ذاته ومع أقرب المقربين إليه من أهل، وشريك حياة، وأبناء، وأصدقاء، وزملاء عمل. وفي الوقت الذي نكون فيه غارقين في خضم أعباء الحياة اليومية، قد تمرنا الحيرة والهواجس، والقلق والخوف، وقد نشعر بفقدان المزيد من القدرة على التحمل، وفهم الآخرين، ومواجهة الصعوبات، وربما نهرب للذكريات بصمت وتأمل، هذا في الوقت الذي يمرنا فيه الفشل والنجاح، فالزمن قصير ولم يكن كما تصورنا، إذ سرعان ما تتداعى الحوادث من أمامنا وتقف بنا عند منعطف أو زاوية تثار فيها الكثير من الأسئلة العادية والمعقدة، بيد أن قراءة متأنية لرواية “الزّهير” للكاتب البرازيلي باولو كويليو، تعني ما تعنيه من مراجعة شفافة للذات وفي تلك الزوايا والمنعطفات.

لماذا؟

لأنه يدفع القارئ إلى حافة مسافة قريبة من الفيضانات والأعاصير التي تعترضه، كما يدفعه أيضا إلى بكاء ذاته بحزن. إنه يخترق القارئ ويلامس موضع الجرح، ويهيج الآلام. ففي المتن ينكشف مستور الذات، والحيز الغامض منها، عمقها، ضعفها ويأسها، ويصدمنا بالحقيقة التي لا يقوى الإنسان على البوح بها ولا حتى على مواجهتها مع ذاته.

علق عليها الكثيرون من النقاد، فمنهم من قال إنها كالمطر، انهمارا من الكلمات الملتحفة بالتشويق والحكمة والفتنة والدهشة، وإنها حج نحو الداخل، نحو تخبط أعماقنا، نحو المفاهيم الشخصية عن الحب والسعادة والإيمان، ومنهم من رأى أن المؤلف يلبس عباءة الحكيم الذي يريدنا أن نرى وليس أن ننظر فحسب، وأنه يدفع بقرائه إلى الإجابة عن الأسئلة التي واجهها هو يوما وأجاب عنها، يجعلك تقرأ تجربتك الخاصة ثانية، وبالنظر من أعلى، من القمة إلى أفق يطفح بالفرص.

لاريب أن بالو كويليو، يكشف وبدقة متناهية خبايا العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة، ومع الإنسان وذاته ومع الآخرين. إنه يروي حكاية كاتب مشهور، تهجره زوجته من دون مبرر، وعوضا من متابعة حياته مع البديل، يسيطر عليه هاجس وحيد يؤرقه ويقض عليه مضجعه، وهو يدور حول سؤال: ” لِم هجرتني زوجتي؟” يطرح هذا السؤال الإشكالي ويناقشه في سياق مفاهيم الحرية، وحب تملك أحد الزوجين للطرف الآخر، والشر والخير الكامن في النفس البشرية، ومراوغة الناس لأنفسهم تجنبا لكشف الحقيقة، والحب وطاقته المطلقة.

ناشر الرواية بدوره أشار إلى غياب البراءة عن الرواية بعد التوغل، وتوارد الأفكار الفلسفية العميقة، تلك التي لاتزال تشغل البشرية. فالهاجس كما يقول، منتصب يوجه المرء، يسيطر عليه، ثم لا يلبث أن يغدو كل شيء، ولا شيء سواه. وإن القيم الموروثة التي يؤمن بها الإنسان تستعبده، فيكرس نفسه وما له، وما ليس له في سبيلها، وتصبح هي مبرر استمراره وكفاحه. عندها، لا يعود بإمكانه التوقف ليسأل ما إذا كان يشعر بالسعادة أم لا؟!

الحرية مفهوم فلسفي فضفاض

الحرية بالنسبة إلى الراوي مفهوم فضفاض وفلسفي، والمتحدث والمدافع عنها كحق غالبا ما يستعبد “من العبودية”، أما بسبب رغبات الأهل، أو لعلاقة زوجية قطع فيها الطرفان وعد البقاء مع القرين “مدى العمر”، أو من يستعبدهم ميزان الوزن، أو الحمية الغذائية، أو المشروعات غير المنجزة، أو من العشاق الذين عجزوا عن مصارحة عشاقهم بقول “لا” أو “انتهت العلاقة”، هم أيضا أولئك الذين استعبدتهم عطل نهاية الأسبوع حينما اضطروا لتناول الغذاء مع أشخاص لا يريدون المكوث معهم، أو باتوا عبيدا للثروة ومظاهرها، ولحياة لم يختاروها، وعليه توالت نهاراتهم ولياليهم متشابهة. إنهم يخشون من أي تغيير يخل بعالمهم الذي درجوا عليه وهم يكبرون، وغالبا ما يظهرون اللامبالاة من ذلك، على رغم الاختلال في واقع حياتهم اليومية.

