صلاحيات هيئة الأوراق المالية تقتصر على المؤسسات المحلية
خبراء يطالبون بمعايير تضبط التقييمات الأجنبية لأسهم الشركات المساهمة

طالب خبراء ماليون بإصدار لائحة من المعايير الدولية لتنظيم عمل شركات التقييم والاستشارات المالية الأجنبية العاملة في الأسواق المحلية، كونها تصدر تقارير ودراسات استشارية وتوصيات تؤثر على قرارات المستثمرين في الأسهم.

وأشار هؤلاء إلى أن هيئة الأوراق المالية والسلع تحتاج إلى فرض سلطتها الرقابية على شركات التقييم الاستشارية العالمية، فيما طبيعة القوانين المعمول بها حالياً تحصر مسؤولياتها بشركات الاستثمار المحلية.

ولكن مصادر في الهيئة تشير إلى أن دول العالم المتطورة والمتقدمة على صعيد الاستثمار وأسواق المال لم تصدر حتى اليوم قانوناً واحداً يقيد الشركات الأجنبية أو يراقب أداءها، وهو ”أمر يحتاج الى تحرك عالمي، لتتمكن الإمارات من الدخول في منظومته”.

وعادت دراسات التقييم المالية لتلقي بظلالها على اهتمامات المستثمرين والمتابعين في أسواق المال المحلية. ورغم الإيجابيات التي قدمتها التقييمات لمختلف القطاعات والشركات في أسواق العالم، إلا أن سلبياتها بدأت تطفو على السطح مؤخراً.

”هناك جدل عالمي كبير حول هذا الموضوع منذ أزمة إنرون، عندما أوصت ميريل لينش بشراء سهم الشركة التي تبين على إثرها أن لها تعاملات ومصالح بينهما”، بحسب هيثم عرابي مدير مجموعة الأصول في شعاع كابيتال.

وفي الأسبوع الماضي، شن بنك أبوظبي التجاري حملة قانونية واسعة ضد صناديق ومؤسسات استثمارية أميركية اعتبر أنها وراء تكبده خسائر جراء أزمة الرهون العقارية التي تفشت في سوق الولايات المتحدة وبعض البنوك الأوروبية منذ أكثر من 20 شهراً.

وبحسب التقارير التي وردت عن لائحة الدعوى، فإن ”مورجان ستانلي” و”بنك أوف نيويورك ميلون”، ووكالتي ”موديز” و”ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، على لائحة الاتهامات الموجهة من جانب ”أبوظبي التجاري”.

وكانت شركة ”الاتحاد العقارية” رفعت اعتراضاً لدى هيئة الأوراق المالية والسلع مطلع الشهر الماضي، احتجاجاً على توصية مورجان ستانلي ببيع سهم الشركة.

وأكدت ”الاتحاد العقارية” على لسان زيد غول مديرها المالي والإداري أن فريق التقييم الخاص بمورجان ستانلي لم يطلب أية معلومات مباشرة من إدارة الشركة لأغراض تقييم السهم، حيث قام الفريق بالاعتماد على معلومات غير حديثة من دون العودة الى إدارة الشركة للتأكد من صحة هذه المعلومات قبل إصدار التقرير والتوصية بالبيع، الأمر الذي قابلته مورجان ستانلي من دون تعليق.

وقال عرابي: ”الأزمات الماضية والحالية دفعت إلى المطالبة بإيجاد معايير تضمن الشفافية والاستقلالية في إدارة البحوث والدراسات بفصلها عن إدارات الاستثمار فيما يعرف باسم ”سور الصين”، ولكن حتى الآن لم تتخذ قرارات حاسمة بهذا الصدد”.

وبالنظر إلى ضخامة شركات البحوث والاستثمار العالمية، فإن هذا الأمر يفتح الباب واسعاً أمام تضـــارب المصـــالح، وفـــقاً لعرابي.

