تقرير مصرفي : الاقتصاد الإماراتي تطور بشكل سريع من اقتصاد شاب إلى اقتصاد بدأت تظهر فيه مؤشرات النضوج
بسبب استمرار ارتفاع الإيجارات السكنية ورفع أسعار الوقود توقعات بارتفاع نسبة التضخم في الإمارات إلى أكثر من 6 % بنهاية العام

دبي: عصام الشيخ
توقع اقتصاديون امس ان تتجاوز نسبة التضخم في الامارات بنهاية العام الحالي نسبة 6 % مدفوعة بصورة رئيسية باستمرار ارتفاع الايجارات السكنية ورفع اسعار الوقود بنسبة 31% بداية الشهر الحالي. ويعتقد خبراء ان الزياده الاولى لأسعار الوقود وما سيتبعها من زيادات اخرى في الاشهر القليلة القادمة ستفاقم من حدة موجة الغلاء في الامارات وبالتالي معدلات التضخم. واشار تقرير للمجموعة المالية القابضة ـ هيرميس الى أن المحرك الرئيسي للتضخم يبقى الارتفاع في إيجارات السكن. ففي عام 2004 زادت تكاليف الإسكان والتكاليف الأخرى ذات الصلة، والتي تُمثل 36 في المائة من مؤشر أسعار المستهلكين، بنسبة 6.7 في المائة لتدفع معدل التضخم نحو الصعود إلى 4.6 في المائة من 3.2 في المائة في عام 2003. وتوقع التقرير أن يتجاوز معدل تضخم مؤشر أسعار المستهلكين نسبة 6.0 في المائة في عام 2005 وبالأخص بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود.
وقال محللون انه بالرغم من ان احصاء ات وزاره الاقتصاد والتخطيط تشير الى ان معدل التضخم في الامارات زاد من 3.1 % الى 4.7% العام الماضي فإن بعض الاحصاء ات غير الرسميه تشير الي ان النسبه بلغت 5.7% . وادى ضعف الدولار الاميركي الى زيادة معدلات التضخم في الامارات ومنطقة الخليج عموما حيث ارتفعت اسعار مبيعات التجزئة بين 10 و 15 % العام الماضي واضافة مزيد من الزيادات على الاسعار خلال النصف الاول من هذا العام. ومن جهة ثانية توقعت الدراسة أن يبدأ النمو الاقتصادي في دولة الإمارات بالدخول في مرحلة نمو مستدام تدريجياً (نحو 4 ـ 5 % سنويا) مع اتجاه الولايات المتحدة ودول الخليج لرفع أسعار الفائدة تدريجيا واقتراب معدلات الإنتاج من طاقتها القصوى في العديد من القطاعات وبالأخص قطاعي البترول والبنوك، وذلك بعد فترة من النمو المتسارع التي شهد فيها الاقتصاد في الدولة ازدهاراً قوياً مقروناً مع قدرة هذا الاقتصاد على استيعاب المزيد من النمو. وقال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية القابضة ـ هيرميس الذي أجرى الدراسة إن الاقتصاد الإماراتي تطور بشكل سريع من اقتصاد شاب إلى اقتصاد بدأت تظهر فيه مؤشرات النضوج. وقد وصلت طاقة إنتاج البترول في الوقت الراهن إلى أقصى معدلاتها في حين أن نسبة القروض مقارنة بالموارد المستقرة في القطاع المصرفي توشك أن تقترب من حدودها القانونية المفروضة من قبل البنك المركزي (100%) بينما اقتربت إيجارات السكن في دبي خاصة من مثيلتها في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في الوقت الذي واكبت فيه أسعار الأسهم الارتفاع في صافي العائدات. وأضاف جنينة قائلاً:«وبناء على ذلك، نحن نعتقد أن من الحكمة أن نرصد ونراقب عن كثب معدل الإنفاق على الاستثمارات في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية حتى نتلافى خطر الاستثمار في طاقات إنتاجية فائضة عن الطلب المتوقع. ولأن سوق الأسهم يوفر التمويل اللازم بسهولة، فإن هذا الخطر سيبقى قائما حتى لو تراجع التمويل من القطاع المصرفي».

