موضوع وجدته بالصدفة ولا اتفق مع بعض نقاطه الفرعية , إلا انه موضوع يستحق القرائة , حيث ان فكرته الأساسية صحيحة.
لا يكاد يمر يوما على العالم إلا و يزداد فيه بعد الغالبية العظمى من الناس عن حقيقة الثروات الاقتصادية التي بين يديهم. العالم يعيش حالة مظلمة من الفقر الاقتصادي و هم يظنون أنهم يحسنون صنعا. هذا الظلام لن يطول كثيرا و لا بد يوما ما أن ينقشع لتظهر الحقيقة الجلية واضحة كوضوح الشمس.
لعبة الدولار و جميع العملات الورقية لعبة شارفت على النهاية.
لنعود إلى الوراء قليلا لنتأمل في مجريات التاريخ بلمحة خاطفة.
منذ مئات السنين و حديثا مع بداية عام 1800 كانت الثروة الحقيقية و العملة الرئيسية التي يتعامل بها البشر هي الذهب بمختلف فئاته و أشكاله.
كان الذهب عملة حفظ الثروة
كما كان عملة التداول بين البشر في تجارتهم في السلع و الخدمات
و أيضا كان عملة العد النقدي
المعلوم أن الحضارة الإسلامية اضمحلت أنوارها في هذه الفترة و تصدر الغرب قيادة العالم علميا و حضاريا و ثقافيا. استهلاك الغرب للثروات الطبيعية المتوفرة حول العالم بدأ ينمو بشكل مطرد و لم تعد كافية لهم مواردهم المحلية في بلادهم فاتجهوا إلى غزو العالم شرقا و غربا, شمالا و جنوبا.
تقاسمت أوروبا الغنية بالمعرفة و الصناعة و القوة فيما بينها موارد العالم فانتشر الاستعمار في شتى بقاع الأرض من قبل الدول الغربية و هذا معروف للجميع. و أهم مقومات الاستعمار التي كانوا يحتاجونها هي قوة الآلة العسكرية التي تمكنهم من إخضاع العالم قهرا تحت سيطرتهم فدأبوا على تطوير هذه الآلة العسكرية بشكل مذهل لكي تدعم أهدافهم الاستعمارية حول العالم. و لكن كان هناك ثمن لهذه القوة ألا و هي القوة البشرية. فلا حرب و لا استعمار بدون أن تكون هناك تضحيات بشرية من قبلهم كثمن عليهم دفعه من أجل تحقيق أهدافهم.
الهدف الأسمى من الاستعمار الغربي للعالم هو من أجل نهب الثروات الطبيعية للدول المستعمرة و إعادتها إلى بلادهم ليقوموا باستهلاكها في تنمية قوتهم الاقتصادية و الاجتماعية و العسكرية.
العالم في نظر الغرب لم يكن سوى منطقة عذراء و خصبة و غنية بالثروات الطبيعية و ظنوا أنها موجودة في الكون لخدمتهم فقط. أما سكان البلاد المحتلة من قبلهم فهم ليسوا بأغلى من أي قطيع غنم في نظرهم.
العملة الرئيسية للتداول و حفظ الثروة و العد النقدي كان الذهب بصفة أساسية و الفضة كفرع من الذهب. من لا ذهب له كان في نظرهم فقيرا ماديا.
مع اكتشاف أمريكا من قبل أوروبا الغربية بدأ النزوح الأوروبي باتجاه الغرب الأقصى منهم و استعمرت القارة الأمريكية من قبل الأوروبيين المتمرسين في غزو و استعمار العالم و تم القضاء بشكل كبير على أي نفوذ أو ثروة كان يملكها سكان القارة الأمريكية الأصليين أي من كانوا يسمون بالهنود الحمر و استعمر الأوروبيين الغزاة القارة بأكملها و بعد أن قويت شوكتهم الاقتصادية و العسكرية انقضوا ثائرين على وطنهم الأم (أوروبا) و “حرروا” أنفسهم من سيطرة القارة الأوروبية الأم و كونوا كيان جديد بما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية.
