السلام عليكم و رحمة الله ..
عزيزي القاريء الكريم :
لا تبحث عن الفائدة و المتعة من خلال الحروف
فـ أنت لن تصل إليها أبداً .. إلاّ إذا قرأت
ما لم تقله الحروف ،
و رسمت صورة أخرى غير التي رسَمَتها ريشتي على الورق ،،
و رجـــــــاءً .. لا تحاول أن تكون عادلاً أو منصفاً ..
فالعدالة .. كالقاريء الجديد الذي بحثت عنه و الذي سأظلّ
أبحث عنه حتى آخر العمر .
متمنياً .. بأن يرقى هذا المتصفح إلى ذائقتكم
__________________________________________________ ___________
أين نجد الحقيقة في هذا الكون ؟
هل هي حقيقتنا نحن ، بما نراه وما نعتقده و ما نتوهمه و ما نودّ أن يكون أم أن الحقيقة هي ما يراه أصحاب المناصب و المراكز و القوى في كافة المجالات ؟
حينما أتأمل السياسة مثلاً أجد أن الحقيقة غائبة تماماً و مانراه و ما نسمعه هو ما يريد أن يرينا إيّاه أصحاب القوة والسلطة و المال لا ما هو كائن و موجود . ولتبسيط الأمر أكثر .. أين هي أسلحة الدمار الشامل في العراق ؟
و ما حقيقة ما حدث في سجن أبو غريب ومعتقل جونتانامو ؟
و من هو الارهابي هل هو شارون أم المناضل الفلسطيني ؟
و لو تأملنا الحياة في جانبها الإقتصادي أو الثقافي لوجدنا الحقيقة غير معروفة وغير مفهومة و حتى على المستوى الشخصي فيما يتعلق بالمشاعر والأحاسيس فـ نحن غير متأكدين من حقيقة مشاعر من هم حولنا : هل يحبوننا أم يكرهوننا ؟
طافت بذهني كل هذه الأفكار وأنا أتذكر الأسطورة الجميلة التي تحكي قصة ثوب الملك ، وتقول الحكاية :
(( أن إمبراطوراً إشتهر بعشقه للثياب الفاخرة الثمينة ، جاءه ذات يوم رجلان غريبان وعرضا عليه أن يحيكا له أفخر الثياب و أعجبها ، ففرح الامبراطور و قال لهما : أخبراني عن أفخر وأعجب ثوب بإمكانكما أن تحيكاه لي ، فأجاب أحد المحتالين :إن أعجب ثوب يحتاج إلى كمية هائلة من خيوط الذهب .. و أعجب ما فيه أنه لا يراه سوى الأذكياء ، أما الأغيباء فمحال أن يروه ….؟
سٌر الامبراطور سروراً عظيماً .. كيف لا ؟وهو سيمتلك ثوباً يكشف له الأذكياء من مستشاريه و وزرائه ، و قادة جيوشه ، وشعبه
؟؟فأعطاهما كمية كبيرة من الخيوط الذهبية .
و خبأ المحتالان الذهب .. و تظاهرا بأنهما بدأ ينسجان قماش الثوب العجيب .. فكانا يحركان نول الحياكة بدقة الى الامام والى الخلف وكأنهما منهمكان في عملهما .. فيسمع أهل القصر صوت النول المنتظم .
وهكذا لم يعد هناك حديث بين الجميع سوى عن هذا الثوب العجيب …؟؟
ذات ليلة إستدعى الامبراطور ” كبيرالمستشارين ” و طلب منه أن يذهب إلى غرفة الحياكة ليرى الثوب . ذهب ” كبيرالمستشارين ” فرأى المحتالين يعملان بنشاط وهمّة .. لكنه لم يرى ثوباً .. إلا أنه تذكر أن هذا الثوب عجيب لا يراه إلا الأذكياء .عاد إلى الإمبراطور ، وأخبره أنه لم ير قط أجمل من نسيج هذا الثوب الذي سيحتاج لخيوط ذهبية أكثر ليتم صفه .
بعث الامبراطور بكمية كبيرة من الخيوط الذهبية مع ” رئيس الحرس ” وطلب منه أن يسلمها للحائكين ويستعلم منهما متى سينتهيان من حياكة هذا الثوب الجديد .