في عام 2004 وصل معدل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 7.4 في المائة منخفضاً من 11.9 في المائة في عام 2003، وذلك بسبب النمو الحدي المتناقص في إنتاج النفط الخام. ويقترب معدل إنتاج دولة الإمارات في الوقت الراهن من حده الأقصى إذ تعكف البلاد حالياً على الاستثمار لرفع الطاقة الإنتاجية في هذا القطاع. ونظراً لأن الإضافات الجديدة في السعة لن تتحقق حتى عام 2006، تتوقع المجموعة المالية القابضة ـ هيرميس أن يكون التأثير الحدي من جراء ارتفاع معدلات إنتاج النفط الخام طفيفاً جداً خلال عامي 2005 و2006 وعلى الأرجح على المدى المتوسط أيضاً في حال لم تواكب الإضافات في الطاقة الإنتاجية الارتفاع الحالي في أسعار النفط .

ومع ذلك، فإن التقرير يقول إن التوقعات باستمرار أسعار النفط الخام المرتفعة ومعدلات الإنتاج العالية في الإثني عشر إلى ثمانية عشر شهراً القادمة ما زالت تؤجج ثقة المستثمرين، كما يبدو جلياً في الأداء المنتعش الذي تشهده سوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي. ففي الفترة ما بين نهاية عام 2004 وحتى 30 أغسطس 2005 سجل مؤشرا سوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية ارتفاعاً قدره 143 في المائة و71 في المائة على التوالي، ليحتلا بذلك المركزين الأول والسادس بين أفضل المؤشرات أداءً في المنطقة العربية.

وقال التقرير ان هناك دلائل أخرى على ثقة المستثمرين تتجلى في الطلب المتعاظم على الدرهم الإماراتي والفرق الضئيل بين الودائع بالدرهم والودائع بالدولار الأميركي.

وقد استمرت هذه الثقة في تأجيج الطلب المحلي الكلي كما يبدو واضحاً في النمو القوي والمتصاعد في معدلات الإقراض إلى القطاع الخاص نسبة بالأعوام السابقة. ففي مارس 2005 قفز معدل النمو السنوي إلى 35 في المائة، لتُصنف دولة الإمارات بذلك كثاني أعلى دولة في مجال الإقراض في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بعد المملكة العربية السعودية حتى أوائل هذا العام.

واوضح جنينة قائلاً: «خمسون في المائة تقريباً من النمو في إجمالي القروض المقدمة للسكان سببها النمو في الطلب على القروض في القطاعين الإنشائي والتجاري والقروض الشخصية ، بما في ذلك التمويل بغرض شراء الأسهم والاكتتابات العامة. ونحن نعتقد أن معدل نمو القروض سينخفض تدريجيا في عام 2006 لأن البنك المركزي يدرس حالياً إمكانية رفع الاحتياطي الإلزامي علي الودائع بالعملة المحلية وتشديد معايير الموافقة على منح القروض للحد من تراكم مخاطر الائتمان في النظام المصرفي كما حدث في دول الخليج الأخرى (وبالأخص الكويت وقطر) في عام 2004 ».

وبالنسبة للنمو في معدلات الإنفاق الحكومي يشير التقرير إلى أن السياسة المالية (وهي أهم السياسات الحافزة للطلب المحلي الإجمالي في دول الخليج عامة) كانت متوازنة في عام 2004 ما يعكس سياسة مالية حذرة. فقد انخفض معدل النمو السنوي في إجمالي النفقات والمساعدات المالية كما ورد في الميزانية الموحدة الصادرة عن الحكومة، من 5.6 في المائة في عام 2003 إلى 4.2 في المائة في عام 2004، وذلك بالرغم من النمو الهائل في الإيرادات المشمولة وغير المشمولة في الميزانية.

وقال جنينة: «من الجدير أن نلحظ أن الميزانية الموحدة المُعلنة، والتي تستثني في المقام الأول عوائد الاستثمار التي تجنيها الهيئات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، كانت شبه متوازنة في عام 2004، وذلك لأول مرة منذ 20 عاماً، كما يتوقع أن يشهد عام 2005 فائضاً في الموازنة. ونتوقع أيضاً أن تحافظ الحكومة على صافي مركزها الدائن في مقابل النظام المصرفي على المدى المتوسط».