ركز الغزاة الأوروبيين للقارة (و دعونا من الآن نسميهم بما سمو أنفسهم به أي الأمريكان) على اكتشاف و نهب ثروات القارة العذراء من سكانها الأصليين من أجل بناء هيكل اقتصادي و عسكري ضخم ينافس أجدادهم الأوروبيين. اكتشفوا الذهب في غرب القارة و مناطقها المختلفة و نزحوا من أجل البحث عن الذهب غربا. و أصبحت لديهم مقولة مشهورة (اذهب غربا يا فتى) من أجل الثروة. كما اكتشفوا النفط في بلادهم و أحدث النفط لديهم ثورة صناعية هائلة مكنتهم من التقدم في بناء الهيكل الاقتصادي و العسكري الذي يحلمون به.
ظن الأمريكان أن ثرواتهم في قارتهم ستكفيهم للعيش بعيدا عن الحاجة للعالم. ذهب, بترول, زراعة, صناعة, الخ.. و ساعدتهم عزلتهم على بناء “كيانهم الهدف” بعيدا عن صراعات العالم.
عندما بدأت عملتهم الدولار الأمريكي بالظهور اقتصاديا في قارتهم كان أساسها الذهب بل كانت في بداية الأمر تمثل الذهب الذي كانوا يودعونه في مصارفهم و يحصلوا على قسائم إيداع من المصرف كدليل فقط أن المودع لديه كمية معينة من الذهب. و مع مرور الوقت و استتباب الأمن نوعا ما و تعود الناس أن يتركوا ذهبهم في المصارف بدلا من تعرضهم لخطر السرقة فأصبحوا يتداولون السندات الورقية الصادرة من المصارف فيما بينهم لقضاء حاجاتهم الاقتصادية.
من هنا نشأت فكرة المصارف و الأوراق المالية كعملة تداول و حفظ للثروة. حيث أن أي شخص كان يرغب في تخزين ثروته في بيته أو يرغب في الانتقال إلى بلد أخرى في القارة كان يذهب للمصرف و يحصل على الذهب الخام حسب ما تشير إليه الورقة التي معه و يرحل.
الورقة النقدية كانت هي الذهب بعينه و لم تكن سوى مستند يثبت ملكية الشخص للذهب المودع في المصرف.
من هذه الورقة النقدية نشأ الدولار الأمريكي و خاصة بعد أن توحدت القارة عبر معارك عديدة طاحنة تحت كيان فيدرالي موحد كما نعرفه اليوم.
بدأ شأن الدولار يعلوا و وصلت سمعته إلى القمة حول العالم استنادا على سمعة دولته الفدرالية التي كانت تنمو اقتصاديا بشكل رائع مما زاد من حدة هجرة البشر من جميع أنحاء العالم إلى دولة “الحرية و الفرص الاقتصادية” الأولى عالميا “أمريكا”.
نختزل الوقت لكي لا نكرر معلومات معروفة للجميع و لا تصب في الهدف من هذا الطرح.
مع مرور الوقت بدأ يظهر لأمريكا أن الثروات الحقيقية حول العالم وضعها الله سبحانه و تعالى في العالم الإسلامي بشكل أساسي أو بطريقة أخرى في دول يقطنها مسلمون بالأغلبية. كما بدأت أمريكا بملاحظة أن ثرواتها الطبيعية في بلدها قاربت على مشارف النقص الحاد نتيجة استهلاكهم المنقطع النظير لهذه الثروات من أجل ارتقاءهم اقتصاديا ليتمكنوا من الاستمرار في صدارتهم للعالم.
و نخص بالحديث هنا عن النفط كثروة أساسية حيث اكتشف وجوده في جزيرة العرب بكميات تكاد تكون لا تنضب.
للمعلومية فان أكبر و أغنى مناجم الذهب حول العالم موجود في دولة اندونيسيا حيث كان تحت سيطرة الهولنديين و يمثل حجم الذهب الذي تم شحنه و تهريبه من قبل رؤساء اندونيسيا إلى سويسرا غالبية الذهب الأساسي الذي يمثل المخزون الأصلي لسويسرا من الذهب بعد سيطرتهم على ملكية هذا المخزون عقب وفاة رؤساء اندونيسيا المعروفين و عدم تمكن أو عدم وجود من يخلفهم لمطالبة سويسرا بالذهب الذي أصبح ملك لسويسرا شرعا.
النفط تم اكتشافه في دول الخليج و على رأسهم المملكة العربية السعودية و يمثل أكبر احتياطي نفطي في العالم.
