ووفقا لصحيفة “الاقتصادية” السعودية، فإنه تجري حاليا صياغة ترتيبات عودة الإمارات إلى المشروع الخليجي على أن تتضح الصورة بشكل جلي قبيل قمة قادة دول مجلس التعاون المقرر عقدها في ديسمبر/كانون الأول المقبل في الكويت.
وكانت الإمارات أرجعت سبب قرار انسحابها من مشروع العملة المشتركة في حينه لعدم اتخاذها مقرا للبنك المركزي الخليجي، وجاءت خطوة الانسحاب عقب اختيار الرياض مقرا للمجلس النقدي الخليجي وهو البنك الذي سيكون بمثابة البنك المركزي، وهي خطوة تعد تتويجا لتكامل اقتصادي بدأت بوادره منذ العام 2005 من خلال مشاريع الاتحاد الجمركي، إطلاق السوق المشتركة، ومن ثم قرار الوحدة النقدية.
ووصفت مصادر خليجية هذه الخطوة في حال تحقيقها بأنها مكسب للوحدة النقدية باعتبار أن عودة الإمارات تمثل عودة الربع المفقود من الكتلة النقدية الخليجية التي يفترض أن يبلغ حجمها تريليوني دولار مع البدء في تطبيقها (استنادا إلى حجم الاقتصاد الإماراتي).
وحسب المعلومات المرشحة من عدة جهات، فإن الكويت ستستثمر استضافتها للقمة المقبلة لإقناع الإماراتيين بالعدول عن قرار الانسحاب، وربما تتم محاولات الإقناع قبل انعقاد القمة على أن يتم الإعلان رسميا أثناء انعقادها.
لكن المعلومات لا تستبعد أن تتوقف هذه المحاولات عند أي نقطة وبالتالي الإبقاء على الوضع كما هو عليه بحيث يسير المشروع بالدول الحالية وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين.
وتوقع مسؤول خليجي مطّلع في وقت سابق أن يكون هناك حل وسط لعودة الإمارات إلى مشروع الوحدة النقدية الذي سبق أن وافقت عليه خصوصا أن دول المجلس كما عرف عنها تذيب أي خلاف فيما بينها وسبق أن حل أكثر من خلاف – على حد قوله، مشيرا إلى أن القرار سياسي وخصوصا أن عملية القبول بأي اتفاقية من حق أي دولة أن تمضي قدما في موافقتها أو رفضها لاسيما أن أي اتفاقية مربوطة بالمصادقة من الدول.
ولفت في هذا الصدد إلى أن الإمارات أكدت أنها مهتمة بالتكامل الاقتصادي عموما وأن ليس لديها مانع من مضي الدول الأعضاء الأخرى في مشروع الوحدة النقدية كما فعلت سلطنة عمان من قبل.
وكان مسؤولون خليجيون أكدوا أن الوحدة النقدية الخليجية ستشكل كتلة اقتصادية قوية يقدر حجمها بتريليوني دولار عام 2020، كما أن دول مجلس التعاون ستتحول في حال اكتمال مشروع الوحدة النقدية إلى ثاني أهم تجمع نقدي في العالم بعد الاتحاد الأوروبي من حيث الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تعزيز حضورها الاقتصادي الدولي.
وأكدوا أيضا أن البنك المركزي الخليجي سيصبح صوت اتحاد دول مجلس التعاون أمام المؤسسات المالية العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وأن يقلل من مخاطر تعرض دول المنطقة لتقلبات الاقتصاد العالمي ومواجهة ما قد يطرأ من أزمات مالية، إلى جانب أن إنشاء المجلس النقدي الخليجي من شأنه أن يوفر دفعة قوية لمشروع العملة الخليجية الموحدة.
ومعلوم أنه ينتظر أن تستكمل الدول الأربع المشاركة في الوحدة النقدية مصادقتها على اتفاقية الاتحاد النقدي لتكون نافذة مع مطلع العام 2010 وتمهيدا لإقامة المجلس النقدي، حيث تمت المصادقة حاليا من السعودية فقط وتتبقى الكويت وقطر والبحرين.
