خطة البنوك لعام 2009 جذب السيولة وتقليص الإقراض وترشيد النفقات
البيان الإماراتية السبت 6 ديسمبر 2008 10:28 ص
اعتمدت معظم البنوك الوطنية خطتها للسنة المالية الجديدة والمنتهية في 31 ديسمبر من العام 2009 المقبل ونظرا للمعطيات الجديدة للاقتصاد العالمي والتي أفرزتها الأزمة المالية جاءت ملامح الإستراتيجية للبنوك للعام المقبل مختلفة شكلا وموضوعا عن الأعوام السابقة. حيث أصبح الهدف الأساسي للبنوك في الخطة هو التركيز على جذب اكبر سيولة ممكنة ـ سواء برفع الفائدة على الودائع أو زيادة وفرض رسوم جديدة على الخدمات التي تقدمها وذلك بالتماشي مع تقليص الإقراض وبخاصة لقطاع الأفراد كالقروض الشخصية وبطاقات الائتمان والسيارة والمسكن. أيضا اعتمدت البنوك نسب نمو لا تتجاوز 10 % مقارنة بالسنة المالية الحالية والمنتهية في 31 ديسمبر 2008.
في الوقت نفسه أقرت معظم البنوك استمرار عمل «لجنة إدارة الأزمة» والتي شكلتها في وقت سابق برئاسة الرئيس التنفيذي للبنك وعضوية خبراء في الخزانة والاستثمار والائتمان والإيداع والتسويق وشؤون الموظفين. وكانت هذه اللجان قد اتخذت بعض القرارات وان اختلفت من بنك إلى آخر إلا أنها تشابهت في ترشيد حجم النفقات سواء بإلغاء أو تقليص حجم الإعلانات وإعادة النظر في سياسات التوظيف ومنح الموظفين «البونص» إضافة إلى التركيز على جذب السيولة.
وفي هذا الشأن قال سليمان المزروعي مدير التسويق والاتصال الجماهيري في بنك الإمارات دبي الوطني ان ليس فقط القطاع المصرفي أو البنوك التي ستقوم بتغيير خططتها أو استراتيجياتها ولكن ما سببته الأزمة المالية وانعكاساتها السلبية على جميع أنحاء العالم بداية من أميركا الموطن الأصلي للازمة إلى آخر دولة في العالم فرضت على جميع الاقتصادات بمختلف قطاعاتها من عقارات ومصارف وسياحة وخدمات إعادة النظر في صياغة خططها ومراجعتها. وأكد المزروعي ان الخطط الجديدة التي تم صياغتها للقطاع المصرفي قد تستمر لفترة الستة أشهر الأولى من العام المقبل وذلك لحين وضوح الرؤية والاطلاع على حالة الاقتصاد العالمي ودرجة تعافيه إضافة إلى كيفية معالجة المشاكل الاقتصادية في الحكومة الأميركية الجديدة لافتا إلى ان الاقتصاد الأميركي وبلا شك هو المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي. وأكد ان الخطط الجامدة أو غير القابلة للتكيف مع الإحداث والمعطيات المتغيرة أو الجديدة للاقتصاد العالمي هي خطط لا تفيد أو دون أي جدوى لافتا إلى ان الاقتصاد الناجح أو القطاعات الفاعلة هي التي تضع خطط واستراتيجيات مرنة تستطيع التكيف والتغير مع المعطيات الاقتصادية المتغيرة بين فترة وأخرى.
ومن جانبه قال فيصل عقيل مدير الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف الإمارات الإسلامي ان الجميع يتوقع حدوث هدوء نسبي في السوق خلال الربع الأول من العام المقبل وهو هدوء صحي ثم يعاود السوق الارتفاع التدريجي بعد ذلك. وأوضح ان معظم البنوك رسمت خططها للسنة المالية 2009 على نسبة نمو 10 % وهي نسبة جيدة جدا مقارنة بما يحدث في الأسواق الخارجية التي تعاني مؤسساتها من انهيارات حادة. وأكد ان المصرف مستمر في تمويل المشاريع والشركات الوطنية مشيرا إلى ان السيولة التي وفرتها الحكومة ممثلة في وزارة المالية والمصرف المركزي ساهمت بشكل كبير في تعزيز دور القطاع وضمان استمرارية عجلة النمو الاقتصادي. وأشار إلى ان قوة الاقتصاد الوطني ساهمت بشكل فاعل في امتصاص وتلافي تداعيات الأزمة المالية العاصفة والتي ضربت معظم اقتصاديات العالم مؤكدا ان قرارات الحكومة بالاستمرار في كافة المشاريع التنموية والبنية التحتية ساهمت في ترسيخ الثقة بقوة ومتانة الاقتصاد الوطني. وأضاف ان من المتوقع ان يشهد القطاع العقاري حركة تصحيحية ولكنها صحية ومطلوبة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب بعد ان ظل لفترة كبيرة لصالح الطلب على حساب الوحدات المعروضة مما زاد من أسعارها.
