مكالمة من مشاهد من عمان:
أردت أن أسأل عن الأضحية، وابن عمي يريد أن يضحي عن والده ووالده ميت وقد ضحى عن نفسه، فهل يجوز أن يحلق ذقنه أو شيء من شعره؟
القرضاوي:
قبل أن أسأل عن الأعمال المحظورة في عشر ذي الحجة أسأل عن الأعمال المرغوبة والمطلوبة فما هو المطلوب في أيام عشر ذي الحجة التي فضل الله فيها الأعمال على غيرها، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومن رحمته أنه كما جاء في الأحاديث “ألا إن لربكم في دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها” الله سبحانه وتعالى ما بين الحين والحين يجعل لنا فرصاً هي مواسم للخيرات، مواسم لأهل الطاعة والتقوى كما أن في الدنيا مواسم ينتهزها أهلها ليضاعفوا فيها النشاط ليكسبوا فيها المزيد من الربح والمال، الله سبحانه وتعالى جعل لأهل الآخرة مواسم أيضاً، شهر رمضان موسم، عشر ذي الحجة موسم، الأشهر الحرم موسم، فهذه بعض مواسم الخيرات التي يتيحها الله سبحانه وتعالى، ومعنى أنها موسم إن الإنسان يحاول أن يزداد فيها من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بعمل الصالحات واجتناب السيئات، فمن الأعمال الصالحة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الأيام العشر قال “فاكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير” ذكر الله سبحانه وتعالى ولذلك كان الصحابة يذكرون الله في عشر ذي الحجة، يذكرون الله سبحانه وتعالى حتى في الأسواق، حينما يلقى بعضهم بعضاً يكبرون “الله أكبر، الله أكبر” حتى يرتج السوق بالتكبير، فهذا طبعاً مما ورد في هذه الأيام، أيضاً مما ورد الصدقة في هذه الأيام، الصدقة يضاعف فيها الثواب، مما ورد أيضاً الصيام، صيام عشر ذي الحجة، صيام يوم العاشر، يوم العيد محرم لأن صيام العيدين (أعياد الإسلام) لا يجوز ، حتى الإسلام كره الصيام يوم الجمعة لأنه بمثابة العيد الأسبوعي للمسلمين إنما في الأيام التسعة من ذي الحجة يستحب فيها الصيام وأوكدها صيام يوم عرفة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال “صيام يوم عرفة احتسب على الله تعالى أن يكفر ذنوب سنـتين، سنة قبله وسنة بعده” أحب صيام يوم عرفة إلا للحجاج، الحاج في عرفة لا يستحب له الصوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً في عرفة وشرب أمام الناس حتى يعلموا أنه مفطر ليكون ذلك أقوى للإنسان على طاعة الله ولا يتعب في هذا اليوم فهو يتنقل… فهذا أحب إلى الله بالنسبة للحاج، أن يفطر في عرفة إنما غير الحاج فمن أفضل المستحبات عند الله تبارك وتعالى أن يصوم يوم عرفة، فهذه من الأشياء المستحبة للإنسان في هذه الأيام، طبعاً التواصل بين الناس بعضها وبعض، زيارة المؤمنين بعضهم لبعض، وخصوصاً في العيد، إنما هناك الأشياء التي يمتنع عنها المسلم في هذه الأيام، ما جاء عن أم سلمة في صحيح مسلم أنه “إذا دخل العشر وأرد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من أشعاره ولا من أظفاره شيئاً” فأخذ من هذا الحنابلة أنه لا يؤخذ من الشعر ولا من الأظافر واعتبر هذا كأنه نوع من التشبه بالمحرم.
