ملاحظة: قسمت القصة إلى خمسة أجزاء
سأحاول نشرها الليلة كاملة إن شاء الله
لكن أمهلوني ساعة بين الجزء والآخر
تمنياتي للجميع أوقاتاً ممتعة مع الأبطال والأحداث
.
ملاحظة: قسمت القصة إلى خمسة أجزاء
سأحاول نشرها الليلة كاملة إن شاء الله
لكن أمهلوني ساعة بين الجزء والآخر
تمنياتي للجميع أوقاتاً ممتعة مع الأبطال والأحداث
.
Comments are closed.
بعد مرور أسبوعين لم أتمكن من الانتظار أكثر حتى أعرف الرد منها، وسارعتُ إلى الاتصال بوالدها طالباً مقابلته.
التقيتُ بِه في مكان عام بعيداً عن مقر عمله بناءً على طلبه. طلبتُ يد ابنته مرةً أخرى. أخبرته أن ظروفي المادية قد تحسنت كثيراً عمّا كانت من قبل، فلقد ورثتُ بيتاً شعبياً لا بأس بِه، وراتبي قد زاد، وبإمكاني أن أوفر لمنال ما يرجوه من حياة لائقة.
استمع إليّ في جمود ثم علّق من جديد بأن ظروفي ماتزال دون ما يرجوه لابنته! لكنه لن يُكرّر تجربتها الماضية وسوف يترك لابنته اختيار حياتها هذه المرة وفقاً لإرادتها ودون اعتراض منه.
عاد إليها بردّه المتحفّظ، وأوضح لها أنه لن يعترض نصيبها إن وافقتْ علي لكن فلتتحمّل مسؤولية تعاستها المتوقعة! ولن يساعدها بشيء في زواجها! وليس مرغماً على دعوة معارفه وأصدقائه لعرسها الذي لا يود أن يكون احتفالاً رأفةً ورفقاً بظروفي المادية!
عقدنا القران في أجواء افتقدت الفرح والاحتفال!
وركبتْ زوجتي سيارتي الصغيرة حاملةً حقيبتها إلى بيتي الذي كاد أن يخلو من الأثاث!
– بيتٌ بلا أثاث!!
– غرفة النوم هي المؤثثة فقط! بقيّة المنزل آثرتُ أن أؤثّثه معكِ.
عادت منال إلى عملها، وكالنار في الهشيم سرتْ أخبار في الدائرة عن انفصالها عن زوجها! ومن سرّب الخبر إحدى الموظفات القريبات منها لكن لا أحد يعلم سبب الطلاق.
زواج استمر سبعة أشهر عادتْ بعده إلى الإمارات شبه منهارة نفسياً وجسدياً وواجهت أباها برغبتها القاطعة في الحصول على الطلاق من زوجها! وذكّرته بأنّه هو الذي أرغمها على هذا الزواج الذي شقيتْ بِه أشد الشقاء، ومن واجبه تجاهها كأب أن يخلّصها منه كما أرغمها عليه من قبل. طلّقها الأب بعد عدة جلسات في المحكمة متحملاً كافة المصاريف التي أنفقها زوجها عليها حتى وهي في الخارج!
الكل لاحظ تجنّبها الاختلاط بالموظفين قدر الإمكان، ولا أعرف ماذا يحلُّ بي حين أراها؟! نبضي يضطرب ووجيب قلبي يرتفع حتى ليكاد يسمعه من يقف إلى جواري!!
وجاء يوم الاحتفال السنوي للدائرة.
حصلتُ على تكريم لي تقديراً لجهودي في العمل، وحصلتْ هي على وسام الموظفة المتميزة. تناءى إلى سمعي في الحفل استياء بعض الموظفين من تكريمها، وأرجح البعض أن لنفوذ أبيها دور في تكريمها!
قبل أن يبدأ الحفل قدّمتُ أختي إلى مجموعة من الموظفات، وطلبتُ منهن أن تكون في ضيافتهن لحين انتهاء الحفل. كنتُ قد اتفقتُ معها مسبقاً على أن تحاول التعرف على منال عن قرب. لم أجد أفضل من هذه الطريقة لتعريفها بأختي لتكون حلقة الوصل في مفاتحتها من جديد في موضوع الخطبة. انتهى الحفل. تبادلن الأرقام، ووعدتهن أختي بتكرار الزيارة في مناسبات قادمة للدائرة.
