البيان – الخميس 23- مارس 2006

رعب الأسواق
بقلم :حسن العالي

إنني من الجانب الذي يرى فيما يجري في أسواق الأسهم الخليجية في الوقت الراهن ـ في الجانب الأساسي منه ـ مسألة طبيعية، بل لا أبالغ إذا قلت أن الكثير من المحللين توقعوها.

وأنا أقصد هنا أنهم توقعوا حركة تصحيحية واسعة وليس انهياراً ـ قبل فترة، وربما جاءت متأخرة بعض الشيء، أي أنها كان يفترض بها أن تحدث خلال صيف العام الماضي وتستمر لبعض الشيء ثم تعاود التحسن مع نهاية العام. إلا أن تأخرها لهذا الشهر قد ضاعف عدة مرات من حدتها.

لذلك يمكن القول بشكل عام، أن ما يجري حاليا في الوقت الحاضر أكثر من عملية تصحيح، الا أنه يتواكب لحد كبير في كل سوق مع درجة الانتفاخ الذي بلغته قبل التراخي.

فعلى سبيل المثال، سوق البحرين للأوراق المالية الذي لم يتجاوز ارتفاعه ال30% خلال العام الماضي، لم تتجاوز خسائره طيلة هذا العام الـ 6%. ونقيس على ذلك بقية الأسواق.

وبصورة عامة يمكن تعداد عدد من الأسباب لما تمر به حاليا من دورة هبوط تتراوح حدتها بين سوق وآخر. فأولى هذه الأسباب زوال الجانب من الارتفاع غير الطبيعي الذي بلغته العديد من الأسهم نتيجة المضاربات وتوفر السيولة.

وثانيا، حركة التصحيح الطبيعية التي تجري في كافة أسواق العالم بين فترة وأخرى. وأهم العوامل المدعمة لدورة الهبوط هذه هي أولا كثرة الاكتتابات بمبالغ هائلة سحبت الكثير من السيولة.

وثانيا الأرباح المعلنة من قبل الشركات المساهمة والتي وأن جاءت جيدة ألا ان تنسبتها كعائد على الأسعار السوقية لأسهم الشركات يعطي عائداً ربما في عدد من الحالات دون أسعار الفائدة السائدة.

وثالثا تضخيم السيولة المتوفرة من خلال الاقتراض المصرفي المرهون بنسبة معينة من الأسهم. وتبرز المشكلة عندما يكون المقترض معتمدا على دخل التحركات السعرية للأسهم المرهونة في سداد قرضه أو معيشته اليومية اعتمادا كليا حيث يضطر لتسييلها بأي سعر.

وأخيراً، فإن دورة الهبوط أن بدأت تأخذ منحى تصاعديا بشكل هندسي ـ أي تضاعف الخسائر في كل منحنى ـ وذلك بسبب العوامل النفسية التي تزعزع الثقة بالأسواق.

من بين هذه الأسباب والعوامل المساعدة، يتم التركيز ـ وأنا اتفق مع ذلك أيضا ـ على دور الاكتتابات الجديدة والمتتالية في الضغط على أسعار الأسهم.

أن الاكتتابات العامة وأن كانت حيوية بالنسبة للاقتصاد حيث أنها تعمل على جذب المدخرات وتوظيفها في مشاريع تؤدي إلى انتعاش اقتصادي، الا أن تتاليها وكثرتها بكميات كبيرة يؤدي على نتائج عكسية خاصة إذا ما شارك فيها صغار المستثمرين بالصورة المبالغ فيها التي شهدناها. وتشير التوقعات أن عدد الاكتتابات بلغت 24 اكتتاباً في العام 2005 .

حيث وصل حجمها إلى 2،6 مليارات دولار، كما تشير أيضا لى أنها ستتجاوز الـ 116 اكتتابا في العامين 2006 و2007، ليصل حجمه إلى ما يقارب من 5،13 مليار. ووصل حجم تغطية الاكتتابات حوالي 71 مرة من حجم الطلب الموجود.

وانطلاقا من اعتقادنا بأن دورة التصحيح ـ نقول التصحيح وليس الانهيار – يجب أن تأخذ دورتها الكاملة، فإننا نرى جدوى الحديث عن إصلاح أساسيات وهيكليات الأسواق على المدى البعيد لضمان عدم تكرار ما حدث هذه الأيام بالتزامن مع الحديث عن الحلول القصية الأجل التي تعتزم الأجهزة الحكومية اتخاذها.

ونحن نرى هنا أن الحاجة لا تزال قائمة لتطوير أساسيات أسواق المال الخليجية، حيث أنه وبالرغم من التحسن الذي شهدته خلال السنوات الأخيرة اذ ان دورها في تمويل عمليات التنمية لا يزال محدودا ولا يزال الجزء الاكبر من احتياجات التمويل يستقطب عبر المؤسسات المالية والمصرفية المحلية والأجنبية.