الحرية بالنسبة إلى المؤلف أيضا، لا تعني غياب الالتزامات، إنما هي القدرة على اختيار ما هو أفضل لي وإلزام نفسي به. ولكن، بالنسبة إلى كاتبة السطور، ثمة إشكالية تدور حول مفهوم الحرية هنا، وهي على صلة بسؤال وجودي: هل يتوافر الإنسان على الخيارات لكي يقرر أيا منها وأفضلها الذي يتخذه بنفسه ولنفسه لكي يلتزم به؟

في السياق، يطرح إشكاليات معقدة تدور أسئلتها حول مفهوم الحياة الزوجية، التي يراها البشر أبدية، ويكشف على لسان الراوي، أنه ومن خلالها – أي الحياة الزوجية – تكون المرأة أحيانا صانعة قرارات بشأن الرجل، وقد تجبره على ترك عمله، وتغار من استقلاليته. ومرد ذلك هو خوفها من الانفصال، بيد أنه يستدرك بالقول: ( من المريح جدا أن أكون متزوجا وبإمكاني العودة إلى ذراعيها متى أشاء، في حين أستمتع بكل استقلاليتي في العالم. فهي التي جعلتني أقول “نعم”، عندما وددت قول “لا”، وأجبرتني على الكفاح من أجل ما تؤمن هي بصوابه التام. انها سبب عيشي، سمحت لي بالرحيل منفردا لأن حبها لي كان أعظم من حبها لروحها، دفعتني للسعي وراء حلمي. هذه المرأة القلقة الهادئة التي تخبر عيناها ما تعجز عنه أي كلمات، والتي غالبا ما تذعر في الصميم، وتظهر شجاعة في أفعالها، والتي أمكنها أن تحب رجلا من دون أن تذل نفسها، ولم تأسف قط للصراع من أجل الرجل الذي بجانبها. ) مضيفا، ( هذا في الوقت الذي يحتاج الواحد منا إلى إعادة بناء الذات، وتقبل فكرة أنني أحب شخصا آخر أكثر من حبي لذاتي.) يستنتج أن الحب يولد من طبيعتين متناقضتين، وفي التناقض ينمو الحب بقوة، وفي التصادم والتحول، يحفظ الحب، لهذا كان الإنسان بحاجة للحديث عن مكنوناته، وعن الحب، وعن افتقاره، وعن العلاقات خارج الزواج، والعلاقات العابرة، وعن هؤلاء الأزواج الذين يعاملون زوجاتهم كما لو أنهن جزء من الحاجات والمنقولات، فللحب طاقة خالصة، ومطلقة، ولابد من إيجاد طريقة لجعلها تتوقف عبر أجسادنا وتنتشر حولنا، فمن بوسعه محبة شريكه أو شريكته بلا قيود، بلا شروط، فهو إذا يظهر حب الله، وإذا ظهر حب الله، سيحب جاره، وثم سيحب نفسه. وإذا أحب نفسه، يعود كل شيء إلى مكانه المناسب ويتغير التاريخ. والتاريخ لن يتغير يوما بسبب السياسة، أو الاحتلالات أو النظريات أو الحروب. سيتغير فقط إذا استطعنا استخدام طاقة الحب. منطق مثير… أليس كذلك؟