ويُطلق مصطلح ”سور الصين” أو بلفظه باللغة الإنجليزية ”شاينيز وول” على واحد من أكثر أساليب الشفافية المطبقة في الشركات المتخصصة بنشاط الاستثمار بواسطة الصناديق والمحافظ، إلى جانب نشاط الدراسات والبحوث الاستثمارية والاستشارية، والذي تسعى من خلاله إدارة الشركة إلى الفصل فصلاً تاماً بين القطاعين، ومنع أي منهما من الاستفادة من الآخر تحسباً لتضارب المصالح، حيث تطبق هذا الأسلوب أغلب شركات الاستثمار المحلية والإقليمية.

يشار إلى أن هيئة الأوراق المالية والسلع أدخلت في 24 مايو الماضي بعض التعديلات على قانون الاستشارات المالية بهدف تنظيم التقارير الصادرة وحماية المستثمرين، حيث تفرض التشريعات الجديدة على كل المحللين الماليين والخبراء الاستشاريين في الأسواق المحلية الحصول على شهادة اعتماد من قبل الهيئة قبل تقديم خدماتهم، ومنحتهم مهلة مقدارها أربعة أشهر للتسجيل.

إلا أن الهيئة لا تستطيع مقاضاة أو التدخل فيما يصدر عن دراسات وبحوث من جانب الشركات الأجنبية التي تستهدف الشركات المحلية.

واعتبر وسطاء أن تعديلات القانون تضبط حركة تقييمات الأسهم التي تصدر عن الشركات المحلية، في حين يعتبر ضبط توصيات الشركات الخارجية ”أمراً في غاية الصعوبة”.

وطالب عرابي بوضع دستور عالمي شامل يكفل للشركات المساهمة والاستثمارية معايير وأساليب تمكن السلطات المحلية من اتباعها ومراقبة أداء الشركات فيها بمختلف أنواعها.

ومن جانب آخر، فإن الشركات والبنوك العالمية التي تعمل في الأسواق المحلية تحتفظ بمراكز استثمارية في البورصات، فهي بالتالي تستفيد من تبعات عمليات التقييم التي تقوم بها، وانعكاساتها على سلوك المستثمرين، بحسب بسام الرمحي مدير التداول في شعاع للأوراق المالية.

وطالب الرمحي في الوقت ذاته أن تقوم هيــــئة الأوراق بدور الرقيب على الأقل فيما يتعلق بنشاط الشـــركات الأجنبية المتخصصة بالبحوث والدراسات الاستثمارية.

ويختلف في المقابل وضع الشركات المحلية عن مثيلتها الأجنبية، فشركات التقييم المالي والاستثماري العالمية تتواجد في مختلف الأسواق حول العالم، ولكن في بعض الأحيان تستطيع هذه الشركات الوصول إلى صيغة تعاون مع الشركات المساهمة العامة، بحسب زياد الدباس المستشار في بنك أبوظبي الوطني.

وأضاف: ”ولكنها- شركات التقييم- لا تقوم بعمليات بحث اعتباطية أو عشوائية، إلا أن المطلوب من الشركات المساهمة التي تتعرض لعمليات تقييم سواء كانت إيجابية أو سلبية القيام بالرد على هذه التقييمات من خلال وسائل الإعلام، متضمنة توقعات الإيرادات المستقبلية، وحجم التدفقات النقدية لمشاريع الشركات”.

وكانت شركة الاتحاد العقارية من الشركات المساهمة القلائل التي نظمت حملة صريحة وقوية ضد تقرير مورجان ستانلي الأخير، والذي كان أبرز ما فيه أن القطاع العقاري في دبي سيشهد تراجعاً بنسبة 10% بحلول .2010

وطالب الدباس في الوقت ذاته بضرورة قيام هيئة الأوراق المالية والسلع بدور واضح بهذا الخصوص، من خلال متابعة التقارير والتقييمات.

يشار إلى أن البنوك وشركات التقييم الأجنبية تتخذ من مركز دبي المالي العالمي مقرا لها باعتباره منطقة حرة ولا تدخل ضمن صلاحيات هيئة الأوراق المالية.