11 thoughts on “تقرير جدا مهم (بسبب ارتفاع اسعار الوقود و …. توقعات ارتفاع نسبة …

  1. مايحدث في مجمله كما اتصور بعيدا عن العوامل المباشرة هو نتيجة للتحول الكبير الذي تشهده دولنا ناحية الخصخصة فهي جزء من النظام الرأسمالي المسيطر الان بفعل العولمة بعد فشل النظام الاشتراكي وانهيار النظام السوفياتي ، والراسمالية تضمن الغزارة في الانتاج والسوء في التوزيع وهذا النمو يتحقق بالفعل من خلال ضخ المدخرات المالية الخاصة للافراد عبر الشركات المساهمة الكبرى والتي تحصر التنافس فيما بينها محيلة الصغرى منها كما نرى الى دائرة الالغاء والتلاشي ، ربما تكون للخصخصة حسناتها الكبيرة الا ان سلبياتها باقية وهي التي يخشاها الجميع من حصر التنافس بين طبقتين فقط هما الطبقة ثرية كبرى والطبقة الكادحة الصغرى اذ سينحصر الامر بينهما دون وجود طبقات وسطى ومن هنا ستجد الدول الداخلة في هذا النظام نفسها في وضع حرج لايدع لها خيارا في الدخول في هذا النظام او الانسحاب منه لان الاساس في التحول الاقتصادي في الدرجة الاولى هو سياسي (بعد انهيار القطب المخالف ايدلوجيا وهو المعسكر الاشتراكي بغض النظر عن سلبياته) غير ضمان النمو ومواكبة العالم المحيط ومنافسته من جهة ومحاولة التقليل من سلبيات هذا النمو وتلافيها قدر الامكان لضمان الحقوق الانسانية اللائقة لشعوبها الكادحة تخفيفا لمعاناتهم الاقتصادية وبالتالي فلامجال ابدا من الخروج من هذه الدائرة الان فالعالم كله يعيش الاتجاه صوب اقتصاد السوق ، ونتيجة لكل ذلك فان تصور الزيادة في المعاشات من قبل الحكومة لن يرفع المستوى المعيشي بل سيزيد التضخم نتيجة للحركة الحرة التي تتمتع بها القطاعات الخاصة والتي تفرض سواء خوفا لاسباب اقتصادية خاصة بها متفهمة نتيجة التنافس الحاد الذي تعيشه هي نفسها مع القطاعات المنافسة لها او المرتبطة معها في المصالح ، او طمعا من خلال تسابقها وتنافسها مع الاخرى لنيل قصب السبق في تلقف اي زيادة مالية تنتج من رفع المعاشات او غيره عبر رفع قيمة السلع والخدمات دون اسباب ، لذلك فالكل يلاحظ ان اي زيادة مالية من الحكومة لا تحل المشكلة ولن تحلها ، وربما خفف المسئلة بحيث لانرى مانراه في الدول الاخرى الفقيرة هو ثراء بعض الدول وتحديدا الخليجية حيث ضمنت تقليلا لسلبيات او بروز اثار ذلك سريعا وربما كان ذلك ايضا -ولاضمان لذلك- لانخفاض مستوى السكان قياسا بالارتفاع الكبير لعائدات النفط التي تشكل حاليا المصدر الرئيسي لدخولها ، ولهذا لابد من فرض قوانين واجهزة رقابية تحد من هذا النمط من التلاعب وحتى يتحقق الضبط الذي يمنع خسارة التاجر من جهة ويمنع استغلال المستهلك من جهة ثانية وهذا لن يتأتى في نظري الا من خلال ملاحظة اكبر للحكومة على العوامل التي تؤدي الى الارتفاع او الكساد لتمنع حالة الطمع او الخوف لدى التاجر والمستهلك معا وهو في الدرجة الاولى كما اتوقع التحدي الاكبر لدول العالم السائر في هذا النظام الاقتصادي العالمي الواحد والانسجام معه الا اذا برزت تحولات سياسية كبرى اعادت التوازن وفرضت انظمة اقتصادية منافسة او بديلة تلغي احتكار النظام الاوحد وبالتالي سلبياتها وتعين الناس في ذات الوقت على ايجاد انظمة بديلة تعثر لها على بوابة الامل التي تخرجها من مآزقها الاقتصادية الحالية والمقبلة ..هذا ما اتصوره

Comments are closed.