قبل 84 عاما من الآن حدثت حادثة كانت مفترق الطريق لأمة عمرها 1400 عام …
نشأة الدولة الإسلامية في المدنية النبوية الشريفة في العام الأول من الهجرة .. وكان قائدها وإمامها ومؤسسها خير المرسلين وخاتم الأنبياء والمبعوثين …حتى توفاه الله في العام الــــ 11 هــ فخلفه الخليفة الأول … رفيقه في الغار وسيد الصحابة الأبرار .. فأكمل البناء .. وأستمر في العطاء.. فحفظ الله به الدين .. حتى قال أهل العلم أن الله حمى الدين بأبي بكر وذلك عند صده لفتنة المرتدين .. وأدى الإمانة حتى توفاه الله في العام الـــ13 هــ … فأخذها من خير الخلق وأعطاها لخيرها بعد نبيها وصدّيقها أمير المؤمنين عمر الفاروق .. فلله در من أسلتموها منه ولمن سلمها ومن أستلمها .. فسارت الخلافة النبوية الراشدة حتى انتهت بالحسن رضي الله عنه في عام الجماعة 41 هــ …
ثم كانت دولة الإسلام لبني أمية في الشام .. فاستمرت الفتوحات .. ودخل الناس في الدين أفواجاً وجماعات … حتى قال عنها أهل العلم ” وكانت سوق الجهاد في دولة بني أمية قائمه وفي جيشهم الصحابه والصالحون .. ” ولكن مالبث ان تبدل الحال .. وحل بها ماحل بغيرها .. فانقضت سنونها وتصرمت حبالها في العام 132هـ .. فخلفتها دولة بني العباس .. وكانت في أول عهدها شديدة المراس … فكانت دولة معمرة .. استمرت قرابة الخمسمائة عام في العراق.. كانت قوية في بداية عهدها .. ثم أصابها الهرم فانقلبت قوتها إلى ضعف وشيبة .. حتى قضى التتار عليها في العراق في العام 656 هـــ … ولكنها استمرت في مصر فكانت دولة بني العباس الثانية في مصر .. ولكنها كانت إسماً بلا مسمى .. وخلافه بلا خليفة فعلي … حتى أخذها بنو عثمان الأتراك منهم حين تنازل المتوكل على الله آخر خليفة عباسي في القاهرة لسليم الأول في العام 925هــ .. فصارت إليهم الخلافة …
واستمرت الخلافة الإسلامية في بني عثمان لم ينقطع فيها المسلمون عن وجود خليفة لهم .. يتوحدون بإسمه … وأستمرت هذه الدولة لمدة 625 سنة … كانت الخلافة فيها لمدة الخمسمائة عام …
بلغت هذه الدولة من المجد والقوة أن أرعبت دول الغرب حتى اكتسحت أوربا … وما يفعله الغرب اليوم في تركيا اليوم إنما هو إنتقام لما فعله أجدادهم بهم … كانت هذه الدولة مرتبطة بالإسلام حتى ارتبط بها إسم الإسلام فسمى المسلمون في دول الغرب بالعثمانيين .. ومن يغير دينه منهم للإسلام يقال عنه أنه أصبح ” عثمانياً ” ….
وبعد وصول حزب الإتحاد والترقي إلى سدة الحكم في تركيا في أواخر الدولة العثمانية وبعد إزاحته للسلطان عبدالحميد وتعيين سلطان آخر بدلاً عنه … إنضمت تركيا إلى دول المحور في الحرب العالمية الأولى .. ومما هو معلوم ان دول المحور ( ألمانيا وإيطاليا وتركيا ) قد هزمت في هذه الحرب .. فسارعت الدولة المهزومة إلى توقيع الهدنة مع الدول المنتصره كما هو الحال في سائر الحروب … وبالفعل تم توقيع الهدنة بين الحلفاء ودول المحور بإستثناء الدولة العثمانية .. فبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى في العام 1918م رابطت الأساطيل الإنجليزية في مضيق البسفور ولم توقع الهدنة وقامت بتأخير الهدنة لمدة ست سنوات وقد إنحصرت المطالب الإنلجيزية بالآتي :
إلغاء الخلافة … طرد الخليفة .. إعلان علمانية الدولة
ومما يذكر أنه وبعد توقيع تركيا على هذه الهدنة وقبول هذه المطالب سحبت بريطانيا أساطيلها فاعترض بعض النواب الإنجليز في مجلس العموم البريطاني على إنسحاب الأساطيل الإنجليزية من البسفور فأجابهم وزير الخارجية في حينها ( اللورد كيردن ) بأن المسألة ببساطة تنحصر في أن الدولة العثمانية قد إنتهت لأننا ألغينا من حياتها القوة المعنوية التي كانت تقاتلنا بها وهي الخلافة …
ولم يصل أتاتورك للسلطه مباشرة ولكنه خدع الناس .. فقد دعا للجهاد واستثار حمية الأتراك ورفع المصحف لكي يرد اليونانيين .. وقد تم له ذلك في العام 1921م في موقعة سقاريا حتى أصبح بطلاً في عيون الناس عامة حتى مدحه الشعراء ومنهم شوقي حين قال :
الله أكبر كم في الفتح من عجب .. ياخالد الترك جدد خالد العرب
ولكن وبعد وصول أتاتورك إلى السلطة أعلن تأسيس الجمهورية التركية وفصل الخلافة عن السلطة في العام 1923م … وعندها وقف أتاتورك وهو يفتتح جلسة البرلمان التركي عام 1923 م وقال : ” نحن الآن في القرن العشرين لا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون ” … وبعدها وفي 27 رجب 1342هــ الموافق 3مارس من عام 1924م أعلن إلغاء الخلافة … وطرد الخليفة …
وبعد إلغاء الخلافة أصدر ” أتاتورك ” القرارت المكملة لإنقضاء الخلافة .. فأمر بــ :
إلغاء الأوقاف .. إلغاء المدارس العثمانية .. إلغاء اللغة العثمانية السابقة وإقرار الكتابة باللغة اللاتينية ( ليمحي بذلك تاريخ الدولة العثمانية العريق الذي حكموا به دولة الإسلام ليبعد الأجيال القادمة عن تاريخها … ) وما أشبه اليوم بالبارحة !!!