المقدم:
النهي هنا للتحريم أم للكراهة؟
القرضاوي:
اختلف في هذا، هل النهي للتحريم أم للكراهة؟ بعض العلماء الحنابلة قالوا أنه للتحريم وبعضهم قال للكراهة وأنا أميل إلى هذا أرى أن ما جاء في الأحاديث للنهي الأصل فيه أنه للكراهة، وما جاء في الأحاديث للأمر الأصل فيه أنه للاستحباب وهذا عُرف بالاستقراء، عشرات الأحاديث جاء فيها الأمر “سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك” هذه الأشياء للاستحباب إلا إذا كان فيه قرينة معينة تدل على ما هو أكثر من هذا مثلا “كل بيمينك” ورد حديث آخر يقول “لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله” إنما كلمة “كل بيمينك” وحدها لا تفيد إلا الاستحباب، أنا أرى أن النهي هو كراهة وهذا ما تأخذه المذاهب الأخرى إنها لا ترى هذا الأمر حراماً، وهذا مما انفرد فيه الحنابلة وخالفت السيدة عائشة أم سلمة راوية هذا الحديث، وقالت أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام “كنت أفتل له قلائد الهدي فلا يحرم شيئاً أحبه الله له إلا بعد أن يُحرم” فلذلك اختلف المسلمون فيه وإذا كان الأمر أمر كراهة، فالكراهة تزول بأدنى حاجة،لأن من قواعد الحرمة أنها لا تزول بسهولة إنما الكراهة تزول بأدنى حاجة، الآن لو قلنا للناس أن الذي يحلق لحيته لا يضحي معناها سنحرم المسلمين من إقامة هذه الشعيرة لأنه أكثر المسلمين في عصرنا يحلقون. بالنسبة للأخ السائل هل يجوز أولاً أن يضحي ابن عمه عن والده المتوفى؟ هذا قال به بعض العلماء خصوصاً في مذهب الحنابلة، وألَّف العلامة الشيخ عبدالله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية في قطر رحمه الله ألف رسالة في هذا في عملية الضحية عن الميت وقال أن الصدقة عن الميت أولى من الضحية عنه، وهذا كلام يدل على علم حقاً لأن الصدقة عن الميت مشروعة بالإجماع، هناك أمران ينفعان الميت بالإجماع، الدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، هذان لا خلاف عليهما بأنهما ينفعان الميت، إنما الأِشياء الأخرى مثلا إذا ضحيت عنه فهل هذا ينفعه أو لا ينفعه؟ إذا قرأت القرآن عليه هل هذا ينفعه أو لا ينفعه؟ فهذه مسائل خلافية، لو أراد شخص أن يشتري الأضحية مثلا بـ 500 ريال، فهل الأولى أن يضحي عن الميت، أم يتصدق بهذه الـ 500 ريال؟، يرى المسلمين في كوسوفو أو في الشيشان، فلقد قابلني ناس من الشيشان وقالوا أن حالتنا في غاية الكرب بعد الحرب التي حصلت، مدننا مهدمة، قرانا مهدمة، مدارسنا محطمة، مستشفياتنا كذلك، كل حياتنا أو البنية التحتية ـ كما يقولون ـ كلها ضائعة، فإن تتصدق بهذه الـ ريال أولى من أنك تضحي بها عن والدك المتوفى، لأن الأصل في الأضحية أنها شرعت للحي ولم تشرع عن الميت، شرعت للحي ليضحي، ليوسع على نفسه ويوسع على أهله ويوسع على أقاربه وجيرانه، ويوسع على فقراء المسلمين من حوله وليعلن أعياد المسلمين على أعياد المشركين لأن المشركين كانوا يذبحون لأصنامهم باسم الله، باسم العزى، باسم هبل، باسم مناة، ونحن نقول له (فصَلِّ لربك وانحر) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت) فمن أجل هذا شرعت الأضحية إنما الأضحية عن الميت توسع من الناس أكثر مما يلزم ولم يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه.
