أمامنا للمرحلة المقبلة هدف استراتيجي مهم علينا الاستعداد له جيداً، هدف ليس على المستوى المحلي في الإمارات، وإنما على مستوى الخليج والعالم العربي كله، هدف يتعلق بحرب تحرير من نوع آخر، ومطلوب منا جميعاً بعد الاستعداد، المشاركة فيها، وليس لأحد الخيار أو الاختيار، أو التفكير في طلب الفتوى، فيما اذا كانت هذه الحرب فرض عين أم فرض كفاية. فهي قدر مقدور على الجميع.. أنها حرب تحرير.. الأسعار!

وها نحن وقد انتهينا ـ بحمد الله وتوفيقه ـ من حروبنا المصيرية كلها، وحررنا كل ما تم سلبه منا من حقوق وأراض ومقدسات، سنتفرغ للحرب المقبلة مدججين بالأسلحة المطلوبة كافة وعلينا ان ننجح وأن ننتصر لصالح أباطرة السوق، طبعاً وليس لصالحنا، فهذه من الحروب التي تخوضها الجماهير نيابة عن آخرين متفرغين لقضايا أكبر.

حرب تحرير الأسعار معناها ان يترك الناس لهوى السوق وأصحاب السوق، وستبدأ عندنا بتحرير أسعار البنزين التي ستخضع لقوانين ولمعطيات السوق العالمية أي وفقاً لمزاج الوحش الرأسمالي المرعب، الوحش المحتكم لقانون واحد ووحيد: العرض والطلب، والملتزم بمصالح فئة واحدة ووحيدة: التجار والأثرياء والشركات العملاقة العابرة للقارات والمحيطات، والحقوق!

وستنتهي وفقاً للحرب التحريرية المقبلة سلوكيات كثيرة، وحتماً سيتم القضاء على بعض المؤسسات المدنية المتناقضة في أدوارها مع مباديء هذه الحرب، فلن يصح مع مبدأ تحرير الأسعار وفقاً لمزاج السوق أن يكون هناك مبدأ قائم على الشكوى وطلب تدخل الحكومة، وقوانين رادعة، أو الاستنجاد بأعضاء المجلس الوطني لمساعدتنا على مواجهة وحش الاسعار، لكن أين هو المجلس الوطني من كل هذه المعمعة التي نعيشها؟

كما لن يكون مقبولاً اللجوء الى الضغط عبر وسائل الإعلام، وذلك بملء الصحف بالانتقادات والتحقيقات المحلية، وبرامج البث المباشر بالاتصالات المزعجة، فالمسألة أولاً وأخيراً مرتبطة بالسوق العالمية، وتحرير الأسعار منطق مهم تقوم عليه العولمة التي بشرونا بها منذ زمن، فحصرناها ـ جهلاً بمحلات الهامبورج والتيك أواي، وبسراويل الجينز والأمركة، وبتلفزيون الواقع، دون ان نقدر أن العولمة هي السوق المفتوح وهي تحرير الأسعار قبل تحرير الإنسان.

ولن ينفع مع تحرير الأسعار وجود ما يسمى، بجمعيات حقوق الإنسان، أو جمعيات حماية المستهلك، أو سياسات دعم السلع الاستهلاكية «الله يرحم أيام بطاقة العيش والسكر» ولن ينفع الضغط على الموردين والمستوردين، كل هذا سيكون تراثاً من الماضي، فالمسألة أكبر وأخطر،

والضحايا سيكونون أكثر من الهم على القلب، وساعتها قل ما تشاء واشكو كما يحلو لك، لكن بعد ان تخضع لتحرير الأسعار وتشتري حسب سعر العرض والطلب، ما يذكرنا بسياسة طيبة الذكر مؤسسة اتصالات، التي حينما يأتيها مشتكٍ أو محتج على فواتيره المبالغ فيها، فإنها تواجهه بالشعار المعروف «ادفع ثم اشتك!» ولا عزاء للمستهلكين من الناس البسطاء والفقراء وذوي الدخل المحدود!

البيان

2 thoughts on “تحرير الأسعار!

  1. ترى هل بدأت التحرير بتحرير البترول

    مقال جيد

    والمعذرة على الرفع
    لأن الموضوع مهم اليوم

Comments are closed.