نعم هاهو نهاية الفصل الدراسي الأول يحزم حقائب سفره معلنا عن قرب الرحيل ، ومع هذا نجد سوق التجارة السفلية للدروس الخصوصية رائجة وخاصة مع ازدياد الطلب لدى بعض الطلاب الذين يرون قصور في النواحي التعليمية في مدارسنا الحكومية من نفس المدرسين الذين يتغيرون بين ليلة وضحاها من مدرسي طلاسم إلى مربي أجيال ومعالم ولكن في المساء المظلم !!

فترى كل طالب من هؤلاء لديه من المدرسين بنفس عدد المدرسين في مدرسته بعد استئجار الطاقم التدريسي للمواد العلمية برمته…فهو غير مكترث بالتعليم بالصباح ويعيث لعباً ولهواً ولكنه مهتم بالمساء لأن الوالد أدام الله عزه يدفع هذه المبالغ لنفس المدرس أما ماكان هناك فهي رواتب حكومية دورية لاتحفز الطالب على المتابعة ولا تحفز الأستاذ على العطاء!!

التعليم رسالة ووطنية وعطاء وإخلاص وتفان قبل أن يكون ملاذ للحصول على استحقاقات مالية بحق أو بدونه ، ومايحز في النفس عدم وجود آلية متابعة من وزراتنا الموقرة التربية والتعليم لهذا السرطان الذي بات يفتك ويتفشى بقطاع التعليم بالإمارات برمته ، وعلاوة على هذا نجده يفتك بما تبقى من أموال لدى أولياء الأمور في خضم الإنهيار الإقتصادي الكبير في كافة مناحي الحياة!!

الغريب بالأمر أن نظام الثانوية العامة الجديد والمطبق منذ سنتين ببركات من أبناء العم سام وتوصية منهم بضرورة” النجاح للجميع” صار وسيلة تكسب مدرة للأرباح والأموال لبعض ذوي النفوس الضعيفة، وأنا اكتب هذا الموضوع تذكرت كيف كان أستاذ الرياضيات “حنفي” لايفهمنا شيء في الحصة الدراسية وعندما نسأله عن نقطة معينة يوهمنا بأنه يعلمنا ولكنه في الحقيقة يشتتنا ويوحي لنا بأنه أوصل المعلومة وعندما نطلب المزيد ظناً منا بأنه قصور في عقلياتنا ومدى استيعابها لهذا العلم الغزير يرد علينا ” ماتيجوا معي بالبيت أعطيكوا درس خصوصي عشان تفهموا اكتر”، ومازلنا لا نعي ما لأمر ونأتيه بعد العصر ، فإذا هو يجهز الأرجيلة ويعطينا مواضيع تزيد من حيرتنا حيرة وتشتت وقناعة بعدم استعاب عقولنا لما يحدث !!!

حتى تخرجت من النظام القديم للثانوية العامة لأكتشف بأن معظم الأوائل في مدرستي ماهم إلا مناوبين دائمين على جل أمثال هذا من المعلمين ولكن بسرية تامة فهم على استعداد تمام لدفع أي مبلغ مقابل المعلومة وضمان النجاح وبامتياز!!

هذا هو ما يحصل الآن و في عام 2008 الذي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة فجل الدرجات بيد هؤلاء ممن لايهمهم أمر ضميرهم وعملهم الحكومي وعلى استعداد بوضع الضمير في أقرب ثلاجة أو نسيانه متى ما وجد الدرهم ، حتى غدا لكل شيء ثمنه وتسعيرته، تقرير ب200 درهم بحث ب500 درهم مذكرة خاصة لا يخرج عنها الامتحان ومختصرة ب2000-1500درهم ، درس خصوصي لساعة وفي المدرسة ب200-500 درهم وكلما زاد المبلغ زاد إخلاص الأستاذ الفاضل في إيصال المعلومة الصحيحة بعيدا عن التشتت!! في غياب تام لما يحدث من قبل الإدارات المدرسية النائمة في العسل ومن فوقها وزارتنا الكريمة التربية والتعليم المرتجلة بقرارات غير مدروسة!!

من المسئول عن وضع هؤلاء في هذا المكان الحساس وهم يعملون في مافيا للدروس الخصوصية بأسعار ضربت حدود المعقول ، وتربع بعضهم على ثقة الإدارات المدرسية ليكونوا في عرين الكنترول المدرسي حتى انتبهت بعض الإدارات المدرسية لما يحدث في هذا العالم السفلي من خلال شكاوي بعض الطلبة وأولياء أمورهم عن درجة ابنهم لماذا هي متدنية رغم أن المبلغ المدفوع كان عالياً ولكن ليس بعلو مبلغ الطالب الذي حصل على درجة امتياز!! ليكتشف بأن صاحبنا يبيع امتحانات مادته ومواد أخرى للطلاب ويمتحنهم في بيته بعد سرقتها من عرين الأسد!!!

من المسئول عن تسيد هؤلاء ففوق رواتبهم الحكومية حتى وصلت في بعض المناطق التعليمية إلى 15000 ألف درهم لجأ الكثيرين منهم لإحضار زوجاتهم للحصول على هذه الفرصة الأكثر من رائعة في رواتب لايحلمون بها في بلدانهم الأم وفوق هذا مازال مسلسل بيع الضمير مستمراً ليخرج صاحبنا بملغ لايقل عن 30-40 ألف شهرياً !!!

من المسئول عن القرارات الفجائية التي تتبناها التربية والتعليم في تغيير المنهاج والدرجات كما حدث مؤخرا حول إلغاء سياسة امتحان السيبا واعتماد الكتاب المدرسي قبل شهر من موعد الامتحان النهائي!! أليس هذا بمدعاة لخروج الطالب عن المألوف ودق باب الدروس الخصوصية لللحاق بركب التفوق في الامتحان النهائي!

هل أصبحت الثانوية العامة الإماراتية بثوبها الجديد تجارة لبعض هؤلاء التجار القدماء الجدد؟ وعلى مدى ما تم دفعه تكون نتيجة ابنك أخيك في الثانوية العامة؟ أم أن لقوانين التربية والتعليم وتخبطها في عدم وجود رؤية واضحة هو من ساعد على رواج هذه التجارة وعدم وجود آلية للسيطرة عليها ؟
أليس في العنصر المواطن ولاء أكثر بدلا من أمثال هؤلاء ممن يبيعون الوهم لطلابنا ؟ أليس هناك من هو على استعداد للعمل بهكذا المبلغ وأقل منه ولديه من الكفاءة والدراية والعلم والإخلاص بدلا من بعض هؤلاء الذي لاهم لهم بأي حال من الأحوال سوى كم الرصيد في نهاية العام الدراسي؟!

وكيف هي الآلية لمنع هذا الانهيار في القيم التعليمية وبيع الضمائر لبعض هؤلاء ممن لا هم لهم هنا سوى العودة إلى بلادهم بأرباح وفيرة نحن نراها مريبة وهم يرونها مستحقة عجيبة لأنه عمل مسائي وزيادة في الدخل!!

ياوزارتنا الموقرة هل من مجيب!!!
علي بن حران

One thought on “بورصــة الدروس الخصوصية بارتفاع مضطرد واللون يشير إلى الإخضرار!!!

Comments are closed.