الممارسات غير المشروعة في سوق الأوراق المالية (2/3) … صالح الحمراني *

التساؤل الذي يطرح نفسه: هل يمكن للمستثمر المحنك (المضارب) Sophisticated ان يدعي انه تم التعامل في حسابه تعاملاً مفرطاً من قبل الوسيط رغم خبرته الواسعة في الاستثمار ؟

بصفة عامة نجد أن القضاة والمحكمين في الولايات المتحدة الأمريكية ووفقاً لأحكامهم لا يميلون إلى إدانة وسيط البورصة عن خسائر المستثمرين المحنكين أصحاب الخبر الكافية والواسعة في مجال التعامل في البورصة باختلاف أنواعها (لحاضرة والآجلة ، المشتقات، الخيارات.. الخ) وفي الوقت نفسه نجد إقرارهم واضحاً بان المستثمر المحنك (المضارب) قد يكون ضحية لأعمال احتيالية ، لذلك جاء في احد احكام المحكمة العليا أن صفة “المستثمر المحنك” تجرده من حماية قوانين الأوراق المالية وفي الوقت نفسه لا تحصّنه ضد الخسارة والانحراف ، وفي حكم آخر في العام 1992 في قضية Trans National Group Services, Inc. v. PaineWebber, Inc قضي لأحد المستثمرين المحنكين بمبلغ مليوني دولار عن الصفقات غير المشروعة التي أجراها الوسيط دون علمه .

وثمة تساؤل آخر يطرح نفسه حول المؤشرات التي تساعد المستثمرين على اكتشاف وجود التعامل المفرط في حسابهم من قبل شركات السمسرة؟

الإجابة عن ذلك التساؤل تكمن في ما ابتدعه القضاء الأمريكي في العام 1983 حول المؤشرات التي تنبئ بوجود التعاملات المفرطة من خلال فحص الكمية المعروفة بنسبة التقلبات السنوية للمحفظة Annualized Turnover Ratio (ATR) of aportfolio ، وذلك بقياس نشاط صفقات محفظة العميل المالية من خلال وسيطه عبر عملية حسابية بسيطة تكمن في حساب مجموع التكلفة الكلية لمشتريات العميل – دون المبيعات- من الأوراق المالية خلال سنة واحدة مقسومة على مجموع الاستثمار الكلي في محفظته المالية ، فإذا ما كان الناتج (2) فإن ذلك يعطي دليلا على فرضية احتمال وجود التعامل المفرط و(4)) تنشأ قرينة بسيطة، و(6) قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس على وجود التعامل المفرط من قبل شركة السمسرة .

وخلاصة القول إنه يحظر على الوسيط – أو تابعيه – أن يتعامل بأساليب الخداع والاحتيال ، وعليه احترام ثقة عملائه فيه، وأن يلتزم بمبادئ الأمانة وأن ينم سلوكه عن التمسك بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة ، ومراعاة الأعراف التجارية السائدة وعليه أن يتوخى ويراعي عند تعامله مصلحة عملائه المستثمرين وحماية حقوقهم وصيانة موجوداتهم من الأوراق المالية وأموالهم التي تقع في دائرة تصرفاته ونطاق صلاحيته، ولا شك في أن مخالفته لذلك تعرضه للمسؤولية المدنية و الجنائية والتأديبية بعضها أو جميعها .

التداول غير المصرح به لأوراق العميل المالية

تجدر الإشارة الى وجود تصرف آخر يقوم به الوسيط ينم عن استغلاله لثقة عملائه وهو ما يطلق عليه UNAUTHORIZED TRADING التداول غير المصرح به على الأوراق المالية من قبل العميل، وهي من أكثر خمس دعاوى تعرض على هيئات التحكيم الأمريكية فوفقاً للإحصائية الصادرة عن الجمعية الوطنية لتجار الأوراق المالية (NASD) بلغ عددها عام 2000 (611) منازعة ارتفعت في العام 2002 إلى (930).

وهذا النوع من التصرفات قد يكون غائباً عن أذهان الغالبية العظمى من المستثمرين وخصوصاً الصغار منهم في مجتمعاتنا العربية وهي قد تكون ممارسة واقعة فعلا من قبل الوسطاء ولكن لقلة الخبرة قد يكون من الصعب اكتشافها.