في المساء قررتُ أن أحسم الموضوع واضعاً حداً لمشاعري، وتحت إلحاحي هاتفتها أختي. أخبرتها أني قد تقدمتُ لها قبل زواجها السابق، وقد قوبل طلبي بالرفض من قبل والدها.
– إنْ تقدّم أخي سعيد من جديد هل سيجد لديكم قبولاً؟!
لم تطل المكالمة بينهما. وضّحت منال بأنه لا علم لها بطلبي السابق، ولم تعدها بشيء لكنها أرادت مهلةً لتستوضح الأمر من والدها. بعد انتهاء المكالمة سألتني أختي:
– هل لديك استعداد لمقابلة والدها من جديد؟!
بكل إصرار أجبتها: نعم.
يتبع …
بدأنا دورةً جديدةً للمعرض. وقفتُ في أحد الجوانب أشرف على أحد الأجنحة الخارجية المستحدثة من أجل استقطاب زوّار جدد. ناولني أحد الموظفين الصحيفة. طلب منّي أن أطّلع على أحد التحقيقات التي تخص الدورة الجديدة، وصورتي توسّطت إحداها.
– سبحان الله! الصحفي الذي تحامل عليك العام الماضي هو من حرص على تخصيص جزء كبير من تحقيقه عنك وعن فريق عملك.
أمسكتُ الصحيفة. ابتسمت لأني تذكرتُ موقف منال مع الصحيفة ورئيس تحريرها.
بدأ الافتتاح الضخم. توافد المدعوون، وتعدّدت الفعاليات. شخصيات هامة ومعروفة تملأ الأرجاء. بين الزحام لمحتها تسير إلى جانب والدها! استوقفهما مذيع إحدى القنوات الفضائية رغبةً في عمل حوار مصوّر. رفض والدها بلطف ثم توجّه معها إلى القاعة الكبرى في المعرض.
وقفتُ عند بوابة القاعة أنتظر خروجهما. بعد طول انتظار سلمتُ على سيادة الوكيل لكن لم أجد في تعابير وجهه إلاّ تلك الملامح التي ارتسمت على وجهه حين عرفَ في مكتبه أني قد جئتُ لخطبة ابنته!
– تمنّينا لو أن السيدة منال قد شاركتنا الاستعداد للافتتاح كما كان في العام الماضي.
-هل مازال شاغري موجوداً يا أستاذ سعيد؟!
-وهل هناك مجال لعودتكِ للعمل معنا من جديد؟!
تدخّل الوالد مقاطعاً:
-مازلتُ أفكر في مسألة رجوعكِ للعمل يا منال؟!
غادرا وعيوني تتبعهم. كانت شبه مريضة، وابتسامتها ذابلة، وعيونها شاحبة!
كل يوم أرقبها من بعيد حتى جاء اليوم الذي تغيبت فيه عن العمل، وتكرّر غيابها. قلقتُ في داخلي. بعد فترة استفسرتُ من أحد الموظفات عن سبب غيابها.
-منال قدّمت استقالتها.
-لماذا؟!
-والدها أصر على تركها العمل بعد أن تقدّم لها من يعمل في إحدى السفارات التابعة للدولة في الخارج.
-هل وافقت؟!
-ستكون غبيّة إن لم توافق. زفافها كان الأسبوع الماضي، ووفقاً لما سمعت فهي الآن تُعد حقائبها للسفر برفقة زوجها.
أوقفتُ سيارتي. نزلتُ منها، وسرتُ وحيداً عند البحيرة.
طالما حلمتُ بها وتخيلتها تسير إلى جانبي هنا. طالما تمنيتُ لو شاهدتها صدفة في أي مكان! وبات كل شيء محال!! ومشاعري وحيدة مثلي تماماً! مشاعري التي تعلقت بحمامة ستطيرُ بعيداً مهاجرةً مع رفيق آخر اختارته بملئ إرادتها!
سافرتْ وحملتْ معها بسمةً ما كانت تُغادر مُحيّاي! حاولتُ أن أشغل نفسي بالعمل ومشاكله. رأفتْ أختي لحالي، وحاولتْ إقناعي بالارتباط بمن تنسيني منال وخطبتُ إحدى صديقاتها لكن لم أتمكن من إتمام أمور عقد القران. في داخلي قناعة بأني سأظلم من سأرتبط بها. فسختُ الخطبة في هدوء وبدون أن أترك غضاضة أو حساسية بين أختي وصديقتها.