مازن – الأردن الاسم
الحلق والتقليم للمضحي في أول ذي الحجة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
هل يجوز حلق الشعر أو تقصيره أو تقليم الأظافر لمن أراد أن يضحي أم لا ،ومتى يبدأ عن الامتناع إن كان واجبا ؟ السؤال
20/12/2006 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فقد اختلف الفقهاء في حلق الشعر، وتقليم الأظافر لمن أراد التضحية ، وذلك خلال العشر الأوائل من ذي الحجة، فقيل بالحرمة، وقيل بالكراهة، و قيل: إن الترك مستحب، وليس بواجب، وقيل : لايكره، وعلى كل، فالمسألة من الأمور الخلافية التي تسع الجميع في الأخذ بأي رأي فيها دون تعصب لرأي على حساب آخر، ويمكن الخروج منها أن الحلق والتقصير والتقليم لمن أراد التضحية خلاف الأولى ، وبذا يمكن الجمع بين كثير من الآراء الواردة في المسألة ، والرجل والمرأة في ذلك سواء .
ويكون ذلك في الأيام العشر الأول من ذي الحجة .
يقول الدكتور يونس الأسطل أستاذ الشريعة بفلسطين :
من أراد أن يضحي استحب له أن يتحاشى أخذ شيء من شعره أو من أظفاره طيلة الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة إلى أن يذبح أضحيته فيحلق ويقصر، وهذا لا يمنع المرأة من أن تحك أو تمتشط متى أرادت؛ لأن الكراهية متوجهة للمتعمد وليس لغير المتعمد، والسر في هذه السنة أن يتشبه المضحي بالحجاج في مظهره لعل الله أن يرحمه كما يرحم الحجاج؛ لأن التبذل في المظهر يدعو إلى العطف والرحمة على صاحبه، ونحن بذلك نستعطف الله علينا لعله يغفر لنا ويرحمنا.انتهى
وفي حديث أم سلمة )أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره (
يقول الإمام الشوكاني تعليقا على هذا الحديث :
الحديث استدل به على مشروعية ترك أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي وقد اختلف العلماء في ذلك:
فذهب سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية.
وقال الشافعي وأصحابه : هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام .
وحكى الإمام المهدي في البحر عن الإمام يحيى والهادوية والشافعي أن ترك الحلق والتقصير لمن أراد التضحية مستحب.
وقال أبو حنيفة : لا يكره , والحديث يرد عليه.
وقال مالك في رواية : لا يكره , وفي رواية : يكره , وفي رواية: يحرم في التطوع دون الواجب.
واحتج من قال بالتحريم بحديث أم سلمة ; لأن النهي ظاهر في ذلك.
واحتج الشافعي بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يبعث بهديه ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه } فجعل هذا الحديث مقتضيا لحمل حديث الباب على كراهة التنزيه ولا يخفى أن حديث الباب أخص منه مطلقا فيبنى العام على الخاص ويكون الظاهر مع من قال بالتحريم ، ولكن على من أراد التضحية.
قال أصحاب الشافعي : والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر النهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذه بنورة أو غير ذلك من شعور بدنه.
قال إبراهيم المروزي وغيره من أصحاب الشافعي : حكم أجزاء البدن كلها حكم الشعر والظفر . ودليله ما ثبت في رواية لمسلم{ فلا يمسن من شعره وبشره شيئا}.
والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار.
وقيل : للتشبه بالمحرم , حكى هذين الوجهين النووي وحكي عن أصحاب الشافعي أن الوجه الثاني غلط ; لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم .انتهى
وقال الإمام النووي:
قال أصحابنا (من الشافعية ): من أراد التضحية فدخل عليه عشر ذي الحجة كره أن يقلم شيئا من أظفاره وأن يحلق شيئا من شعر رأسه ووجهه أو بدنه حتى يضحي , لحديث أم سلمة هذا . هو المذهب أنه مكروه كراهة تنزيه , وفيه وجه أنه حرام, حكاه أبو الحسن العبادي في كتابه الرقم , وحكاه الرافعي عنه لظاهر الحديث.
