ملاحظة: قسمت القصة إلى خمسة أجزاء

سأحاول نشرها الليلة كاملة إن شاء الله

لكن أمهلوني ساعة بين الجزء والآخر

تمنياتي للجميع أوقاتاً ممتعة مع الأبطال والأحداث


.

9 thoughts on “بعيد المنال .:. قصة حقيقية أعدتُ روايتها .:.

  1. .

    تقدمتُ رغم نصيحة أختي وإشفاقها علي، وجاء رد والد منال أشد قسوةً من حديثها. سألني عن عائلتي وأسرتي وما أملك. كنتُ صريحاً معه، وقبل أن أغادر مكتبه نصحني بأن رابط النسب لن يفتح أمامي أبواب الحياة المغلقة خاصة أنها ابنته الوحيدة! وطلب منّي البحث عن فتاة مناسبة تقبل ظروفي المتواضعة!!

    عدتُ مقهوراً مهزوماً، وقررتُ في نفسي أن أحاول نسيانها مستسلماً لنصيبي بعد أن أيقنت استحالة اجتماعي بها تحت سقف واحد.

    يتبع …

  2. .

    انتهى المعرض، وبدأ في داخلي نبض جديد! وقلبي الذي أوصدته بكافة السبل أراه يُفتح أمامها. كنتُ مُضرباً عن الزواج! وكم حاولت أختي أن تُقنعني بواحدة من صديقاتها لكني أرفض! بعد مزاولتي العمل لم أتحمس للموضوع، وحين تزوج أخي الذي يصغرني قبل 8 سنوات أحست أمي بالقلق تجاهي، وتجاوزتُ الثلاثين وقلبي صندوقٌ مغلق أمام النساء حتى يئس الجميع منّي.

    إنها لا تحملُ ذلك الكبرياء الذي يُنفّرني من النساء. لم يطلب أحدٌ منّي الاهتمام بِها على الرغم من تجاهلي الواضح لها في بداية تدريبها. ابنة مسؤول كبير لكنها غير مُدلّلة! ولا تُحاول جذب الآخرين من خلال ملابس مُبهرجة! مُتحفّظة جداً في التعامل مع الآخرين خاصة مع الرجال. أشدّ مثالية منّي في الالتزام بالمواعيد وتأدية العمل.

    لقد انتقلت منال إلى ذلك الصندوق المغلق الذي لم أفتحه لأحد قبلها. أحببتها واعترفتُ لنفسي بذلك بعد إنكار واستنكار طويل مع ذاتي! فهي من وسطٍ عائلي ينتسب لأهل النفوذ في المجتمع! وأنا من وسط عائلي عادي غير معروف. هي طموحها بلا حدود، وأنا شاب لم أفكر يوماً بترقية منذُ أن توليت العمل!
    ووجدتُ نفسي غارقاً في التفكير في فتاة لم تطل فترة لقائي بها في العمل سوى ثلاثة أسابيع، وفاتحتُ أختي في أمرها.

    – أخيراً قرّرتَ أن تتزوج! “ردّت أختي مبتسمة”.
    – الزواج سنة الله في الخلق.
    – ومن هي المحظوظة التي قلبتْ موازين أطيب قلب في العائلة؟!
    – إنها منال.

    أخبرتُ أختي كل ما أعرفه عنها، وجاء ردّها مُخيباً لآمالي وأحلامي ومشاعري.

    – إنها لا تصلح لك! نحن من أسرة بسيطة، ووالدها شخصية بارزة ومعروفة إلى جانب أنه يُعد من هوامير المجتمع.
    – من يعلم؟! قد يُبارك والدها ما عزمتُ عليه.
    – كُنْ واقعياً يا سعيد، ودَعْ أحلامكَ ومشاعركَ جانباً. هل ستتمكّن من توفير نفس المستوى المعيشي الذي تعيشه منال الآن؟! هل ستتمكّن من توفير المهر الذي سيطلبه والدها؟! هل ستتمكّن من إعداد حفل زفاف يليق بمعارفهم من مسؤولين ووجهاء؟! هل ستتمكّن من بناء فيلا لها؟!
    – لماذا تهدمين أحلامي؟!
    – لا أهدمها لكن هذا الواقع! انساها وابحث لك عمّن حالهم كحالنا. لا تنسَ أنّك لا تملك شيئاً سوى راتبك! لا عقار ولا أسهم ولا مشروع تجاري يُدر عليك دخلاً إضافياً! وما وفرته قد لا يُغطي مصاريف حفل الزفاف! وماذا عن المهر والسكن؟!