مراوغة… قلق وهروب

المؤلف، على يقين من معاناة البشر لمشكلتين كبيرتين، الأولى: معرفة متى يبدأون، والثانية: معرفة متى يتوقفون، فهم يبدون سعداء، إلا أن عيونهم تخون تعاستهم التي يجهلون أنهم يحملونها في نفوسهم، الجميع مشغول بالعمل في أوقات إضافية، قلقون بشأن أولادهم، أزواجهم، مهنهم، شهاداتهم، ما سيفعلونه في الغد، ما يحتاجون شراءه أو امتلاكه لئلا يشعروا بالدونية، وإذا سألتهم عن معنى السعادة والحياة، فغالبا ما يقولون: السعادة هي العمل، العائلة، الأولاد، الزوج الصديق، لا بل أحيانا يردون: عندما يكبر الأولاد، أو يصبح الزوج “صديقا” أكثر منه “حبيبا ولهانا”، أو عندما أتقاعد، عندها ستفسح لي الفرصة أن أفعل ما أردت فعله دوما مثل “السفر”. بيد أن لكل ذلك نهاية في رأيه.
ويضيف كويليو “انهم غالبا ما يهربون ويبدلون الموضوع تجنبا للإجابة عنه، أو يغيرون الحديث ثانية”. وفي السياق، يحذر من مديح الناس، مؤكدا على أهمية مراقبة تصرفاتنا وعن كثب حينما يتم مدحنا. وينوه إلى وجود الحاجة المطلقة في العلاقات الإنسانية للمحادثة، إذ إن الناس كفوا عن التحادث، وما عادوا يجلسون ليتحدثوا أو ليصغوا، يذهبون إلى المسرح أو السينما، أو يشاهدون التلفاز أو يستمعون إلى المذياع، يقرأون الكتب، لكنهم لا يكادون يتحدثون. فإذا أردنا تغيير العالم، هكذا يقول: “علينا إرجاع الزمن إلى حين كان المحاربون يتحلقون حول النار ويتسامرون بتبادل القصص”.
إذن، إلى المنغمسين في هموم المال والأعمال والسياسة والعمل والمناكفات وحتى السرقات: لن يتغير التاريخ إلا بطاقة الحب السارية عبر أجسادنا ونشرها لمن حولنا، والأهم بالمحادثة، وتجنب الانعزال في الحال!

و من أجمل الروايات ( الزهــير مترجمه) و من أجمل ما كتبه كتاب الحياة باللغة الأنجليزية.
الزهيــر:-

الزهير كما عرفها المؤلف واستنادا إلى كاتب أرجنتيني: ما هو ظاهر، حاضر، ذاك الذي لا يمر مرور الكرام. إنه شخص أو شيء ما إن يحدث اتصال بينه وبين الإنسان حتى يستحوذ تدريجا على فكره، ليتملكه في النهاية. وتعتبر هذه الحالة، إما جنونا وإما قدسية. وأما في مراجعنا اللغوية، هو صيغة مبالغة من اسم الفاعل لفعل زهر، ومعناه، سطع وتلألأ وأشرق، حاجبا رؤية كل شي آخر. ومنه اشتق اسم كوكب الزهرة، لشدة لمعانه وسحره.

موقع الكاتب :-

وسخة هترجهة هو ظوèاو انهèâظ http://paulocoelhoblog.com/

Paulo Coelho’s Blog

أتمنى تعجبكم مؤلفاته.

9 thoughts on “الكاتب البرازيلي باولو كويليو

  1. ادخل هل الصفحه واطلب منهم

    وللعلم شي وايد روايات للكاتب في قسم الروايات العالميه

    لطلباتكم واقتراحاتكم – الصفحة 34 – منتديات ليلاس

    اذا تحب نفس الاسلوب شوف الفلم The sea inside

    بالنسبه لي كاتبي المفضل وبدون منافس ميشال زيفاكو

    wow thanks dear for the website I’m so in love with it!

  2. أنا أدور كتاب اسمه Like the Flowing River
    بالعربي. و كتاب ثاني Write. ما حصلتهم في لبنان. و لا في الامارات.
    1- (مكتوب).
    2- (كالنهر الذي يجري).

    و أنصحكم بقراءة كتب أبراهيم الكوني لانه عنده نفس الاسلوب و أحسن.

    ادخل هل الصفحه واطلب منهم

    وللعلم شي وايد روايات للكاتب في قسم الروايات العالميه

    لطلباتكم واقتراحاتكم – الصفحة 34 – منتديات ليلاس

    اذا تحب نفس الاسلوب شوف الفلم The sea inside

    بالنسبه لي كاتبي المفضل وبدون منافس ميشال زيفاكو

  3. أنا أدور كتاب اسمه Like the Flowing River
    بالعربي. و كتاب ثاني Write. ما حصلتهم في لبنان. و لا في الامارات.
    1- (مكتوب).
    2- (كالنهر الذي يجري).

    و أنصحكم بقراءة كتب أبراهيم الكوني لانه عنده نفس الاسلوب و أحسن.

Comments are closed.