وعلى الرغم مما ذكرنا من اكتتابات متتالية أخذت شكل الأسهم. ولعل جانب من هذه المقترحات قمنا بمناقشتها في أكثر من مناسبة ومقالة.

ويوجد العديد من العوامل التي تؤدي إلى محدودية أسواق الأوراق المالية، وبالتالي سرعة تعرضها للهزات المالية كما هو حاصل اليوم. ومن أبرز هذه العوامل هي ضيق هذه الاسواق المتمثل قي قلة الادوات الاستثمارية ، وقلة الشركات المدرجة وقلة الاوراق المتاحة للتداول.

كما تعاني هذه الأسواق من بروز طابع المضاربة والافتقار للمعلومات ودقة الافصاح. وكذلك قصور الأطر التنظيمية اذ ان البنية الهيكلية معظمها مغلق وعائلية.

مما يحد من نمو وتطور هذه الاسواق. لذلك لا بد من تضمين برامج تطوير أسواق المال الخليجية توفير مزيدا من المعلومات التحليلية والبيانية حول الاداء الاقتصادي وحول الشركات والاسواق المحلية لتزويد المستثمرين بقاعدة بيانات موثوقة.

كذلك توفير الاطار التشريعي والتنظيمي ما يحقق ازالة العوائق التي تحد من التدفقات الاستثمارية سواء الخليجية او الأجنبية الى هذه الأسواق، مما يضفي على هذه الأسواق مزيداً من العمق، خصوصاً أن عدد الاسهم المتداولة بدول المنطقة لا يتجاوز نسبة ضئيلة من اجمالي عدد الاسهم المدرجة ببورصاتها.

كما تبرز ضرورة تطوير اسواق السندات الخليجية بدلاً من التركيز على الأسهم فقط، وذلك لكي تحصل الشركات المصدرة للسندات على تصنيف ائتماني من مؤسسات موثوقة تشجع الافراد والمؤسسات من المستثمرين للاستثمار في هذه الاسواق.

وذلك عن طريق اصدار وتداول السندات بالاسعار التي تحددها السوق وان لا تكون هناك اجراءات تمييزية من قبل السياسات الحكومية او النظم التشريعية التي تعوق نمو هذه الاسواق.

ذلك من المهم أن تتضمن برامج التطوير المقترحة إجراءات تشجيعية لتحويل شركات القطاع العام والشركات العائلية الى شركات مساهمة. وبالنسبة لشركات القطاع العام، يتطلب ذلك وجود برامج متكاملة للتخصيص وما يتطلبه ذلك من انشاء جهاز او هيئة يتم تشكيلها من الجهات الرسمية ذات العلاقة والغرف التجارية بحيث يناط به تنفيذ هذا البرامج وحل المشاكل.

اما بالنسبة للشركات العائلية، فأنه يتطلب أيضا وجود برامج لتوعية الشركات العائلية بأهمية التحويل الى شركة مساهمة بحيث تتضمن بيانات احصائية وحقائق معينة حول أهمية التحويل الى شركات مساهمة ودوره في زيادة الانتاج وتنويعه.

وأخيرا يهمنا هنا التأكيد على البعد التنموي في الحفاظ على سلامة أسواق الأسهم وتجنيبها الأزمات السيئة أو مضار الانهيار غير المبرر، فنحن لا نرى بالفعل أي مبرر لانهيارها ولكي لتصححيها فقط .

– وذلك بالنظر لتنامي الاحتياجات التمويلية من قبل الحكومات الخليجية والقطاع الخاص الخليجي من جهة وتوفر السيولة الكبيرة لدى الأفراد والمؤسسات المالية والمصرفية بما في ذلك الأموال المستثمرة في الخارج من جهة أخرى.

وأسواق الأسهم من شأنها أن تلعب دور الوسيط المثالي بين العرض والطلب على الأموال من خلال توفير سمات التسييل وتجزئة المخاطرة والعائد القابل للقياس للاستثمارات (الأسهم) المدرجة فيها.

كما أن أسواق الأسهم تمثل إحدى أدوات السياسة المالية، حيث شهدت السنوات الأخيرة دورات من الانكماش في النشاط الاقتصادي، وأصبحت الحكومات تولي اهتماما لضبط معدلات السيولة المحلية.

وتعمل على تفادي سد عجز الموازنة الحكومية عن طريق أساليب التوسع في الإنفاق التي تؤدي بدورها إلى تضخم الأسعار، واتجهت الى إصدار أدوات الدين العام المختلفة مثل السندات الحكومية. كذلك شهدت الآونة الأخيرة خصخصة المؤسسات العامة وإفساح المجال للقطاع الخاص ليكون له دور ريادي في دفع عجلة التنمية لمختلف القطاعات.

