ابنـــــــــــــاؤنا في خطــــر

بقلم المستشار ابراهيم الدريعي

أبناؤنا أغلى ما نملك في هذه الحياة فهم زينة الحياة الدنيا يسعدنا ما يسعدهم ويسوؤنا ما يسوؤهم،
فهل فكرت أخي الأب يوما أنك كنت السبب في تعاسة ابنك ؟

هل كنت تتصور يوما ما أنك قدته للخطر ، ؟

ولا أعتقد أن أحدا من الآباء سيقول نعم : أنا الذي كنت السبب في تعاسة ابني!!!

لأنني لم أهتم به ، بل كنت أنانيا لاأهتم إلا بنفسي وإشباع رغباتي الخاصة من زواج وسفر وسهر في استراحات وغيرها ، أنا أعتقد كمختص في الدراسات النفسية والاجتماعية أن سلوك الآباء متوارث جيل
عن جيل ، فما ربانا عليه آباؤنا صرنا نطبقه على أبنائنا ، طبعا أنا لاأستطيع أن أعمم هذه الفكرة فهي موضع حوار ونقاش ،
ولكني أشاهد مجموعة من الآباء لا يخرجون عما سنه لهم آباؤهم وأجدادهم ، من أساليب تربوية عقيمة لكني أسأل نفسي أين دور العلم والثقافة ؟ ألم تؤثر في شخصياتنا وتجعلنا نغير من سلوكياتنا إلى الأفضل ، وننبذ العادات البالية والأساليب العقيمة التي توارثناها عن الآباءو الأجداد ، لغة العصر الحديث توجب علينا أن نتغير ولكن نتغير إلى الأفضل لاإلى الأسوأ ، إن تغيرنا إلى الأفضل سينعكس إيجابا على تربيتنا لأبنائنا0

عندما نتتبع الأساليب التربوية عند الآباء نجد أنها لاتخرج عن ثلاثة أساليب ، أسلوبان منها سيئان وأسلوب واحد هو الأفضل لعلك تقول أخي القارئ ماهي هذه الأساليب الثلاثة حتى نعرفها ونختار الأفضل منها:؟

فأقول : الأسلوب الأول
هو : الأسلوب الدكتاتوري التسلطي الذي يمسح شخصية الابن ويحطمها ويخلق هذا الأسلوب من الأبناء شخصيات مهزوزة جبانة إنطوائية إذعانية مسلوبة الحقوق لارأي لها ولاحلم أو أن تكون شخصيات الأبناء التي ربيت على هذا الأسلوب شخصيات عدوانية سيكوباتية تسلطية تستولي على حقوقها بالقوة وينعدم لديها الضمير والرحمة ومشاعر العطف والحنان لأن فاقد الشيء لايعطية ،
أتذكر أنني يوما دخلت أسواق الشعلة في مدينة الرياض لأشتري لي حذاء فلاحظت أحد الزبائن وكان جالسا على كرسي في المحل وهو كبير في السن وفي يده حذاء ، ومعه ابنه يمكن عمره 20 سنه وهو يصر عليه بأن يشتري هذا الحذاء الذي في يده لجودته ولكن الابن يرفض ويقول يا أبي هذا لايناسبني والأب يصر على رأيه، التفت إلي الأب وقال لي : شف هالشباب مايعجبهم إلا رأيهم ، فلم أتمالك نفسي وقلت لهذا الأب مايراه ابنك هو الصحيح فهو ليس طفلا حتى تختار له مايلبس ، دعه يختار ما يريد ، فقال لي ذلك الأب بعد أنت تشجعه ماعندك سالفة حتى أنت ، فلم أشأ أن أطيل في الكلام معه لأن هناك نوعيات من البشر من الصعب أن تغير طريقة تفكيرها ، فتركت المحل وذهبت إلى محل أخر 0

أما النوع الثاني من هذه الأساليب فهو : أسلوب النبذ والإهمال واللا مبالاة، ونتاج هذا الأسلوب أبناء فوضويون تنعدم لديهم القيم والأخلاق الحميدة فيتربون على الكسل والإهمال واللامبالاة ،