إذا عدنا إلى أمريكا (قبل اكتشاف نفط المسلمين) نلاحظ أن برميل النفط كان يعادل قيمة معينة من الذهب حيث أن برميل واحد من النفط الأمريكي كان يساوي تقريا 10% من قيمة أونصة الذهب. و لكن كان وقتها هذا يتم عبر تسعيرة بالدولار الذي كان يمثل الذهب. أونصة الذهب كانت قيمتها مثبتة بحدود 35 دولار بينما كان برميل النفط تقريبا 3.5 دولار. و كان الذهب فعلا موجود أونصة بأونصة وراء كل دولار يصدر في أمريكا.
بدأ العالم يلاحظ القوة الاقتصادية و العسكرية الأمريكية و خصوصا بعد الحروب العالمية و بدأ الدولار يأخذ وضعه القيادي حول العالم محاكاة لقوة دولته المصدرة له. من هنا بدأ نمو الدولار كعملة نقدية يقتنيها العالم “كمخزن ثروة” و”وسيط تداول اقتصادي” و “أساس عدد نقدي”.
أصبح الدولار الأمريكي هو الثروة التي يسعى إليها جميع العالم لاقتنائها.
حدث تحول مريب و في غاية الخطورة في أمريكا و مر مرور الكرام على العالم أجمع. و قبله العالم كقبوله بالأمر الواقع و كونه “حقيقة اقتصادية بعينها” و لا تقبل الجدل أو النقاش.
عندما لاحظ الأمريكان أن الثروات الطبيعية و على رأسها النفط ليست حكرا لهم و ليست موجودة في أراضيهم فقط بل أن الله سبحانه و تعالى خص بها العالم الإسلامي و كونها أهم ثروة طبيعية على رأس الأوليات الاقتصادية الكبرى بدأت مخالب أمريكا الاستعمارية تنمو من جديد استنادا على غرائزهم المتوارثة من أجدادهم الأوروبيين. و بحساب بسيط وصلت العقول الإستراتيجية التي تخطط اقتصاد أمريكا و صلت إلى استنتاج أن حاجة أمريكا من النفط سوف تتعدى حدودها الإقليمية و لابد من وسيلة ما للسيطرة على هذا النفط بدون أن يكلفهم أي مقابل مادي.
زد على ذلك أن أمريكا بدأت أيضا تنضج اقتصاديا و بدأت تضع خططا من أجل تنمية مستوى معيشة الفرد الأمريكي بأقل جهد ممكن. حيث قاموا بتحويل دول العالم بدءا من اليابان و انتهاء بالصين إلى دول تقوم شعوبها “تسخيرا” بالعمل من أجل إنتاج ما يحتاجه الاقتصاد الأمريكي بدون مقابل مادي أيضا لكي ينعم به الفرد الأمريكي “مجانا”.
سميت هذه التطورات بثورات اقتصادية بدءا بالثورة الزراعية (حيث كان على الفرد الأمريكي أن يزرع) و بعدها بالثورة الصناعية (حيث كان على الفرد الأمريكي أن يصنع) و كلها عمل فيه مشقة و جهد.
حتى وصلوا إلى ما أسموه الثورة المعلوماتية (حيث أن الفرد الأمريكي يرتاح من العمل) و يعيش بأغلبيته العظمى تنابلة عالة على ما ينتجه العالم من صناعات و يستهلك من ثروات تأتيه من شتى أنحاء الكرة الأرضية بكل سهولة و يسر.
كيف وصلت أمريكا إلى هذا المستوى من رغد العيش بدون استعمار أو حرب تكلفها حياة أبناءها و طاقاتها البشرية التي خططت لها أن تعيش مستوى عالي من الجودة بأقل التكاليف؟
أوروبا (أجدادهم) لم تستطيع أن تفعل ما فعلته أمريكا من الاستحواذ على ثروات العالم بدون أن يكلفها ذلك أي مال أو جهد أو تضحية.
هذا يصل بنا إلى لعبة الدولار و النفط.
المجريات الجيوسياسية في المنطقة العربية تفسر خطة أمريكا بوضوح.
بعد اكتشاف النفط في المنطقة استنبط المخططين الأمريكيين أن دولتهم ستصل يوما ما إلى مرحلة لا تستطيع معها توفير الذهب الكافي لشراء النفط من المسلمين. لأن الذهب معدن ثمين و مكلف لهم و محدود الكمية و الثروة ليست في بلادهم حتى يستهلكوها بل في بلاد مسلمين و خاصة في الشرق الأوسط.