ومعلوم أن مجلس النقد الذي سيدار من قبل محافظي البنوك المركزية الخليجية هو المعني باتخاذ جميع الخطوات المتعلقة بإقامة الاتحاد النقدي وهو وحده الذي يقرر موعد إطلاقه، حيث فوض من قبل المجلس الأعلى الخليجي كجهة فنية لاتخاذ الإجراءات الخاصة بالوحدة النقدية وكل ما يتعلق بالإعداد لإصدار العملة الموحدة كتحديد تسميتها وتقسيماتها ومواصفاتها وعلاماتها الأمنية، إلى جانب الترتيبات الزمنية لإصدارها.
ولم تحدد دول المجلس حتى الآن موعدا لإصدار العملة في شكلها الورقي، وهو أمر ربما يحتاج إلى سنوات عديدة إذ لن يتم ذلك إلا بعد استكمال هيكل البنك المركزي، واختيار الاسم والشكل الفني وتحديد سعرها والعملة أو سلة العملات التي سترتبط بها، وطرح تنفيذها في مناقصة أمام الشركات العالمية المتخصصة.
وسيسبق الإصدار الورقي التعامل في مرحلة من المراحل بالعملة محاسبيا فقط، كما هو الدينار الإسلامي التابع لبنك التنمية الإسلامي ووحدة السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي.
وفيما يتعلق بعملة الربط، ترجح مصادر أنه استنادا إلى أن معظم دول المجلس ترتبط بالدولار فإن العملة الموحدة ربما تكون مرتبطة بالكامل بالدولار أو بسلة عملات يكون النصيب الأكبر فيها للدولار، والخيار الثاني قد يكون هو المرجح حاليا في ذهنية ذوي العلاقة بمشروع الوحدة النقدية.
ويتكون النظام الأساسي للمجلس النقدي الخليجي من 28 مادة، ويستهدف تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوى بين دول المجلس.
ويتطلب قيام الاتحاد النقدي تنسيق السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء لضمان إسهامها في الاستقرار المالي والنقدي، بما يكفل تحقيق درجة عالية من التقارب الاقتصادي المستدام في منطقة العملة الموحدة، وأيضا تهيئة البنى المتعلقة بنظم المدفوعات ونظم تسويتها اللازمة للعملة الموحدة، وتبني تشريعات مصرفية وقواعد مشتركة في مجال الرقابة المصرفية بما يحقق الاستقرار النقدي والمالي، وكذلك إنشاء مجلس نقدي يُعد لإنشاء بنك مركزي يتمتع بالاستقلالية التامة.
وسيكون من أغراض البنك المركزي الأساسية رسم وتنفيذ السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف للعملة الموحدة، وإصدار عملة موحدة تحل محل عملات الدول الأعضاء.
كما ألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء فور دخول هذه الاتفاقية حيز النفاذ باتخاذ الإجراءات المطلوبة لإنشاء المجلس النقدي، على أن ينشأ المجلس النقدي ويمارس مهامه ووظائفه طبقاً لأحكام هذه الاتفاقية ونظامه الأساسي إلى حين قيام البنك المركزي الذي سيحل بصفة تلقائية محل المجلس النقدي فور الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بإنشاء البنك المركزي.
وبشأن مستقبل العملات القائمة حاليا في دول المجلس، تنص الاتفاقية على أنه “يجوز أن تظل أوراق النقد والمسكوكات المعدنية الصادرة في الدول الأعضاء عملة قانونية لها قوة إبراء في حدود إقليمها بعد إصدار العملة الموحدة لفترة تحدد من قبل البنك المركزي وذلك لأغراض استبدال عملات الدول الأعضاء بالعملة الموحدة”.
ترتيبات خليجية لإعادة الإمارات إلى الوحدة النقدية قبيل قمة الكويت,معلومات مباشر