سم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أيها الإخوة الكرام ؛ يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، الآية الأولى :


( سورة المائدة : 66 )
هذه الآية تؤكدها آية أخرى ، وهي الآية الثانية :


( سورة الجن : 16 )
وأمّا الآية الثالثة :


( سورة الأعراف : 96 )
العلماء استنبطوا من الكتاب والسنة الوسائلَ التي تزيد في الرزق .
فأول وسيلة الاستغفار ، قال تعالى :

” فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ” .

( سورة نوح : 10 ـ 11 ـ 12 ) .
الذي يستغفر الله من ذنوبه يجلب له ولأهله الرزق بالاستغفار ، هذه واحدة ، فمن شكا من ضيق الرزق فعليه بالاستغفار ، هذا قرآن ، وهو كلام خالق الكون .
أمّا العامل الثاني ، فقال تعالى : ” وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك “

( سورة طه : 132 ) .
فالبيت الذي تقام فيه الصلوات ، يتلى فيه القرآن ، تقام فيه حدود الله عز وجل ، فهذا بيت مرزوق ، فالرزق بيد الله عز وجل ، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين .
العامل الأول … هو الاستغفار .
العامل الثاني … إقامة الصلوات وشعائر الله في البيت .
العامل الثالث … مستنبط من الحديث الشريف ، يقول عليه الصلاة والسلام : ” الأمانة غنى الأمين موثوق ، فإذاً أنت أثمن شيءٍ تملكه ثقة الناس ، وإذا ملكت ثقة الناس فأنت أغنى الناس ، وأكبر خسارة تحيط بك أن تفقد ثقة الناس ، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول : “الأمانة غنى ” ، إذًا وسائل الرزق هي : الاستغفار أوّلاً ، وإقامة الصلوات والشعائر الدينية في البيوت ثانياً ، والأمانة ثالثاً .
قال عليه الصلاة والسلام : ” صلة الرحم تزيد في الرزق ” ، إذاً أنْ تصل رحمك ، وصلة الرحم تعني أشياء ثلاثة ؛ أن تزورهم أولاً ، وأن تتفقد أحوالهم تمهيداً لمساعدتهم ثانياً ، وأن تدلهم على الله ثالثاً ، هذا ما تعنيه صلة الرحم ، وهو العاملُ الرابع .
الاستغفار وإقامة الصلاة والأمانة وصلة الرحم .
الإتقان .. إتقان العمل جزء من الدين ، إن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه ، وهذه حقيقة ، فالشركات المصنعة المتقنة ، بضاعتها محجوزة لسنوات ، وصاحب الحرفة المتقن محجوز لسنوات ، وإذا كسدت البضائع وبارت الأعمال فالمتقنون لا يتعطلون أبداً .
فالإتقان عامل ، وصلة الرحم عامل ، والاستغفار عامل ، وإقامة الصلوات والأمر بها عامل ، وإقامة القرآن الكريم عامل .
” ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم “.
وهناك عامل سادس وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام : استمطروا الرزق بالصدقة ، صدقة السر تطفئ غضب الرب ، بادروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها ، فالإنسان المستقيم على أمر الله .
” وألَّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا “.
المستقيم على أمر الله ، والمقيم للصلوات ، وهو يأمر بها أهله ومن يلوذ به ، والمستغفر ، والواصل لرحمه ، والمتقن لعمله ، والأمين ، هؤلاء جمعياً أرزاقهم وفيرة، وهي قوانين ربنا عز وجل .
فلما يكون الإنسان راكبًا مركبة في سفر ، وفجأة تتوقف المركبة ! ويطالعك هنا سلوكان ؛ فأيهما السلوك الذكي ؟
أول سلوك ، يصيح المسافر ويبكي ويزعبر ، والسلوك الثاني ، يفتح غطاء المحرك ، ويبحث لماذا وقفت المركبة ، هذا هو السلوك العلمي .
فإذا شعر الإنسان أن رزقه ضيق ، فإنّه يتساءل : يا ترى هل مِن سبب ؟ عدم إتقان ، أو عدم أمانة ، أو تفريط في أوامر الله عز وجل ، أم مِن قلَّة الاستغفار ، أم من في قطيعة رحم مثلاً ، إذًا هناك أسباب .
لذلك فالإنسان حينما يشعر أن رزقه أقل مما ينبغي ، فليبحث عن السبب ، وربنا عز وجل قال : “ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون “، وبعد هذا يقول الله عز وجل : “قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم “.
ونحن كمسلمين ، واللهِ الذي لا إله إلا هو لسنا على شيء حتى نقيم القرآن الكريم في بيوتنا ، لذلك قال تعالى :” وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم “

( سورة الأنفال : 33 )
قال علماء التفسير : أنت فيهم ، أي سنتك قائمة في بيوتهم ، وفي أعمالهم ، ما دامت سنة النبي علية الصلاة والسلام فينا ، وفي علاقاتنا ، وفي كسبنا للمال ، وفي إنفاقنا للمال ، وفي نشاطاتنا ، وفي بيوتنا ، فالله لا يعذبنا ، “وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون” ، وإذا عرفنا أغلاطنا ، وتبنا منها أيضاً فنحن في بحبوحة ، فنحن في بحبوحة مرتين ، إذا أذنبنا واستغفرنا ، أو إذا تبنا واصطلحنا ، فإذا كنا في أحد هذين الحالين ، فنحن في بحبوحة ، ونحن في سلام ، وفي أمْنٍ من الله عز وجل .
هاتان الآيتان مع أنهما موجهتان لأهل الكتاب إلا أن الله سبحانه وتعالى خاطبنا بأسلوب تربوي .
فأحياناً الإنسان يخاطب شخصًا ، وهو يعني شخصاً آخر ، فالشخص الآخر لا يأتيه الكلام مباشراً ، قال تعالى : “ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم “، هذا كلام خالق الكون ، ولا شيء يمنع أن تكون هذه الآية قانوناً ،” قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل”، لذلك أداء الصلوات والصيام والحج ،
أو أداء العبادات الشعائرية ، إذا لم يرافقه التزام بإنفاق المال وكسبه ، و لم يرافقه التزام بالجوراح ، وتطبيق للشرع الإلهي في بيوتنا وأعمالنا ، فهذه الشعائر لا تقدم ولا تؤخر ، وسأسمعكم بسرعة ، “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ” .


(سورة العنكبوت : 45 )
فإن لم تنهَهُ فصلاته لا قيمة لها ، ومَن لم يدع قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ، هذا مع الصيام ، أمّا الحج فإذا حج الإنسان بمال حرام ، وقال : لبيك اللهم لبيك ، يقول الله عز وجل : لا لبيك ولا سعديك ، وحجك مردود عليك ، وإذا أنفق من مال حرام ، أو لم يكن مستقيمًا ، قال تعالى :” قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين “

( سورة التوبة : 53)
هذه آيات قرآنية ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة ، إذا لم رافقها استقامة تامة فلا تُقبَل ، وحتى لا يضيع وقته ، وحتى لا يتوهم أنه يصلي كما قلت سابقًا ، بل أقم الصلاة ، فإقامةُ الصلاة التزامٌ بقواعد الشرع الذي يسبق الصلاة ، حتى إذا دخلت في الصلاة شعرتَ بهذه الصلة التي بينك وبين الله عز وجل .

4 thoughts on “الوسائلَ التي تزيد في الرزق

Comments are closed.