ذهب رئيس الحرس فرأى الحائكين يعملان بإنهماك شديد .. لكنه لم ير الثوب ، إلا أنه تذكرأن هذا الثوب لا يراه إلا الأذكياء ، وكبير المستشارين قد رآه ..فأعطاهما الخيوط الذهبية بعد أن أثنى على جمال الثوب ، وعاد الى الامبراطور ليحدثه عن جمال الثوب و روعته ، و أعلمه بموعد الإنتهاء من حياكته .. في الموعد المحدد حضر المحتالان الى الامبراطور لقياس الثوب الجديد …خلع الامبراطور ثيابه .. تظاهر الحائكان أنهما يلبسانه ثوبه العجيب ويضبطان قياساته ..وقف الامبراطور أمام المرآة يتأمل نفسه .. ورغم أنه لم ير الثوب .. لكنه تذكر أنه ثوب عجيب لا يراه إلا الأذكياء وقد رآه كبير المستشارين ورئيس الحرس ، فصاح قائلاً بفرح و اعجاب : هذا ثوب بديع ، ما أخف قماشه و ما أجمل ألوانه .. إنه أروع ثوب أرتديته .. أكاد لا أشعربه من خفة وزنه .
بعد يومين أمر الإمبراطور بإقامة الإحتفالات في المدينة ..ليلبس فيه ثوبه الجديد العجيب ويراه الشعب .حل الموعد ………
وخرج الامبراطور فما أن رآه الناس أخذوا يلوحون بالاعلام ويهتفون بكلمات المديح والاعجاب .. ليثبتوا لبعضهم البعض أنهم أذكياء ……..
إبتهج الامبراطور .. وراح يلوّح بيده مسروراً .. ويرفع إصبعية علامة النصر والسعادة ..فجأة .. من بين الجموع خرح صبي صغير .. وأخذ يضحك ويضحك وهو ينظر الى الموكب وراح يصيح بكل براءةوطفولة :
الإمبراطور عار … الإمبراطور عار ..
صعقت الحقيقة الجموع …….. عادوا الى رشدهم وراحوا يصيحون مع الطفل …
الإمبراطور عار …الإمبراطور عار ..
هذه الحكاية البسيطة الكلمات .. العميقة المعاني تحمل بين سطورها مغزى عظيماً ألا وهو طمس الحقائق بإدعاء ما لانراه و ما ليس فينا ، و ما لا نفهمه و ما لا نعرفه .
كم نحن اليوم بحاجة الى طفل بريء و صادق يخرج علينا ليقول لنا الحقيقة التي ضاعت من بين أيدينا و لم نعد نعثر عليها ،
فنحن لم نعد نعرف حقاً أين هي الحقيقة من السراب ؟
وأين هو الحق من الباطل ؟
ومن هو الظالم من المظلوم ؟
الكل يدعي أنه يرى ثوب الحقيقة لكي يثبت لنفسه وللآخرين كم هو ذكياً الكل يسير مع الركب دون أن يسأل نفسه إن كان حقاً يرى ثوب الامبراطور أم لا ..
إن ثوب الإمبراطور يقول لنا جميعا أن :
السياسة : كذبه كبيرة لا يصدقها سوى العقلاء
الحب: وهم كبير لا ندرك ذلك إلا متأخراً
الصداقة : فخ كبير لا نراه إلاّ بعد الخيبة والخذلان
الكتابة : خدعة للذات حينما نتوهم أن الآخرين لن ينسونا
في الغد حكاية أخرى
هل ثمة فرق بين الحب والإعجاب ؟
كلاهما ينبعان من مصب واحد ..
القلب البشري بطيبته
و مشاعره الطيبة الدافئة الحانية الحالمة ؛
لكن يبدو أن الإعجاب هو حب بالعقل ،
والحب هو إعجاب بالقلب ……………….
كما أن الحب شعور خاص يجمع بين إثنين
و فيه شيء من الأنانية و حب التملك ؛
بينما الإعجاب هو شعور عام تجاه شخص ما
فيه الكثير من الفضول و اللهفة .
فقد يعجب المرء بشخص دون أن يحبه ،
لكن لا يمكن أن تحب شخصا دون أن تعجب به !!
و الحب لا يأتي إلى قلب إنسان لأن إنسانا آخر معجب به ..
بل الحب يأتي إلى قلب الشخص الآخر
لأن قلب إهتم به و حن علية و عامله بلطف وحنان !!
فالإعجاب إحساس لطيف و خفيف و مدهش و آسر
و الحب إحساس يترجم السلوك و التصرف ………….
و المرء إذا لم يجد ما يعجبه
فسوف يعجبه مايجدة ،
لأن القناعة أحياناً هي :
رضى لكل من بخلت عليه الحياة بشيء من أمانية و أحلامة .
