كتب عبدالخالق عبدالله في جريدة الخليج
ذا ما انتخب باراك أوباما كما هو متوقع رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وإذا ما انهزم محمد أحمدي نجاد كما هو متوقع في الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستتم في مارس/آذار ،2009 فإن ذلك سيفتح الباب واسعاً أمام الحوار السياسي المباشر بين طهران وواشنطن.
سيفتح هذا الحوار، إذا ما انعقد، الأبواب على الاحتمالات كافة بما في ذلك التوصل إلى تفاهمات وترتيبات كبرى تعيد تشكيل وبناء المنطقة العربية والشرق الأوسطية خلال المستقبل المنظور. ومن المهم للدبلوماسية الإماراتية كما الخليجية أن تكون حاضرة في هذه التفاهمات، وعليها أن تضع قضية جزر الإمارات المحتلة على مقربة من مائدة المفاوضات المتوقعة بين طهران وواشنطن.
لا شك في أن الحوار السياسي والدبلوماسي بين طهران وواشنطن مهم جداً وربما سيساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. فالحوار يعني وقف الاندفاع نحو اندلاع حرب رابعة في الخليج العربي في وقت لا يمكن لدول المنطقة تحمل أعباء وتكاليف اندلاع مثل هذه الحرب. كما أن أي تقارب إيراني أمريكي سيخفف من حدة الاحتقان السياسي بين حلفاء طهران وأصدقاء واشنطن. ومثل هذا الحوار، إن تم، سيساعد على تسكين بؤر التوتر وإيجاد حلول سياسية للكثير من الملفات الإقليمية الساخنة بما في ذلك الاتفاق على معادلة جديدة للأمن في الخليج العربي، المصدر الأكبر للنفط الخام في العالم والذي يحتاج الآن أكثر ما يحتاج إلى فترة ممتدة من الهدوء والاستقرار.
لكن من المهم ألا يكون هذا الحوار ثنائياً، ولا ينبغي أن يتم بمعزل عن الطرف الخليجي أو على حساب دول مجلس التعاون وقضاياها المصيرية وفي المقدمة منها قضية الجزر المحتلة. فالاستقرار العميق في هذه المنطقة النفطية الحيوية لن يتحقق في ظل استمرار احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث: أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
المعطيات كافة تشير في اتجاه نية إيران ترسيخ منطق القوة والتعامل بفوقية مع الإمارات، ورفض التفاوض الثنائي المباشر والحل السياسي والدبلوماسي لإنهاء احتلالها جزر الإمارات. بل جاءت الممارسات الإيرانية في الآونة الأخيرة أكثر استفزازاً قولاً وفعلاً، من أي وقت آخر.
على صعيد الأفعال الاستفزازية قامت ايران بفتح مكتبين، أحدهما للإنقاذ البحري والآخر لتسجيل السفن والبحارة في محاولة واضحة لتأكيد سيادتها على جزيرة أبوموسى. يشكل هذا الإجراء الإيراني الأحادي خرقاً واضحاً وفاضحاً لمذكرة التفاهم لسنة ،1971 الأمر الذي دفع دولة الإمارات لتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة والاحتجاج بشدة على هذا التصرف غير الشرعي الذي زاد من حدة التوتر في الخليج العربي وأساء الى العلاقات الإيرانية الخليجية.
كذلك نشطت إيران في تنفيذ خطة استيطانية بعيدة المدى في جزيرة أبو موسى، أكبر الجزر المحتلة والتي تبلغ مساحتها 25 كيلومتراً مربعاً. وفي سياق تنفيذ هذه الخطة شجعت طهران عشرات العائلات الإيرانية للهجرة إلى هذه الجزيرة عبر تقديم سلة من الحوافز المالية وتضييق الخناق المعيشي والجغرافي على من تبقى من سكان الجزيرة من أهل الإمارات.
