الوطن الكويتية الجمعة 12 سبتمبر 2008 12:17 م
قال تقرير صادر عن شركة بيت الاستثمار العالمي «جلوبل» عن اداء اسواق الاسهم الخليجية ان جميع البورصات الخليجية تراجعت خلال شهر أغسطس من العام 2008 باستثناء السوق السعودي، والذي بقي بدون تغيير تقريباً. فقد سجل مؤشر تداول مكاسب هامشية بلغت نسبتها %0.2 خلال هذا الشهر ليصل الى 8.757.0 نقطة. وسجّل السوق العُماني الانخفاض الأكبر خلال هذا الشهر، حيث انخفض مؤشر سوق مسقط بنسبة %11.6 خلال الشهر ليصل الى 9.493.8 نقطة.
ولكن على الرغم من التراجع الكبير الذي منيت به تلك الأسواق خلال هذا الشهر، فان السوق العُماني قد سجّل ربحا صافيا بلغت نسبته %5.1 منذ بداية العام الحالي وحتى تاريخه. وكان السوق الاماراتي ثاني أكثر الأسواق تراجعا خلال هذا الشهر، اذ تراجع مؤشر بنك أبو ظبي الوطني بنسبة %10.2 خلال هذا الشهر بالغا 12,382.9 نقطة.
ونعتقد أنّ أسواق دول مجلس التعاون الخليجي قد تراجعت خلال هذا الشهر متأثرة بتراجع الأسواق العالمية. وأثّرت أيضا عوامل أخرى مثل التوقّعات بشأن العرض المُفرط في سوق العقارات في دبي وهبوط أسعار النفط تأثيرا سلبيا على الأسواق حيث بلغت أسعار النفط أعلى مستوى لها على الاطلاق خلال النصف الأول من شهر يوليو. غير أنه منذ ذلك الحين، انخفضت أسعار النفط بأكثر من %20 نتيجة لعوامل مثل ضعف الطلب، ارتفاع الدولار الأمريكي وتحسّن الأوضاع الجغرافية السياسية. وفي ظل ارتفاع الدولار مقابل العملات الرئيسية، أصبحت فرص اعادة تقييم الدرهم الاماراتي وفك ارتباطه بالدولار متدنية مما أدّى الى تدفق الأموال المضاربة الى الاستثمارات المقوّمة بالدرهم الاماراتي. ونتوقّع أن يستمر انخفاض نشاط التداول خلال شهر سبتمبر نظرا لحلول شهر رمضان المبارك. وعقب انتهاء شهر رمضان، نتوقّع أن يقوم المستثمرون ببناء مواقع جديدة في السوق بناء على نتائج الربع الثالث من العام الحالي كما نعتقد أنّ يسهم الانخفاض الذي شهدته أسواق دول مجلس التعاون الخليجي كافة في تحفيز عمليات الشراء بعد انقضاء شهر رمضان.
التضخم خليجياً
وحول التضخم خليجياً قال التقرير ان منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بنمو اقتصادي سليم وفريد مدفوعا بصفة أساسية بأسعار النفط المرتفعة، الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والسياسات النقدية التوسعيّة. وبالرغم من ذلك، يشكّل الارتفاع السريع في معدلات التضّخم أحد الشواغل الرئيسية لواضعي السياسات في المنطقة.
ازدادت حدّة الاتجاهات التضخّمية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي نظرا لما تقتضيه من خفض لأسعار الفائدة (تماشيا مع قرار -مجلس الاحتياطي الفيدرالي- البنك المركزي الأمريكي- بخفض أسعار الفائدة)، وارتفاع معدّل نمو العرض النقدي، وكذلك ارتفاع أسعار الايجارات بسبب معوقات العرض في سوق الاسكان. وساهمت أيضا الزيادة في أسعار السلع وقيمة الدولار الأمريكي في دفع معدلات التضخم الى الارتفاع بسبب تزايد أسعار المواد الخام الأساسية المستوردة ومن ضمنها المعادن والمنتجات الزراعية. علاوة على ذلك، فقد أدّى تزايد تكلفة الأيدي العاملة في القطاع العقاري الى ارتفاع الأسعار.
