بسم الله الرحمن الرحيم

الاتحاد تفتح ملف التعليم الخاص (3 – 5)

«انفلات» الرسوم ومستلزمات التعليم بالمدارس الخاصة يجعلها أعلى من الجامعات


أشعلت بعض إدارات المدارس الخاصة في الدولة “سوق” الرسوم الدراسية مبكراً، ونجحت مدارس كثيرة في تمرير زيادات مالية لهذه الرسوم وصلت في بعض المدارس إلى معدلات تتراوح ما بين 25 إلى 50 %، خاصة في المدارس ذات “البريستيج” العالي.

وقد سجلت معظم هذه المدارس زيادات في رسومها الدراسية جعلتها أعلى من الرسوم الدراسية التي تحصل عليها بعض الجامعات الخاصة “المرموقة” في الدولة.

عدد كبير من أولياء الأمور اشتكى لـ “الاتحاد” من خطورة تنامي حالة “الانفلات” التي يشهدها سوق التعليم الخاص في الدولة، وغياب الجهد الرقابي من وزارة التربية والتعليم والمجالس التعليمية المتعلق بإلزام هذه المدارس باحترام القانون والعمل به، وتحقيق المعادلة الصحيحة بين الطالب والمدرسة، وكذلك إحداث توازن بين رسالة المدرسة التعليمية، وأيضاً البعد التجاري باعتبارها مشروعاً خاصاً.

ولفت أولياء أمور إلى أنه على الرغم من الأزمة المالية التي ألقت بظلالها على العالم كله، فإن السواد الأعظم من المدارس الخاصة لا هم له سوى رفع الأسعار وزيادة الرسوم الدراسية سنوياً، وأكد سلطان إبراهيم الزعابي أنّ حال المدارس الخاصة لم يعد “يَسُر” أحداً، فقد شهد قطاع التعليم الخاص في الدولة تحولات كبيرة خلال العقد الماضي جعلت منه قطاعاً “استثمارياً” بامتياز وتبارى كثيرٌ من المستثمرين للدخول في هذا القطاع رافعين معايير الاستثمار والربحية على المعايير التعليمية، ومن هنا فإن كثيراً من تلك المدارس الخاصة “تعظم” أرباحها على حساب العملية التعليمية التي تفتقر في بعض هذه المدارس إلى “أدنى” المعايير من النواحي التعليمية والتدريبية، بل والتربوية.

وأوضح حمد جاسم خالد إلى أنه كان يفضل حتى 3 سنوات مضت إلحاق أبنائه بالمدارس الخاصة، ولكنه تراجع عن هذا الأمر نتيجة لمشاكل كثيرة تحدث في هذه المدارس، والتي تدار في بعض الحالات بأسلوب “الربع” أو “الشلّة”، حيث يعهد صاحب الترخيص إلى مستثمرٍ بإدارة رخصة المدرسة مقابل مبلغ مالي سنوياً، ويجد الأخير نفسه أمام مشروع اقتصادي في المقام الأول يعتمد على الربح، ويتم إدارته بطريقة “ضغط الإنفاق”، ومن هُنا فإن جودة التعليم في عدد كبير من المدارس الخاصة تظل في حاجة لمن يراقبها.

وقالت علياء الظاهري: إنّ كثيراً من المدارس الخاصة في الدولة لو تمّ تطبيق معايير عالمية على أدائها لانحصرت هذه المدارس في ذيل القائمة، فإذا نظرنا إلى الرسوم الدراسية التي بلغت في المرحلة الابتدائية نحو 40 ألف درهم، وفي الثانوية نحو 60 ألف درهم، فإننا أمام أسعار تفوق تكلفة الطالب في جامعات خاصة ذات سُمعة علمية “متميزة” في الدولة.