تم إلغاء أي علاقة للدولار بالذهب و من يملك دولار لا يحق له مطالبة أمريكا بقيمته ذهبا.
انحسرت موجات الاستعمار حول العالم و بدأت الدول في حصولها “على استقلالها المزعوم” تدريجيا لأنه لم يبقى للاستعمار أي داعي طالما أن دول النفط هي التي تسعى لتوصيل ثرواتها الطبيعية إلى أبواب أمريكا بنفسها و تستلمها منها أمريكا معززة مكرمة و تعطيهم مقابلها أوراق ليس لها أي قيمة اقتصادية حقيقية مطلقا. و زد على ذلك أن أمريكا لا تدفع هذه الأوراق نقدا حتى لا تضطر إلى طباعة كميات كبيرة قد تكلفها بعض الجهد بل تكتفي بدفعه “الكترونيا” أي بقيده “لحساب” أصحاب الثروة النفطية في بنوكهم الأمريكية.
تطورت الأدوات المالية التي استحدثتها أمريكا إلى درجة شديدة من التعقيد حتى يستمر انبهار العالم بالدولار كعملة حفظ الثروة و تداول مالي و عد نقود. و الكلام كان لكل العالم و لكن الحديث موجها بالأصل إلى العرب المسلمين أصحاب الثروات الطبيعية الحقيقية (الحديث للعالم و لكن اسمعي يا جارة؟!).
نجحت أمريكا في الضحك على العالم أجمع فهي تأخذ ثرواتهم و خيراتهم و بالمقابل تعطيهم أوراق أو أرقام الكترونية مقابلها و من هنا نشأت فكرة الثورة المعلوماتية من أمريكا.
فهي في الحقيقة تخدم الاقتصاد الأمريكي بالدرجة الأولى حيث يستمر الأمريكي يعيش تنبل على العالم ويستمر العالم يكدح و يضحي بثرواته الطبيعية و الصناعية من أجل خدمة هؤلاء التنابلة.
المضحك المبكي أن العالم دائما يعتقد أن أمريكا في وضع اقتصادي صعب كونها لديها ديون عالية في موازناتها التجارية مع العالم و لا أعتقد أنهم يتجاهلوا أن أمريكا ليست مدينة للعالم بأي شيء ذو قيمة اقتصادية لا تستطيع تقديمه بيسر و سهولة لسداد لدينها إذا أرادت. و لكن أغلبهم (العارفين بالشيء) يؤمنوا بأن هذا قدر اقتصادي موجود في الطبيعة مثل وجود النفط. و يجهل العالم أن أمريكا تضحك عليهم بالفم المليان و هي تأخذ ما تريد و لا تعطي أي شيء ذو قيمة مقابله.
هل تريدي يا دولة النفط الوقورة أن تسدد لك أمريكا دينها لكي؟ نعم؟ استلمي إذا دولارات لا أول لها و لا آخر.
تريدين دولارات الكترونية أم “طازجة” من الفرن مباشرة؟ الالكترونية لا تكاد تكلف شيء أما الطازج فسيكلفنا قليل من الورق و الحبر. (و لا أقصد بالطازج دجاج الفقيه لأن الدجاجة تكلف أكثر من قيمة طباعة الدولار الواحد).
أما بقية العالم فليتنافسوا مع بعضهم البعض أيهم يستطيع أن ينتج أكثر و أجود و أرقى المنتجات لاهداءها لنا بالمجان كما فعل المسلمون قبلهم بفارق أن المسلمين هداهم الله ألا يصنعوا شيئا و يرتاحوا في بيوتهم و نعطيهم مقابل ثرواتهم الطبيعية ورق و حبر ليفرحوا به قليلا.
هذه هي الحقيقة بعينها و كل ما نراه و نشاهده أمامنا من “دورات اقتصادية” و طفرات مالية و بورصات تصعد و تهوي ما هي سوى ألاعيب مالية هزلية أتقنتها أمريكا من أجل الاستيلاء على مقدرات شعوب العالم و ثرواتهم و منتجاتهم بالمجان.
عودة إلى الذهب.
