الاتحاد 12/05/2007
بين عشية وضحاها نفاجأ بظهور شركات عقارية جديدة تطرح مشاريع عملاقة تناطح السحاب بمليارات الدراهم تتجاوز رأسمالها بعشرات المرات· وتتفنن تلك الشركات في إعلاناتها وتوظف أحدث أساليب التسويق لبيع مشاريعها، وتشد المستثمرين الصغار إلى عالمها الحالم؛ عالم الرفاهية والمتعة والخيال بلا حدود لدرجة يسال أمامها لعابهم ويضطرون للجوء إلى الاقتراض من البنوك التي تمول تلك المشاريع بنسب كبيرة لتحقيق حلم العمر وهو شقة في مشروع مازال وهما وقد يبقي في الخيال لعدة سنوات·

رقم المليار وليس المليون درهم أصبح شعار تلك الشركات غير الجادة التي تستحوذ على مئات التصاميم المنسوخة، وتفتقر إلى أدنى مقومات الشركة سواء على صعيد المباني الإدارية أو الكادر الوظيفي أو رأس المال أو خطط التسويق والإعلان،لا بل وتبالغ في تكلفة مشاريعها، فالبرج الذي لا تزيد تكلفته عن 200 مليون درهم يتحول بقدرة قادر إلى 800 مليون درهم، والأبراج التي لا تزيد تكلفتها عن ملياري درهم تقفز بغمضة عين إلى عشرة مليارات وهلم جر·

وتشوه تلك الشركات غير الجادة السوق العقاري النامي في أبوظبي والذي احتلت فيه شركات التطوير العقارية الكبرى مكانة وسمعة طيبة بعد أن حولت مشاريعها إلى واقع يلمسه الجميع في بيع تلك المشاريع خلال ساعات مثلما يحدث مع شركات الدار وصروح والقدرة ومنازل على وجه الخصوص، بينما لا تتمكن شركات الفقاعة العقارية من بيع بعض وحداتها رغم إعلانها عن توفر التمويل لها من بنوك بنسبة تصل إلى 98% وسنوات سداد قد تزيد عن 20 عاما·

وأدى غياب الشفافية في سوق العقارات إلى تزايد عدد تلك الشركات بصورة مقلقة للغاية، ويتدافع صغار المستثمرين الذين هربوا من جحيم الأسهم إلى ”جنة العقار” لعلهم يعوضون خسائرهم إلا أنهم يفاجئون بالواقع الأليم الذي يتطلب تدخل الجهات المعنية حتى ينضبط السوق ولا يزداد ثراء من لا يستحق وبدون إنجاز حقيقي يشاهده المستثمرون على أرض الواقع··

”الاتحاد” التقت في معرض ”سيتي سكيب أبوظبي” مع عدد كبير من المستثمرين الصغار حيث أعربوا عن تخوفهم من ظهور الشركات غير الجادة، وأكدوا أن المستثمرين الصغار اتجهوا حاليا إلى الاستثمار العقاري بعد تكبدهم خسائر فادحة في سوق الأسهم وتعاقدوا على وحدات سكنية كثيرة لكنهم متخوفون من جدية بعض الشركات في تنفيذ تلك المشاريع خاصة أن حججهم قد تكون مبررة بسبب كثرة المشاريع وقلة شركات المقاولات فضلا عن ارتفاع أسعار مواد البناء بصورة مستمرة وعدم الانتهاء من البنية التحتية لبعض المشاريع العملاقة·

شفافية ومصداقية
قال عبد الله زمزم، الرئيس التنفيذي للدعم المؤسسي لشركة الدار العقارية: إن وجود شركات لا تتمتع بالشفافية والمصداقية في تعاملها مع المشترين يرجع في الأساس إلى عدم وجود استراتجية تسويق متكاملة لديها، وهذه الشركات تتعجل وتستهدف الربح السريع ولا تقول الحقيقة إلا إذا باعت مشروعها حين طرحه وإذا لم تبع لا تعلن ولابد أن تراقب تلك الشركات من قبل الحكومة المكلفة بحماية صغار المستثمرين أولا ومن قبل المشترين ثانيا وعليهم أن يعرفوا المعلومات التفصيلية عن تلك الشركات من ناحية رأسمالها وموقعها في السوق وأنشطتها وأن يطالبوها باستمرار بتطورات المشروع ولو حدث ذلك وترسخت الشفافية فإن السوق سينضبط بشكل كبير·