و لعلّ من أكبر أخطاء الرجل في الحياة ،
أن يعجبه وجه إمرأة أو عيناها فيتزوجها كلها
و ليس فقط وجهها الذي أعجبه أو عيناها التي سحرته ،
و لا عجب في ذلك
لأن الأئتلاف بين قلبين و روحين
أعمق من ذلك بكثير وأبعد مدى .
و لعلّ السؤال المؤلم المقلق المحيّر الذي يقلق الأغنياء دائما :
” هل يعجب الناس بي لذاتي أم لنقودي ؟؟ “
و هو بلا شك سؤال حيوي وجوهري ..
فالمال يغير كل شيء
و يجعل من البخيل حريصاً
و من الجبان حكيماً و من الظالم مظلوما ……..!!!
و إذا كان المثل العربي القديم يقول :
” كل فتاة بأبيها معجبة ”
كـ دلالة على تلك العلاقة الخاصة و الحميمة
بين الفتاة و أبيها
و كيف أن الأب يحب إبنته أكثر
و يحنو عليها أكثر من أبناءة الأولاد ،
و كذلك الحال لدى الإبنة
التي تهتم بأبيها و تحنو عليه
و تراه أجمل الرجال و أطيب الرجال و أكرم الرجال ..
فهو الرجل المثالي في حياتها التي ترى فيه
كل صفات فارس الأحلام ،
أقول إذا كان المثل العربي يقول ذلك ،
فإنني أستطيع أن أقول وبكل صدق :
” كل أم بإبنها معجبة ”
و هذا الأمر حقيقي و متعارف عليه
فكل أم ترى في إبنها الجمال و الرجولة و الشهامة
و أنه يستحق الكثير من الخير
و تحقيق الأحلام الكبيرة في هذه الحياة !!
و أجمل مافي مشاعر الإعجاب
أنها لحظات ممتعة
و أحاسيس و مشاعر غامضة ..
فقد نظن أن الشخص الآخر معجب بنا
كما نشعر نحن تجاهه
لكننا غير متأكدين من هذا الإحساس
و هذا يعني إرتباطنا بأرض الواقع
دون إقتحام لحياة الطرف الآخر أو خصوصيته ..
و قد يكون التقرب بشكل لائق إجتماعياً
مما يعني بداية لعاطفة حب أو صداقة بين قلبين ..
و قد ينبيء التقرب عن نهاية هذا الإعجاب
حينما يتعامل أحد الطرفين مع الآخر بجفاء وتعالي …….
و عادة ما تكون مشاعر الإعجاب المتبادل
بين الفتيات أكثر من الشباب ،
ربما لكون العاطفة لديهن هي الغالبة
على تفكيرهن و حياتهن ،
فيما الشباب عادة لا يهتمون بمثل هذه المسائل
و ربما إعتبروها شيئاً من الإبتذال و السخرية ،
و لا تقتصر هذه المشاعر
على الفتيات فقط في عمر واحد أو متقارب ،
بل ريما تتجه مشاعر الإعجاب
بين الطالبات و المعلمات و العكس صحيح أيضاً ،
و هي في الغالب مشاعر
دافئة و بيضاء وبريئة ونقية
تتسم بالرقة و العذوبة و الطيبة .
و مادام الحديث عن الإعجاب ،
فهناك قصة تجمع بين الحزن و الطرافة
تبيّن الفرق بين الحب والإعجاب …..
تحكي قصة طالبة
أنهت المرحلة الثانوية
و أختيرت مع مجموعة من الطالبات المتفوقات
لقضاء سهرة في قصر عابدين مع الملك فاروق ،
كـ تكريم لهن .
و حين شارفت الحفلة على الإنتهاء
إختارها الملك فاروق و دعاها
لكي تسير معه في حديقة القصر ؛
و تحدث معها ببساطة و قضى معها ساعة ونصف بلا ملل ؛
ثم إنتهى الحفل ،
لكن القصة لم تنتهي بالنسبة للفتاة ،
فقد أثرت الحادثة كثيراً على نفسيتها بشكل كبير ،
جعلها ترفض الإرتباط و الحب و أغلقت قلبها تماماً ؛
و أصبحت بكل بساطة ..
تحلم بأن تكون الملكة
و أن ترتبط إرتباط رسمي بالملك فاروق .
إذ لم تسمح نفسية الفتاة الهشة ذات السبعة عشرة عاماً
بغير هذا و لم تفهم
أن كل ماحدث لها بـ كل ضخامته ..
ليس سوى حادثة تافهة بالنسبة للملك .
هل قرأتم ذلك :
” حادثة تافهة بالنسبة للملك ”
و هذا ما أتذكره تماماً
كلما رأيت جموع الناس
تلتقي بلاعب أو فنان أو ممثل في مكان عام ،
كل ما يحدث من المعجبين به
من سلام و تواقيع و تحيات ..