ومن الضروري مواصلة هذه الجهود من خلال توفير بيئة استثمارية واقتصادية ملائمة ومتكاملة لأسواق المال الخليجية. ان أي سوق مالية ناشئة لا يمكنها تحقيق النجاح دون ان يتوافر لها الاستقرار الاقتصادي والنقدي الذي يعتبر بمثابة رسالة مشجعة للمدخرين المستثمرين. لذلك لا بد من تسريع عجلة برامج الإصلاح الاقتصادي بدول التعاون.[/COLOR]

أسواق المال العربية بين الحلم والحقيقة
بقلم :أيمن سيف

يعتقد الكثير من المتفائلين بالأسواق المالية أن الصعود يجب أن يستمر من دون توقف ولا مكان للنزول مطلقا وعندما تمر الأسواق بمرحلة من الانخفاض يبدأ شحن الهمم بأن الارتداد قريب وأن هذا عارض صحي سينتهي فورا، فإذا لم يحدث الارتداد المنشود واستمر الانخفاض يبدأ اللوم وتوجيه التهم تارة لإدارة الأسواق وتارة للوسطاء.

وللإعلام والمحللين نصيبهم أيضا وهم يستحقونه لأن الجميع تناسى أن هناك فرقاً بين الحلم والواقع ووضع يده على نصف الحقيقة الايجابية في السوق وتجاهل النصف الآخر.

إن الأشياء بطبيعتها تمر في أطوار ومراحل، فقوانين الطبيعة هذه تنطبق على أسواق المال حيث تمر الأسواق بمراحل وأطوار تنمو وتكبر وتتشكل خلالها مفاهيم وقناعات وتنضج خبرات متعددة حولها، فإذا اعتبرنا البداية في نشأة السوق هي الشركات المساهمة نواة السوق ومادته الأساسية حيث لا تلبث هذه الشركات أن تتكاثر حول بعضها مثل الخلايا.

وتشهد أسهم خلال هذه المرحلة طلبا وإقبالا متزايدا وبعد اكتمال وجود الشركات داخل سوق المال وقد أدرج منها ما هو نشيط ومتحرك وما هو خامل لا حراك لأسهمه.

وبعد انتهاء هذه المرحلة من تدفق أكبر حجم من رؤوس الأموال إلى حلبة سوق المال واكتمال النصاب يبدأ تناقص اندفاع رؤوس الأموال الجديدة وينخفض تدفقها إلى السوق وعندها يبدأ شعور تلقائي لدى حاملي الأسهم أن هذا السعر كبير ومعقول ويكتفون بالربح الذي وصلوا إليه.

فيبدأ ذلك من أدرك هذه الحقيقة أولا ثم يتبعه عدد آخر بالانسحاب تدريجيا، حتى إذا وصلت حالة تدفق رأس المال الجديد إلى أدنى مستوياتها وجدنا أن من تبقى من ملاك الأسهم بالسعر المرتفع يعرضون بضاعتهم ولا مشتري.

أما من وضع أمواله في أسهم غير نشطة فهذا أصبح وضعه أصعب من غيره خاصة بعد انسحاب الكثير من رأس المال من الأسهم النشيطة وانخفاض قيمها وسيجد نفسه يعرض أسهمه.

ولا يجد من يطلبها، وهذه إحدى مضار وجود شركات يمكن تصنيفها على أنها من الصف الثاني أو الثالث داخل الأسواق على المدى الطويل حيث تمثل هذه الشركات طرقا فرعية غير سالكة في مسار السوق تجمد فيها الأموال إلى أجل غير مسمى.

وبعد إعادة التقييم الذاتي للأسواق وأسعارها والشركات تكون هناك حالة التوقف والحيرة من المستثمرين حيث ينجم عنها مراجعة شاملة فالكل يراجع أسلوبه وطريقته وتتشكل مفاهيم وتعريفات جديدة تتضح معالمها بوضع النقاط على الحروف في تعريف الفرق بين الاستثمار والمضاربة.

ولاشك أيضاً أن وجود هذه الأسواق خلال عشرات السنين قد أدى أيضاً إلى تطور ثقافة اجتماعية ومفاهيم تعرف الاختصاصات وتوضح معالمها بشكل يمنع التداخل والانتقال العشوائي بين الاستثمار طويل الأمد والمضاربة اليومية وبين التفرغ لهذا العمل واتخاذه مهنة .

ومصدراً للدخل الأساسي أو أن يكون استثمارا أضافيا يؤدي إلى نسبة منطقية من الأرباح، وباتت هناك قناعة واقعية أن السوق ليس مكانا لتحقيق الربح السهل وإنما يمكن للربح أن يأتي بناء على تخطيط وإدارة سليمة للأموال.

مستشار مالي

One thought on “جريدة البيان … أسواق المال العربية بين الحلم والحقيقة …. رعب الأسواق

  1. ممكن تكون حلم وممكن حقيقة مافي شي بمشي بدون تخطيط وادارة علمية بحتة وغير هيك راح توصل لفوضى مو طبيعية

Comments are closed.