والتداول غير المصرح به يقع متى لم يكن الوسيط مخولاً بالبيع والشراء لحساب العميل، ويجب عدم الخلط هنا في مسألة في غاية الأهمية تتوقف عليها مسؤولية الوسيط وهي التفرقة بين التداول غير المصرح به والتصرفات التقديريةDiscretionary ، فغير المصرح بها تم معرفتها وهي غير قانونية وترتب المسؤولية على الوسيط، أما التصرفات التقديرية فهي تقع متى منح العميل الوسيط السلطة التقديرية المكتوبة والمسبقة لإبرام الصفقات دون الرجوع إليه فإذا ما ابرم الوسيط التصرفات فهي قانونية ولا ترتب المسؤولية متى كانت في إطار المشروعية ويكون ذلك من خلال حساب يفتحه العميل مع الوسيط يطلق عليه Account Discretionary. ونظراً لخطورة الحسابات التقديرية فقد ألزمت الجمعية الوطنية لتجار الأوراق المالية الأمريكية NASD في المادة (3 ) من القسم ( 15 ) ، والقاعدة (408) من قواعد بورصة نيويورك أن يكون هناك تفويض مكتوب و ممهور بتوقيع العميل حتى يتمكن الوسيط من إبرام الصفقات التقديرية. بل ان بعض شركات الوساطة الكبرى وحتى تحد من فرص مساءلتها تضع لنفسها شروطاً خاصة لقبول الحسابات التقديرية كشركة فيريل لانش”

ولذلك لم يتردد القضاء الأمريكي في اعتبار تصرف وسيط الأوراق المالية في إبرام صفقات التداول غير المصرح بها يمثل انتهاكاً للمادة 10ب 5 من قانون البورصة والأوراق المالية الصادر في ،1934 بل ويمثل هذا التصرف كذلك مساساً بقواعد القانون العام من خلال الإخلال بمبدأ “العقد شريعة المتعاقدين” وخرق الواجب الائتماني.

5 thoughts on “تعرف على حقوقك يا ايها المستثمر

  1. اخي شكرا على المشاركة بس ما اتوقع ان حد بيقرا كل هذا
    ممكن تعطينا رؤوس اقلام (الزبد)

  2. الممارسات غير المشروعة في سوق الأوراق المالية (2/3) … صالح الحمراني *

    التساؤل الذي يطرح نفسه: هل يمكن للمستثمر المحنك (المضارب) Sophisticated ان يدعي انه تم التعامل في حسابه تعاملاً مفرطاً من قبل الوسيط رغم خبرته الواسعة في الاستثمار ؟

    بصفة عامة نجد أن القضاة والمحكمين في الولايات المتحدة الأمريكية ووفقاً لأحكامهم لا يميلون إلى إدانة وسيط البورصة عن خسائر المستثمرين المحنكين أصحاب الخبر الكافية والواسعة في مجال التعامل في البورصة باختلاف أنواعها (لحاضرة والآجلة ، المشتقات، الخيارات.. الخ) وفي الوقت نفسه نجد إقرارهم واضحاً بان المستثمر المحنك (المضارب) قد يكون ضحية لأعمال احتيالية ، لذلك جاء في احد احكام المحكمة العليا أن صفة “المستثمر المحنك” تجرده من حماية قوانين الأوراق المالية وفي الوقت نفسه لا تحصّنه ضد الخسارة والانحراف ، وفي حكم آخر في العام 1992 في قضية Trans National Group Services, Inc. v. PaineWebber, Inc قضي لأحد المستثمرين المحنكين بمبلغ مليوني دولار عن الصفقات غير المشروعة التي أجراها الوسيط دون علمه .

    وثمة تساؤل آخر يطرح نفسه حول المؤشرات التي تساعد المستثمرين على اكتشاف وجود التعامل المفرط في حسابهم من قبل شركات السمسرة؟

    الإجابة عن ذلك التساؤل تكمن في ما ابتدعه القضاء الأمريكي في العام 1983 حول المؤشرات التي تنبئ بوجود التعاملات المفرطة من خلال فحص الكمية المعروفة بنسبة التقلبات السنوية للمحفظة Annualized Turnover Ratio (ATR) of aportfolio ، وذلك بقياس نشاط صفقات محفظة العميل المالية من خلال وسيطه عبر عملية حسابية بسيطة تكمن في حساب مجموع التكلفة الكلية لمشتريات العميل – دون المبيعات- من الأوراق المالية خلال سنة واحدة مقسومة على مجموع الاستثمار الكلي في محفظته المالية ، فإذا ما كان الناتج (2) فإن ذلك يعطي دليلا على فرضية احتمال وجود التعامل المفرط و(4)) تنشأ قرينة بسيطة، و(6) قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس على وجود التعامل المفرط من قبل شركة السمسرة .

