فإن امتثال أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ بصيام شهر رمضان يزيد من محبة الله ـ عزّ وجلّ ـ في قلب الصائم. وأولياء الله ـ عزّ وجلّ ـ يحبّون ربهم ـ تبارك وتعالى ـ حباً عظيماً «يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ» (المائدة: من الآية 54). وليس العجب من قوله: «يحبونه». ولكن العجب من قوله: «يحبهم»؛ يخلقهم الله ويرزقهم ويعافيهم ثم يحبهم.
ولمحبّة الله عز وجل عشر علامات، مَن فعلها فقدْ أحبّ الله حقيقةً لا ادعاءً.
أوّلها: محبّة كلامه الذي تكلم به، وأنزله على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحْياً. والشوق إلى تلاوة هذا الكلام وتدبّره والأُنس به. وإصلاح القلب بتعاليمه، وتسريح الطرف في رياضه، والسهر به في جنح الليالي وحنادس الظلام، والعمل بمقتضاه، وتحكيمه في كل شؤون الحياة.
ثانيها: محبّة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأتباعه، وكثرة الصلاة والسلام عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ واعتقاد عصمته، واتّخاذه أُسوةً؛ «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً» (الأحزاب: 21)، والعمل بسنّته دون تحرّج ولا تهيّب ولا تذبذب «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً». (النساء: 65).
ثالثها: الغيرة على محارم الله، والذبُّ عن حدود الله أن تُنتهك، والغضب عند إهانة شيء من شعائر الإسلام، والتحرّق على هذا الدين، والتألّم لواقعه بين أهل البدع، والمجاهدة باللسان والقلب واليد ما أمكن لنصر شرع الله، وتمكين دين الله في الأرض.
رابعها: التشرّف بولاية الله ـ تعالى ـ والحرص على نيل هذه الولاية. فقد وصف الله أولياءه فقال: «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ» (يونس: 62)، وقال سبحانه: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُون» (المائدة: 55).
خامسها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبذل النفس والنفيس في ذلك؛ فهو قطب رحى الإسلام، وسياجه وترسه الذي يحتمي به «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (آل عمران: 104). وتزيد هذه الصفة إشراقاً في شهر رمضان، ويبذل الصائمون الصادقون نصيحتهم ودعوتهم لعباد الله محتسبين الأجر من الله تبارك وتعالى.
سادسها: الاجتماع بالصالحين، وحبّ الأخيار، والأُنس بمجالسة أولياء الله، وسماع حديثهم، والشوق إلى لقائهم، وزيارتهم، والدعاء لهم، والذَّبُّ عن أعراضهم، وذكر محاسنهم، ونفعهم بما يستطاع؛ فالله ـ عزّ وجلّ ـ يقول: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» (الحجرات: من الآية 10)، ويقول: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ» (آل عمران: من الآية 103).
سابعها: التقرّب إلى الله بالنوافل، والتوصّل إلى مرضاته بالأعمال الصالحة صلاةً وصياماً وصدقةً وحجاً وعمرةً وتلاوةً وذكراً وبِرّاً وصِلة إلى غيرها من الأعمال، قال سبحانه: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ» (الأنبياء: 90)، ويقول ـ سبحانه ـ في الحديث القدسي الصحيح: «وما يزال عبدي يتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبّه».
ثامنها: تقديم حبّ الآخرة الباقية على الدنيا الفانية، والتهيّؤ للقاء الله ـ عزّ وجلّ، والتزوّد ليوم المعاد، وإعداد العدّة لذاك الرحيل المرتقَب.
* تزوّدْ للذي لا بدّ منه – فإنّ الموت ميقاتُ العبادِ
* أترضى أن تكون رفيق قومٍ – لهم زادٌ وأنت بغير زادِ
تاسعها: التوبة النصوح، وترك المعاصي والمخالفات، والإعراض عن اللاهين اللاعبين من أهل الانحراف والفجور؛ فإن مجالسهم حمّى دائمة، وسمٌّ قاتلٌ، وداءٌ مستمرّ؛ يقول تعالى: «الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ» (الزخرف: من الآية 67). ويقول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في الحديث الصحيح: «المرء يُحشر مع من أحبَّ».
عاشرها: تمنّي حسن الخاتمة؛ ليموت الإنسان على الإيمان محبوباً من الناس، قد سَلِموا من أذاه، وسَلِم من دعائهم عليه.
.
مشكور اخوي الفاضل
وبارك الله فيك
موضوع قيم جزاك الله خيرا
وفي ميزان حسناتك
مع كل الود
اختكم
سهمي عالي
يزاك الله خير عالموضوع
جـــــــزاك الله خيـــــــرا
مشكور اخوي ابن الفراات على النصايح القيمه