ويضيف: لا نريد للمستثمرين الصغار في مجال العقارات أن يقعوا في مطبات وأخطاء مثل التي وقع فيها مستثمرو الأسهم بحيث يشترون عقارات سكنية دون دراية أو علم وافر وأن يستفيدوا من تلك التجربة الصعبة التي عاشها مستثمرو الأسهم وعليهم أن لا ينخدعوا بإعلانات بعض الشركات غير الجادة وأنصحهم أن يتجهوا لشركات التطوير العقاري الكبرى وغيرها لأنها قادرة على تنفيذ المشاريع الكبيرة وتلتزم بمواعيد التنفيذ·

ويوضح زمزم أن كثرة الشركات العقارية في سوق أبوظبي يفرض تحديات كثيرة خاصة على الشركات الكبرى موضحا أن شركة الدار تعلم جيدا أن السوق في وضعه الحالي لن يكون مثل السوق منذ عامين عندما طرحت مشروع شاطئ الراحة وبيع خلال نصف ساعة بالكامل، وقد توجهت الشركة حاليا لدعم خطتها التسويقية بعد توقف عن التسويق دام لمدة 8 أشهر وتعد حاليا استراتيجية تسويقية متكاملة علما بأن نجاحنا في بيع مشاريعنا في السابق لا يرجع للتسويق الجيد فقط بل لاعتبارات عديدة أبرزها احتياج السوق بصورة ملحة للفيلات والوحدات السكنية وتزايد الطلب عليها مع قلة العرض الشديد فيها فضلا عن أنها كانت من أوائل مشاريع العقارات القوية في أبوظبي إضافة إلى تميز مواقع مشاريع الدار وشهرة الشركة بالتصاميم المتميزة وجودة التنفيذ والالتزام الصارم بموعد التسليم·

ويعتقد زمزم أن الشركات غير الجادة لن تستمر طويلا في سوق أبوظبي وسيكتشفها المستثمرون بأنفسهم سريعا·

العملاء أذكياء
يرى منير حيدر، الرئيس التنفيذي لشركة صروح، أن نجاح واستمرار الشركات في العمل في سوق أبوظبي الذي يشهد نموا غير مسبوق يعتمد بصورة رئيسية على ترسيخ الشفافية في تعاملاتها مع العملاء مؤكدا أن العملاء في غاية الذكاء ويسعون إلى معرف كل التفاصيل عن الشركات وكل شركة تعي غير ذلك فهي واهمة·

ويضيف: الشفافية التي رسختها صروح أدت إلى بيع غالبية مشاريعها بنسب تراوحت بين 60% و90 % علما بأن هذا النجاح لا يعود فقط إلى استراتيجية التسويق التي نتبعها بل لجدية التنفيذ ونؤكد لجميع العملاء بأننا لن نتأخر في تسليم وحداتهم السكنية والأيام ستثبت ذلك للجميع وأعتقد أن عملاءنا يولونا ثقة كبيرة تدعمها النوعية المتميزة لمشاريعنا وجودتها وانفتاحنا عليهم بصورة كبيرة وتلبيتنا لمطالبهم بدقة·

تشويه سمعة القطاع
قال سعادة محمد جوعان البادي، رئيس مجموعة البادي” مؤكداً أن ظاهرة الشركات غير الجادة غير صحية وهي تشوه سمعة القطاع العقاري والإمارة ولابد أن يتم مواجهتها بقوة والمسؤولية هنا تقع على عاتق الحكومة، ونعتقد أن حكومتنا يقظة وتدعم القطاع العقاري لكي ينهض بقوة ولا يتعرض لأية هزة·.

ثلاثة أصناف
يصنف فردان حسن الفردان رئيس مجلس إدارة شركة الريان الشركات العقارية العاملة في أبوظبي إلى ثلاث أولها شركات متعجلة حيث تطرح مشاريع بأسعار منخفضة لتحصيل أكبر كمية من الأموال من المشترين لتنفيذ تلك المشاريع وجنى المزيد من الأرباح السريعة؛ وشركات متوسطة التعجل حيث تطرح نصف وحداتها بأسعار السوق وإبقاء النصف الثاني لبيعه بعد إنجاز المشروع بسعر أعلى ؛ وشركات متأنية حيث لا يهمها البيع وجنى الأرباح في الوقت الحالي ولا يوجد لديها مشكلة في التمويل·

وينوه إلى أن الرأسمال الضخم ليس شرطا لإنشاء الشركة العقارية لأن تلك الشركة يمكن أن تحصل على أراض وتمول بنائها بسهولة جدا من البنوك وهناك شركات تختص في بيع الأراضي فقط وثالثة تبيع مشاريع في طور التطوير ولا تحتاج إلى رأسمال كبير بل إلى دراية وخبرة·.