    وخلاصة القول إنه يحظر على الوسيط – أو تابعيه – أن يتعامل بأساليب الخداع والاحتيال ، وعليه احترام ثقة عملائه فيه، وأن يلتزم بمبادئ الأمانة وأن ينم سلوكه عن التمسك بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة ، ومراعاة الأعراف التجارية السائدة وعليه أن يتوخى ويراعي عند تعامله مصلحة عملائه المستثمرين وحماية حقوقهم وصيانة موجوداتهم من الأوراق المالية وأموالهم التي تقع في دائرة تصرفاته ونطاق صلاحيته، ولا شك في أن مخالفته لذلك تعرضه للمسؤولية المدنية و الجنائية والتأديبية بعضها أو جميعها .

    التداول غير المصرح به لأوراق العميل المالية

    تجدر الإشارة الى وجود تصرف آخر يقوم به الوسيط ينم عن استغلاله لثقة عملائه وهو ما يطلق عليه UNAUTHORIZED TRADING التداول غير المصرح به على الأوراق المالية من قبل العميل، وهي من أكثر خمس دعاوى تعرض على هيئات التحكيم الأمريكية فوفقاً للإحصائية الصادرة عن الجمعية الوطنية لتجار الأوراق المالية (NASD) بلغ عددها عام 2000 (611) منازعة ارتفعت في العام 2002 إلى (930).

    وهذا النوع من التصرفات قد يكون غائباً عن أذهان الغالبية العظمى من المستثمرين وخصوصاً الصغار منهم في مجتمعاتنا العربية وهي قد تكون ممارسة واقعة فعلا من قبل الوسطاء ولكن لقلة الخبرة قد يكون من الصعب اكتشافها.

    والتداول غير المصرح به يقع متى لم يكن الوسيط مخولاً بالبيع والشراء لحساب العميل، ويجب عدم الخلط هنا في مسألة في غاية الأهمية تتوقف عليها مسؤولية الوسيط وهي التفرقة بين التداول غير المصرح به والتصرفات التقديريةDiscretionary ، فغير المصرح بها تم معرفتها وهي غير قانونية وترتب المسؤولية على الوسيط، أما التصرفات التقديرية فهي تقع متى منح العميل الوسيط السلطة التقديرية المكتوبة والمسبقة لإبرام الصفقات دون الرجوع إليه فإذا ما ابرم الوسيط التصرفات فهي قانونية ولا ترتب المسؤولية متى كانت في إطار المشروعية ويكون ذلك من خلال حساب يفتحه العميل مع الوسيط يطلق عليه Account Discretionary. ونظراً لخطورة الحسابات التقديرية فقد ألزمت الجمعية الوطنية لتجار الأوراق المالية الأمريكية NASD في المادة (3 ) من القسم ( 15 ) ، والقاعدة (408) من قواعد بورصة نيويورك أن يكون هناك تفويض مكتوب و ممهور بتوقيع العميل حتى يتمكن الوسيط من إبرام الصفقات التقديرية. بل ان بعض شركات الوساطة الكبرى وحتى تحد من فرص مساءلتها تضع لنفسها شروطاً خاصة لقبول الحسابات التقديرية كشركة فيريل لانش”

    ولذلك لم يتردد القضاء الأمريكي في اعتبار تصرف وسيط الأوراق المالية في إبرام صفقات التداول غير المصرح بها يمثل انتهاكاً للمادة 10ب 5 من قانون البورصة والأوراق المالية الصادر في ،1934 بل ويمثل هذا التصرف كذلك مساساً بقواعد القانون العام من خلال الإخلال بمبدأ “العقد شريعة المتعاقدين” وخرق الواجب الائتماني.

Comments are closed.