وتشكّل المواد الغذائية %26 و%36 من مكوّنات سلة المستهلكين في السعودية والكويت على التوالي، في حين تشكّل %15 و%21 في الامارات وقطر على التوالي. واستمرت أسعار المواد الغذائية التي تمثل قرابة نصف معدلات التضّخم السعودية والكويتية خلال العام 2006 في زيادة حدّة الضغوط التضخميّة خلال العام 2007 أيضاً. بينما كانت مساهمتها في ارتفاع معدلات التضخم في الامارات وقطر قد تراجعت نسبيا. ومن ناحية أخرى، حفّزَت السياسات الماليّة التوسعيّة نمو الائتمان في العديد من بلدان المنطقة بينما أدّت سياسة التخفيف النقدي التي انتهجها مجلس الاحتياطي الاتحادي الى تعقيد عملية الادارة النقدية مما تترتب عليه مضاعفة التأثير السلبي لأسعار الفائدة الحقيقية.
تحجب اعانات الحكومة وسيطرتها على أسعار العديد من السلع الأساسية الى حد ما الطبيعةَ الحقيقيةَ للتضخّم المستورد في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. ففي شهر مايو من عام 2006، خفّضت الحكومة السعودية أسعار البنزين بنسبة %30 في الوقت الذي تشهد فيه أسعار النفط العالمية تحسّنا بالغا.
بذلت دول المنطقة جهودا عديدة للتغلب على التضّخم. فقد أعلنت السعودية عن اتخاذها سلسلة من الاجراءات التي تضمّنت خفْض %50 من الرسوم التي تحصّلها الموانئ المملوكة للدولة من السلع المستوردة وصرف بدل غلاء معيشة للموظفين والمتقاعدين بالدولة بنسبة %5 لمدة ثلاث سنوات كما قرّر مجلس الوزراء السعودي زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي بنسبة %10 واستمرار دعم السلع الأساسية. وللسيطرة على أسعار الايجارات المتزايدة، أقرّ مجلس الوزارء تفعيل مشروع الهئية العامة للاسكان على نحو عاجل والبدء في بناء وحدات سكنية منخفضة التكلفة حيث تم بالفعل اعتماد مبلغ 10 مليارات ريال سعودي من الموازنة لهذا الغرض.
قام أيضا بنك الكويت المركزي باتخاذ الاجراءات اللازمة للسيْطرة على التضّخم حيث قام في شهر مارس الماضي باجراء بعض التعديلات على تعليمات النظام المصرفي الكويتي خاصّة تلك التي تتعلّق بأعمال التجزئة المصرفية (القروض الاستهلاكية و المقسّطة) من أجل الحد من قدرة البنوك على الاقراض. وعلى الرغم من أنّ هذه الاجراءات قد تساعد في خفْض مستويات التضّخم المرتفعة، الا أن مكافحة التضّخم قد تتطلب اجراءات أكثر فعّالية.
بدأ التضّخم المتصاعد يظهر آثارا اجتماعية سلبية واضطرابات عمالية خاصّة في أوساط الجاليات المغتربة حيث عجزت الأجور عن مواكبة ارتفاع الأسعار. وأعلنتْ الامارات عن زيادة أجور العاملين بالقطاع العام بنسبة %70 أما البرلمان الكويتيُ فقد أقرّ مؤخرا مشروع قانون يحث الحكومة على رفْع أجور العاملين بالقطاعين العام والخاص. كذلك أقرّت البحرين قانونا يقضي بزيادة أجور العاملين في القطاع العام بنسبة %15 وتأتي قطر في آخر القائمة، حيث أجرت مؤخرا تعديلات على قانون الخدمة المدنيّة لتسهيل زيادة رواتب الموظفين العاملين في الحكومة.
وفضلا عن الخطوات الفردية التي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي بالاضافة الى ما أُشيع عن قيام غالبية هذه الدول بفك ارتباط عملتها بالدولار الأمريكي، تتجه اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي نحو اصدار عملة موحدة. ويذكر أن هذه الفكرة قد سُجلت على الورق في عام 2005 عندما وافق وزراء المالية بدول مجلس التعاون الخليجي ولجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية جميعا على ارساء مجموعة من معايير التقارب الاقتصادي المُؤهلة لتشكيل الاتحاد النقدي.