ما هي إلاّ في النهاية :
” حادثة تافهة بالنسبة لهم ” …………
تحياتي لكم / لقلوبكم .. جميعاً
بعض البشر كاليد المعطرة التي تعبق كل يد تصافحها ..
بعض البشر كصدفة البحر حينما تتألم وتبكي لا تخلف وراءها سوى حبات اللؤلؤ ..
بعض البشر حينما تكشر الدنيا بأنيابها في وجوههم و تهديهم الحزن تلو الحزن .. ثم تبتسم لهم في النهاية ..
يرفضون أن يكونوا أنانيين ويستأثروا بكل هذا الفرح لوحدهم بل يسعون إلى نشر الفرح و الأمل للناس و للدنيا بكل طيبة ومحبة ومودة .
بالأمس كنت أفتش بين أوراقي القديمة عن شيء ما ، فوجدت هذه القصاصة من الورقة التي خبأتها كي أكتب عنها ذات يوم ..
قصاصة كنت قرأتها في جريدة ما في بريد القراء فأستوقفتني بإنسانيتها و شدتني بما تحمله من معاني جميلة تدعوا للحب و للتسامح و للأمل ..
لن أزيد في الكلام الإستهلاكي و سأترككم مع صاحبة الرسالة كما كتبتها هي دون زيادة أو نقصان … :
” كنت قد نويت أن أكتب لك منذ زمن بعيد ، لكن ظروفي حالت دون ذلك و الآن فإنني أشعر بأنه قد آن الآوان لكي أطلعك أنت و قراء هذا الباب على تجربتي مع الحياة .
فأنا سيدة في الثامنة و الثلاثين من العمر نشأت في أسرة ميسورة الحال ، عشت في كنفها حياة هادئة إلى أن تخرجت من الجامعة .. وعقب التخرج إلتحقت بعمل ممتاز يدر علي دخلاً كبيراً .. وأحببت عملي كثيراً وأعطيته كل إهتمامي ، و تقدمت سريعاً حتى تخطيت كثيرين من زملائي .
و كنت خلال مرحلة الجامعة قد ارتديت الحجاب بإرادتي و إختياري ،
و بدأ الخطاب يتقدمون إلي ، لكنني لم أجد في أحدهم ما يدفعني للإرتباط به ، ثم جرفني العمل و الانشغال به عن كل شيء آخر حتى بلغت سن الرابعة و الثلاثين ، و بدأت أعاني النظرات المتسائلة عن سبب عدم زواجي حتى هذا السن ، و تقدم لي شاب من معارفنا يكبرني بعامين .. و كان قد أقام عقب تخرجه عدة مشروعات صغيرة باءت كلها بالفشل .. و لم يحقق أي نجاح مادي ، و كان بالنسبة لي محدود الدخل ، لكنني تجاوزت هذه النقطة و رضيت به و قررت أنني بدخلي الخاص ، سوف أعوض كل ما يعجز هو بامكاناته المحدودة عنه ..
وستكون لنا حياة ميسورة بإذن الله .
و قد ساعدني على إتخاذ هذا القرار أنني كنت قد بدأت أحبه .. و أنه قد أيقظ مارد الحب النائم في أعماقي ، والذي شغلت عنه طيلة السنوات الماضية بطموحي في العمل ، كما أنه كان من هؤلاء البشر الذين يجيدون حلو الكلام ، و قد روى بكلامه العذب ظمأ حياتي .. و بدأنا نعد العدة لعقد القران وطلب مني خطيبي صورة من بطاقتي الشخصية ليستعين بها في ترتيب القران .. و لم أفهم في ذلك الوقت مدى حاجته لهذة الصورة لكني أعطيتها له .
و في اليوم التالي فوجئت بوالدته تتصل بي تليفونياً ، و تطلب مني بلهجة مقتضبة مقابلتها على الفور .. توجست خيفة من لهجتها المتجهمة ، وأسرعت إلى مقابلتها ،
فإذا بها تخرج لي صورة بطاقتي الشخصية و تسألني هل تاريخ ميلادي المدون بها صحيح ؟
و أجبتها بالإيجاب و أنا أزداد توجسّاً وقلقاً ،
ففوجئت بها تقول لي : إذن فإن عمركِ يقترب الآن من الأربعين .
و ابتلعت ريقي بصعوبة ثم قلت لها بصوت خفيض إن عمري 34 عاماً .