وأما قول الإمام الشيرازي والشيخ أبي حامد والدارمي والعبدري ومن وافقهم أن المستحب تركه , ولم يقولوا : إنه مكروه فشاذ ضعيف مخالف لنص هذا الحديث . وحكى الرافعي وجها ضعيفا شاذا أن الحلق والقلم لا يكرهان إلا إذا دخل العشر ، واشترط أضحية أو عين شاة أو غيرها من مواشيه للتضحية . وحكى قولا أنه لا يكره القلم , وهذه الأوجه كلها شاذة ضعيفة ( والصحيح ) كراهة الحلق والقلم من حين تدخل العشر , فالحاصل في المسألة أوجه ( الصحيح ) كراهة الحلق والقلم من أول العشر كراهة تنزيه
(والثاني) كراهة تحريم .
(والثالث) المكروه الحلق دون القلم.
(والرابع) لا كراهة إنما هو خلاف الأولى .
(الخامس) لا يكره إلا لمن دخل عليه العشر وعين أضحية والمذهب الأول.
والمراد بالنهي عن الحلق والقلم المنع من إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره , والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو بنورة وغير ذلك وسواء شعر العانة والإبط والشارب , وغير ذلك.
و مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية مكروه كراهة تنزيه حتى يضحي , وقال مالك وأبو حنيفة لا يكره . وقال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود : يحرم , وعن مالك أنه يكره , وحكى عنه الدارمي : يحرم في التطوع ولا يحرم في الواجب . واحتج القائلون بالتحريم بحديث أم سلمة واحتج الشافعي والأصحاب عليهم بحديث عائشة أنها قالت { كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلده ويبعث به , ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه} رواه البخاري ومسلم , قال الشافعي : البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية , فدل على أنه لا يحرم ذلك.
والله أعلم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الله يخليك ويبارك فيك كلنا اخو نتناصح
تقبل الله طاعتكم
__________________
تلميذ خطير .. جزاك الله خيرا // وجزا الله كل خير بقية الاخوة كذلك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
user name يزاك الله خير على توضيح أن المسألة فيها خلاف
ظ…ظˆظ‚ط¹ ط§ظ„ظ‚ط±ط¶ط§ظˆظٹ – ط§ظ„ظ…ظ†طھط¯ظ‰
مكالمة من مشاهد من عمان:
أردت أن أسأل عن الأضحية، وابن عمي يريد أن يضحي عن والده ووالده ميت وقد ضحى عن نفسه، فهل يجوز أن يحلق ذقنه أو شيء من شعره؟
القرضاوي:
قبل أن أسأل عن الأعمال المحظورة في عشر ذي الحجة أسأل عن الأعمال المرغوبة والمطلوبة فما هو المطلوب في أيام عشر ذي الحجة التي فضل الله فيها الأعمال على غيرها، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومن رحمته أنه كما جاء في الأحاديث “ألا إن لربكم في دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها” الله سبحانه وتعالى ما بين الحين والحين يجعل لنا فرصاً هي مواسم للخيرات، مواسم لأهل الطاعة والتقوى كما أن في الدنيا مواسم ينتهزها أهلها ليضاعفوا فيها النشاط ليكسبوا فيها المزيد من الربح والمال، الله سبحانه وتعالى جعل لأهل الآخرة مواسم أيضاً، شهر رمضان موسم، عشر ذي الحجة موسم، الأشهر الحرم موسم، فهذه بعض مواسم الخيرات التي يتيحها الله سبحانه وتعالى، ومعنى أنها موسم إن الإنسان يحاول أن يزداد فيها من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بعمل الصالحات واجتناب السيئات، فمن الأعمال الصالحة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الأيام العشر قال “فاكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير” ذكر الله سبحانه وتعالى