البيان 22-12-2005

انخفاض الأسواق ظاهرة صحية
بقلم :أيمن سيف

ما إن انخفض مؤشر سوق دبي المالي خلال الأسابيع الفائتة حتى ارتفعت صيحات كثير من المستثمرين بالتذمر وعدم الرضا وكيلت الاتهامات إلى الأسباب التي أدت لذلك, خاصة من المستثمرين الحاصلين على القروض والتسهيلات.

وبالرغم من وجود القراءات والتحليلات الفنية لدي شريحة كبيرة من متابعي السوق ومعرفتهم بنقاط الدعم والمقاومة التي تشير إلى أن هذا الانخفاض طبيعي.

ويمكن أن يستمر إلى مستويات أقل من ذلك بكثير, إلا أن هذه المعلومات ما لبثت أن تبددت جميعها واختلف تفكير أصحابها بمجرد مواجهة الأرقام واللون الأحمر على الشاشات, ونسي الجميع أن الانخفاض هو حالة صحية يجب أن تمر بها الأسواق بين فترة وأخرى حتى قبل مواصلة الصعود إن وجد.

شاعت ثقافة الربح لدى نسبة كبيرة من المستثمرين خلال السنوات الأخيرة, وكانت فلسفتها تقوم على أنه بمجرد الدخول إلى السوق وشراء السهم سوف تكون الأرباح جاهزة خلال مدة قصيرة.

وساعد على تأكيد هذه المفاهيم ما حدث فعلا في ارتفاع الأسهم بصورة متتالية شهدتها الأسواق, ومع ملاحظة أن بعض المستثمرين بدأ نشاطه في الأسواق خلال فترة الارتفاع فقط ولم يلامس تجربة الانخفاض حتى الآن بشكل واقعي إلا هذه المرة.

لو نظرنا إلى مؤشرات الأسواق العالمية القديمة نجد بحورا متلاطمة فيها من أمواج الصعود والهبوط الشيء الكثير, فلا شيء يسير في اتجاه واحد مطلقا, وإن حصل ارتفاع سهم لفترة زمنية بصورة مستمرة لسبب ما فإن التصحيح لابد وأن يأتي مهما طالت الفترة الزمنية, وكأن عملية التصحيح واجب فني يجب أن يمر به السهم.

رب ضارة نافعة, فهذه المرحلة التي مر بها السوق من انخفاض أسعار الأسهم يمكن أن تكون تجربة عملية ناجحة للجميع في كيفية قراءة أسعار الأسهم بهدوء, وتنظيم توقيت صفقات المتاجرة والمضاربة بالأسهم.

وعدم الزج بكامل رأس المال لشراء سهم مهما كانت التوقعات إيجابية لارتفاع هذا السهم لأنه في هذه الحالة سيصبح رأس المال مقيدا بالكامل ضمن سعر الشراء ولا يمكن التصرف به إلا بالخروج حسب سعر السوق بغض النظر عن حجم الخسارة حال انخفاض السهم.

عندما تكون عمليات الشراء تدريجية ومجزأة على دفعات مبنية على دراسة فنية, ستكون المبادرة دوما بيد المستثمر نفسه وتصبح لديه مرونة أكبر في الشراء وإعادة الشراء أو البيع الجزئي وبهذه الطريقة يمكن خفض الخسارة إلى الصفر وترتفع أيضا احتمالية الربح.

ومن المفيد أيضا من هذه التجربة أن ممارسة هذا النشاط يفترض أن لا يكون العمل الوحيد في حياة صاحبه, وأن لا يأتي رأس المال من مدخرات أساسية ولا معاشات تقاعد.

أو قروض يجب إعادتها خلال زمن محدد, فتجربة من يأخذ القرض لفترة محددة على أمل الدخول في شراء سهم وتحقيق ربح سريع فيها الكثير من المغامرة, فلا أحد يملك المعلومة الصحيحة أين سيكون السعر غدا أو حتى بعد ساعات ولو وجد هذا الشخص فعلا يمكن أن يصبح من أغنى المستثمرين.

إن المراهنة على ارتفاع الأسهم بصورة دائمة وتحقيق الربح يمكن أن تنجح مرات عديدة, ولكن بمجرد انخفاض الأسعار بشكل ملموس تكون نتائجها ثقيلة على أصحابها, فالروح الرياضية مطلوبة حتى في أسواق المال.