فقالت إن الأمر لا يختلف كثيراً لأن الفتاة بعد سن الثلاثين تقل خصوبتها كثيراً ، و هي تريد أن ترى أحفاد لها من إبنها ..
لا أن تراه يطوف بزوجته على الأطباء جرياً وراء الأمل المستحيل في الإنجاب منها .
و لم أجد ما أقوله لها لكني شعرت بغصة شديدة في حلقي .. و إنتهت المقابلة وعدت إلى بيتي مكتئبة ..
و منذ تلك اللحظة لم تهدأ والدة خطيبي ، حتى تم فسخ الخطبة بيني و بينه ، و أصابني ذلك بصدمة شديدة ، لأنني كنت قد أحببت خطيبي وتعلقت بأمل السعادة معه ..
لكنه لم ينقطع عني بالرغم من فسخ الخطبه ، و راح يعدني بأنه سيبذل كل جهده لإقناع والدته بالموافقة على زواجنا ..
و استمر يتصل بي لمدة عام كامل دون أي جديد .. و وجدت أنني في حاجة إلى وقفة مع النفس و مراجعة الموقف كله ..
و انتهيت من ذلك إلى قرار بأن لا أمتهن نفسي أكثر من ذلك ،
و أن أقطع هذه العلاقة نهائياً ..
و فعلت ذلك و رفضت الرد على إتصالات خطيبي السابق .
و مرت ستة أشهر عصيبة في حياتي .. ثم أتيحت لي فرصة السفر لأداء العمرة فسافرت لكي أغسل أحزاني في بيت الله الحرام .. وأديت مناسك العمرة .. ولذتُ بالبيت العتيق و بكيت طويلاً ، و دعوت الله أن يهييء لي من أمري رشدا ،
و في أحد الأيام كنت أصلي في الحرم و انتهيت من صلاتي و جلست أتأمل الحياة في لحظة سكون ، فوجئت بسيّدة إلى جواري تقرأ في مصحفها بصوت جميل ..
و سمعتها تردد الآية الكريمة ” وكان فضل الله عليك عظيما “
فوجدت دموعي تسيل رغماً عني بغزارة ، و التفتت إلي هذه السيدة و جذبتني إليها ،
و راحت تربت على ظهري بحنان ،
و هي تقرأ لي سورة الضحى إلى أن بلغت الآية الكريمة ” و لسوف يعطيك ربك فترضى “
فخيّل إلي أنني أسمعها لأول مرة في حياتي ،
مع أني قد رددتها مراراً من قبل في صلاتي .. و هدأت نفسي .
و سألتني السيدة الطيبة عن سبب بكائي فرويت لها كل شيء بلا حرج فقالت إن الله قد يجعل بين كل يسرين عسرا ، وإنني الآن في العسر الذي سوف يليه يسر بإذن الله .. و إن ماحدث لي كان فضلاً من الله لأن كل بلية نعمة خفية كما يقول العارفون ،
و شكرتها بشدة على كلماتها الطيبة و دعوت لها بالستر في الدنيا والآخرة .
و غادرت الحرم عائدة الى فندقي وأنا أحسن حالاً ، و انتهت فترة العمرة و جاء موعد الرحيل ، و ركبت الطائرة عائدة إلى القاهرة فجاءت جلستي إلى جوار شاب هاديء الملامح و سمح الوجه ،
و تبادلنا كلمات التعارف التقليدية .
فوجدتني أستريح إليه واتصل الحديث بيننا طوال الرحلة إلى أن وصلنا الى القاهرة ،
و انصرف كل منا الى حال سبيله ،
و أنهيت إجراءاتي في المطار ،
و خرجت فوجدت زوج أقرب صديقاتي إليٌ في صالة الإنتظار ، فهنأني بسلامة العودة و سألته عما جاء به للمطار ،
فأجابني بأنه في إنتظار صديق عائد على نفس الطائرة التي جئت بها ، و لم تمض لحظات إلا و جاء هذا الصديق ،
فإذا به هو نفسه جاري في مقعد الطائرة وتبادلنا التحية ،
ثم غادرت المكان بصحبة والدي .
و ما أن وصلت إلى البيت و بدلت ملابسي و استرحت بعض الوقت حتى وجدت زوج صديقتي يتصل بي ، و يقول لي إن صديقه معجب بي بشدة ، و يرغب في أن يراني في بيت صديقتي في نفس الليلة لأن خير البر عاجله ،
ثم يسهب بعد ذلك في مدح صديقه والإشادة بفضائله ،
و يقول لي عنه إنه رجل أعمال شاب من أسرة معروفة و على خلق و دين ،
و أنه تمنى لي من هو أفضل منه لكى يرشحه للارتباط بي .