ولذلك كان الصحابة يذكرون الله في عشر ذي الحجة، يذكرون الله سبحانه وتعالى حتى في الأسواق، حينما يلقى بعضهم بعضاً يكبرون “الله أكبر، الله أكبر” حتى يرتج السوق بالتكبير، فهذا طبعاً مما ورد في هذه الأيام، أيضاً مما ورد الصدقة في هذه الأيام، الصدقة يضاعف فيها الثواب، مما ورد أيضاً الصيام، صيام عشر ذي الحجة، صيام يوم العاشر، يوم العيد محرم لأن صيام العيدين (أعياد الإسلام) لا يجوز ، حتى الإسلام كره الصيام يوم الجمعة لأنه بمثابة العيد الأسبوعي للمسلمين إنما في الأيام التسعة من ذي الحجة يستحب فيها الصيام وأوكدها صيام يوم عرفة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال “صيام يوم عرفة احتسب على الله تعالى أن يكفر ذنوب سنـتين، سنة قبله وسنة بعده” أحب صيام يوم عرفة إلا للحجاج، الحاج في عرفة لا يستحب له الصوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً في عرفة وشرب أمام الناس حتى يعلموا أنه مفطر ليكون ذلك أقوى للإنسان على طاعة الله ولا يتعب في هذا اليوم فهو يتنقل… فهذا أحب إلى الله بالنسبة للحاج، أن يفطر في عرفة إنما غير الحاج فمن أفضل المستحبات عند الله تبارك وتعالى أن يصوم يوم عرفة، فهذه من الأشياء المستحبة للإنسان في هذه الأيام، طبعاً التواصل بين الناس بعضها وبعض، زيارة المؤمنين بعضهم لبعض، وخصوصاً في العيد، إنما هناك الأشياء التي يمتنع عنها المسلم في هذه الأيام، ما جاء عن أم سلمة في صحيح مسلم أنه “إذا دخل العشر وأرد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من أشعاره ولا من أظفاره شيئاً” فأخذ من هذا الحنابلة أنه لا يؤخذ من الشعر ولا من الأظافر واعتبر هذا كأنه نوع من التشبه بالمحرم.
المقدم:
النهي هنا للتحريم أم للكراهة؟
القرضاوي:
اختلف في هذا، هل النهي للتحريم أم للكراهة؟ بعض العلماء الحنابلة قالوا أنه للتحريم وبعضهم قال للكراهة وأنا أميل إلى هذا أرى أن ما جاء في الأحاديث للنهي الأصل فيه أنه للكراهة، وما جاء في الأحاديث للأمر الأصل فيه أنه للاستحباب وهذا عُرف بالاستقراء، عشرات الأحاديث جاء فيها الأمر “سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك” هذه الأشياء للاستحباب إلا إذا كان فيه قرينة معينة تدل على ما هو أكثر من هذا مثلا “كل بيمينك” ورد حديث آخر يقول “لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله” إنما كلمة “كل بيمينك” وحدها لا تفيد إلا الاستحباب، أنا أرى أن النهي هو كراهة وهذا ما تأخذه المذاهب الأخرى إنها لا ترى هذا الأمر حراماً، وهذا مما انفرد فيه الحنابلة وخالفت السيدة عائشة أم سلمة راوية هذا الحديث، وقالت أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام “كنت أفتل له قلائد الهدي فلا يحرم شيئاً أحبه الله له إلا بعد أن يُحرم” فلذلك اختلف المسلمون فيه وإذا كان الأمر أمر كراهة، فالكراهة تزول بأدنى حاجة،لأن من قواعد الحرمة أنها لا تزول بسهولة إنما الكراهة تزول بأدنى حاجة، الآن لو قلنا للناس أن الذي يحلق لحيته لا يضحي معناها سنحرم المسلمين من إقامة هذه الشعيرة لأنه أكثر المسلمين في عصرنا يحلقون. بالنسبة للأخ السائل هل يجوز أولاً أن يضحي ابن عمه عن والده المتوفى؟ هذا قال به بعض العلماء خصوصاً في مذهب الحنابلة، وألَّف العلامة الشيخ عبدالله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية في قطر رحمه الله ألف رسالة في هذا في عملية الضحية عن الميت وقال أن الصدقة عن الميت أولى من الضحية عنه، وهذا كلام يدل على علم حقاً لأن الصدقة عن الميت مشروعة بالإجماع، هناك أمران ينفعان الميت بالإجماع، الدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، هذان لا خلاف عليهما بأنهما ينفعان الميت، إنما الأِشياء الأخرى مثلا إذا ضحيت عنه فهل هذا ينفعه أو لا ينفعه؟ إذا قرأت القرآن عليه هل هذا ينفعه أو لا ينفعه؟ فهذه مسائل خلافية، لو أراد شخص أن يشتري الأضحية مثلا بـ 500 ريال، فهل الأولى أن يضحي عن الميت، أم يتصدق بهذه الـ 500 ريال؟، يرى المسلمين في كوسوفو أو في الشيشان، فلقد قابلني ناس من الشيشان وقالوا أن حالتنا في غاية الكرب بعد الحرب التي حصلت، مدننا مهدمة، قرانا مهدمة، مدارسنا محطمة، مستشفياتنا كذلك، كل حياتنا أو البنية التحتية ـ كما يقولون ـ كلها ضائعة، فإن تتصدق بهذه الـ ريال أولى من أنك تضحي بها عن والدك المتوفى، لأن الأصل في الأضحية أنها شرعت للحي ولم تشرع عن الميت، شرعت للحي ليضحي، ليوسع على نفسه ويوسع على أهله ويوسع على أقاربه وجيرانه، ويوسع على فقراء المسلمين من حوله وليعلن أعياد المسلمين على أعياد المشركين لأن المشركين كانوا يذبحون لأصنامهم باسم الله، باسم العزى، باسم هبل، باسم مناة، ونحن نقول له (فصَلِّ لربك وانحر) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت) فمن أجل هذا شرعت الأضحية إنما الأضحية عن الميت توسع من الناس أكثر مما يلزم ولم يفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه.
إسلام أون لاين.نت – اسألوا أهل الذكر – الحلق والتقليم للمضحي في أول ذي الحجة
تفاصيل الاستشارة والرد
مازن – الأردن الاسم
الحلق والتقليم للمضحي في أول ذي الحجة العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
هل يجوز حلق الشعر أو تقصيره أو تقليم الأظافر لمن أراد أن يضحي أم لا ،ومتى يبدأ عن الامتناع إن كان واجبا ؟ السؤال
20/12/2006 التاريخ
مجموعة من الباحثين المفتي
الحل
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فقد اختلف الفقهاء في حلق الشعر، وتقليم الأظافر لمن أراد التضحية ، وذلك خلال العشر الأوائل من ذي الحجة، فقيل بالحرمة، وقيل بالكراهة، و قيل: إن الترك مستحب، وليس بواجب، وقيل : لايكره، وعلى كل، فالمسألة من الأمور الخلافية التي تسع الجميع في الأخذ بأي رأي فيها دون تعصب لرأي على حساب آخر، ويمكن الخروج منها أن الحلق والتقصير والتقليم لمن أراد التضحية خلاف الأولى ، وبذا يمكن الجمع بين كثير من الآراء الواردة في المسألة ، والرجل والمرأة في ذلك سواء .
ويكون ذلك في الأيام العشر الأول من ذي الحجة .
يقول الدكتور يونس الأسطل أستاذ الشريعة بفلسطين :
من أراد أن يضحي استحب له أن يتحاشى أخذ شيء من شعره أو من أظفاره طيلة الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة إلى أن يذبح أضحيته فيحلق ويقصر، وهذا لا يمنع المرأة من أن تحك أو تمتشط متى أرادت؛ لأن الكراهية متوجهة للمتعمد وليس لغير المتعمد، والسر في هذه السنة أن يتشبه المضحي بالحجاج في مظهره لعل الله أن يرحمه كما يرحم الحجاج؛ لأن التبذل في المظهر يدعو إلى العطف والرحمة على صاحبه، ونحن بذلك نستعطف الله علينا لعله يغفر لنا ويرحمنا.انتهى
وفي حديث أم سلمة )أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره (
يقول الإمام الشوكاني تعليقا على هذا الحديث :
الحديث استدل به على مشروعية ترك أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي وقد اختلف العلماء في ذلك:
فذهب سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية.