  3. .

    اللقاء الأول كان في أحد المعارض الذي تُقيمه كل عام الدائرة التي أعمل فيها. كانت متدرّبة تأمل الحصول على وظيفة مناسبة لتقضي على الفراغ الذي يُحيط بِها بعد تخرجها من الجامعة. رفضتُ انضمامها إلى الفريق الذي أقوده.

    -لماذا يا أستاذ سعيد؟!
    -أنتِ متدربةٌ جديدة. خبرتكِ قليلة. مسؤولون كبار ونخبة من الشخصيات البارزة ستكون في ضيافة اليوم الأول للافتتاح.
    -أَوكِل لي مهمة مع تحديد موعد لانتهائها ثم احكم عليّ من جديد.
    -لا أود أن أخاطر بسمعتي في العمل مع متدربة مثلكِ!

    توقعتُ أن تدخل في جدالٍ معي لكنها آثرت الاكتفاء بما قالت. حملتْ ملفاً أخضر يخصها، وتوجّهت إلى مدير إدارة المعارض الذي حوّلها بدوره إلى رئيسي في العمل.

    كنتُ على يقين أن أحداً لن يستمع إليها لكن رئيسي رحّب بِها بشدة بل استحدثَ فريقاً جديداً للعمل بناءً على مقترح قدمته له، وطلب منها متابعته.

    انتظرتُ منها رداً مُفحماً على رفضي عملها معنا في البداية لكن شيئاً من هذا لم يحدث. كان اهتمامها منصباً على المهمة الموكلة إليها.كانت تُعامل الجميع باحترام، وتمكنتْ خلال فترة وجيزة من تسليط الأضواء على عملها حتى طلب منها مديري صراحة التفكير جدياً في العمل في الدائرة.

    -هل تظن يا أستاذ سعيد أن المتدربة منال تستحق كل هذا الاهتمام؟!
    -إنها نشيطة.
    -ليس هذا السبب. هل تعرف والدها؟!
    -لا. لا أعرفه.

    أصغيتُ بعدها إلى زميلتي في العمل وهي تتحدّث بطريقةٍ فيها بعض التحامل مُبخسةً فيها جهود المتدربة الجديدة. عرفتُ منها أن منال وحيدة والدها، ومن أسرة معروفة. والدها وكيل في إحدى الوزارات الحكومية. لا تخلو الصحف اليومية من صوره. لهُ نفوذ بارز، وبذلك النفوذ باتت ابنته بيننا.لم أهتم كثيراً بما سمعت، وواصلتُ عملي.

    فوجئنا في الأيام الأخيرة للمعرض بمجموعة من الانتقادات التي أوردتها إحدى الصحف على المجموعة التي أشرف عليها،

    ووجدتُ نفسي في موضع مساءلة واتهام بالتقصير في العمل، وأمام جميع موظفي الدائرة!

    الوحيدة التي أشادت وأثنت على عملي منال! وهي الوحيدة التي تحدثت وناقشت المدير حول ما كتبته الصحيفة. وضّحت للمدير أن الصحفي لم يَكُن مُنصفاً فيما كتب. لا أعرف ما الذي فعلته أيضاً لكن وجدتُ اعتذاراً في مستطيل صغير في نفس الصفحة المخصصة لنقل فعاليات المعرض من الصحيفة بخصوص الخبر الذي تم كتابته بالأمس.

    توجهتُ إلى مكتب المدير لأستوضح الأمر منه، فرد في هدوء:

    – إن كان هناك أحد يستحق الشكر فهي منال.
    تُرى؟ هل استخدمتْ نفوذ أبيها لتجبر الصحيفة على تقديم الاعتذار؟!

    -والدي لم يتدخل في الموضوع. كل ما فعلته أني تواصلت مع مدير التحرير، ووضحتُ له الصورة كاملة. ما رآه الصحفي قصوراً يُعد في الواقع إنجازاً في ظل الظروف المحيطة والمهيئة لك.

  4. في الانتظــــــــــــــــــــــــــــار على المــــــــــــــــــــــــــدار

Comments are closed.