ألغى التقويم الهجري .. وأمر بإلقاء الحجاب وإغلاق المدارس الإسلامية ..
وكانت هذه من الخدمات الجليلة التي قدمها أتاتورك للغرب .. ولعظيم صنع أتاتورك قاما بابا الفاتيكان في العام 1979م بزيارة قبر أتاتورك وقال ” انا اول بابا انحنى بفخر أمام قبر أتاتورك ” …
إن من الأسباب المهمة التي يذكرها أهل الدراية عن سبب إنهيار الدولة العثمانية وسقوط الخلافة هو ” الإمتيازات التي كانت تمنح للأجانب إعتباطاً وبسخاء وكرم لا مبرر لهما ” ….
ولعلي أعيطكم مثالاً واحد لعلنا نقول من بعده ” ما أشبه اليوم بالبارحة “
حين أراد السلطان سليمان القانوني أن يعيد الطريق التجاري إلى البحر المتوسط بعد أن تحولت إلى رأس الرجاء الصالح قام إعطاء امتيازات للإيطاليين والفرنسيين والإنجليز من خلال المعاهدات وذلك ليشجعهم على الإبحار عن هذه الطريق … وقد ظن السلطان سليمان أن هذه المعاهدات والإمتيازات لا قيمة لها ما دامت القوة بيده حيث يلغيها متى شاء ويمنحها متى أراد والواقع أن الضعف الذي أصاب الدولة قد جعل من هذه الاتفاقيات قوة لهؤلاء الأجانب أولاً ولرعاياهم النصارى من سكان ومواطني الدولة العثمانية ثانياً . وكانت الامتيازات في البدء بسيطة ولكن نجم عنها تعقيدات كثيرة فيما بعد … وقد حولت هذه الامتيازات إلى اتفاقات ثنائية فأصبح بإمكان السفن الفرنسية دخول الموانئ العثمانية تحت حماية العلم الفرنسي ومنح الزوار حرية زيارة الأماكن المقدسة والإشراف عليها وحرية ممارسة الطقوس الدينية هناك … ثم أصبح مع مرور الزمن وكأنها حقوق مكتسبة ثم توسعت وشملت بعض السكان المحليين كالإعفاء من الضرائب والاستثناء من سلطة المحاكم الشرعية العثمانية والتقاضي في محاكم خاصة سموها المحاكم المختلطة …
دائما ما كنت أتمنى أن يعاصر الأحداث الهامة شاعر متمكن ينقلها لنا بأبلغ الصور والعبارات .. كما دوّن أبوتمام واقعة عمورية … وكما دون أبو البقاء الرندي أحداث ماقبل سقوط الأندلس …
وشاء الله ان يعاصر سقوط الخلافة أمير الشعر والشعراء أحمد بيك شوقي رحمه الله .. فكانت قصيدته الرااائعة .. وتقع في 44 بيت وهذا جزء منها …
عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ …. وَنُعيتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفراحِ
كُفِّنتِ في لَيلِ الزَفافِ بِثَوبِهِ …. وَدُفِنتِ عِندَ تَبَلُّجِ الإِصباحِ
شُيِّعتِ مِن هَلَعٍ بِعَبرَةِ ضاحِكٍ …. في كُلِّ ناحِيَةٍ وَسَكرَةِ صاحِ
ضَجَّت عَلَيكِ مَآذِنٌ وَمَنابِرٌ …. وَبَكَت عَلَيكَ مَمالِكٌ وَنَواحِ
الهِندُ والِهَةٌ وَمِصرُ حَزينَةٌ …. تَبكي عَلَيكِ بِمَدمَعٍ سَحّاحِ
وَالشامُ تَسأَلُ وَالعِراقُ وَفارِسٌ … أَمَحا مِنَ الأَرضِ الخِلافَةَ ماحِ
وَأَتَت لَكَ الجُمَعُ الجَلائِلُ مَأتَماً …. فَقَعَدنَ فيهِ مَقاعِدَ الأَنواحِ
يا لَلرِجالِ لَحُرَّةٍ مَوؤودَةٍ …. قُتِلَت بِغَيرِ جَريرَةٍ وَجُناحِ
إِنَّ الَّذينَ أَسَت جِراحَكِ حَربُهُم …. قَتَلَتكِ سَلمُهُمو بِغَيرِ جِراحِ
هَتَكوا بِأَيديهِم مُلاءَةَ فَخرِهِم ….. مَوشِيَّةً بِمَواهِبِ الفَتّاحِ
نَزَعوا عَنِ الأَعناقِ خَيرَ قِلادَةٍ ….. وَنَضَوا عَنِ الأَعطافِ خَيرَ وِشاحِ
حَسَبٌ أَتى طولُ اللَيالي دونَهُ ….. قَد طاحَ بَينَ عَشِيَّةٍ وَصَباحِ
وَعَلاقَةٌ فُصِمَت عُرى أَسبابِها ….. كانَت أَبَرَّ عَلائِقِ الأَرواحِ