وقال الشافعي وأصحابه : هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام .
وحكى الإمام المهدي في البحر عن الإمام يحيى والهادوية والشافعي أن ترك الحلق والتقصير لمن أراد التضحية مستحب.
وقال أبو حنيفة : لا يكره , والحديث يرد عليه.
وقال مالك في رواية : لا يكره , وفي رواية : يكره , وفي رواية: يحرم في التطوع دون الواجب.
واحتج من قال بالتحريم بحديث أم سلمة ; لأن النهي ظاهر في ذلك.
واحتج الشافعي بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يبعث بهديه ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه } فجعل هذا الحديث مقتضيا لحمل حديث الباب على كراهة التنزيه ولا يخفى أن حديث الباب أخص منه مطلقا فيبنى العام على الخاص ويكون الظاهر مع من قال بالتحريم ، ولكن على من أراد التضحية.
قال أصحاب الشافعي : والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر النهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذه بنورة أو غير ذلك من شعور بدنه.
قال إبراهيم المروزي وغيره من أصحاب الشافعي : حكم أجزاء البدن كلها حكم الشعر والظفر . ودليله ما ثبت في رواية لمسلم{ فلا يمسن من شعره وبشره شيئا}.
والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار.
وقيل : للتشبه بالمحرم , حكى هذين الوجهين النووي وحكي عن أصحاب الشافعي أن الوجه الثاني غلط ; لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم .انتهى
وقال الإمام النووي:
قال أصحابنا (من الشافعية ): من أراد التضحية فدخل عليه عشر ذي الحجة كره أن يقلم شيئا من أظفاره وأن يحلق شيئا من شعر رأسه ووجهه أو بدنه حتى يضحي , لحديث أم سلمة هذا . هو المذهب أنه مكروه كراهة تنزيه , وفيه وجه أنه حرام, حكاه أبو الحسن العبادي في كتابه الرقم , وحكاه الرافعي عنه لظاهر الحديث.
وأما قول الإمام الشيرازي والشيخ أبي حامد والدارمي والعبدري ومن وافقهم أن المستحب تركه , ولم يقولوا : إنه مكروه فشاذ ضعيف مخالف لنص هذا الحديث . وحكى الرافعي وجها ضعيفا شاذا أن الحلق والقلم لا يكرهان إلا إذا دخل العشر ، واشترط أضحية أو عين شاة أو غيرها من مواشيه للتضحية . وحكى قولا أنه لا يكره القلم , وهذه الأوجه كلها شاذة ضعيفة ( والصحيح ) كراهة الحلق والقلم من حين تدخل العشر , فالحاصل في المسألة أوجه ( الصحيح ) كراهة الحلق والقلم من أول العشر كراهة تنزيه
(والثاني) كراهة تحريم .
(والثالث) المكروه الحلق دون القلم.
(والرابع) لا كراهة إنما هو خلاف الأولى .
(الخامس) لا يكره إلا لمن دخل عليه العشر وعين أضحية والمذهب الأول.
والمراد بالنهي عن الحلق والقلم المنع من إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره , والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو بنورة وغير ذلك وسواء شعر العانة والإبط والشارب , وغير ذلك.
و مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية مكروه كراهة تنزيه حتى يضحي , وقال مالك وأبو حنيفة لا يكره . وقال سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود : يحرم , وعن مالك أنه يكره , وحكى عنه الدارمي : يحرم في التطوع ولا يحرم في الواجب . واحتج القائلون بالتحريم بحديث أم سلمة واحتج الشافعي والأصحاب عليهم بحديث عائشة أنها قالت { كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلده ويبعث به , ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر هديه} رواه البخاري ومسلم , قال الشافعي : البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية , فدل على أنه لا يحرم ذلك.
والله أعلم