ويوضح أن رأسمال شركته التي تعمل في مجالات عدة يصل إلى 400 مليون درهم وطرحت مشاريع عقارية بأكثر من مليار و250 مليون درهم ولا يوجد تخوف مطلقا من تأخر مشاريعها لعدة أسباب أولها الموقع المالي القوي لمالكي الشركة فضلا عن أن السوق العقاري في أبوظبي متعطش بصورة كبيرة للسكن بجميع فئاته وتؤكد دراسات محلية وأجنبية أن الزيادة على الطلب في أبوظبي ستستمر لأكثر من عشر سنوات وفي عام 2016 سيتراجع الطلب·

وأضاف الفردان: تشهد قطاعات كثيرة في أبوظبي تطورات كبيرة غير مسبوقة سواء البترول أو الصناعة أو غيرهما وتلك التطورات تؤثر بصورة كبيرة على قطاع العقارات حيث يزداد الطلب كثيراً على الشقق والمكاتب ،وأدى الوضع الحالي إلى ظهور الكثير من الشركات العقارية وأعتقد أنه لا توجد فقاعة عقارية لكن ”الأيدي الخفية” كما يسميها علماء الاقتصاد وهي حالة التوازن بين العرض مع الطلب ستؤدي إلى اختفاء الشركات غير الجادة والتي لن تصمد كثيرا في السوق، وأعتقد أن الشفافية ليست متواجدة في السوق بشكل كاف لكنها موجودة لدى بعض الشركات وهي في ازدياد وتحتاج إلى وقت وأتمنى أن تصل سوق أبوظبي إلى مستوى السوق البريطاني الذي يوفر جميع المعلومات التفصيلية عن الشركات العقارية وهي معلومات تؤمن ثقافة للكثير من مستثمرينا بأنها ممنوعة التداول·

ويذكر أن القطاع العقاري يعيش مشكلة حقيقة وللأسف يعتقد الكثيرون أن هناك أزمة في الوحدات السكنية والصحيح أن الأزمة لا تقف عند ذلك بل تتعداها إلى المكاتب والفيلات السكنية كما أن بعض الشركات لا تفهم السوق جيدا ولا تعرف فن التسويق على أصوله ومن المهم أن يبدأ تسويق المشروع عند مرحلة التصميم ويتم إقرار سياسة تسويقية تتفق مع السياسة التسعيرية للشركة، وقد انتبهت بعض الشركات لمشكلة التسويق في أبوظبي فاتجهت إلى التعاقد مع شركات عالمية ومحلية متخصصة في التسويق كما سار بعض الملاك الصغار على دربها وأعتقد أن بعض الممارسات السلبية في السوق ستختفي بمرور الأيام وانضباط السوق·

تسهيلات البنوك
قال الدكتور سليمان محمد الضلعان، المدير العام لشركة إشراق، أحدث الشركات العقارية في أبوظبي، والتي طرحت مشروع مارينا رايز في جزيرة الريم بـ7,5 مليار درهم: شركتنا تعمل في مجال التمويل العقاري أيضاً ورأسمالها مليار درهم ومازلنا في البداية وسنعمل على زيادته خاصة وأن البنوك في الإمارات تقدم تسهيلات كبيرة وقد استوفت الشركة جميع الشروط التي تحددها الجهات المعنية في أبوظبي والإمارات لممارسة النشاط·

ويضيف: تملكت إشراق الأرض من شركة طموح المطور الرئيسي لجزيرة الريم وأعددنا تصاميم الأبراج وأعلنا عن بيع أراضي المنطقة الشمالية وقد بعنا بالفعل 5 قطع ونتفاوض على بيع 6 قطع أخرى ولدينا تصاميم أبراجها· أما أراضي المناطق الجنوبية فسنقوم ببناء أبراجها بتكلفة تصل إلى 5 مليارات دراهم ولا نتسرع في البناء بل نسير بخطى ثابتة ومن المتوقع بدء المشروع نهاية العام الجاري على أن ينجز عام 2009 ولم نطرح الوحدات السكنية للبيع بعد·

ونعتقد أن سوق أبوظبي واعدة وفيها فرص استثمارية كبيرة خاصة وأن البنوك تمول الوحدات بنسب كبيرة وحصلنا على نسب تمويل وصلت إلى 70% وسداد على عشرين عاما·

One thought on “خبراء ومسؤولون عقاريون: شركات الفقاعة تلفظ أنفاسها سريعاً

Comments are closed.