مركز مالي
وذكر التقرير ان دول مجلس التعاون الخليجي شهدت تحولات جذرية وايجابية في ثرواتها الاقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية. ووفقا لما جاء في تقرير مؤسسة تشاتهام هاوس الصادر بعنوان ” منطقة الخليج كمركز مالي عالمي” (وهو دراسة استقصائية عن توجهات السوق أجرتها مؤسسة سيتي أوف لندن)، تحتل لندن ونيويورك المراتب الأولى بين المراكز المالية العالمية. ووفقا للتقرير، تحتل حاليا دول مجلس التعاون الخليجي منفردة المرتبة رقم 50 بين أعلى المراكز المالية العالمية، وجاءت دبي في المرتبة 24 بينما حلّت البحرين وقطر قرب المراكز المتأخرة في القائمة. ومن جهة أخرى، اذا استبعدنا المراكز المالية في أمريكا وأوروبا من القائمة نجد أن دبي تأتي في المرتبة الخامسة على مستوى العالم بينما تحل أيضا البحرين وقطر في المرتبة 15.
ووفقا لتقرير تشاتهام هاوس، يوجد ثمة ارتباط بين ترتيب الدول وحجم الكتلة الاقتصادية التي تخدمها المراكز المالية. وتعد ضخامة اقتصاد الاتحاد الأوروبي والولايات المتّحدة الأمريكية من حيث مجموع الناتج المحلي الاجمالي سببا مهما لهيمنة كل من الولايات المتّحدة الأمريكية والمملكة المتحدة على الأسواق المالية. أما من ناحية الناتج المحلي الاجمالي، احتلت دول مجلس التعاون الخليجي بوصفها احدى الكتلات الاقتصادية المركز العاشر على مستوى العالم في عام 2007 هذا الى جانب المكسيك وأستراليا ( بناتج محلي اجمالي قدره 0.8 و 0.9 تريليون دولار أمريكي).
ومن بين المراكز المالية العالمية، تعد دبي مثالا يُحتذى به من حيث التطور السريع في خدماتها المالية وأسواقها العقارية لتصبح محط أنظار المستثمرين العالميين. أما على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، تحتل دبي مكانة رائدة بفضل ارتفاع مستوى استثماراتها في احدى المراكز المالية الجديدة والبارزة. وقد تم افتتاح بورصة دبي العالمية difx في مركز دبي المالي العالمي difc في شهر سبتمبر من عام 2005 ومن ناحية الأسواق المالية العالمية، يفخر مركز دبي المالي العالمي بكونه أسرع بورصات العالم نموا، كما يسعى الى بلوغ مكانة مماثلة لأسواق نيويورك ولندن وهونغ كونغ. وبفضل موقعها المطل على مفترق طرق ما بين أسواق المال العالمية الرئيسية كنيويورك ولندن غربا وهونغ كونغ شرقا، تمثل دبي محورا مكمّلا يربط المنطقة بالشبكة المالية العالمية. وفيما يتعلق بمركز دبي المالي العالمي” فهو يمثل هيئة تنظيمية مستقلة عن بقية الهيئات في دولة الامارات العربية المتحدة؛ حيث تخضع المؤسسات المالية الواقعة في قلب منطقة مركز دبي المالي العالمي لقوانينه؛ أما تلك التي تقع خارجه فهي تخضع لاشراف البنك المركزي الاماراتي. وتتضمن قائمة العوامل الجاذبة للمستثمرين الأجانب الى دبي مميّزات مثل اتاحة الملكية للأجانب بنسبة %100 وعدم فرض أي ضرائب على الدخل والأرباح أو قيود على صرف العملات، وحرية اعادة رؤوس الأموال والأرباح الى بلد المستثمر هذا بالاضافة الى تمتعها ببيئة عمل شفافة تعتمد قوانين وقواعد عالية المستوى.