و خفق قلبي لهذه المفاجأة غير المتوقعة .. و استشرت أبي فيما قاله زوج صديقتي فشجعني على زيارة صديقتي لعل الله جعل لي فرجاً .
و زرت صديقتي ،
و زوجها و التقيت بجاري في الطائرة ،
و استكملنا التعارف و تبادلنا الإعجاب ..
و لم تمض أيام أخرى حتى كان قد تقدم لي ..
و لم يمض شهر و نصف الشهر بعد هذا اللقاء حتى كنا قد تزوجنا ، و قلبي يخفق بالأمل في السعادة ، و حديث السيدة الفاضلة في الحرم عن اليسر بعد العسر يتردد في أعماقي .
و بدأت حياتي الزوجية متفائلة و سعيدة و وجدت في زوجي كل ما تمنيته في الرجل الذي أسكن اليه من حب و حنان و كرم و برّ بأهله و بأهلي ،
غير أن الشهور مضت و لم تظهر أية علامات للحمل ، و شعرت بالقلق خاصة أنني كنت قد تجاوزت الخامسة والثلاثين ،
و طلبت من زوجي أن أجري بعض التحاليل و الفحوص خوفاً من ألاّ أستطيع الإنجاب ،
فضمني إلى صدره و قال لي بحنان غامر
إنه لا يهمه من الدنيا سواي ..
وأنه ليس مهتماً بالإنجاب ،
لأنه لايتحمل صخب الأطفال و عناءهم ،
لكنني أصررت على طلبي ..
و ذهبنا إلى طبيب كبير لأمراض النساء ،
و طلب مني إجراء بعض التحاليل ،
و جاء موعد تسلّم نتيجة أول تحليل منها فوجئت به يقول لي إنه لا داعي لإجراء بقيتها لأنه مبروك يامدام .. إنتي حامل ! .
فـ لاتسل عن فرحتي و فرحة زوجي بهذا النبأ السعيد ..
و في ذلك الوقت كان زوجي يستعد للسفر لأداء فريضة الحج ،
فطلبت منه أن يصطحبني معه لأداء الفريضة و أداء واجب الشكر لمن أنعم علي بهذه النعم الجليلة ، و رفض زوجي ذلك بشدة و كذلك طبيبي المعالج لأنني في شهور الحمل الأولى ..
لكنني أصررت على مطلبي و قلت لهما إن من خلق هذا الجنين في أحشائي على غير توقع قادر على أن يحفظه من كل سوء ،
و إستجاب زوجي لرغبتي بعد استشارة الطبيب ..
و سافرنا للحج و عدت و أنا أفضل مما كنت قبل السفر .
و مضت شهور الحمل في سلام و إن كنت قد عانيت معاناة زائدة بسبب كبر سني ،
ثم جاءت اللحظة السحرية المنتظرة و تمت الولادة و بعد أن أفقت دخل علي الطبيب و سألني باسماً عن نوع المولود الذي تمنيته لنفسي فأجبته بأنني تمنيت من الله مولوداً فقط و لايهمني نوعه بل أنني حرصت على عدم معرفة نوعه أو السؤال عنه أثناء الحمل ..
ففوجئت بالطبيب يقول لي : إذن ما رأيك في أن يكون لديك الحسن و الحسين وفاطمة !
و لم أفهم شيئاً و سألته عما يقصده بذلك ،
فإذا به يقول لي و هو يطالبني بالهدوء و التحكم في أعصابي إن الله سبحانه و تعالى قد منٌ علي بثلاثة توائم ،
و كان الله سبحانه و تعالى قد أراد لي أن أنجب خلفة العمر كلها دفعة واحدة رحمة منه بي لكبر سني .
و انفجرت في حالة هستيرية من الضحك والبكاء و ترديد عبارات الحمد والشكر لله ..
و تذكرت سيدة الحرم الشريف والآية الكريمة ” و لسوف يعطيك ربك فترضى ”
و هتفت أن الحمد لله .. الذي أرضاني وأسبغ علي أكثر مما حلمت به من نعمته .
و إنني أكتب اليك رسالتي من أحد الشواطيء ، حيث نقضي إجازة سعيدة أنا و زوجي و أطفالي ، و لكي توجه رسالتي هذه الى كل فتاة ، تأخر بها سن الزواج أو سيدة تأخر عنها الإنجاب و تطالبهن بألاّ يقنطن من رحمة الله ..