قيمة أونصة الذهب اليوم تساوي 10 أضعاف قيمة برميل البترول, تماما كما كانت القيمة عندما كانت أمريكا تعمل لوحدها منعزلة عن العالم الخارجي.
لاحظ كيف تتقن أمريكا لعبة تقييم سعر أونصة الذهب لكي تساوي ما كانت عليه منذ أمد بعيد و حتى “يرضى” الاقتصاديون بأن سعر الذهب و البترول في توازن من يومه. و لا داعي للخوف و الأمور تسير على ما يرام و تستمر لعبة الدولار و طباعتها اللانهائية و ما بعدها.
معلومة بسيطة:
عندما حصلت فورة الذهب الشهيرة في بداية الثمانينات و وصلت أمريكا إلى مشارف انكشاف غطاء لعبتها قامت بحيلة ذكية و خطيرة جدا. لاحظت أن سوق نيويورك كومكس للذهب هو السوق الذي اتجه إليه المستثمرين الكبار (و على رأسهم أثرياء عرب بإدارة لبنانية) و كما هو معروف سوق كومكس سوق تعاقدات آجلة. و عندما وصل سعر الذهب إلى أسعار عالية (us$ 850) و كذلك الفضة التي وصل سعرها إلى 50 دولار للأونصة و الطلبات لشرائه لا تتوقف و خاصة من العرب وصلت السوق إلى مأزق حقيقي حيث أن المشترين الكبار أعطوا أوامرهم للبورصة أنهم يريدون أن يستلموا الذهب و الفضة الخام و الذي اشتروه عبر العقود و يرغبوا في دفع كامل قيمته نقدا (دولاريا) و شحنه إلى بلادهم أو في مخازن خاصة بهم.
هنا انكشفت أمريكا و بورصة الكومكس لأن الذهب و الفضة الذي تم التعاقد عليه مع العرب لا يوجد له رصيد فعلي من الذهب و الفضة الخام في مخازن الكومكس. و من ناحية أخرى المشترين العرب لديهم نقدا يغطي كامل قيمة الذهب و الفضة الذي تعاقدوا على شراءه أولا عبر دفع 10% تأمين جزء من قيمة العقد كما هو متعارف عليه, و عندما رفعت البورصة التأمين إلى 50% نقد لكي تثبط من عزائم المستثمرين ظنا منها أنهم مضاربين لحظيين قام العرب بدفع 50% من عقودهم و بعدها رفعت البورصة التأمين إلى 100% أيضا دفع العرب المبلغ كاملا و بالأسعار العالية و استمروا بالشراء و هناك كشفوا أوراقهم للبورصة أنهم يريدون الذهب و الفضة خام إلى بلادهم و مخازنهم الخاصة.
فما كان من الحكومة الأمريكية إلا أن تصدر قرار تم تنفيذه عبر البورصة ينص على منع “فتح أي عملية أو عقد شراء جديدة” و من لديه عقد شراء حالي ليس له إلا أن يبيعه فقط و لا يبيعه لأي أشخص يشتري من جديد بل لمن باعه سابقا على المكشوف.
من هنا تمت فبركة انهيار أسعار الذهب و الفضة و استمرت أمريكا في حياكة مؤامرتها الدولارية الكبرى على العالم.
إلى ماذا وصلنا اليوم؟
كمية الذهب الخام الموجود في مخازن العالم و لم يستهلك في صناعات مختلفة لا تزيد في أحسن تقدير عن 120 ألف طن. قيمته بسعر اليوم 1.5 تريليون دولار حسب سعر البورصة الوهمي اليوم.
أكثر من 70% من ذهب العالم الخام مخزن في سويسرا.
إنتاج المملكة السنوي من النفط إذا حسبنا 10 مليون برميل يوميا بسعر 40 دولار و سعر الذهب 400 دولار للأونصة ينتج لنا التالي:
أن المملكة تنتج ما يعادل قيمته 11,000 طن ذهب سنويا. أي أن المملكة لو قامت بتثبيت سعر نفطها عند 100 غرام ذهب لكل برميل بترول تقوم بتصديره و تشترط أن تحصل مقابله على ذهب خام يصدر إليها لكي تخزنه في مخازنها داخل البلد فسوف تستحوذ 100% على كل ذهب العالم في خلال 10 سنوات. و لن يبقى أونصة ذهب واحدة في أي مكان في العالم.