تعمل أيضا البحرين وقطر بدأب من أجل القفز الى قائمة التصنيف العالمي بين المراكز المالية العالمية. وتقوم الدول العاملة تحت العلامتين التجاريتين البارزتين لمرفأ البحرين المالي bfh ومركز قطر الماليqfc على التوالي، بتعزيز مكانتها لاجتذاب الخدمات المالية العالمية والشركات متعددة الجنسيات في المنطقة حيث يشتمل النظامُ القانوني في البحرين على عناصر كل من القانون الانجليزي والاسلامي. وحازت البحرين على تصنيف الدولة ذات الاقتصاد الأكثر حرية في العالم العربي كما احتلت المركز الخامس والعشرين وفقا لتقرير مؤسسة “هيرتدج فاونديشن” في العام 2006 علاوة على ذلك، تهيئ البحرين للمستثمرين بيئة عمل معفاة من الضرائب كما أنها تسمح باعطاء المستثمرين الأجانب حقوق ملكية تبلغ نسبتها %100
أما قطر فقد طبّقت نظاما قانونيا غربيا يدخل في نطاق اختصاص مركز قطر المالي. وتسعى الحكومة القطرية الى أن تجعل من قطر المنتج الرئيسي للغاز الطبيعي المُسال في العالم لذا، فقد قامت بتدشين مركز قطر المالي لاستقطاب التمويل الدولي والخبرات المالية العالمية الى قطاعين المالية والطاقة، بالاضافة الى القطاعات الاقتصادية الرئيسية الأخرى. ويسمح مركز قطر المالي بالحصول على استثمارات تتجاوز في قيمتها 140 مليار دولار أمريكي خلال الأعوام الخمسة المقبلة كما يسمح باعطاء الشركات الأجنبية حقوق ملكية تصل الى نسبة %100اضافة الى امكانية تحويل جميع الأرباح خارج البلاد.
تعمل أيضا السعودية التي تحكمها أحكام الشريعة الاسلامية على دراسة الاصلاحات المختلفة وتنفيذها على نحو عاجل من أجل اعطاء المستثمرين الأجانب فرصة للمُشاركة في الاقتصاد السعودي سريع النمو. ويذكر أن السلطات السعودية كانت قد سمحت للأجانب غير المقيمين الراغبين في التعاون مع الشركات المدرجة في السوق السعودية بتوْقيع اتفاقيات مبادلة مع الشركات المُجازة. هذا وتخطط المملكة أيضا لتَطوير مركز مالي رئيسي تحت مسمّى مركز الملك عبدالله المالي.
وعلى الرغم من أن ازدهار الطاقة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة قد أدّى الى ارتفاع مساهمة ايرادات الطاقة في الناتج المحلي الاجمالي، فان دول مجلس التعاون الخليجي تركّز بحماس على تحسين مساهمة القطاعات غير النفطية في اقتصاداتها وذلك استنادا الى أهدافها الرامية الى تنويع اقتصاداتها على المدى البعيد. وقد ساهمت القطاعات غير النفطية في توليد حوالي نصف الانتاج الاقتصادي في المنطقة حيث واكب النمو تقريبا المكاسب السريعة التي شوهدت في الناتج المحلي الاجمالي المتعلّق بالطاقة. ويُعتقد أنّ الامكانيات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي قد تَحسّنتْ تحسنا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، حيث بدأت القطاعات غير النفطية كالقطاع العقاري والمالي في الظُهور على الساحة العالمية. ومن جهة أخرى، يقدم أيضا السكان الشباب ومعدل النمو السريع للسكان في جميع دول مجلس التعاون الخليجي مجموعة من الموارد القيّمة التي تدعم نمو التطور الاقتصادي بالاضافة الى خلق نمط استهلاك متزايد. ووفقا لشركة باركليز ويلث، سوف تظل دول مجلس التعاون الخليجي احدى المناطق الرئيسية التي تتركّز فيها الثروات العالمية نظرا لارتفاع أسعار النفط الخام.
نشاط السوق
وشهدت بورصات دول مجلس التعاون الخليجي تداول 13.1 مليار سهم خلال شهر أغسطس من العام 2008 مقابل 20.8 مليار سهم فقط خلال الشهر السابق، كذلك انخفضت قيمة الأسهم المتداولة في هذه البورصات الى 47.2 مليار دولار خلال شهر أغسطس مقابل 70.4 مليار دولار المسجلة خلال الشهر السابق.
مال معامل اتساع سوق الأوراق المالية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال شهر أغسطس بشدّة تجاه الأسهم المتراجعة، حيث سجل عدد 101 سهم أرباحا شهرية مقابل تراجع 409 أسهم بينما بقي 224 سهما دون تغيير.