بَكَتِ الصَلاةُ وَتِلكَ فِتنَةُ عابِثٍ ….. بِالشَرعِ عِربيدِ القَضاءِ وَقاحِ
أَفتى خُزَعبِلَةً وَقالَ ضَلالَةً ….. وَأَتى بِكُفرٍ في البِلادِ بَواحِ ( طبعا المقصود أتاتورك )
وفي آخرها بعد أن كال فيها على أتاتورك قال :
لا تَبذُلوا بُرَدَ النَبِيِّ لِعاجِزٍ ….عُزُلٍ يُدافِعُ دونَهُ بِالراحِ
بِالأَمسِ أَوهى المُسلِمينَ جِراحَةً …. وَاليَومَ مَدَّ لَهُم يَدَ الجَرّاحِ
فَلتَسمَعُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ داعِياً …. يَدعو إِلى الكَذّابِ أَو لِسَجاحِ
وَلتَشهَدُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ فِتنَةً …. فيها يُباعُ الدينُ بَيعَ سَماحِ
يُفتى عَلى ذَهَبِ المُعِزِّ وَسَيفِهِ …. وَهَوى النُفوسِ وَحِقدِها المِلحاحِ
قد يقول قائل .. ياخي فريت روسنا بهالكلام الطووويل .. شو بنستفيد احنا من هالموضوع؟
ما أود قوله .. والوصول له .. هو أن العهد قريب والحدث متجدد جديد… فهو أمر ما كان لينتهي ولن ينتهي .. والعاقل من لم يأمن العدو جانبه ولم تعرف مداخله .. فإن إنكشف كان كالقصعة تتداعى الأكلة إليها … فاستمسكوا بالدين .. وجددوا ما درس منه وأحيوا ما مات فيه .. ولا يقنط ويقول ننتظر خروج المهدي … فهذه الأمة كالغيث لا يعلم الخير في أوله أو آخره …
ولنتذكر أمران …
أولهما قول الله تعالى :
” ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ..” وقول الله تعالى ” وَعَدَ اللهُ الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرض كمااستخلف الذين من قبلهم ولَيُمَكِّنَنَّ لهم دينَهمُ الذي ارتضى لهم ولَيُبدّلنّهممن بعد خوفهم أَمْناً يَعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومَن كفر بعد ذلك فأولئك همالفاسقون ”
والأمر الآخر هو قول النبي صلى الله عليه وسلم :
” تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكونخلافة راشدة على منهاج النبوة ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم يكون ملكاعضوضا ، أو عاضا ، ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه، ثم يكون ملكا جبريا ،ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ” ….
آسف على طول الموضوع .. ولكنها إطالة كان لابد منها ولاغنى عنها … فالعذر منكم …
بانتظارها على أحر من جمر واسأل الله ان يقر أعيننا بذلك ويأتي بفتح من عنده
رائع كالعاده اخوي مضارب .. موضوع جميل جدا
بس عندي ملاحظه .. في كل عهد وفي كل وقت وعندما تستفحل المفسده .. يهيء الله للأمه من ينقذها ويصلح شأنها ..
اذا تفكر في حال البشريه تاريخيا وعلى مر العصور .. سترى صحة هذا الكلام ..
شكرا لك على الموضوع .. تسلم والله يعطيك العافيه
اذا لم نأخذ العبره من التاريخ فلا فائده من نقله
للاجيال القادمه …
فلماذا انتشرت مقولة التاريخ يعيد نفسه ؟؟
هل لاننا لم نقرأه … فتسبب ذلك في تكرار الامر مره اخرى ؟؟
أشكرك اخوي مضارب مغامر ومنكم نستفيد مواضيع قيمه وطرح مميز وسهوله في توصيل المعلومات
وتبسيطها
الله يعطيك العافيه
يزاك الله خير
ما اقول غير
الله يرحمنا برحمته
ويهدي ولاة امرنا الى ما يحبه ويرضاه
وصدقك
” ما أشبه اليوم بالبارحة “
الموضوع وايد حلو بحد ذاته
سبحان الله ما يعرف الإنسان شو ينتظره
فعلا الأحداث متجدده بس منو يحس
شكرا على الموضوع