في المقابل نشاهد الحقيقية المرة بالأرقام:
إجمالي ثروات العالم “النقدية الورقية” الآن يصل إلى 50 تريليون دولار أمريكي. بالأرقام 50,000,000,000,000.
و سوف يصل إلى 100 تريليون دولار بعد 10 سنوات. 100,000,000,000,000.
ما سوف تدخله المملكة من دولارات “ورقية” في نفس العشر سنوات (الذهبية كمثال أعلاه) هو:
هل أنت جاهز؟ أعصابك حديد؟ يفضل الجلوس عن الوقوف لكي لا تقع فجأة:
1.44 تريليون دولار.
أي أننا سوف تكون لنا ثروة نقدية ورقية (على افتراض أننا لن نصرف دولار واحد في خلال 10 سنوات) تعادل 1.4% من ثروات العالم الورقية.
طبعا الفرق شاسع بين أن نستحوذ على 100% من كل ذهب العالم (و الذي يعتبر عملة حقيقية) و بين أن يكون لنا 1.4 % من إجمالي ورق العالم.
اليوم إذا حسبنا “ثرواتنا الورقية” يوجد في مؤسسة النقد 100 مليار دولار و في بنوكنا مثلها 100 مليار دولار (لا تكون شديد في الحساب و مشيها على كده). و ضيف عليها 500 مليار دولار أصول ورقية (عقار و أسهم كل واحدة منها ا تريليون ريال) أي أن اقتصاد أكبر دولة نفط في العالم يملك ثروة ورقية توازي 1.4 % من ثروات العالم الورقية الآن.
غريب نفس رقم اليوم و بعد 10 سنوات. يعني مكانك سر. و ياريت المكان يفتخر فيه؟
في ختام الطرح نأتي سريعا الآن إلى اليورو و ما أدراك ما اليورو؟
وجهان لعملة واحدة و لا أتعس من الدولار إلا عملة أجداده. و يخطي من يظن أن اليورو ملاذ آمن من الدولار. اللعبة واحدة.
ظهور اليورو بشكل حاسم و جدي على الساحة الدولية أفزع أمريكا في الصميم لأنها أيقنت أن أجدادها (أوروبا) توحدوا و دخلوا إلى لعبة العملات في أحلى أوقاتها بعد أن مهدت أمريكا الطريق لهذه اللعبة على مدى عشرات السنين.
كيف؟ هل يعقل أن تسكت أمريكا على هذه المهزلة الأوروبية لترى المجد يعود لأجدادهم و ينزعوا بساط الاستعمار الورقي من تحت أرجل أمريكا؟ ليعود المجد مرة أخرى إلى وطنه الأصل؟
هل أدركت أمريكا أن لعبتها الورقية انتهت (و لكن ليس على أيدي ضحاياها من العالم الذين كشفوا اللعبة) و لكن على أيدي جدودهم الأوروبيين؟ اللذين انتظروا اللحظة الحاسمة لدخول سوق النهب و السرقة لمقدرات العالم و ثرواتهم الطبيعية و الصناعية؟
هل أمريكا أصبحت في خطر من نقص إمداداتها الحقيقي من الثروات الطبيعية بعد دخول اليورو إلى ساحة السرقات العالمية؟
يعني كل هذا التعب و الشقاء و العناء و ألن غرينسبان و بنوك لميعة و تكنولوجيا آخر صرعة لن تضمن لنا الحصول على ثروات العالم بسهولة مثل أيام زمان؟
إذا كان كذلك فلم يبقى لنا سوى خيار واحد و أخير (و قديم و مجرب من أجدادنا) و هو أن نبدأ باستعمار العالم و نهب الثروات مباشرة بأيدينا. و لو كلفنا هذا حياة بعض من أولادنا. بعدين لازم أحد يضحي من أجل الشعب الأمريكي.
ألو؟ صدام؟ قررنا نحيلك على التقاعد؟
للكاتب الأستاذ عبدالكريم عداس
موضوع قيم و ثري
و اشكر الكاتب على هذه المعلومات القيمة
ينظر الينا الغرب باننا ” العرب” مجرد هبل وسفهاء و تحت ارجلنا النفط
لا نستطيع ان ندير هذه الثروة
شكرا على نقل الموضوع القيم