وبدوره قال عوني العلمي نائب الرئيس التنفيذي في البنك العربي المتحد ان البنك سيواصل مسيرته الناجحة التي بدأها منذ فترة وانعكست إيجابا على نتائجه خلال السنوات الأخيرة مؤكدا التزام البنك الكامل بتمويل المشاريع والشركات الكبرى والمتوسطة وأيضا الصغيرة حيث ان طبيعة عمل البنك تركز على قطاع الشركات أكثر من الأفراد. وأوضح ان دخول البنك في تحالف استراتيجي ناجح مع البنك التجاري القطري وفر للبنك سيولة كبيرة يستطيع الاستفادة منها في أي وقت. واكد ان توفير الحكومة إلى 70 مليار درهم ومن قبل 50 مليار درهم كسيولة يتم ضخها في القطاع المصرفي ساعد بشكل كبير في دفع عجلة الاقتصاد الوطني من خلال إيفاء البنوك بالتزاماتها الاقراضية والتمويلية للمشاريع والشركات وبخاصة الوطنية والمحلية.
وقال ان لدي البنك خبرة كبري ممثلة في الإدارة العليا والكادر التوظيفي تؤهله لتعديل خططه باستمرار وفقا للمعطيات الجديدة التي يفرزها الاقتصاد العالمي وتنعكس على أسواق المنطقة لافتا إلى ان تحقيق البنك صافي أرباح بنسبة 5. 20% لتصل إلى 182 مليون درهم لفترة التسعة أشهر المنتهية في 30 سبتمبر ،2008 مقابل 151 مليون درهم خلال نفس الفترة من العام السابق جاءت في هذا الإطار.
خطط مرنة قابلة للتكيف
يتميز القطاع المصرفي في الإمارات باعتماده على خطط مرنة تستطيع التكيف مع المعطيات الجديدة للاقتصاد العالمي والتي يتم إفرازها بين فترة وأخرى ولعل قدرة القطاع على امتصاص الآثار السلبية للازمة المالية العالمية والتي أطاحت بأكبر البنوك العالمية خير دليل على ذلك.
لاشك ان معظم البنوك ـ العاملة في الدولة ـ ان لم يكن جميعها قامت بتعديل خططها السابقة لتتواكب ومقتضيات تلك المرحلة الحرجة في الاقتصاد العالمي فالخطط الجديدة اعتمدت بشكل أساسي على ترشيد النفقات إلى ابعد الحدود والتركيز على زيادة السيولة إلى أقصى الحدود وذلك للقدرة على تمويل المشاريع والشركات بما يضمن استمرار عجلة النمو الاقتصادي.
تلك الخطط المرنة والتي تم تعديلها لم تشمل القطاع المصرفي فحسب بل امتدت لتشمل بعض القطاعات الأخرى أيضا كالقطاع العقاري والسياحي وقطاع الخدمات فالكل مرحلة اقتصادية خططتها الخاصة بها والتي تضمن استقرار الاقتصاد المحلي وعدم تعرضه لأي هزات أو كساد طويل.
تلك الخطط التي اعتمدتها البنوك سوف يستمر العمل بها للأشهر الستة الأولى من العام 2009 المقبل ومن ثم تعديلها مجددا أو الإبقاء عليها وفقا لحالة الاقتصاد العالمي ومدي تعافيه حينئذ فالعالم كله أشبه بقرية صغيرة كل يؤثر في الآخر وبناء على ذلك فان الشروط الجديدة للحد من الإقراض سوف تستمر لنفس الفترة اذا لم تطول اكثر من ذلك.
أيضا سوف يستمر تقليص الإعلانات وترشيد النفقات للبنوك خلال تلك الفترة وهو ما أوصت به «لجنة إدارة الأزمة» التي تم تشكيلها مؤخرا.