وألا يقطعن الرجاء في الخالق العظيم ،
فلقد كنت أردد دائماً دعائي المفضل :
” ربي إن لم أكن أهلاً لبلوغ رحمتك ،
فرحمتك أهل لأن تبلغني لأنها قد وسعت كل شيء “
مساءً حكاية أخرى و عذراً لقلوبكم ..
عزيزي فارس الكلمة ومروضها … كلما حاولنا إرضاء الآخرين … فإننا بذلك نجعل مشاعرهم أهم من مشاعرنا … إذا أجلنا سعادتنا وقدمنا عليها سعادة الآخرين حتى لو كنا نعتقد اننا نفعل هذا بدافع من الحب سينتهي بنا الحال إلى الشعور بخيبة الأمل إزاء ردود أفعالهم تجاهنا …
بطريقة أو بأخرى فان محاولتنا إسعاد الآخرين لن يكون كافيا ابدا لتحقيق الغرض منها سواء النسبة لنا أم بالنسبة للآخرين ….
سوف ينتهي بنا الحال إلى أن نتوقع الكثير من الآخرين … مما يؤدي بنا إلى الاستياء الشديد …
وذلك تفقد الحياة بهجتها !!! لأننا نعتمد على الآخرين لتحقيق سعادتنا … بينما لا يعتقد أن أي شخص يمكنه ذلك بالفعل …
إن أحدا لا يعرف الطريق إلى اسعادنا سوانا … أترك الماضي يطفو على السطح … لكن لا تعيش فيه ..
هذه الحياة مليئة بالمتلونين وممن لديهم القدرة على تغيير جلودهم بين الفينة والأخرى ربما حسب المزاج !!
تحياتي لشخصك الكريم ….
لكل إنسان في هذه الحياة مجموعة من القواعد العامة أو المباديء التي يؤمن بها وتشكل حياته وتبلور شخصيته و أفكارة و مشاعرة و طرق تعاملة مع الآخرين .
و هذه القواعد والمباديء ربما تكون واعية و واضحة و ظاهرة للبعض و ربما تكون غير واضحة فيتعامل معها الفرد بطريقة لا واعية دون أن يحس بأثرها في حياته ، و ربما تأتي هذة المباديء في صور تبريرات أو توضيحات يذكرها المرء لتفسير ردود أفعالة أو توضيح سلوك ما قد يستغرب منه الآخرون ذلك .
كل منا له قاعدة ما يؤمن بها بشكل لايقبل الجدل ، تتوافق مع أفكارة و قيمه و تنشئته و خبراته الحياتية المختلفة …
ففي فيلم ” ذاترانس بورتر ” يعيش رجل القوات الخاصة السابق ” فرانك مارتن ” حياة شبيهة بتلك التي أعتادها من خلال توظيف نفسه بصفة ناقل مرتزق يعمل على نقل البضائع والناس من مكان إلى آخر ، و يؤدي الرجل عمله دون طرح أي أسئلة ، بل ينقل أشياء غامضة و مثيرة للشك في سيارته الفارهة مطبقاً ثلاث قواعد لا يتجاوزها مطلقاً .
القاعدة الأولى : لاتغير إتفاقاً أبداً .
القاعدة الثانية : لا أسماء ، ” ففرانك ” لايريد معرفة الأشخاص الذين يعمل لحسابهم ولاحتى ماينقله .
القاعدة الثالثة : لاتطلع على الأشياء التي تنقلها أبدا .
و لاتبدو مهمته الأخيرة مختلفة عن المهام التي سبق وأن أداها في الماضي .
حيث كلفه رجل يدعى ” وول ستربت ” ليوصله ، لكنه يتوقف في منتصف الطريق بعدما لاحظ حركة غريبة في الصندوق الذي يعمل على نقله ، ليكسر ” فرانك ” القاعدة الثالثة ويلقي نظرة على الشحنة ، ليكتشف أنها فتاة جميلة مقيدة .
و يعيش بطل الفيلم حالة من التردد تفرضها علية قواعده الثلاث ، إذ يرى أنه لابد أن يتدخل لينقذ حياة هذه الفتاة المسكينة التي يعمل على نقلها ، ليكتشف لاحقا أن القواعد وضعت في الأساس ليكسرها أحدهم ، لكن من الذي يجروء على ذلك ؟؟
و لا أدري لماذا حينما إنتهيت من مشاهدة هذا الفيلم الممتع ، أتذكر أحد الأصدقاء الذين مثل ” فرانك ” تماماً يؤمن بقواعد عامة معينة ، ويرددها دائماً بثقة و فخر ، و يناضل كثيراً في سبيل الحفاظ عليها حتى و لو كلفه ذلك أن يخسر صديقاً عزيزاً أو يضخم موقفا بسيطاً عابراً و يجعل منه حدثاً كبيراً وكأن قواعده العامة التي وضعها هي من يجب أن تسير عليها كل عجلات قطار الآخرين لأنه فقط يؤمن بها ويراها قاعدة عامة يجب أن تحترم وان يحسب لها ألف حساب حينما يتعامل الآخرون معه .