وفي السياق الاستفزازي نفسه، ذكرت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية مؤخراً أن إيران تسعى لبناء قواعد لقطع بحرية وقوارب صغيرة ومنصات صواريخ من نوع “سيلكورم” أرض/أرض الفرنسية في جزيرة أبو موسى. إن صحت هذه الأخبار الصحافية فإن هذا الإجراء يشكل تهديداً خطيراً ليس لأمن الإمارات فحسب، بل للملاحة في مضيق هرمز الاستراتيجي. فجزيرة أبو موسى تبعد نحو60 كيلو متراً من ساحل الإمارات وتقع على بعد 150 كيلو متراً فقط من مضيق هرمز الذي هددت طهران في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول، بمن في ذلك المرشد العام للجمهورية الإيرانية، بإغلاقه أمام الملاحة الدولية إذا تعرضت إيران لأي هجوم عسكري أمريكي.
وصاحَبَ هذه الإجراءات استدعاء سفير الإمارات والقائم بالاعمال في طهران لأكثر من مرة لأسباب غير واضحة، علاوة على تنظيم مظاهرات غير مألوفة ضد سفارة الإمارات ترفع شعارات تدعي “فارسية الجزر” وضد عروبة الخليج العربي. كما لوحظ تصعيد إعلامي في الصحف الإيرانية وضد دولة الإمارات وبقية دول مجلس التعاون ما زاد من حدة الاحتقان السياسي وساهم في تدهور العلاقات الخليجية الإيرانية.
وكانت أكثر التصريحات الايرانية استفزازاً في الآونة الاخيرة ما جاء على لسان مونشهر محمدي، نائب وزير الخارجية الإيرانية خلال شهر يوليو/تموز الماضي. فقد اتهم هذا المسؤول الإيراني دول مجلس التعاون بأنها مسؤولة عن التوترات في المنطقة، وهاجم الأنظمة ودعا إلى تغييرها.
هناك دوافع سياسية واستراتيجية عديدة لهذا التصعيد الإيراني في الأقوال والأفعال من بينها رغبة إيران في إغلاق ملف الجزر لمصلحتها وإبعاده كملف محتمل ضمن قائمة الملفات المطروحة في الصفقة الكبرى القادمة مع واشنطن.
إذا كان هذا هو الغرض الإيراني، فمن المهم أن تستعد الدبلوماسية الإماراتية والخليجية وتستبق هذه التفاهمات عبر استراتيجية تضع ملف الجزر في قلب الترتيبات المستقبلية للمنطقة. فلا ينبغي أن تتم التفاهمات بين طهران وواشنطن على حساب الجزر كما حدث لدى الانسحاب البريطاني من الخليج العربي عام 1971. لقد جاء احتلال إيران لجزر الإمارات ضمن صفقة سياسية كبرى بين طهران ولندن لترتيب الأمن في مرحلة ما بعد الانسحاب البريطاني من الخليج العربي. ودفعت الإمارات ثمن هذه الصفقة المغرضة غالياً وباهظاً ولا ينبغي لها ولدول مجلس التعاون دفع ثمن أية صفقة جديدة محتملة بين طهران وواشنطن.
ورغم اختلاف الظروف الراهنة فإنه لا يمكن الرهان على الإدارة الأمريكية حتى لو كانت برئاسة شخصية معتدلة كباراك أوباما. فواشنطن لا تضع حساباً للأصدقاء والحلفاء، بل هي معنية دائماً وأبداً بمصالحها القومية التي هي فوق كل اعتبار.
اذا لم تستعد الإمارات مبكراً وتطرح بأسلوب مقنع وقوي وخلاق قضية احتلال إيران لجزر الإمارات كقضية محورية تؤثر سلباً في الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، فإنه من المحتمل جداً إغلاق هذا الملف لفترة طويلة مقبلة. إيران تسعى جاهدة لتحقيق هذه النتيجة قولاً وفعلاً وليس من مصلحة الإمارات أن يستمر الاحتلال وتصبح قضية الجزر قضية منسية ومعلقة إلى أجل غير مسمى.
موضوع جميل من كاتب رائع …
بس اعتقد ان السياسه في ايران يحكمها ويوجها المرشد الاعلى خامنئي .. يعني لا نجاد ولا غيره يقدر يغير فيها
السياسة الخارجية الاماراتية ولله الحمد بخير و الشيخ زايد الله يرحمه
كان حريص على عدم استخدام اي وسيلة غير الدبلوماسية للتفاهم
و مها كان نحن في النهاية سوف ناخذ حقنا و يرجع الحق الى صاحبه
ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة….
ولكن….!!!!!!!!!