وأوضحت الظاهري أنّ كثيراً من المدارس الخاصة انشغل خلال العقد الماضي بنظرية “تعظيم الأرباح” ما بين صاحب الترخيص والمستثمر، وهذه المفارقة لا تحتاج إلى جهد كثير للتدليل عليها من خلال منظومة العمل في تلك المدارس، فالمعلــم في المدارس الخاصــة لا يزال “دُون” المستوى من حيث الراتب والمزايا التي يحصل عليها، وعدد قليل من المعلمين في تلك المدارس هم الذين يتمتعون بـ “سكنٍ” مخصص لهم، وأيضاً معاشات تتجاوز 12 ألف درهم، في حين أن السواد الأعظم من هؤلاء المعلمين في المدارس الخاصة تقع مرتباتهم في الشريحة الممتدة من 1500 إلى 4000 درهم.

طلبة الدخل المحدود

أكدت نورة المهيري أنّ قطاع التعليم الخاص لم يعد قطاعاً لفئة من الطلبة ذوي الدخل المالي المرتفع، وإنما أصبح هذا القطاع ركناً أصيلاً في العملية التعليمية على مستوى الدولة، مشيرة إلى أنّ قائمة المعوقات في المدارس الخاصـة “لا محدودة” والمعاناة مع معظم هذه المدارس تكاد تكون يومية، ولولا إيقاع الحياة السريع الذي نشهده اليوم لكانت عملية التعليم في تلك المدارس أشبه بالسجال اليومي، فكل شيء في هذه المدارس في حاجة إلى من يراقب جودته، فالفصول الدراسية التي لا تتسع لأكثر من 25 طالباً أو طالبة، “تحشر” فيها هذه المدارس أعداداً تتجاوز 36 طالباً وطالبة، وقد لا تتسع مساحة الصف لأكثر من 3 في 4 أمتار، كما أنّ الساحات المخصصة كفناء للمدرسة غير موجودة في معظم هذه المدارس، وإن وجدت فهي التي لا تستوعب 200 طالب أو طالبة “تجبر” على استيعاب أكثر من 1000 طالب خلال الفرصة.

وتطرّق سلطان سعيد الشامسي إلى مغالاة معظم المدارس الخاصة في أسعار الكتب الدراسية، حيث تحدد هذه المدارس أسعاراً لتلك الكتب تتجاوز قيمتها الحقيقية بنسب تصل إلى 250 %، فبعض الكتب التي يتم شراؤها من مكتبات خارج الدولة بقيمة 20 دولاراً للكتاب تُباع هُنا بمبلغ يتجاوز 75 أو 85 دولاراً للكتاب الواحد، كما أنّ كثيراً من تلك المدارس تعمد إلى تصوير هذه الكتب وبيعها للطلبــة بأسعــار خياليــة مقارنة بتكاليفهـــا كـ “مذكرة” منسوخة ضوئياً.

وقفة ضد الطوفان

ناشدت سميرة خليل وزارة التربية والتعليم والمجالس التعليمية في الدولة بضرورة الانتباه إلى ما يحدث في المدارس الخاصة، وأن تكون هُناك وقفة جادة ضد هذا “الطوفان” الذي يدفع أولياء الأمور أمامه أميالاً طويلة سنوياً، خاصة فيما يتعلق بالرسوم الدراسية، والأنشطة، والتسجيل، واستخدام الباصات المدرسية، وكذلك الزي المدرسي، وحتى الرحلات المدرسية إذ عمدت بعض المدارس الخاصة إلى التعامل مع هذه الرحلات على أنها “الدجاجة” التي تبيض ذهباً بالمدارس الخاصة، فالرحلة إلى حديقة الحيوان والتي لا تكلف المدرسة أكثر من 10 دراهم ما بين الانتقال وتذكرة الدخول وعلبة العصير للطالب تحصِّل عليها المدرسة مبلغاً يتراوح ما بين 30 إلى 75 درهماً، كما أن هذه المدارس “تتفنن” في تنظيم رحلات إلى المولات في مدن أخرى، ويصل سعر الرحلة للطالب إلى 200 درهم للطالب الواحد، وهي لا تكلف أكثر من 30 درهماً على المدرسة والباقي يذهب في جيوب الإدارات المدرسية الخاصة.

الاتحاد

6 thoughts on “«انفلات» الرسوم ومستلزمات التعليم بالمدارس الخاصة يجعلها أعلى من الجامعات

Comments are closed.