و وجدتني أحاول أن أتأمل ذاتي وأسأل نفسي بصدق :
ما هي قواعدك العامة يا فارس ؟؟؟
ما هي قواعدك التي ربما تجروء على تحطيمها و ربما لا تجروء ؟؟؟
فوجدت أنني أحاول أن أجعل قطار عمري يسير على ثلاث قواعد فقط :
القاعدة الأولى : لا تكره أحداً .
فحينما نكره أي أحد .. مهما أساء إلينا أو ظلمنا نكون قد أفسدنا حياتنا من حيث لاندري .
وحينما نكره أحداً .. لأنه أكثر منا مالاً أو جمالاً أو شهرة أو حظاً أو صحة .. فنحن نكره بلا ذنب إرتكبه في حقنا و كذلك نذنب لأننا نتعدى على عطاء الرب وحكمة الرب وكرم الرب وتفضل الرب على خلقه .
و لايعني هذا أننا لانحمل بعض مشاعر العداء تجاه أشخاص ما فنحن في النهاية بشر ربما نحمل بعضاً من نباتات الشر داخلنا ، لكن الله لا يحاسبنا عليها أبداً مادامت في صدورنا ، فالرب لا يحاسب ابن آدم على ماحدثت به نفسه .. وهذه نعمة عظيمة من الله عزوجل ، ولكن يحاسبة على ما بدر منه في القول أو العمل .
القاعدة الثانية : لاتنتظر خيراً مقابل معروف أنت قمت به .
لا تنتظر أي شيء .. لا حُب و لا عطاء و لا تضحيات و لا هدايا .. إفعل الخير لله فقط و إرمية في صندوق أعمالك لتجده هناك في السماء يوم القيامة .
فحين تعمل معروفاً و تنتظر المقابل حتى و لو كانت كلمة شكر أو إبتسامة فأنت تضع فعلك تحت تأثير ردة فعل الآخرين فربما يسعدك و ربما يحزنك و ربما يشجعك وربما يحبطك ، وهذا خطأ كبير أن نربط الخير والمعروف برد الجميل من الآخرين أو حتى نكرانه وجحوده .
القاعدة الثالثة : لاتقطع شعرة معاوية بينك وبين أي شخص كان ، وأترك هناك دوماً خط للرجعة .
فمن يدري .. فربما تحتاج إليه يوماً فتشعر بالحرج لأن النهاية كانت مؤلمة لأحدكما ، و ربما يحتاج هو إليك فيتذكر إساءتك البالغة له فيمتنع عن ذلك .. فتكون خسرت مساعدته وأنت تستطيع أو حتى فرصة الإعتذار له بعمل ما ، أو عودة النفوس إلى تصافيها في مناسبة عامة حاول أن يستغلها لمد يد الحب والصداقة لك .
هذه هي القواعد العامة التي أؤمن بها في حياتي وربما تكون مثالية نوعا ما ، و ربما يراها البعض خيالية نوعا ما ، لكن الكتابة في المنتديات و وسائل الإعلام المختلفة ،،
علمتني الصدق مع الذات و الآخرين ،
و أقول لكل من أعرفة و من لم أعرفه بعد ، و كل من أحببته و من لم أحببه بعد .. هذا أنا بكل بساطتي وعفويتي لا أستطيع أن أكرة أحد ، لا أستطيع أن أغلق خط رجعة بيني وبين أي شخص كان ، لا أعرف أن أجعل من عمل ما أؤدية طريقاً لـ مكانة ما …..
أحب دوماً أن أعيش كما أحب و كما أتمنى .. و لا أحلم يوماً بكسر قاعدة من هذه القواعد و لا أظنني بقادر يوماً ما على أن أجروء بكسرها …
لأنني حينما أكسرها أكون كسرت الإنسانية بداخلي ……
للشتاء والمطر رائحة عشق أبدية تعطر زوايا الفؤاد..وتبث فينا الحنين لزمنٍ ما نجهله..
اخي فارس بلا جواد..
بعض الحروف لا تتعدى قدر كاتبها.. وبعضها تنحني خجلا من صاحبها.. سلمت يمينك
تقبل مروري بعدد زخات المطر ^_^