أما الأسلوب الثالث والأخير فهو الأسلوب الديمقراطي التشاوري ، فالأب في الأسرة يبني سياسته على الحب والعطف والحنان ومشاركة أسرته في أفراحها وأتراحها ، يمزح مع هذا ويضحك مع ذاك يشارك أطفاله ألعابهم يسر لسرورهم ويحزن لحزنهم لديه وقت معين يقضيه مع أسرته يجتمع معهم ويسألهم عن أحوالهم يساندهم ويعاضدهم ويحل مايعترض طريقهم من مشكلات تنغص عليهم حياتهم ، يحترمه أبناؤه وبناته ووالدتهم يسعدون لقدومه ويسوؤهم غيابه ، يشعرون انه والدهم حقا وحقيقة ، هذا الأب هو الدرع الواقي لجميع أفراد الأسرة فهو الذي يحميهم من الانحراف ومن الأمراض النفسية الفتاكة ، فهو بحق المرشد النفسي لأسرته 0

إن المؤشر الحقيقي لحماية الأبناء من الانحراف ومن الأمراض النفسية هو:العلاقة الحميمة القوية بين الأم والأب ، إن الخلل الذي يعتور هذه العلاقة سيؤدي حتما إلى شقاء الأولاد والبنات ، إن النزاعات التي تقوم بين الزوج والزوجة يتجرع علقمها الأبناء والبنات ، إن التوتر والشقاء والقلق والاكتئاب الذي يصاب به الأبناء والبنات مصدره سؤ الوضع الأسري غير المريح ، فالطفل يفكر ويحس ويتألم لسوء العلاقة التي بين والدته ووالده ، لأن سؤ هذه العلاقة معناه تهديد لمستقبله وتدمير لحياته الهادئة الجميلة التي تنغصها المشادات الكلامية والفراغ العاطفي بين الأبوين وجو الأسرة الصاخب الكئيب 0

المشكلة الحقيقية أنه إذا أفلت منا أبناؤنا وتمردوا علينا وجعلنا ما بيننا وبينهم سدودا وحدودا، فكأننا نرمي يهم عن غير قصد منا إلى بركان الحياة الصاخب فيتلقفهم غيرنا ويربونهم كما يريدون لا كما نريد نحن ، كم من أب يكره أن يرى ابنه يصادق فلانا من الناس ولكنه لم يسأل نفسه ، لماذا خرج ابنه عن طوعه وصادق هذه النوعية من الناس التي يرفضها والده ، أليس بعده عن ابنه والحواجز التي وضعها هذا الأب بينه وبين ابنه هي السبب ؟، أنا أعتقد أن بعض الآباء يعيشون في مشاكل ، وعد م انضباط داخل أسرهم فلا يرى منهم أبناؤهم إلا السوء وانعدام القدوة الصالحة ففاقد الشيء لايعطيه، فإذا كان الأب يدخل باستمرار إلى أسرته مخمورا أو يتعاطى أشياء محذورة فكيف بهذا الأب أن يصنع رجالا يعتمد عليهم ويشقون طريقهم في الحياة بكل ثقة واقتدار ،إذا كان الأب يقول ولا يفعل فكيف ينشأ أطفاله على الصدق والأمانة ، إذا كان ا لأب لايصدق في كلامه فكيف يكون أبناؤه صادقين ،
الحقيقة الولد أو البنت في الأسرة المضطربة بين نارين أحلاهما مر الأمر الأول : جو الأسرة الصاخب الذي لايشجع الولد أو البنت على الراحة النفسية التي يتطلبها النمو السليم ، الأمر الثاني : المجتمع الذي سيكون ملاذا لشاب أو الشابة من بؤس الأسرة ومتاعبها مجتمع يحمل في طياته جميع أنواع الإغراء والفساد على الرغم من أن هناك جهات اصلاح ومحافظة على أخلاقيات أبناء الوطن أو ما يسميهم البعض
( حراس الفضيلة ) إلا أن جميع المغريات موجودة ، فإذا خرج شاب من منزل لم يتلق فيه التربية والتنشئة الصحيحة وقع في الوحل وقل عليه السلام ، والله الهادي إلى سواء السبيل..،

One thought on “خــاطره “أبنـــــاؤنا في خطـــر”..،

Comments are closed.